لا شک فی أن منطقة غرب آسیا، منطقة ملیئة بالتحدیات والازمات حیث تتضارب فیها المصالح وتسود فیه حالة من عدم التفاهم فی الأبعاد السیاسیة والاقتصادیة والاستراتیجیة وحتى الثقافیة، ومن أهم الحلول التی طالما أکد علیها المؤسس العظیم للثورة الإسلامیة، هو إزالة تواجد الأجانب من المنطقة. ویمکن القول بحزم أن أحد أکثر الشخصیات الدولیة تأثیراً فی عصرنا الراهن هو الشهید اللواء قاسم سلیمانی، الذی تمکن بحضوره الفعال على الساحة الدولیة، بالإضافة إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى دول مثل سوریا والعراق ،ان یترک تاثیرا کبیراعلى خطاب المقاومة. ویمکن الادعاء بأن خطاب محور المقاومة ینقسم إلى فترتین قبل وبعد استشهاد اللواء سلیمانی.
لیس المهم ما حققه هذا الجنرال من انتصارات عسکریة على اعداء الإنسانیة وان کانت انتصارات عظیمة کتحریر المنطقة من اکبر ماکنة إرهاب عالمی کداعش وغیرها وخلاص الشعوب من الاحتلال الأمریکی البغیض.
هناک أشخاص یمتلکون الفهم الأجمل والأسمى لفلسفة الحیاة، وهم حاضرون لیضّحوا بأنفسهم فی سبیل مبادئهم المعنویّة، ویقبلون على الشهادة فی سبیل الدین. تسمّى هذه الروحیّة المترافقة مع ترک التعلّقات الدنیویّة، طلبَ الشهادة.
حکیمة زعیم
مما لامواربة فیها ان الإسلام السیاسی هو خطاب منظم حول المفهوم المحوری للحکومة الإسلامیة. ومن وجهة نظر هذا الخطاب، تعتبر العودة إلى الإسلام هی الحل الوحید للأزمات والتحدیات الراهنة التی تعانی منها البشریة، من هنا فإن الهدف الأساسی لهذا الخطاب هو إعادة بناء المجتمعات الإسلامیة وفق الإسلام الصحیح، وهذا ما سعی الیه الشهید سلیمانی وکرس له حیاته وأدی واجبه علی هذا الصعید بأفضل وجه.
مع انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران، تبین وبالیقین أن الإسلام هو أفضل عامل لبناء هویة الأمم المضطهدة فی العالم. ومنذ ذلک الحین اوجد الاسلام وبشکل علنی قوة تتمکن من الوقوف ضد المحاولات السلطویة للولایات المتحدة والقوى الغربیة للهیمنة على الشعوب الإسلامیة.من هنا طرحت ایران بعد الثورة موضوع القدس باعتبارها القضیة الأولى للعالم الإسلامی.
فی عام ٢٠٠٣، شنت الولایات المتحدة هجوماً عسکریاً واسع النطاق على العراق، وأسقطت حکومة صدام وفی النهایة احتلت البلاد بشکل کامل. وطبعا ادی هذا الهجوم الی مقتل عدد کبیر من اهالی هذا البلد والی تدمیر وابادة العدید من البنى التحتیة المهمة والحیاتیة فی العراق.
ان الاسلام دین الاحترام والاهتمام ، وهو یرفض اللامبالاة والانانیة! إن لامبالاة المسلمین وعدم اهتمامهم ببعضهم البعض یعتبر من ناحیة الشرع المقدس والشریعة الإسلامیة، امرا لایلیق بأی مسلم. وحتى ان لامبالاة المسلمین اتجاه أتباع الدیانات الأخرى امر مذموم یرفضه الدین. وهذا هو المبدأ المهم والأساسی للحدیث الذی یقول (من اصبح ولم یهتم بأمور المسلمین فلیس بمسلم) والحدیث الاخر الذی یقول -بهذا المعنی-من سمع استغاثة او صراخ المظلوم ولم یذهب لمساعدته فهو غیر مسلم.
ان التواجد المستمر فی ساحات القتال وجها لوجه، فی خط المواجهة االمباشرة مع العدو وفی قلب المعارک ولیس خلف اللاسلکی ولمدة حوالی ٤٠ عاماً لاتتمکن لوحدها ان تصنع أسطورة من شخصیة عسکریة مهما کلف الأمر، لکن عندما نضع کل هذا الی جانب قیادته القویة وعبقریته العسکریة، نلاحظ اننا نقف امام شخصیة أسطوریة تجاوزت حدود الزمن والوطن ،شخصیة نالت اعجاب وثناء العدید من الشخصیات العالمیة وحتی انهم اطلقوا علیه لقب قائد القلوب( اللواء قاسم سلیمانی).
إنَّ الحدیث عن شخصیة الشهید القائد قاسم سلیمانی تحتاج إلى جیوش من الأقلام المتخصصة فی الفکر والسیاسة والعسکر، والسبب وراء ذلک أنَّ الشهید قد جمع الشیء من کل شیء منها، وکذلک الحال بصفاته وأخلاقه الحمیدة التی تمثّل مآثر جلیلة حملها فی فکره وترجمها فی فعله وسلوکه. وإذا ما أردنا الاستدلال علیها فالمیدان هو الشاهد الأبرز والأکثر تعبیراً عن هذهِ المآثر التی بدت جلیّة فی ثِقَل حضوره لیکون الجندی قبل القائد ولیخالف تکتیکات کثیر من القادة الذی یقتصر عملهم على التوجیه والإرشاد ووضع الخطط، فالشهید القائد بحسب ما تعکسه سیرته النضالیة الکفاحیة کان یتواجد فی الخطوط الأمامیة الساخنة فی نقاط التماس مع العدوّ ولا سیما خلال الحرب الکونیة على سوریة، وترکیزه على تربیة القیادات المحلیة وغیر المحلیة، وعمله على کافة المستویات الأمنیة العسکریة السیاسیة والثقافیة والاجتماعیة.
العمید أحمد رضا بوردستان أحد القادة العسکریین المخضرمین فی إیران الذی تولی مناصب مهمة عدیدة منها قائد القوات البریة للجیش الإیرانی لمدة ٨ سنوات (٢٠٠٨م -٢٠١٦م)، کما تم تعیینه نائبا لقائد جیش جمهوریة إیران الإسلامیة فی عام ٢٠١٦م، ویتولی حالیاً رئاسة مرکز الدراسات الإستراتیجیة للجیش.وهو من الشخصیات التی کانت تربطه صلة وثیقة بالشهید قاسم سلیمانی، وقد تحدث هذا العمید مع بعض الصحف الایرانیة اشار فیها الی بعض معالم شخصیة الشهید سلیمانی وذکریاته معه والی الدور البارز للشهید فی ادارة محور المقاومة....... وهنا نشیر الی قسم من هذا الحدیث.
ان کتاب «تعالوا لنکون هکذا: أسس ومبادیء مدرسة الشهید سلیمانی» من تألیف محمد باقر بابائی، وقد بادر الکاتب فی هذا الکتاب بتحلیل رؤیة ومدرسة الشهید اللواء الحاج قاسم سلیمانی.
والترویج لمدرسة الشهید سلیمانی بأعتباره أحد الأتباع الحقیقیین لمدرسة أبی عبد الله الحسین(علیه السلام)
{ولا تحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله امواتا بل احیاء عند ربهم یرزقون* فرحین بما آتاهم الله من فضله و یستبشرون بالذین لم یلحقوا بهم من خلفهم الا خوف علیهم و لا هم یحزنون* یستبشرون بنعمةٍ من الله و فضلٍ و أن الله لا یضیع اجر المؤمنین* الذین استجابوا الله و الرسول من بعد ما اصابهم القرح للذین احسنوا منهم و اتقوا أجر عظیم* الذین لهم الناس ان الناس قد جمعوا لکم فاخشوهم فزادهم ایماناً و قالوا حسبنا الله و نعم الوکیل} آل عمران ١٦٩-١٧٣.
وأشار سماحته فی ٣/٦/١٩٩٢م قائلاً: السرّ الأساسی لعمل الإمام وتقدّم الإمام والتوفیقات الإلهیّة لذلک الرجل العظیم والقائد الاستثنائی، هو أنّه عرف العدوّ، ووقف فی وجهه بکلّ قوّة وثبات، ومن دون أدنى اطمئنان له أو استسلام».