دور الإمام الخمینی فی نشر الصحوة الإسلامیة | ||
لا جرم أن الإسلام یشکل ثورة مستمرة على الظلم والقهر ، و یدعو الى سیادة القیم والأخلاق وتکریسها والعمل على إحلالها لإنتاج مجتمع یشکل الأسوة الحسنة والمنارة المضیئة لباق البقاع ومختلف العباد ، إذ هو الجامع والحاضن لکل الثقافات وتحت ظلّ سماحته تجمع الأمم بلا تمیز عرقی أو جغرافی أو لونی.. ولم یزل شعاره مرفرفاً فوق أندیة الحقوق والعدالة ومدارس التعارف والثقافة مکتوبا بماء الذهب أن الناس صنفان أخ فی الدین أو شریک فی الخالق ، وقد ألغى هذا الشعار کل الخلافات بین بنی البشر فضلا عن الخلافات داخل الدین الواحد . ولکن مع وضوح المفاهیم والقیم الإسلامیة ونضارتها مرّ على المسلمین عهد عصیب ویمکن القول أنهم قد نسوا جلّ ما ذکروا به أو تناسوا وأخلدوا الى نوم عمیق و ذهول عجیب، کان المسبب له بلا أی تردد أو تورع أعداء الإسلام الغربیین والشرقیین لأنهم هم المستفید الأول والأخیر من هذه الغیبوبة الملعونة ، حتى صحّ القول أنه لا یقوم لأی بلد إسلامی قائمة من دون تدخل قوى الاستعمار. وهکذا بقی حال الأمة الإسلامیة حتى جاء رجل منهم خرج من بلد یرزح تحت نیر ظلم العملاء لیقود ثورة إسلامیة حرکت الأمة بأسرها ، وأحیت فیها روح الأمل والتطلع الى غد مشرق بتعالیم الإسلام ودروسه القیمة ، وقالت لکل الناس أن الإسلام قادر على قیادة المجتمع بمفاهیمه الحدیثة ، وقادر على تحقیق العدالة ولو طال الزمن وتغلغل الأعداء وتوغلت شبهات العملاء. نعم کانت الأمة الإسلامیة تعیش فی ظروف ظلامیة قد سیطر علیها الیأس والقنوت وانعدمت فیها مطالع الأمل وخیوط الفجر ومشارق ضوء الشمس حتى اعتقد الناس أن أی انتفاضة أو حرکة إسلامیة من دون دعم القطبیین مستحیلة ، ووجود أی زعیم فی دول المسلمین لم یؤید من أحدهما مستحیل. نعم فی مثل هذه الظروف خرج الإمام الخمینی (قده) لیفجر أکبر وأنجح ثورة إسلامیة عرفها تاریخ المسلمین منذ قرون طویلة ، ألقت بظلالها على کل الحسابات الدولیة ، وأخلّت بموازین القوى العالمیة ، وأعادت برمجت الأولویات والتحدیات عند الأعداء ، وأرجعت مجد الحضارة الإسلامیة . فعندما توهم الأعداء أن صفحة الإسلام قد انطوى علیها الزمن ولم یعد منه إلا الاسم ، جاءت هذه الثورة لتجدد الأمجاد وتعید الآمال وتبث جرعت الحیاة فی نفوس المستضعفین فی کل العالم ، وتعرف الناس بهذا الدین العملاق بعد أن کادت تندرس معالمه وتعالیمه . وبفضل هذه الثورة عاد هذا الدین بقوة الى المحافل الدولیة وأحسوا بهواجس الخطر المنبعثة من دین الحق . والفضل فی هذه الصحوة الإسلامیة یرجع الى الثورة الإسلامیة الإیرانیة وقائدها المعظم وقد صرح سماحة الامام الخامنئی بهذا الفضل الکبیر للثورة الإسلامیة قائلا : (فمنذ مائة عام یعملون على تحقیر الهویة الإسلامیة للشعوب المسلمة ، ویعملون بکافة السبل والأسالیب لیفهمونا بأنه ینبغی علیکم ترک هذه الهویة وأنها هویة زائدة . فالذین استسلموا لهذا الطلب وترکوا هویتهم الإسلامیة عندما ینظرون الیوم الى أن تلک القیمة السلبیة یرونها قد تحولت الیوم الى قیمة ایجابیة فعالة وبهذا الشکل تتجسد القیادة على الساحة العالمیة العظیمة فیشعرون بالهیجان ویشعرون بحاجتهم الى العودة . وقال سماحته فی موضع آخر: لقد أحیا إمامنا الإسلام ثانیة و أعاده الى أذهان وأعمال الإنسان فی المجالات السیاسیة فی العالم). ولقد ذکر أحد المسلمین أنهم کانوا قبل الثورة الإسلامیة فی البلاد غیر المسلمة لا یُفصحون عن هویتهم الإسلامیة ، فهذا یدل على مدى تردی الحالة التی کانت علیها الأمة قبل هذه الثورة المبارکة التی أرجعت للناس اعتزازهم بهویتهم الإسلامیة وأصبحوا یفتخرون بانتمائهم للإسلام سواء فی ذلک کل الفرق الإسلامیة، وتقول امرأة نمساویة: لقد أحدث الإمام الخمینی تحولا فی حیاتی وأننی أسلمت عن طریقه وکانت معرفتی به عن طریق الثورة الإسلامیة تزامنا مع وقوع الثورة . و یقول الشیخ راشد الغنوشی : ما من شک بأن الإیرانیین هم الذین جعلوا الإسلام مرفوع الرأس فی العالم بأسره . ولا نرید الاطالة بنقل ما قیل فی الثورة الإسلامیة من رجال السیاسة والدین ولا احصاء جوانب فضل هذه الثورة على الأمة الإسلامیة وعلى المستضعفین فی العالم لأن هذا یحتاج الى صفحات قد تملأ مکتبات، ولکن نود التعرض له هو إیقاظ الناس لیستفیدوا من هذه الثورة من رجالاتها مع غض النظر عن الخلافات المذهبیة التی تبثها وسائل الأعداء والتی تحاول جاهدة للنیل من بهاء وعلو هذه النعمة الربانیة التی جعلها الله حجة على العباد، ولا یجد الأعداء سلاحا إلا واستعملوه ضد هذه الثورة و وجدوا أن أنجح الأسلحة وأشدها فتکا هو السلاح المذهبی ورمی الشعب الإیرانی المسلم بالکفر والمجوسیة والعمل على إشعال نار الحرب العرقیة والقومیة ، لعلهم یتمکنوا بهذه الأضالیل أن ینالوا من الجمهوریة الاسلامیة و ثورتها المبارکة.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 6,916 |
||