الثورة الاسلامیة الایرانیة فی ذکراها المجیدة
ممالاشک فیه ان الثورة الاسلامیة الایرانیة تعتبر ثورة فریدة بکل المقاییس و قد برهنت الایام والسنین على ذلک رغم کل التضلیل الاعلامی ورغم کل الموامرات التی استهىفت الثورة وحاولت النیل منها. وقد واصلت الثورة مسیرتها بین امواج البحر الهائج باباء وشموخ،حیت لم تتمکن المؤامرات التی خطط لها الاعداء من عرقلة مسیرة هذه الثورة العملاقة ،اذ لم تتمکن الاغتیالات التی طالت رموز الثورة فی بدایة انطلاقها ولا الحرب المفروضة التی استمرت ثمان سنوات ولا العقوبات والمقاطعة الاقتصادیة الظالمة التی فرضها الاستکبار العالمی منذ حوالی 37 عاما علی الشعب الایرانی المسلم والابی ان تحدث خللا فی ارادة هذا الشعب وقیادته الحکیمة.
واذا القینا نظرة علی صفحات تاریخنا المعاصر نلاحظ انه حدثت هناک ثورات شعبیة کبیرة کان لها صداها وتأثیرها الواسع کالثورة الفرنسیة والروسیة وکذلک الثورة المصریة فی عام 1952، وقد اخذت هذه الثورات انذاک مداها لدی شعوب العالم. الا اننا الیوم لم نجد أی صدی لهذه الثورات او بالاحری أی وجود لدی شعوبها بل تمر ذکراها مرور الکرام، وقد یتم الحدیث عنها عبر عدة اسطر تتضمنها صفحات بعض الصحف ویمکن ان یقال انها اصبحت صفحة مطویة فی عالم النسیان .
الا ان الثورة الاسلامیة فی ایران قد تجاوزت کل المقاییس وتمکنت ان تضع کل الاقاویل والمصطلحات التی تنطلق من هنا وهناک حول ضمور الثورات ونفوقها فی صندوق النسیان ، أذ اننا نجد وفی کل عام و بذکری انتصارها یتم احیاؤها بصورة تختلف بکل تفاصیلها عن السنوات السابقة بل وبالاحری یمکن القول انها تتجدد بآستمرار..
ورغم مرور اکثر من 37 عاما علی انتصارها وبالکیفیة التی ابهرت به العالم آنذاک، نجد انها الیوم تضع العالم امام اعجاب اکبر واعمق ، لان الجیل الحالی الذی لم یعش احداث الثورة الا من خلال الصور والافلام فانه اخذ علی عاتقه ان یعیدها الی صورتها الاصلیة من خلال حضوره الفاعل والنشط فی الساحات والشوارع وبصورة قد لا تصدق، ولکنه فی الواقع هو یرسم الحقیقة ناصعة امام الرأی العام بحیث اصبح الجمیع ینتظر تلک الساعات التی یرون فیها الجماهیر الایرانیة وبکل اشکالها والوانها وتوجهاتها وهی تملا الشوارع لتحیی الثورة معلنة بذلک وفاءها الذی لا ینضب والوقوف وراءها لکی تبقی حیة فی النفوس کالشجرة الطیبة التی أصلها ثابت وفرعها فی السماء.
نعم ان الثورة الاسلامیة لم تبتل بالامراض التی ابتلیت بها الثورات الاخری ولم تتعرض لما تعرضت له تلک الثورات، لان اساسها وبناءها وصیرورتها کانت قویة وثابتة وراسخة بحیث من الصعب اقتلاعها، لانها خرجت من رحم الشعب الایرانی وهو الذی ارادها وهو الذی اوصلها الی حالة الانتصار علی الطاغیة ومن وقف معه، وکذلک بقوا محافظین علیها بأرواحهم الغالیة لذلک فان شجرتها أخذت تتسامی وتتعالی وبصورة تجعل من مقولة الامام الراحل الخمینی الکبیر (قدس سره ) 'ان ید الاعجاز کان له الاثر الکبیر فی انتصار هذه الثورة ودیمومتها' والذی لایمکن انکاره او التغاضی عنه.
نعم ان الشعب الایرانی اثبت ورغم کل المؤامرات التی حیکت ضد هذه الثورة المبارکة منذ ولادتها من استهداف قادتها الحقیقیین کالمطهری والبهشتی وغیرهما من الذین کانوا النواة الاساسیة لها وغیرها من الاحداث المریرة التی عاشها هذا الشعب والتی کانت مفروضة علیه من قبل اعدائه خاصة الاستکبار العالمی وعلی رأسه امیرکا وحلیفتها اسرائیل، والتی لازالت ولهذه اللحظة، الا ان حالة الوعی التی امتلکت هذا الشعب قد اخمدت بل افسدت کل هذه المؤامرات، وجعلتها فی خبر کان، مما اسقط ما فی ایدی الاعداء بحیث انهم امتلکتهم الحیرة والذهول لانهم لم یترکوا اسلوبا الا واتبعوه الا ان جهودهم باءت بالفشل الذریع، ولذلک فانهم الیوم یستجدون ویرکعون ویتوسلون وبعد فشلهم یطلبون الاقتراب من ایران الاسلام.
ومن هنا فعندما نقول ان ثورتنا الاسلامیة المبارکة تختلف عن باقی الثورات لم نغالی او نتبجح بل هی الحقیقة التی ترسمها الاحداث یوما بعد آخر وعاما بعد عام. لان الاعداء کانوا یراهنون علی استمرار بقائها مادام الامام الخمینی الکبیر حیا ، الا ان هذه المراهنة لم تستطع ان تحقق لهم ماکانوا یتصورون لان وبعد رحیل الامام ( رحمة الله علیه ) تسلم قیادها ربان اخر وهو الامام الخامنئی ( دام ظله ) تمکن وبحکمته ودرایته ان یدیر دفة سفینة الثورة وبصورة اصبحت فیها اکثر قدرة وقوة .
وفی الذکری السنویة السابعة والثلاثین لانتصار والتی ستحل هذه الایام سیری العالم صورة جدیدة قد لم یألفها من قبل وخلال العقود الثلاثة الماضیة وخاصة بعد الانتصار النووی الذی حققته ایران ، اذ سیخرج الملایین من ابناء الشعب الایرانی وهم یرفعون الشعارات التی رفعها الاجداد والاباء من قبل، وهی تحمل فی طیاتها اکثر اصرارا وعزما علی الاستمرار فی تحقیق اهداف هذه الثورة العظیمة والتی کانت تقوم علی الحریة والعدالة والاستقلال ولا غیر ذلک. فالانتصار النووی الذی حققته ایران بعد 12 سنة من المقاومة الشرسة والصمود والصبر والمثابرة المجدة جعل الجمهوریة الاسلامیة تستطیع ان تنتزع حقها النووی السلمی والمشروع وتفرض ارادتها على المجموعة السداسیة بان تلغى جمیع انواع الحظر الذی فرضته حول الملف النووی الایرانی سواء من بوابة مجلس الامن او الادارة الامیرکیة او الاتحاد الاوروبی واصبحت ایران حرة من کل هذا الحظر والقیود اللاانسانیة التی فرضت علیها وعلى شعبها طیلة الفترة الماضیة ظلما وعدوانا وعلى هذه الدول ان تستعد یوما لدفع ثمن ظلمها وعدوانها على الجمهوریة الاسلامیة الذی فرض من غیر حق بل کانت مفبرکة ومبنیة على الکذب والتزویر والاتهامات الواهیة وکم تحملت ایران من خسائر مادیة ومعنویة باهضة طیلة هذه الفترة.
وعلى ایة حال فان ایران الیوم ترسو على سکة بعد ما الحظر وبالطبع ان التزمت جمیع الاطراف بتعهداتها ونفذت ما علیها فعندها یمکن ان تتحرک ایران بخطى ثابتة ومتسرعة لتطویر تقدمها الاقتصادی والتجاری وازدهار سوق العمل ورفع المستوى الانتاجی وذلک من خلال تطبیق "الاقتصاد المقاوم" الذی هو خیر ضمانة لبناء اقتصاد وطنی مزدهر ومتین بعیدا عن النفط.
فالغاء الحظر على ایران هو فی الواقع یوم تاریخی لایران لتشمر عن سواعدها وتشحذ الهمم وتعبئ کافة طاقاتها وامکاناتها للاسراع بالقیام بنهضة علمیة وصناعة لافتة وقویة خاصة وانها سجلت فی ظل الحصار الذی کان مفروضا علیها، تقدما کبیرا فی کافة المیادین والعلوم الحدیثة کالنووی والفضاء والطب والصناعات المدنیة والعسکریة وغیرها لذلک فانها ستسارع الخطى فی هذا الفضاء المفتوح دون ایة اعاقة للوصول الى ما تبتغیه فی اقرب وقت ممکن لبناء ایران عصریة متقدمة تکون فی مصاف الدول المتقدمة فی العالم وهذا هو من اهداف الثورة الاسلامیة.
على کل حال ان الذکری السنویة للثورة ستشهد هذا العام احتفالین کبیرین احدهما انتصار الثورة المجیدة والاخر هو مایمکننا ان نسمیه بالانتصار النووی الذی یعتبر بلا شک انتصارا للارادة الایرانیة، التی لم تلن ولم تکل، فی معرکتها الطویلة مع القوى الکبرى، التی حاولت ثنیها واضعافها، فما زادتها تلک المعرکة الا قوة وصلابة.وهذا الانتصار الایرانی، اکد ان الدبلوماسیة الایرانیة ما کانت لتکون کذلک، لولا وجود تفویض شعبی واسع، استمدت منها الدبلوماسیة الایرانیة صبرها وواستقامتها ،کما اکد هذا الانتصار ان الشعوب التی تصنع التاریخ، عادة ما تمتلک قیادة حکیمة وشجاعة، تتخذ قراراتها باستقلالیة، دون ای اعتناء بترهیب او ترغیب للاعداء.کما اکد بان الشعوب لا یمکن ان تنال حقوقها، بدون امتلاک قوة ردع عسکریة، تجعل الاعداء یفکرون الف مرة قبل القیام بای اجراء یمکن یتهددها. فالانتصار النووی الایرانی هو فی الحقیقة درس اخر تقدمه الثورة الاسلامیة لشعوب العالم التی تسعى للحفاظ على استقلالها وکرامتها، وترفض الخضوع والخنوع للظالمین.
رئیس التحریر