الثورة الإسلامیة فی إیران ثورة الإشعاع الحضاری | ||||
PDF (1063 K) | ||||
![]() | ||||
السید فادی السید رئیس مرکز الامة الواحدة للدراسات الفکریة والاستراتیجیة بعد الصراع بین الشرق والغرب فی سبعینیات القرن الماضی وجد الإمام الخمینی (قدس) ضرورة ملحة لإظهار الإسلام کبدیل حضاری للعالم رافعا شعار ‘لا شرقیة ولا غربیة جمهوریة اسلامیة’ معتمدا بذلک على القران والسنة الشریفة بعدما استمد نهضته من ثورة الإمام الحسین علیه السلام. ومنذ انطلاق الإمام الخمینی بثورته المبارکة وضع رضوان الله علیه نصب عینیه هدفا استراتیجیا الا وهو تأسیس دولة إسلامیة تکون المنطلق لإعادة بناء الأمة بعد تحریر شعوبها من غطرسة الاستکبار والاستعمار. فحدد بوصلة المشروع من خلال قضیة فلسطین التی اعتبرها أم القضایا.. فدعا وشجع الشعوب العربیة والإسلامیة على تحریرها من رجس الصهاینة بعدما أظهر لهم فی سلسلة من خطاباته مکامن القوة لدى هذه الشعوب ومکامن ضعف الاحتلال الاسرائیلی. وللتأکید على الهدف عملیا قام الإمام بإعادة سفارة الاحتلال فی طهران الى الشعب الفلسطینی ، وإعلان آخر یوم جمعة من شهر رمضان المبارک یوما عالمیا للقدس واضعا بذلک المسمار الأول فی نعش الاحتلال الاسرائیلی. وبعد تمکن الإمام من تأسیس جهاز الحرس الثوری لیتولی زمام الأمور تمهیدا لتحقیق الهدف الاستراتیجی ألقى على عاتق الفریق قاسم سلیمانی مهمة تأسیس محور المقاومة انطلاقا من فلسطین ولبنان. وبناء لتوجیهات الإمام لبی ثلة من العلماء الأفاضل فی لبنان النداء وقاموا بإعداد الشباب لمقارعة الاحتلال ولو بالأسالیب البسیطة وعلى إثر ذلک نجح الشعب اللبنانی فی دحر الاحتلال الاسرائیلی وإجباره على الانسحاب من أغلب الأراضی اللبنانیة بعدما کان مسیطرا على العاصمة بیروت. ورغم الظروف الصعبة المحیطة بالإمام والحرب العراقیة المفروضة على ایران بتآمر غربی لإجهاض الثورة فی مهدها ..لکن.. یمکرون ویمکر الله والله خیر الماکرین..فشلوا فی تغییر وجهة الإمام وضرب مشروعه الإصلاحی للأمة.. لأن الإمام رضوان الله علیه کان ینظر فی عین الله سبحانه وتعالى على قاعدة ‘إن تنصروا الله ینصرکم ویثبت أقدامکم’ فی مواجهة الاستکبار وأمام غدر العدید من الأنظمة العربیة آنذاک لقضیة الأمة المرکزیة فلسطین وطبعا لصالح الاحتلال الاسرائیلی. وأمام الهوان والضعف والرضوخ الذی کانت تعانی منه الأمة والشعوب بزغ فی إیران فجر الحریة والانتصارات المتتالیة فبعد انتصار الإمام على الغرب فی الحرب العراقیة المفروضة على إیران بدأت العملیات العسکریة للفصائل الفلسطینیة المکثفة ضد الاحتلال وکذلک فی لبنان.. وهذا الأمر جذب الشباب العربی والإسلامی الذی عشق الإمام وثورته المبارکة. ومن خلال هذا المنطلق أصبحت إیران قبلة الثوار والأحرار والمقاومین فی العالم لاسیما بعد الشعار الذی رفعه الإمام قدس سره الشریف وهو نصرة المستضعفین فی العالم دون أن یمیز بین عرق أو لون أو طائفة ووقف کالجبال الرواسی أمام الاستبکار العالمی متوکلا على الله سبحانه وتعالى. فالإمام سلام الله علیه نجح فی ترسیخ مفهوم الثورة الإسلامیة فی إیران رغم المؤامرات الغربیة علیها وانطلق شعاع هذه الثورة لیس فی العالم العربی والإسلامی فحسب بل فی العالم أجمع. لاسیما بعدما أصبحت هذه الثورة محل اهتمام کافة الشعوب وخصوصا قادة الدول العظمی. وما عزز هذا الأمر دعوة الإمام الاتحاد السوفیاتی الى الدخول فی الاسلام قبل فوات الأوان وبالفعل صدق الإمام بذلک اذ لم یلبث هذا الاتحاد سوى سنوات قلیلة حتى انهار واستفردت أمیرکا فی الحکم والسیطرة فی العالم. وبعد رحیل الإمام رضوان الله علیه وتولی آیة الله السید علی الخامنئی أطال الله بعمره الشریف قیادة الثورة عزز السید مخطط الإمام الخمینی رضوان الله علیه ووسع دائرة المواجهة مع أعداء الدین والمستضعفین على کافة الاتجاهات والصعد ، فوضع النقاط على حروف خارطة طریق إصلاح الأمة بعدما قال إن الامة لایمکن أن تتعافی بظل وجود الاحتلال الاسرائیلی فی فلسطین المحتلة وانتشار الاحتلال الامیرکی فی المنطقة للسیطرة على موارد القوة لدى الشعوب کالنفط والغاز وغیرها.. وهذا ما اعترف به الرئیس الامیرکی السابق دونالد ترامب بأن وجود الجیش الأمیرکی فی المنطقة هو من أجل موارد النفط فی العراق وسوریة أما شعوب هذه الدول فلیس لها ای قیمة بالنسبة له لأنه لا یرى فی هذه المنطقة وبحسب تعبیره سوى قیادات متناحرة . ولإنجاح مشروعه الاستراتیجی إهتم السید الخامئنی بشکل کبیر فی الشباب الإیرانی والعربی والمسلم من خلال استقدام الشباب العربی والمسلم الى إیران لإعادة تأهیله علمیا وتطویره على کافة الصعد کما اعتمد على الشباب الإیرانی فی قیادة الثورة وتحقیق أهدافها وبالتالی النهوض فی مشروع استراتیجی هدفه رسم صورة حضاریة راقیة للأمة فی العالم أجمع. فتمکن على مدى سنوات قصیرة من تطویر قدرات إیران العسکریة والعلمیة والصناعیة والأمنیة والاقتصادیة والتجاریة ونجح بشکل کبیر بتشکیل فرق خاصة تتولى زمام الأمور وتحقق بنود المشروع خطوة بخطوة. وبعد نجاح الإمام فی تحقیق الإنجازات المهمة فی مشروعه الحضاری أعلن آیة الله الخامنئی حفظه الله الخطوة الثانیة للثورة الاسلامیة فی عامها الأربعین لینطلق من خلالها من مشروع الثورة الى مشروع الدولة مما یعزز تحقیق المشروع الحضاری الحقیقی للدین المحمدی الأصیل خصوصا بعدما تمکن من إعداد جیل بأکمله من الشباب الإیرانی والعربی والمسلم قادر على تولى زمام الامور. وبذلک اصبحت إیران منطلقا لهذا المشروع الضخم الذی سیحل على المنطقة والعالم کبدیل حضاری یتمیز بعدالة أمیر المؤمنین علیه السلام انطلاقا من کلامه سلام الله علیه ‘الناس صنفان إما أخ لک فی الدین أو نظیر لک فی الخلق’ ولتحقیق هذا الأمر بشکل فعلی عزز السید الخامنئی کافة العوامل التی تساهم فی تطویر قدرات ایران العلمیة والثقافیة والعسکریة والزراعیة والصناعیة والاقتصادیة ..فاطلق کلمته المشهورة فی هذا الصدد’ بأن أصل الصراع مع الاستکبار لیست المواجهة العسکریة فی المیدان وإنما المشکلة هی امتلاک الأمة للقدرات العملیة الحقیقة کالعلم النووی وعلم الفضاء وغیرها من العلوم والأمور التی عمل الاستکبار العالمی على احتکارها.. لذلک فإن آیة الله الخامنئی استطاع من خلال ذلک کشف حقیقة الاستعمار وتبیان أسالیب المواجهة ونجح فی ذلک بشکل کبیر.. بل تقدم على المخططات الأمیرکیة أشواطا کبیرة من خلال الاستراتیجیات والتوجیهات التی رسمها بما فیها تحدید الثوابت وأطر التعامل والسیاسات الخارجیة والخطوط الحمراء واضعا قادة الغرب وخصوصا الولایات المتحدة الأمیرکیة فی حیرة من حنکة وبصیرة وعلم ووعی وفهم هذا السید الجلیل الذی یقود هذه الثورة المبارکة. والمیزة الأساسیة التی أتاحت لهذا القائد العظیم تحقیق الانتصار على الاستکبار.. رغم قدرات الأخیر الهائلة وامکانیاته الضخمة ومخططاته وادواته المنتشرة فی العالم ..هی فهم الإمام لحقیقة هذا الاستکبار وتحدید مکامن ضعفه وتناقضاته .. ونجح فی تأسیس محور للمقاومة والممانعة بقیادة الفریق قاسم سلیمانی یمتد من باب المندب الى مضیق هرمز وقادر على ضرب مشاریع الاستعمار والاستکبار العالمی فی المنطقة وإجهاض کافة مخططاته التآمریة لاسیما مخططه الشیطانی الأخیر الذی سماه صفقة القرن ..المشؤومة . ولتعزیز هذا المحور شرع الفریق سلیمانی فی فتح أبواب إیران أمام الأحرار والثوار فی المنطقة والعالم واستطاع من خلال ذلک تشکیل فصائل مسلحة تواجه لیس الاحتلال الاسرائیلی فی فلسطین المحتلة فحسب بل أیضا الوجود الأمیرکی فی المنطقة إضافة الى تجهیز هذا المحور بکافة الأنظمة الصاروخیة البالیستیة والطائرات المسیرة التی أصبحت هاجسا مرعبا لا یستطیع أحد فی العالم مواجهته أو الوقوف فی طریقه..هذا فضلا عن التکتیکات العسکریة فی میادین المواجهة مع الجماعات التکفیریة الارهابیة السلفیة والتی برزت بشکل کبیر فی سوریة ولبنان والعراق فکانت صفعة قویة لکافة الدول الداعمة لهذه الجماعات بالمال والسلاح خصوصا الأنظمة العربیة. ومن أبرز عوامل نجاح الخطوة الثانیة للثورة تشکیل السید علی الخامئنی من خلال الفریق قاسم سلیمانی محورا وحلفا دولیا.. روسیا صینیا وایرانیا قادرا على مواجهة الاستکبار بقوة فی کافة المیادین ..وکان من شأن هذا التحالف وهذه الخطوة الجبارة تعزیز قوة ومواقف هذه الدول فی أروقة المجتمع الدولی وتعزیز محور المقاومة والممانعة فی المنطقة هذا فضلا عن تحدی وکسر الحظر الأمیرکی الجائر على الشعب الایرانی من خلال الاتفاقیات الاقتصادیة والتجاریة التی أبرمتها طهران مع موسکو وبکین للمساهمة فی تجاوز العقوبات الامیرکیة المفروضة . ومع تطور هذا التحالف الروسی الصینی الإیرانی أصبحت طهران بمعادلاتها الجدیدة من اقوى الدول على صعید المنطقة والعالم سیاسیا وعسکریا واقتصادیا وعلمیا واصبحت ایران من اهم الدول القلیلة التی تمتلک برنامجا نوویا سلمیا بعدما اجبرت الدول الغربیة على عقد اتفاق نووی معها ..والیوم کذلک الامر.. نجد خروج الرئیس الامیرکی السابق دونالد ترامب من هذا الاتفاق أنه لم یجد نفعا بل وضع بلاده فی حرج أمام المواقف الدولیة بفضل حکمة القیادة الایرانیة وصمود الشعب الایرانی وتمسکهم بحقهم المشروع ..فنرى واشنطن الیوم تحاول بشتى السبل العودة الى هذا الاتفاق ونسمع تصریحات وزیر الخارجیة الامیرکی انتونی بلینکن الاخیرة التی یصف فیها قرار خروج ترامب من الاتفاق النووی الایرانی بالأسوأ فی تاریخ الولایات المتحدة الامیرکیة والأکثر ضررا على مصالحها فی المنطقة. فعلى مدى اکثر من اربعین عاما نجد ان قدرات الثورة الاسلامیة فی ایران فی تصاعد مستمر ..یقابلها انحسار هیبة الولایات المتحدة الامیرکیة وتراجعها المستمر.. وهذا إن دل على شیء فإنه یدل على عظمة الشعب الایرانی وقدرته على الصمود والمواجهة اضافة الى القیادة الحکیمة الرشیدة للثورة یرافقهما مستوى التناغم بین القیادة والشعب الذی اعطى القوة لهذه الثورة المبارکة والحصانة والمناعة من السقوط. فالثورة الإسلامیة التی انطلقت بقیادة الإمام الخمینی رضوان الله علیه حدثت مرة فی التاریخ کما هی ثورة الامام الحسین التی لن تتکرر فی التاریخ.. وکل من یراهن على إسقاط الثورة فهو یراهن على سراب لأن هذه الثورة فی عین الله وحفظه وبرعایة الحجة المنتظر الامام المهدی عجل الله فرجه الشریف.. لذلک غدت الثورة الاسلامیة فی هذه الذکرى وکل ذکرى عنوانا وعلما وقبلة للشرفاء الاحراروالثوار فی العالم وقطبا أساسیا فی المشروع الإسلامی الحضاری ..تمهیدا لظهور الحجة المنتظر.
بعد الصراع بین الشرق والغرب فی سبعینیات القرن الماضی وجد الإمام الخمینی (قدس) ضرورة ملحة لإظهار الإسلام کبدیل حضاری للعالم رافعا شعار ‘لا شرقیة ولا غربیة جمهوریة اسلامیة’ معتمدا بذلک على القران والسنة الشریفة بعدما استمد نهضته من ثورة الإمام الحسین علیه السلام.
منذ انطلاق الإمام الخمینی بثورته المبارکة وضع رضوان الله علیه نصب عینیه هدفا استراتیجیا الا وهو تأسیس دولة إسلامیة تکون المنطلق لإعادة بناء الأمة بعد تحریر شعوبها من غطرسة الاستکبار والاستعمار. فحدد بوصلة المشروع من خلال قضیة فلسطین التی اعتبرها أم القضایا.. فدعا وشجع الشعوب العربیة والإسلامیة على تحریرها من رجس الصهاینة. مع تطور هذا التحالف الروسی الصینی الإیرانی أصبحت طهران بمعادلاتها الجدیدة من اقوى الدول على صعید المنطقة والعالم سیاسیا وعسکریا واقتصادیا وعلمیا واصبحت ایران من اهم الدول القلیلة التی تمتلک برنامجا نوویا سلمیا بعدما اجبرت الدول الغربیة على عقد اتفاق نووی معها | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 643 تنزیل PDF: 217 |
||||