دور الجمهوریة الإسلامیة فی التمهید لنشر العدالة والقیم الإنسانیة، وبناء الحضارة الإسلامیة الحدیثة | ||||
PDF (1135 K) | ||||
ناجی أمهز-باحث استراتیجی من لبنان طالما بحثنا فی التاریخ عن العدالة الإنسانیة، لمقارنتها بما وصلنا الیه الیوم، بظل حالة القلق والاستبداد التی تعیشها المجتمعات المعاصرة، جرا نظم عالمیة ارادت ان تجسد نفسها بدیلا للدیانات السماویة، او الإیحاء ان هذه النظم هی خلاصة کافة التجارب الإنسانیة السابقة، فکانت الشیوعیة التی طالما نادت بالاشتراکیة وتخلت عن الاشتراکیة الداخلیة بین الروح والمادة، مما افقدها وهج الروحیة السماویة، وحول الانسان الى ما یشبه الالة یعیش الانفصام بداخله بین الانا الکبرى والمفاهیم الدینیة المتواجدة بغیاهب العقل الموروث بالفطرة، وبعد محاولات عدة سقطت الشیوعیة بصورة دراماتیکیة واسقطت معها اقتصاد وسیاسة وامبراطوریة کانت مترامیة الأطراف ظن قادتها ان اکبر من ان تسقط، مع العلم ان الامام الخمینی رضوان الله علیه کان اول من حذر هذه الامة بانها لن تستطیع ان تستمر مهما تعاظمت قوتها العسکریة ونفوذها بالعالم. وقد جاء برسالة الامام الخمینی العظیم الى غورباتشوف الزعیم السابق لدولة الأتحاد السوفیتی. فی ٧ ینایر ١٩٨٩ «إنکم إذا أردتم أن تحصروا جهودکم لحل العقد المستعصیة فی الاقتصاد الاشتراکی والشیوعیة فی هذه المرحلة باللجوء إلى مرکز الرأسمالیة الغربیة، فاعلموا أن نتیجة ذلک لن تنحصر فی العجز عن معالجة شیء من آلام شعبکم، بل ستتجاوز ذلک إلى إیجاد حالة تستلزم مجیء من یعالج آثار أخطائکم، لأن العالم الغربی مبتل أیضاً بنفس ما ابتلیت به المارکسیة الیوم من وصول مناهج تعاملها مع القضایا الاقتصادیة والاجتماعیة إلى طریق مسدود، بل وهو مصاب بمشاکل أخرى أیضا، والفرق هو فی الصور والظواهر.» هذه الرسالة الخالدة، لم تکن تحمل فی طیاتها التحذیر من انهیار الاتحاد السوفیاتی فقط، بل کانت مؤشرا واضحا على سیاسة الجمهوریة الإسلامیة فی ایران، ومن یطالع هذه الرسالة بعمق یدرک ان ایران کانت تعمل وبهدوء واطمئنان رغم الحرب العالمیة علیها منذ انتصار الثورة المبارکة عام ١٩٧٩، فکانت تدرس النظام القائم بالعالم والمنقسم بین الاشتراکیة والرأسمالیة، وتستخلص منه الاستنتاجات والعبر، وتضع استراتیجیة قادرة ان تتواجد بین قطبی العالم، مع علمها المسبق بان احد الأقطاب سینهار مما یعنی توسع نفوذ القطب الرأسمالی الذی هو اشد خطورة وتوحشا، بل هو الخطر المباشر على الجمهوریة الإسلامیة التی أعلنت منذ لحظة ولادتها ان إسرائیل غدة سرطانیة لا بد ان تزول، وامام هذه الولادة الجدیدة لامة جدیدة فی القرن العشرین کان العالم یراهن على سقوط الثورة وتأکلها او تراجعها، کما حصل مع العدید من الثورات فی العالم. کان الغرب ینظر الى الثورة الإسلامیة ویقارنها بالحرکات الإسلامیة التی ظهرت فی العالم العربی، ظنا منه ان الثورة التی اتخذت من الدین الإسلامی دستورا لها لن تستطیع ان تتکیف او تتقدم، بظل نظام العولمة والدیمقراطیة التی کان یسوقها الغرب ویداعب بها مشاعر العالم الثالث، ,اذا بالجمهوریة الإسلامیة تکرس مفهوم الدیمقراطیة والشفافیة بأبهى الصور والالتزام الکامل بالمواعید الدستوریة، وان کانت الدول بغالبیتها کل ست سنوات تنتخب رئیسا للبلاد کرست الجمهوریة الإسلامیة فی نظامها ان تکون مدة الرئاسة اربع سنوات مما خلق تفاعلا شعبیا کبیرا مهد لاستقرار الثورة داخلیا، وشجع الانتقال السلمی الى السلطة، عبر صنادیق الاقتراع مما أوقع العالم الغربی بحیرة من امره، وهو ینظر الى حلفائه بالمشرق العربی کیف یمارسون الدیکتاتوریة بأبشع صورها، وامام هذا النمط من التعاطی بالحکم بحث الغرب عن أسالیب أخرى لضرب الثورة الإسلامیة وتقلیب الرای العالمی علیها، من خلال الإیحاء باضطهاد الأقلیات فی ایران، اذا بالجمهوریة الإسلامیة تنطلق نحو العالم بحوار الحضارات، وتمد یدها الى جمیع مواطنیها دون تفرقة، حیث ارست نظاما برلمانیا یحفظ حقوق الجمیع ویساوی بینهم بالمواطنة الحقوق والواجبات، وتمدد حوار الحضارات بنوره على مساحة الشرق، حیث اصبح عاملا أساسیا بمعالجة کافة الخلافات من أسبوع الوحدة الإسلامیة، حتى الالتقاء مع باقی الدیانات فی الداخل الإیرانی وخارج الجمهوریة الإسلامیة. وهذا الأسلوب الذی اعتمدته الثورة الإسلامیة فی نظام الجمهوریة، لم یحفظ فقط ایران بل أیضا حفظ الهویة الإسلامیة العالمیة، حیث بدا العالم ینظر الى الدین الإسلامی بصورة مختلفة عن النظرة السابقة التی طالما حاول أعداء الإسلام بالداخل والخارج ترسیخها بالعقل، بان الإسلام نظام دیکتاتوری قمعی لا یعترف بالأخرین وهو ینتقص من حق المرأة کما یحصل فی غالبیة الدول التی أعلنت انها تطبق الشریعة الإسلامیة ان کان فی باکستان وأفغانستان وبعض الدول العربیة وغیرهم، اذا بالدستور الایرانی یمهد ویعبد الطریق للمراة الإیرانیة کی تنجح بمجال العمل والریاضة والفنون وان تکون شریکة أساسیة بالعمل الاجتماعی والسیاسی. وأیضا لم یستطیع العالم المعادی للثورة الإسلامیة تقبل نجاح دستور الجمهوریة الإسلامیة فی البعد الإنسانی انطلاقا من قیم الدین الإسلامی، مما حرک وحش الرأسمالیة ضد الجمهوریة ظنا منه ان الجمهوریة ان نجحت فی الجانب السلوکی الروحی، حتما ستفشل بالجانب الصناعی المادی، وستکون عاجزة عن الاستمرار بظل التقدم التکنولوجی والنظام المالی العالمی، اذ بالعالم یتفاجأ بتطور الجمهوریة الإسلامیة فی مختلف المجالات الصناعیة والتقنیة، حیث اطلقت الجمهوریة الإسلامیة اول قمر صناعی بجهود ذاتیة عام ٢٠٠٩، بالإضافة نها امتلکت القدرة على انتاج الطاقة النوویة، وتقنیة النانو، مع نجاح باهر بالمجال الطبی وصناعة الدواء، مع تکامل شبه کامل من الاکتفاء الذاتی على المستوى الصناعی والانتاجی الغذائی. ولم ینتهی نجاح الجمهوریة الإسلامیة فی إیران عند حدودها الجغرافیة، بل هناک الملایین حول العالم من الذین اعتنقوا فکر الثورة الإسلامیة فی بعدها الإنسانی والتحرری، وهذا الامر لیس بجدید على الشعب الإیرانی العظیم الذی کان على مر التاریخ قبلة المجتمعات الإنسانیة، فالشعب الإیرانی تمیز بالکثیر من المواصفات الإنسانیة العالیة ان کان بالعطاء والنبل والشجاعة والکرم، ومما یذکره التاریخ المعاصر انه ابان اعتداءات روسیة القیصریة فی القرن الثامن عشر على إیران، کان الشعب القوقازی الخاضع لحکم روسیا القیصریة یهب للدفاع عن الشعب الإیرانی، ومرات عدیدة کانت شعوب القوقازیة تعلن غایتها بالانضمام تحت حکم الشعب الإیرانی الذی اشتهر بعدالته وانسانیته. الجمهوریة الإسلامیة فی إیران العظیمة، لم تبهر العالم فقط بثقافتها وقوانینها ودیمقراطیتها الشبه وحیدة بالشرق، ولا حتى بالمجال الصناعی الغذائی والطبی، بل أیضا قدمت للعالم نموذجا جدیدا فی الصناعات العسکریة الدفاعیة والهجومیة، ومفاهیم مختلفة عما عهده العالم بالتکتیکات والحروب، فقد استطاعت الجمهوریة الإسلامیة بظل قیادتها الحکیمة وعمق خطابها الإسلامی ببعده الوطنی والاستراتیجی، ان تنشء جیوشا لا تقهر ولا تهزم من خلال ترسیخ مفاهیم العقیدة الإسلامیة وحتى التحرریة، التی احییت بالإنسان القوة الایمانیة الحقیقیة التی هی اقوى من المتغیر المناخی واصلب من المعادن، حیث تحول المقاتل او المقاوم او الثائر الذی یعتنق فکر الثورة الإسلامیة فی ایران الى قوة لا تقهر، فقد انتصرت مفاهیم الثورة الإسلامیة فی لبنان حیث نجح حزب الله بهزیمة جیش العدو الإسرائیلی مرات ومرات مما أدى الى خروجه ذلیلا من جنوب لبنان عام ٢٠٠٠ وهزیمته عام ٢٠٠٦ امام حزب الله. وأیضا نجحت المقاومة بفلسطین، بهزیمة العدو الإسرائیلی عدة مرات واخرها عام ٢٠٢١ مما أدى برئیس حکومة العدو نتنیاهو الى الخروج من الحکم نهائیا، وقد اعترفت المقاومة الفلسطینیة بان دعمها المادی واللوجستی والمعنوی والتدریبات هی إیرانیة. ولا احد ینکر ان صمود الشعب الیمنی بوجه اعتداء قوات التحالف على الیمن هو بفضل الجمهوریة الإسلامیة، بل ان الانتصارات والهزائم التی یلحقها الشعب الیمنی بقوات التحالف، وما فعلته المقاومة فی لبنان وفلسطین بجیش العدو الاسرائیلی فرض على کل الدول ان تعید حساباتها الاستراتیجیة ومخططاتها العسکریة. وأیضا نجحت الجمهوریة الإسلامیة بحمایة اکثر من بلد عربی عندما واجهت الإرهاب التکفیری وهزمته، والکثیر من شعوب المنطقة وخاصة الأقلیات تحدثوا عن تضحیات الجمهوریة الإسلامیة فی ایران فی مواجهة الإرهاب. الحقیقة لا احد یستطیع ان یختصر إنجازات الثورة الإسلامیة على المستوى الإقلیمی والعالمی، وخاصة عندما وقفت الجمهوریة الإسلامیة بوجه الغطرسة الامریکیة، وکسرت الحصار على فنزویلا وهی المحاصرة، وقصفت قاعدة عین الأسد الامریکیة فی العراق، ردا على اغتیال الجنرال الشهید قاسم سلیمانی. والجمیع اصبح یعترف بان الثورة ولدت لتبقى وتستمر وهی فتیة فی عز قوة شبابها، وانها اقوى من الموت، واقسى من ان تکسر، وان قالت فعلت. والقدس قاب قوسین او أدنی وسیتحرر ان شاء الله. ودور الجمهوریة الإسلامیة فی التمهید لنشر العدالة والقیم الإنسانیة، وبناء الحضارة الإسلامیة الحدیثة هو بدا وغدا یعم المنطقة، لان الانسان یستحق ان تنتصر الثورة له وان ینتصر لها.
ان کانت الدول بغالبیتها کل ست سنوات تنتخب رئیسا للبلاد کرست الجمهوریة الإسلامیة فی نظامها ان تکون مدة الرئاسة اربع سنوات مما خلق تفاعلا شعبیا کبیرا مهد لاستقرار الثورة داخلیا، وشجع الانتقال السلمی الى السلطة، عبر صنادیق الاقتراع مما أوقع العالم الغربی بحیرة من امره، وهو ینظر الى حلفائه بالمشرق العربی کیف یمارسون الدیکتاتوریة بأبشع صورها | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 907 تنزیل PDF: 145 |
||||