الثورة الإسلامیة الإیرانیة تراکم القوة وتوسع النفوذ | ||||
PDF (2441 K) | ||||
هادی محمدی محلل سیاسی و باحث فی الشؤون الاستراتیجیة تمهید تکلّلت وثبة الشعب الإیرانی بوجه الدیکتاتوریة الحاکمة العمیلة، لتحقیق الاستقلال و الحریة و العودة إلی الهویة و القیم الإسلامیة،بالنصر المؤزر فی فبرایر/ شباط ١٩٧٩ م، وأرست قواعد النظام الجدید علی أسس الدیمقراطیة الشعبیة والعدالة وإقامة نظام إسلامی. و سرعان ما جوبه هذا البرعم الفتی ـ لعوامل جیوسیاسیة عدّة و امتیازات جاذبة للدول الاستعماریة و القوی الکبری وصراع السلطة من قبل الجیران ـ باجراءات عدائیة شریرة و حصار وعقوبات وإشعال فتن قومیة وأمنیة و تنفیذ برامج استخباراتیة ومحاولة انقلابیة فاشلة و فرض حرب شرسة لإسقاط النظام. فی سعیه لبناء نظامه الجدید، لم یتکیّف الشعب الإیرانی فی رسالته الإنسانیة و الإسلامیة و التحرریة والاستقلالیة ، مع جوهر النظام الاستکباری الذی تلقی ضربة قاصمة علی ید الثورة الإسلامیة، ولا مع النظام الإقلیمی السائد و العمیل للقوی الکبرى واللاعبین الأشرار المتربّصین. لهذا وضع أعداء الشعب والثورة الإسلامیة فی حساباتهم منذ الأیام الأولی من عمر الثورة ، إطلاق التهدیدات بإسقاط النظام و تدبیر محاولات التقسیم و الانفصال و سیاسات الاحتواء و الحصار. و کان علی الثورة الإسلامیة الفتیة أن تهتمّ بترتیب أوضاعها الداخلیة و الهیکل الجدید للمؤسسات، و فی الوقت نفسه مواجهة التهدیدات و المخططات الخارجیة. و قد مرّت الثورة الإسلامیة بفترات و مراحل و حوادث عصیبة کثیرة، واجتازت الکثیر من التحدیات و المنعطفات الداخلیة و الخارجیة، حتی تحوّلت وهی علی أعتاب انقضاء اربعین عاماً من عمرها ، إلی لاعب قوی علی صعید البنی الداخلیة و المحیط الإقلیمی و الدولی. و تعزی هذه الخبرة و الاقتدار إلی اتباع استراتیجیات عدیدة و تدابیر کثیرة وواسعة علی مدی الأربعین عاماً الماضیة تحت قیادة الإمام الخمینی (رحمه الله) و من بعده قائد الثورة الإسلامیة آیة الله الخامنئی، وکذلک الحکومات المتعاقبة، بحیث ظلّت هذه الدوحة الوارفة شامخة و راسخة الجذور علی الرغم من کل الضغوط و القیود والحصار الجائر و المؤامرات الداخلیة و الخارجیة و أنواع التهدیدات، واستطاعت أن تعزّز مقومات قوتها واقتدارها فی المحیطین الداخلی و الإقلیمی، و قد سمعنا مراراً اعترافات خصوم الثورة و أعداؤها و أصدقاؤها فی هذا الشأن. الدراسة التالیة تسعی إلی تحلیل أحد مقومات قوة إیران من الزاویتین النظریة والعملیة تحت عنوان “ موقع إیران و نفوذها و قدرتها الإقلیمیة “. ولا یخفى لیس بوسعنا تقدّیم تحلیلاً یغطّی الأبعاد العملیة لتاریخ عمره اکثر من ٤٠ عاماً، لذلک سنعمد إلی الترکیز علی المراحل الأخیرة و أهم شواخصها، لنبیّن مؤشرات القوة الإیرانیة علی لسان العدو ومحاولاته واستراتیجیاته فی احتواء نفوذ إیران و حضورها وقوتها الإقلیمیة. و الحقیقة، إنّ مراجعة هذه الشواخص فضلاً عن کونها تشکل دلیلاً عملیاً لآفاق المستقبل، فإنّها تساعدنا علی الصعیدین الداخلی و الخارجی أن ندرک جیداً الأدبیات الخارجیة المخادعة أو الداخلیة الساذجة فی إطار استراتیجیة العدو و مناوراته، کی نصون بیقظة ودرایة مکاسب اکثر من أربعین عاماً من عمر الثورة الإسلامیة. الإطار النظری إنّ مسلسل التدابیر المعادیة لإیران المستمر منذ بدایة الثورة قبل أربعة عقود و حتی الیوم ، و الذی شمل إشعال الحروب و إثارة فتن التقسیم القومی و العرقی، و المحاولة الانقلابیة الفاشلة، و الحصار و فرض القیود، و الضغوط الدبلوماسیة و الإعلامیة، و إثارة الحرب المذهبیة بین الشیعة و السنّة، و نشر الإرهاب و تشکیل التحالفات والفتن المخملیة فی الداخل، کلّ هذا یستند إلی رؤیة نظریة واحدة، ذلک أنّ ما نفّذه شرکاء الولایات المتحدة فی المنطقة و الکیان الصهیونی کلّه یدور فی فلک الولایات المتحدة، الدولة التی تنطلق فی سیاساتها و نشاطاتها و استراتیجیاتها إزاء إیران من منطق الواقعیة العدوانیة. و بناءً على ذلک، و لمواجهة المساعی أعلاه لایمکن أن تخرج النشاطات العملیة للجمهوریة الإسلامیة عن نفس المنطق المتبع، وهی نشاطات ترکّزت على تحکیم الجبهة الداخلیة ، و ممارسة دور فی المحیط الإقلیمی، متبعة منطق القوة والمحافظة على التوازن و لکن مع نوع من الواقعیة التی تصبو إلى العدالة، بمعنى أنّ السیاسات الإیرانیة فی المنطقة تسعى إلى تعزیز مقومات اقتدارها فی إطار السیاسات الواقعیة التی تحکم الشرق الأوسط ، وضمن مبدأ الصراع على البقاء، و الردع و انعدام الثقة بالغرب. المقاربة الواقعیة هی من أقدم الرؤى على صعید تفسیر القضایا الدولیة، و یشکّل النزوع إلى الدولة و الاکتفاء الذاتی والبقاء ، جوهر تلک المقاربة و أرکانها الأساسیة. ولکن، مبادئ الواقعیة و نظریات القوة وخلق التوازن لیست الإطار الوحید لتبیین جوهر سیاسة الثورة الإسلامیة و الجمهوریة الإسلامیة على الصعیدین الداخلی و الإقلیمی. فالثورة الإسلامیة تحمل فی طیاتها مفهوماً ورسالة إنسانیة و إسلامیة و إلهیة تعمل على تطبیقها، خلاصتها تطبیق العدالة فی جمیع مظاهر السلوک الإنسانی و الإقلیمی و الدولی. ولهذا فإنّ مفهوم قوة إیران و نفوذها لا یُفسَّر بالأسالیب والأدوات السائدة فی العلاقات الدولیة و بنفس تلک الأهداف. فلیس إنتاج القوة و النفوذ الإقلیمی بهدف الهیمنة على الآخرین و التفوق علیهم و ظلمهم؛ بل لیشکّل أرضیة لروح التحرّر والاستقلال لسائر الشعوب والبلدان ، وتعزیز قدراتها إزاء تهدیدات القوى العالمیة و سلوکها الاستکباری. وبالتوازی مع حرب الثمانی سنوات ضدّ إیران و سائر التدابیر المخلّة بالأمن، فإنّ انعکاس النموذج الإیرانی الملهم علی الصعید الدولی نبتت أولی براعمه فی لبنان فی مواجهة الکیان الصهیونی، کما قدّم للمناضلین الفلسطینیین نموذجاً و خطاباً جدیداً للمقاومة تجلّی فی الانتفاضة الأولی فی نهایات عقد الثمانینات من القرن الماضی، حیث بدأ منذ ذلک الحین العدّ التنازلی لانسحاب الکیان الصهیونی من المناطق المحتلة فی لبنان. و بالنسبة للجمهوریة الإسلامیة، لم یقتصر دورها علی مناطق النفوذ و خلق قوة شبکیة تحرریة فی العراق و لبنان و فلسطین و...، بل عملت علی تعزیز قدراتها الدفاعیة والنوویة بتعجیل أکبر، بحیث استطاعت أن تُخرج من حسابات الأعداء الخیار العسکری ضد إیران و تهدیدها ، وذلک بفضل القدرات الدفاعیة التی اکتسبتها فی الداخل، و إمساکها بزمام القوة و النفوذ فی المنطقة ، و استحداث عامل الردع. وعدم حصانة الکیان الصهیونی فی مقابل أی تهدید لإیران ، أنتج للولایات المتحدة و شرکائها برنامج عمل جدید تحرک من خلاله تحولات البلدان الإسلامیة و المنطقة تحت عنوان الصحوة الإسلامیة علی طریق امتصاص قدرات الردع الإقلیمیة لإیران عبر خلق الإرهاب التکفیری فی سوریة و لاحقاً العراق، و بلورة شرق أوسط جدید عن طریق الحروب بالوکالة و الإرهاب. و لا شک فی أنّ إنفاق الولایات المتحدة و شرکائها الإقلیمیین ملیارات الدولارات علی مشروع الإرهاب التکفیری فی سوریة و العراق ، و تعبئة و استنفار القوی التکفیریة و السلفیة و الوهابیة من مأة بلد فی العالم فی إطار حرب دینیة مقدسة یشی بمدی أهمیة هذا المشروع و الأهداف التی سعت الولایات المتحدة و شرکائها فی المنطقة إلی تحقیقها فی غرب آسیا. ولا شک فی أنّ مشروع الإرهاب التکفیری کان تهدیداً خطیراً للمنطقة و إیران و محور المقاومة، ولکن بفضل التدابیر الواعیة لإیران و ضمن استراتیجیة هجومیة و خلق معادلة للتوازن، وعبر تشکل تحالفات إقلیمیة و تشبیک متکامل لفصائل المقاومة؛ بفضل هذه التدابیر استطاعت ایران أن تحوّل تلک التهدیدات إلی فرص جدیدة للنفوذ و الارتقاء بالقدرات و عامل الردع إلی مستویات جدیدة، وخلق تحدیات أکثر لشرکاء الولایات المتحدة و الکیان الصهیونی. مقومات القوة و النفوذ ما یحکى الیوم عن قوة إیران ونفوذها و تعترف به مراکز البحوث و یؤکده المسؤولون الغربیون ، ینبغی النظر إلیه بوصفه حصیلة أربعین سنة من السیاسة البنّاءة التی انتهجتها إیران فی محیطها الإقلیمی، لإرساء أسس الاستقرار و الأمن و التصدّی للإرهاب و الدفاع عن شعوب المنطقة المضطهدة، و تقدیم نموذج ملهم یتجسّد فی القیم الأساسیة للثورة الإسلامیة و نشر ثقافة مقاومة العدوان والثقة بتحقّق النصرالإلهی. و ربما أمکن تبویب مقومات القوة و النفوذ الراهن للجمهوریة الإسلامیة فی العناوین التالیة على الأقل: مبادئ و قیم الثورة الإسلامیة فی الحقیقة إنّ ما تتمتّع به الثورة الإسلامیة من روح العدالة و التحرّر و النظرة الإسلامیة – الإنسانیة لشعوب المنطقة و العالم، والنموذج الجدید للنضال المؤزّر بالنصرعلى الدیکتاتوریات الحاکمة؛ بلور نمط من الإلهام والإیمان على صعید المنطقة و دول الجوار. المجتمعات الإسلامیة ترکّز على الطابع الإسلامی للثورة بوصفه الروح النابضة فی هذا الإلهام، لذا وجدت المذاهب الإسلامیة نفسها فی تواشج مع هذه الثورة ونتائجها منذ بدایات انتصارها. الدفاع المشروع واجهت الثورة الإسلامیة منذ الأیام الأولى لولادتها، سلسلة طویلة من الفتن و المؤامرات و الصعوبات التی فرضت علیها، ثم الفترة العصیبة المتمثلة بحرب الثمانی سنوات، و لأجل تقنین قدراتها فی الدفاع المؤثّر شرعت بإنتاج قوتها الذاتیة فی المنطقة و بصورة تدریجیة. وطبعاً بناء الأمن بحاجة إلى وسائل دفاعیة، وکانت تجربة الحرب وخبراتها مفیدة فی استخلاص استراتیجیة الدفاع الصاروخی، فتسارعت الخطى فی هذا الطریق على الصعیدین الکمی و النوعی. و شکّلت ثقافة المقاومة و التوافق الوطنی والاقتصادی متکئاً داخلیاً للقوة و کانت تغطّی على نقاط الضعف فی القاعدة الاقتصادیة. وشکّل الحصول على هذه الوسیلة کاستراتیجیة دفاعیة مشروعة ، الخطوة الأولى والأساسیة لتقنین الاقتدار الوطنی. و جرى توظیف هذه الوسیلة القویة فی المراحل اللاحقة عبر الأذرع الإقلیمیة و التشکیلات المقاومة، ممّا عزّز الثقة بالنفس و بالقدرات الذاتیة للصمود وتحقیق النجاحات والانتصارات فی مواجهة الأعداء. وأتاحت وسیلة القوة هذه،الارتقاء بإمکانات تحقیق الاستراتیجیة الدفاعیة والقدرة على الردّ و الردع، و رفعت معامل الأمن عالیاً. تبیئة المقاومة فی المنطقة بدأت الخلایا المؤثّرة فی المنطقة بالتشکّل بعید انتصار الثورة الإسلامیة، و نمت وترعرعت بسرعة فی مختلف المناطق فی لبنان ومن ثم فلسطین والعراق والیمن وسوریة الى غیر ذلک ، وراحت تنظّم المقاومة المحلیة حیث حقّقت العدید من الانتصارات فی هذا المضمار. و تجلّت ثقافة المقاومة و ترسّخت فی العدید من البلدان الإسلامیة والمجاورة٬ حتى وصلت إلى مرحلة جدیدة من البلوغ مع ظهور مشروع الإرهاب التکفیری، و تبلورت کضرورة فی إطار مقاومة شاملة و تشبیک المقاومة الإقلیمیة حول محور إیران، و اکتسبت تجربة جدیدة فی العراق تجلّت إحدى تطبیقاتها فی الوحدة الوطنیة و النظرة غیر الطائفیة للمقاومة فی مواجهة التهدیدات و المعتدین. تشکیل التحالفات و الشراکات المشروعة على العکس من معظم الاتحادات و التحالفات الموجودة فی العالم التی توظّف کوسیلة لشنّ الحروب والهیمنة والسیطرة اللامشروعة، عمدت الجمهوریة الإسلامیة انطلاقاً من النظرة الخاصة للثورة الإسلامیة والثقافة الشاملة للمقاومة والعلاقات المشروعة، إلى تشکیل تحالفات تمخّضت عن کیان قوی و مستوى جدید من الصلابة والثبات ینسجم مع القوانین الدولیة و الإنسانیة. لقد وصلت الشراکة مع سوریة فی مرحلة من نضجها المفهومی والعملی إلى نوع من الاتحاد أو التحالف مع المقاومة، واستطاعت أن تسجّل تحالفاً عملیاً مع روسیة خلال سنوات محاربة الإرهاب التکفیری، حظی بشکل غیر رسمی بدعم بلدان أخرى صغیرة و کبیرة. و إحدى الوظائف الاستراتیجیة لهذه الظاهرة إجهاض مخطط قلب الحقائق ونشر الاتهامات الواهیة ضدّ إیران والمسؤولین. الاستراتیجیة الذکیة فی التطورات الإقلیمیة دأبت الجمهوریة الإسلامیة على تنظیم الخطوات و التدابیر التی تتّخذها بطریقة تتیح لها تحویل التهدیدات العلنیة الصادرة عن العدو إلى فرص سانحة. فاستقرار المستشارین العسکریین الإیرانیین فی سوریة و لبنان فی السنوات الأولى من الحرب [مع العراق] کان الهدف منه کما خطّط الإمام الراحل (رحمه الله) أن یمرّ «طریق القدس عبر کربلاء»، أی أن یحل المستشارون الإیرانیون محل الوحدات العسکریة، و منذ ذلک الوقت بدأت عملیة تعزیز قدرات المقاومة فی لبنان و التی نشهد برکاتها حتى یومنا هذا. لقد عنیت الأبحاث و الدراسات الصهیونیة و الأمریکیة القریبة من مراکز السلطة نوع ما بهذه المسیرة التی استمرت لأربعین سنة؛ لکنّ نقطة التحوّل من وجهة نظرها تتمثّل فی تحولات الألفیة الثالثة وخاصة فی السنوات السبع الأخیرة فی سوریة و العراق و الیمن، حیث نشیر هنا إلى بعض الأمثلة: ۱ـ معهد دراسات الأمن القومی فی إسرائیل INSS)) وفی دراسة له حول مقومات القوة الإیرانیة، یشیر إلى النظرة الاستراتیجیة الإیرانیة للبیئة الشیعیة فی العراق منذ بدایة الثورة الإسلامیة، هذه البیئة التی تعرّضت لأنواع القمع والاضطهاد على ید الحکومات المختلفة. ویضع هذا المعهد العراق إلى جانب إیران کقاعدة استراتیجیة لتشکیل قطب إقلیمی ومقاومة معادیة للولایات المتحدة و الصهیونیة، والأعضاء الآخرین فی هذا القطب الإقلیمی هم حزب الله و حماس. ویبیّن المعهد بأنّ النفوذ الإیرانی فی العراق قد تعاظم مع بدایة الأزمة فی سوریة عام ٢٠١١ م، و یطرح ثلاثة مستویات للتعاطی و النفوذ الاستراتیجی متعدد الطبقات لإیران منذ عام ٢٠٠٣ م و بدایة الغزو الأمریکی للعراق: مستوى بین حکومی، ومستوى حزبی – نهضوی، ومستوى عسکری. و تتجلّى أهمیة العراق بالنسبة لإیران فی طبیعة السفراء الثلاثة الذین عیّنتهم إیران لدى العراق منذ عام ٢٠٠٣ م ، فهم جمیعاً من کبار الضباط فی الحرس الثوری. صحیفة مشرق نیوز العدد (٨٤٨٢٥٦ :١/٢/١٣٩٧،mashreqnews)( . ) . مفاعیل النفوذ و القوة الإیرانیة على صعید المحیط یعتبر المحللون فی مجال العلاقات الدولیة بأنّ النفوذ هو بمثابة التمهید و الأساس لبناء القوة الإقلیمیة، و من هنا فإنّ عامل النفوذ یحمل إمکانات وظیفیة لإیران على صعید المحیط نشیر إلى بعضٍ منها: ـ القدرة على إدارة اللعبة و تبیین قواعدها. ـ الارتقاء بمعامل الأمن القومی و الإقلیمی و تعزیز قوة الردع. ـ ترسیخ الاستقرار الإقلیمی الذی یحول دون نجاح استراتیجیات الفوضى الخلاقة للعدو، و یحدّ من نطاق تأثیرها. ـ المصالح الاقتصادیة الاستراتیجیة. ـ تشکیل تحالفات متقدمة مع اللاعبین الدولیین وغیر الدولیین، عبر التواشج أکثرعلى صعید الأهداف و المصالح المشترکة و تشبیک محور المقاومة الإقلیمی. الملاحظة التی تستدعی الوقوف عندها هی ، أنّ موقع إیران فی الوثیقة الخاصة بعقیدة الأمن القوی والسیاسة الخارجیة الروسیة حتى عام ٢٠١٠ م کان فی عداد البلدان الأفریقیة، أما الیوم فأصبحت تتمتع بموقع خاص فی شراکة التعاون الاستراتیجی فی سوریة. ـ دور محوری فی النظام الإقلیمی مقترن باکتساب النفوذ و القوة وباعتراف واضح من صناع السیاسة الغربیین.. المحاولات و الخطط الخاصة بالتصدّی لنفوذ إیران و قوتها الإقلیمیة ان وثیقة استراتیجیة الأمن القومی للولایات المتحدة الصادرة فی دیسمبر /کانون الأول ۲۰۱۷ م و التی دوّنت بأسلوب محایل تحوی الکثیر من المغالطات فی المیادین الوطنیة و العالمیة، و تقدّم وصفاً معکوساً للتهدیدات، ومن ثمّ تبریر أهداف الولایات المتحدة من وراء هذا السرد للتهدیدات، وتناقش الوثیقة أیضاً موضوع إیران والشرق الأوسط. هذه الأدبیات المشحونة بالقومیة المتطرّفة والنرجسیة و التمحور حول الذات الأمریکیة تعترف فی الفصل الخاص بالشرق الأوسط بتوسّع النفوذ الإیرانی، و تطرح مقاربة التصدّی لقوتها الصاروخیة، و فی إطار استعراضها للعدید من الاتهامات الواهیة ضد إیران و ما تصفه بتوسع النفوذ الإقلیمی لإیران، والسلوک الإیرانی المزعزع للاستقرار (طبعاً للمصالح الأمریکیة اللامشروعة)، تطرح أولویاتها فی هذا المجال وهی التصدّی لحلفاء إیران فی المنطقة (محور المقاومة)، واستبدال التهدید الصهیونی (الذی یعدّ العامل الرئیسی للأزمات فی المنطقة) بالتهدید الإیرانی. وتتحدّث الوثیقة عن غرب آسیا بمثابة منطقة المصالح الحیویة للولایات المتحدة٬ و أنّه لا ینبغی لأیّ قوة معادیة للولایات المتحدة أن تهیمن على هذه المنطقة، لیتکیّف أمن الصهاینة فی المحافظة على الطاقة وانتقالها و نهب ثروات المنطقة مع الأمن الذی تنشده الولایات المتحدة. ( وثیقة استراتیجیة الأمن القومی للولایات المتحدة /Scfr.ir/fa) ) . فی نفس الوقت، رکّزت مراکز الفکر و الأبحاث فی الولایات المتحدة فی تقاریرها المتنوعة و العدیدة على هذه الاستراتیجیة للحدّ من نفوذ إیران و قوتها، و استعرضت حلولاً وآلیات عدیدة لهذا الغرض. = کریم سجاد پور، مختصّ فی معهد کارنیجی بمؤسسة هوفر ، اقتبس دروس الحرب الباردة فی مواجهة روسیة لتطبیقها على الحالة الإیرانیة، معتقداً أنّ هامش المناورة للولایات المتحدة خلال العقود الأربعة الماضیة لتغییر سلوک إیران و طبیعتها کان محدوداً، ثم نقل نموذج لتحجیم إیران من کتاب جون لویس ضمن العناوین الستّة التالیة و التی تنطوی على رسائل مهمة: ـ خلق إجماع عالمی والاستفادة من القدرات الإقلیمیة لمواجهة التحرکات الإیرانیة. ـ إحداث شرخ فی بناء القوة الإیرانیة. ـ إجبار القیادة الإیرانیة على تقدیم المصالح الوطنیة على الأیدیولوجیة الثوریة. ـ مواجهة التوسع الإقلیمی بالاستناد إلى مزیج الإرادة والقوة. ـ إحداث شرخ بین حلفاء إیران فی المنطقة واجتذابهم. ـ الاصطیاد فی العمق الإیرانی بهدف تقدیم المصالح الوطنیة على الأیدیولوجیة الثوریة عبر مزیج «الأخبار و التعاطی» (٢٢٧٢٦:٢٢/٩/١٣٩٦ ،Tabyincenter.ir) ) . = کتب مایکل ماکوسکی من المعهد الیهودی للأمن القومی الأمریکی jinsa) ) مقالة یقول فیها : إنّ التطوّر الجیوسیاسی لإیران کان أهم و أخطر تحوّل فی منطقة الشرق الأوسط فی القرن الحالی، ورأی ضرورة تبنّی نموذج ریغان إزاء الاتحاد السوفیتی و اعتماد مقاربة هجومیة مع إیران، و توظیف القوی المناهضة لإیران و تمکینها من السیطرة علی المنطقة. و هذا العمل رهن بقبول ترامب الاعتراف بأنّ حکومات العراق وسوریة ولبنان والیمن غیر فاعلة و أنّ حدودهم الراهنة مسخرة لخدمة إیران، و من هنا ینبغی دفع هذه البلدان باتجاه نموذج «أنظمة کنترال ست» و تقسیمها علی أساس قومی أو عرقی أو دینی. (٧٦٠٢٣٨:١٠/١٠/١٣٩٦ ،Tabnak.ir) ) . العوامل المؤثّرة علی دور و قوة إیران الإقلیمیة ربما أمکن تقدیم قائمة بالعوامل المؤثّرة و المعزّزة لدور و قوة إیران الإقلیمیة تتعلق بالمجالات الداخلیة و الإقلیمیة و الدولیة؛ غیر أنّنا نکتفی هنا بعرض الملخص الذی ذکره معهد المجلس الأطلسی کما یلی: ـ التراث الإمبراطوری، الإسلام الشیعی و القدرة علی تعبئة الإسلام، محاربة الإمبریالیة، السیاسات الداخلیة٬ الأمن الحکومی. ـ الجنرال سلیمانی و قوة القدس، کخصوصیة جذابة قیاساً بخصوم إیران فی المنطقة. ـ التدخلات و السیاسات الأمریکیة فی المنطقة (تحویل التهدیدات و المشاریع الأمریکیة المعادیة لإیران فی المنطقة إلی فرص). ـ القوی الوکیلة لإیران فی المنطقة، بالتوازی مع استخدام القوات الإیرانیة النظامیة الرسمیة. ـ اکتساب النفوذ الإیرانی فی العراق صفة رسمیة ، بعد إدماج المقاتلین الشیعة الموالین لإیران فی هذا البلد (الحشد الشعبی) فی الأجهزة العسکریة و الأمنیة العراقیة. ـ التعاون المعلن و الشراکة الاستراتیجیة بین طهران و موسکو. (٧٩٥٠٤٤ :١٢/١٢/١٣٩٦،Mashreghnews.ir). و بطبیعة الحال تضاف إلی محاور معهد المجلس الأطلسی أعلاه، النقاط التالیة: ۱ـ قوة الردع الصاروخیة و التسلیحیة. ۲ـ الأداء الناجح علی صعید السیاسات الإقلیمیة و ملفات حرکات التحرّر و السلوک البنّاء و الداعم للأمن المتمثّل فی محاربة الإرهاب و العدوان. ۳ـ هزیمة مشاریع و سیاسات الإرهاب و الغزو للولایات المتحدة و شرکائها الإقلیمیین. ۴ـ اعتماد إیران لبارادیغم تحاوری فی بسط نفوذها و قوتها فی المحیط المجاور ، وعلی نحوٍ مختلف عن فهم الغرب و شرکائه فی بسط نفوذ الهیمنة والتسلّط ، و یشکل هذا البارادیغم العمود الفقری للقوة الناعمة لإیران. الأمر الجدیر بالانتباه هنا هو أنّ جمیع المحاور أعلاه تندرج ضمن جدول الأعمال الخاص بالسیاسة الإقلیمیة للولایات المتحدة و شرکائها فی المنطقة إزاء إیران، فیما تهیّئ التیارات المتغرّبة داخل البلاد و معها بعض وسائل الإعلام مستلزمات النجاح للسیاسات الأمریکیة تحت عناوین النسخ الثانیة و الثالثة و ... للاتفاق النووی. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ • جدیر بالذکر ان الدراسة موسعة و غنیة بمعلوماتها و تم اختصارها بما یتناسب و المساحة المخصصة لها فی المجلة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 582 تنزیل PDF: 135 |
||||