الاتفاق السعودی الإیرانی وأثره على القضیة الفلسطینیة | ||||
PDF (588 K) | ||||
![]() | ||||
رامی الشقرة ألقى الاتفاق السعودی الإیرانی باستئناف العلاقات الدلوماسیة بین البلدین، بتأثیرات متراکبة على الإقلیم والاتجاه الدولی، خصوصاً فی ظل الرعایة الصینیة، مما أحدث حالة من الإرباک فی المعسکرات المختلفة، فی ظل ما تشهده الساحة الدولیة من تغیرات کبیرة. وقد جاء الاتفاق کنتیجة لجهود کبیرة فی العدید من العواصم بعد حالة من القطیعة والعداء الإعلامی منذ عام ٢٠١٦، وقد حمل الإعلان عنصر المفاجأة فی توقیته بعد مرور عام على الصراع والأزمة فی أوکرانیا، وانسحاب أمریکا من أفغانستان بالإضافة إلى صعود الیمین المتطرف فی “إسرائیل”، والجهود لإخضاع السعودیة لاتفاقیات إبراهیم، لتکون معها وتدعمها فی مواجهتها لإیران، مما قد یدخل المنطقة فی أتون مرحلة جدیدة وترتیب جدید. وقد عززت الصین حضورها کنموذج قادر على التأثیر فی العالم ورعایة الاتفاقیات الدولیة بین البلدین، وهی مؤشر یدلل على أن الصین ستتمکن من تحقیق مزید من الحضور الدولی والرغبة فی زیادة تواجدها فی الشرق الأوسط بسرعة. وقد أقلق الاتفاق الإدارة الأمریکیة للرعایة الصینیة له، فحاولت التخفیف من حدة الحدث بتصریحاتها کمتابعة ومراقبة لجولات الاتفاق، والاستثمار فی ذلک کإطار لخطتها الاستراتیجیة فی إدارة عملیة التراجع الأمریکی فی المنطقة کنتیجة لتحولها نحو تعزیز وجودها فی الشرق الآسیوی، وکذلک خلخلة مکانتها العالمیة حیث تسعى للسیطرة على اتجاهات هذا التراجع وابطائه ومنع تأثیراته السلبیة على المصالح الأمریکیة التی رافقت هیمنتها على العالم لثلاثة أرباع القرن الماضی. وهذا یتیح للولایات المتحدة المزید من الوقت للتأثیر على الأحداث الحالیة والمستقبلیة وضمان امتداد تأثیرها لفترة أطول، مما یعزز قوتها الناعمة والصلبة. وفی التدقیق لعوامل فرص الاتفاق ومهدداته نرى أنه هنالک الکثیر من العوامل التی قد تؤثر على هذا الاتفاق، وعودة العلاقات الطبیعیة بین السعودیة وإیران، أهمها الالتزام المتبادل لنجاح الاتفاق، وخاصةً فیما یتعلق بالالتزام بتنفیذ بنوده من قبل الدولتین، والتحدی الجیوسیاسی الذی یثیر القلق لدى الکثیر من الدول، خاصة دول الغرب، وفی ظلال الملفات العالقة بینهما کالملف الیمنی والسوری واللبنانی والخلیجی والشرق السعودی کقنابل موقوتة یمکن تجاوزها إن تحققت الإرادة للطرفین. تأثیر الاتفاق على القضیة الفلسطینیة لا شک أنَّ لهذا الاتفاق تداعیات کبیرة على صعید قضایا المنطقة، وفی مقدمتها القضیة الفلسطینیة وسیاسة التطبیع مع الکیان الصهیونی، لکن تلک التداعیات مرهونة بمدى نجاح الاتفاق وتطبیقه العملی، إضافة إلى الموقف الأمریکی من تلک التداعیات. وفی حال نجاح الاتفاق سواء الجزئی أو تکلل بالنجاح الکامل سنرى أثره ربما بتجمید مؤقت لقطار التطبیع مع الاحتلال، وانتهاء بروبوغاندا “العدو” الإیرانی، وتوجیه الأنظار بشکل أکبر نحو القضیة الفلسطینیة، وخلق حاضنة شعبیة عربیة مساندة للحراک الوطنی الفلسطینی فی مواجهة الاحتلال. وهذا کله یوجب على الفلسطینی وقواه الحیة، الاستثمار فی التغیرات الاستراتیجیة الکبیرة فی المنطقة لصالح القضیة الفلسطینیة، مع إبقاء جذوة الصراع قائمة ومشتعلة مع الاحتلال، ودفع الأنظمة العربیة للضغط على الاحتلال والملاحقة القانونیة له، والحفاظ على الثوابت والعمل الإعلامی والسیاسی والدبلوماسی لخدمة القضیة، وفضح انتهاکات وجرائم الاحتلال، ومما یلزم تطویر أدوات الدبلوماسیة بکافة اشکالها سواء الرسمیة أو الشعبیة والرقمیة، وتعزیز أدوات القوة الناعمة فی خدمة المشروع الوطنی الفلسطینی. المصدر:معهد فلسطین للدراسات الاستراتیجیة | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 283 تنزیل PDF: 111 |
||||