(الأقصى ) وصمت العرب! | ||
(الأقصى ) وصمت العرب! ثمة کم هائل من الفضول لتصور المساحة التی احتلتها الأمّتان العربیة والإسلامیة من عقل المستشار القانونی للحکومة (الإسرائیلیة) یهودا فاینشتاین وهو یعلن أن (الحرم القدسی) جزء لا یتجزأ من أراضی (إسرائیل)، وبالتالی ینطبق علیه القانون (الإسرائیلی) ولا سیما قانون الآثار وقانون (التنظیم والبناء). ربما یحتاج الأمر إلى مجهر یضاعف الأشیاء ملیون مرة لرؤیة المساحة المفترضة. لو فتحنا رأس هذا الفاینشتاین لرأینا فیه مقولة مستنسخة عن غولدا مائیر بعد حریق المسجد الأقصى عام 1969 حین قالت إنها لم تستطع النوم لاعتقادها بأن العرب والمسلمین سیهبّون ضد (إسرائیل) فی الیوم التالی، لکنّها لم تسمع من العرب غیر بیانات الاستنکار، فنامت نومها الطویل. إذا کان الحریق لم یحرّک قصبة لدى أمّتی الملیار ونصف ملیار، فلماذا تهتز شعرة فی رأس هذا المستشار الصهیونی المتخصّص فی تغلیف الاستیطان والتهوید بالقانون، لیس (الإسرائیلی) فحسب إنما القانون الدولی أیضاً؟. بعض الفصائل الفلسطینیة ردّت بالطریقة ذاتها التی ترد فیها کل مرة على خطوة عملیة (إسرائیلیة) ببیان أو تصریح، مع علمها أن استمرار هذا الانقسام المخزی یساعد (إسرائیل) فی تصعید جرائمها واستیطانها وتهویدها للقدس والمقدّسات، حتى إن عضو (الکنیست) تطاول على الإنجیل وحرق نسخة منه ولم ینبس العالم (المتحضر) ببنت شفة. من الناحیة المبدئیة والتاریخیة والوجدانیة والسیاسیة والدینیة، یمکن لأی فلسطینی أو عربی أو مسلم أن یکرر آلاف المرات أن الحرم القدسی، کما المدینة المقدسة، جزء لا یتجزأ من أرض فلسطین، وأن هذا القرار (الإسرائیلی) لا یغیر من هذه الحقیقة کما لا تغیّرها مزاعم قطعان المستوطنین وحکومات الکیان المتعاقبة ولا إجراءات الأمر الواقع. لکن فی المقابل فإن الوجدانیات والقصائد والبیانات لا تستطیع أن تحرّک الریاح التی تذرو هذه الهجمة المسعورة على فلسطین والقدس ومقدساتها. ما صدر عن فاینشتاین لم یکن مجرد بیان تقلیدی وموقف سیاسی وتعبئة أیدیولوجیة، فهو أعطى تعلیمات لبلدیة الاحتلال فی القدس والدوائر التابعة لها لإجراء مراقبة منتظمة فی محیط الحرم القدسی للوقوف عن کثب على الأعمال الجاریة فیه للتأکد من سلامة الآثار فیه. هذا یعنی أن (إسرائیل) لا تکتفی بالتعامل مع المسجد الأقصى باعتباره هیکلها المزعوم، وباتت تنظر إلیه کجزء من الدوائر التابعة لسلطة الآثار. وإذا کان هذا التطور یأخذ شکل الإجراءات العملیة من جانب (إسرائیل)، فإن ما صدر عن بعض العرب و المسلمین لم یتعدّ البیانات المعتادة منذ عقود والمحفوظة عن ظهر قلب کنشرات أخبارهم البروتوکولیة. لا یحتاج أی إجراء (إسرائیلی) یستهدف القدس أی اجتماع للجامعة العربیة واللجنة العربیة التی تحمل اسم القدس، ولا لمنظمة التعاون الإسلامی، وکأن القدس عقار جدلی ولیست مدینة (إسلامیة) فیها أولى القبلتین وثالث الحرمین ومهد الدیانات. وما دامت الحالة هذه، وإذا کانت (إسرائیل) تُخضع المسجد الأقصى لقانونها، فإننا لا نستبعد أن یتصاعد الاستهداف ومعه الاستخفاف الممزوج بالسخریة من الأمتین، وصولاً إلى هدم المسجد الأقصى. بعض المحللین العرب یتوقّعون أن یکون اختراق طائرة (إسرائیلیة) لحاجز الصوت کافیا لهدم المسجد نظراً للحفریات التی جعلته معلّقاً فی الهواء. هذا التوقّع مبعثه الاستناد إلى أن (إسرائیل) تقیم وزناً لردة فعل عربیة أو (إسلامیة)، لکنّها إذ ترصد واقع الأمّتین وما یشغلهما من فتن داخلیة، لا تقیم هذا الوزن، ولربما یصل بها الاستخفاف حد الادعاء أن (الأقصى) بنی من دون ترخیص (إسرائیلی)، ولا نستبعد أیضاً أن تبعث للجامعة العربیة فاتورة تمویل عملیة الهدم. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,165 تنزیل PDF: 2 |
||