ترکیا واسرائیل: صراع لا یخلو من الودّ | ||
منذ فترة لیست ببعیدة بدأت العلاقات الترکیة الإسرائیلیة تسلک طریقاً آخر. لقد انعکست تلک الفترة التی اتسمت بکثیر من التغیرات فی الداخل الترکی نوعاً من خلط الأوراق على صعید السیاسة الخارجیة. و استطاع حزب العدالة والتنمیة بعد فوزه لأول مرة فی الإنتخابات البرلمانیة عام 2002 ، التسلل تدریجیاً إلى مراکز القرار فی ترکیا بدءاً بالجیش مروراً بالسلطة القضائیة وإزالة الصبغة الأتاتورکیة عنها. کما سعى هذا الحزب الذی فاز بأصوات خمسین بالمئة من الناخبین الأتراک فی الإنتخابات البرلمانیة الأخیرة ، إلى تنمیة الدور الإستراتیجی لترکیا وتوسیع رقعة النفوذ والتأثیر الترکی خصوصاً لجهة العالم العربی. لذا بدا واضحاً منذ العدوان الإسرائیلی على لبنان عام 2006 اتخاذ أنقرة مواقف منددة بالعدوان وکذلک الأمر بالنسبة للحصار الإسرائیلی المفروض على قطاع غزة، وصولاً إلى المشارکة فی أسطول الحریة الذی کان فی طریقه لفک الحصار العام الماضی، حیث استشهد تسعة أتراک بعد مهاجمة قوات البحریة الإسرائیلیة الأسطول: بدایة الأزمة. شکلت تلک الحادثة منعطفاً جدیداً فی مسار العلاقة بین أنقرة وتل أبیب، حیث جمّدت العلاقات الدیبلوماسیة وسادت التصریحات الحادة، وحتى اللحظة تنتظر ترکیا اعتذاراً لم تتلقاه ولن تتلقاه من اسرائیل، بحسب رئیس وزرائها بنیامین نتنیاهو. و لم تخل العلاقة الشائکة من أخبار عن اتصالات بین الطرفین وتجدد للمفاوضات بینهما، دفعت ترکیا بحسب بعض المحللین إلى الإمتناع عن المشارکة فی أسطول المساعدات الذی کان فی طریقه إلى قطاع غزة منذ حوالی الشهرین تقریباً. لکن صدور تقریر الأمم المتحدة حول حادثة أسطول الحریة، والذی شرّع العدوان الإسرائیلی على الأسطول کان کفیلاً بإعادة العلاقات إلى عهدها الأول. العلاقة بین أنقرة وتل أبیب لن تعود إلى سابق عهدها " أظن أن العلاقات بین تل أبیب وأنقرة دخلت مرحلة جدیدة من التأزم ومن الصعب جداً أن تعود إلى سابق عهدها. المرجح أن تتجه هذه العلاقة نحو مزید من التعقید، وذلک استناداً إلى اللهجة الإسرائیلیة المتمثلة بمواقف نتنیاهو المصرة على عدم الإعتذار من ترکیا.السیاسة الخارجیة الإسرائیلیة تسیر باتجاه والترکیة تسیر باتجاه آخر"، هکذا یقول الخبیر فی الشؤون الترکیة من أنقرة الدکتور سمیر طالحة. و یفسر طالحة الأسباب الکامنة خلف تأرجح العلاقة بین ترکیا وکیان العدو، مشیراً إلى أن" طبیعة التحالفات بین الطرفین تقود إلى هذا التأرجح. أی أن الشراکة بین الطرفین والعلاقة المشترکة مع الولایات المتحدة والمصالح الإقتصادیة والعسکریة المتبادلة تفرض نوعاً من التقارب. لکن الأحداث الأخیرة وسعی ترکیا للعب دور مؤثر فی العالم العربی جعلت العلاقة تتسم بالصعود والهبوط الدائمین". ویوضح طالحة أن مؤشرات التحول فی العلاقة بدأت بالظهور بعد العدوان الإسرائیلی على لبنان عام 2006،"حیث وقفت القیادة الترکیة إلى جانب القیادات اللبنانیة ضد العدوان، أما المؤشر الثانی فیتمثل بمطالبة ترکیا اسرائیل باستمرار وقف الحصار على قطاع غزة". مما لا شک فیه أن تقریر "بالمر" أغضب أنقرة. لکن هل یکون هذا الغضب الذی تمظهر بطرد السفیر الإسرائیلی وتعلیق الإتفاقات العسکریة بین البلدین مؤقتاً؟ لن تستطیع ترکیا الأردوغانیة التی تضع نصب عینیها هدف الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبی ، تحقیق ذلک فی ظل انقطاع العلاقة مع تل أبیب. إضافة إلى ذلک فإن العلاقة بین أنقرة والولایات المتحدة الأمیریکیة، عرابة تقریر بالمر، ستکون بخطر فی حال استمرارها باستخدام لهجتها الحادة اتجاه تل أبیب. غیر أن تشابک المصالح، سیدفع العلاقات الترکیة-الإسرائیلیة إلى الإلتحام مجدداً بعد انقطاع یضفی نوعاً من القوة على السیاسة الخارجیة الترکیة.
سمیة علی | ||
الإحصائيات مشاهدة: 6,390 |
||