أطلالة على المهرجان العربی للشعرالمقاوم أدب المقاومة أدب الحیاة | ||
أطلالة على المهرجان العربی للشعرالمقاوم أدب المقاومة أدب الحیاة منهال الأمین هل هناک ادب مقاومة؟ ماهی ماهیة هذا الأدب؟ هل هو نوع أدبی مستقل بذاته؟ یحاول الشاعراللبنانی الشیخ فضل مخدر، أن یقارب أسئلة من هذا النوع، لا طلبًا لأجوبة محددة ربما ، بل محاولة لاستبعاد إمکانیة فرضها بین الحین والآخر، کلما نُصب منبر للشعر، موسومًا بالمقاومة، أو منظومًا على حبها، وتخلیدًا لذاکرتها، ومواعید انتصاراتها. یسأل مخدر بسؤالین: الأول فی الموضوع: إذ ألا تعد الکتابة عن الأرض والمرأة والحیاة والمعاناة و... أدب مقاومة؟ اما الآخر، فموجه لکل من "یتعاطى" الشعر والنثر وراکم رصیدًا من النتاج المتنوع فی عیشه ومعایشته للمقاومة وتعبیراتها المختلفة: ألا یستفزک الحدث المقاوِم، باعتبار ان الحالة الشعریة، جزءٌ منها استفزاز، فماذا کتبت. ولمن. لماذا کتبت فی مرحلة من مراحل المقاومة، ثم أحجمت. وإلى أی رکن ناءٍ أوى إحساسک الشعری؟ ومناسبة الکلام کانت على هامش المهرجان العربی للشعر المقاوم، الذی نظمه نادی أدب المقاومة بین بیروت والجنوب، وشارک فیه الشعراء : محمد علی شمس الدین وایهاب حمادة وفاروق شویخ ومحمد البندر ( لبنان)، ویوسف عبد العزیز (فلسطین) والمنصف الوهایبی (تونس) وروضة الحاج (السودان). وبإطلالة على القصائد الملقاة، یرى مخدر أنه برز هناک رأیان حول طبیعة ما ألقی، وعلاقته بالمناسبة وبالعنوان، وهما ینسحبان على مجمل الانتاج الادبی المنتسب الى المقاومة، أو المنسوب الیها. فالمهرجان محطة "تعبیریة" عن هذا الادب. فالرأی الأول، یرى أصحابه أنه لا بد من أن تُذکر المقاومة فی الشعر بشکل مباشر، عسکرًا ومعارک واحداثًا واقعیة، حتى نقول عنه: شعر "مقاومة". ولکن، ماذا نقول عن توخی مواضیع تنبت على ضفتی المقاومة، او تُستولد من رحم تجربتها الانسانیة بالدرجة الأولى، لأنها ما هی الا فعل حیاة، حتى عندما یُقدّم الموت على أنه اعلى مراتب التعبیر عنها. وهذا یقودنا الى الرأی الآخر، الذی یفترض أن أی إحساس إنسانی ـ من على منبر المقاومة ـ یکفی لأن یعبر عن التزام بالمقاومة وفکرها. وطبعا الشعراء العرب کان من الطبیعی ان یتأثروا بکل ما أحاط المقاومة من تضحیات وإنجازات هائلة، ولکن یبقى للمعاینة عن قرب الأثر الأکبر فی نفوسهم، إذ تفاجئهم القصص المرویة على ألسنة من یلتقونهم من مقاومین وصامدین، وکذلک المعاینة عن قرب، فی تلال الجنوب اللبنانی وربوعه، من ملیتا إلى قلعة الشقیف وغیرهما. ولکن، هم یرون أن الأقدر على انتاج أدب مقاومة، هم أبناء التجربة أنفسهم، وإن کان للآخرین، حق وواجب ، فی آن معًا، فی التفاعل مع حالة المقاومة، بما هی ظاهرة قومیة وانسانیة راقیة. وهنا یذهب مخدر إلى ان الجواب على کل هذا النقاش، هو برسم کل شاعر وروائی وقاص، وکل مشتغل بالادب والفکر والثقافة بشکل عام. وهناک کم هائل من الوثائق المتنوعة، التی تنتظر لتتحول أدبًا. ولکنه یقر أن التجربة لا زالت فی البدایة، وهی بحاجة إلى کثیر من التطویر والرعایة، ویشیر إلى أن هناک نتاجًا کبیرًا من أدب المقاومة، ولکنه غیر منتشر، ولم یلق عنایة النقاد، ویکاد یغلب علیه نصوص لا تصنیف نقدیًا لها، فهی أقرب الى الحالات الخطابیة، ولکن أیضًا هناک ما هو جمیل یصدر من اقلام واعدة بحاجة إلى الرعایة، ومهمتنا فی النادی تطویر النص والکاتب، لیرتبط بموضوع أدب المقاومة. وتعد تجربة "قلم رصاص"، محاولة جدیة فی هذا المسار. وهی عبارة عن مجموعات قصصیة، خطا کتابها خطواتهم الأولى، وبعضهم لدیه مساهمات سابقة، وواکب إصدارها ورش تأهیلیة وحلقات عمل، هدفت إلى تطویر الأدوات الفنیة لدى أصحاب المواهب. اما فی ما یخص الشعر فلیس هناک من دورة تصنع شاعرًا، ولکن ما نریده من ای شاعر واعد، ان یقفو اثر السالفین فی تنمیة وتطویر نصه الخاص، والاستفادة من کل التجارب السابقة والمعاصرة. ودورنا کنادٍ للأدب المقاوم، ان نسعى فی تطویر التقنیات، مشفوعة بوجود حس داخلی ناقد لما یکتب، إضافة إلى الرغبة فی التطور. وبهذه المناسبة یحدثنا الدکتور المنصف الوهایبی، الشاعر والاکادیمی والنقابی والمعارض فی زمن النظام التونسی البائد، عما یختزنه شعب تونس من مشاعر تجاه المقاومة فی لبنان، المقاومة التی یرى فی انتصاراتها قد قضت على اکذوبة الجیش الذی لا یقهر، نعم أکذوبة کان العرب یضخمونها، إلى أن اکتشفنا أنفسنا بالمقاومة ، فهی لم تحرر الأرض فحسب، بل حررت نفوسنا من الخوف والاحباط وعوامل الیأس التی رزحنا تحتها بعد هزیمة 1967 . والزیارات المتکررة للدکتور الوهایبی إلى لبنان، والى الجنوب خصوصًا، کان لها مردود واضح على مخزونه الشعری، خصوصًا بعد ان زار معلم ملیتا واستمع الى شروح المقاومین هناک: "فارتسمت لدی صور أخرى مختلفة کثیرًا، لا بد أن تبرز فی نصوص نثریة وشعریة". وشدد الوهایبی على ان "لا أحد یمکنه النیل من صورة المقاومة وقادتها ومقاتلیها، الذین لم نسمع یومًا فی خطابهم نبرة طائفیة ولا مذهبیة، وکما قال سید المقاومة، ان انتصار المقاومة هو انتصار کل اللبنانیین، نقول : هو أیضًا انتصار کل العرب. وتجری محاولات حثیثة للإضرار بهذه الصورة، علینا – جمیعًا- التصدی لها، والا نستهین بتأثیرها، والمقاومة لن تشغل بهذه الأمور، فدورها هو التصدی للعدو الاسرائیلی". وزمیل الوهایبی فی هذه الرحلة، الشاعر یوسف عبد العزیز من فلسطین، یستشهد للحدیث عن شعر المقاومة، بما قاله الشاعر الراحل محمود درویش : إن کل قصیدة جمیلة، فیها إضافة فنیة، نکتبها للإنسان والحیاة، هی قصیدة مقاومة". وبناء على هذا التعریف وهذه التوسعة، فإن عبد العزیز یعتقد " ان المقاومة فی الشعر منحازة إلى الجمال والفن، والمهمة التی یقدمها الشاعر، هی إضافة حضاریة على مشهد الحیاة. . ولتمییز قصیدة المقاومة، یشیر إلى قصیدة الخطاب السیاسی التی "أثقلت کاهل الشعراء، فتشابهت نصوصهم وکادت تکون فارغة من الشعر". ویدعو عبد العزیز إلى توخی وسائل أخرى للخطاب السیاسی غیر الشعر، "عبر المنشور أو البیان او المحاضرات أو... اما أرض الشعر فهی أرض مقدسة، خاصة بالشعر. ومثلما یقول بریخت :" من یکتب ادبًا ردیئًا فإنه یخون الجماهیر"،فهذا صحیح تمامًا، فالقصائد الردیئة تخرب ذائقة الجمهور، حتى ولو کانت تحض على حب الوطن والأخلاق الحمیدة". فللشعر وظیفة "التحول الذی یصنعه، ویتعلق ببناء الإنسان من الداخل، فهو یرتب روحه ویهیئها لاستقبال الحیاة. وأثره بطیء ولکنه متراکم". ویرى عبد العزیز أن الشاعر فی المقاومة او غیرها، "علیه أن یراعی اهم الشروط فی الشعر، وهی الانحیاز إلى الفن وإلى الشعریة". | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,969 |
||