فی الذکرى الثالثة والأربعین لحریق المسجد الأقصى | ||
فی الذکرى الثالثة والأربعین لحریق المسجد الأقصى
صادفت الذکرى السنویة الثالثة والأربعون لحریق المسجد الأقصى المبارک، بعد ما یزید قلیلا عن عامین من الاحتلال الاسرائیلی للأراضى المحتلة. فی ذلک الحین اهتز العالم الإسلامی لهذه الجریمة النکراء التی ما تزال غوامضها مجهولة، عدا عن الإدعاء بأن المجرم المنفذ مایکل روهان مصاب بلوثة عقلیة، ولم یحاکم على جریمته على خلفیة هذا الادعاء. وکان تضامن المقدسیین وتکاتفهم لإخماد الحریق الذی أتى، من ضمن ما أتى علیه على محراب نور الدین زنکی التاریخی، نادرا ومشهودا. لکن الحادث الأثیم وغیر المسبوق نکأ الجراح وکشف عن النوایا المختفیة فی النفوس، والتی بدأت تتوضح فی السنوات اللاحقة من خلال التصریحات والممارسات الاسرائیلیة: ومنها الحفریات التی لا تتوقف تحت المسجد الأقصى وعلى مقربة منه، والأنفاق العدیدة التی شکلت مدینة تحت القدس العربیة، تهدد بانهیار المسجد الأقصى والعدید من منازل المقدسیین، الذین کان الکثیرون منهم یکتشفون حفرا وأنفاقا تحت منازلهم، ثم یدعی اسرائیلیون ملکیة تلک الحفر، ویتوسعون للاستیلاء على المنازل نفسها. وشهد الأقصى اعتداءات أخرى کان منها الهجوم الذی شنه الجندی الاسرائیلی هاری غوتمان على المصلین فی مسجد الصخرة المشرفة عام ١٩٨٢، والذی أسفر عن استشهاد اثنین من المصلین وجرح العشرات. ولم یتوقف مسلسل الاعتداءات عند هذا الحد :فقد تعرض الأقصى لهجمات أخرى سقط خلالها العشرات من الفلسطینیین، وهم یدافعون عن حرمة المسجد وعن الحق الفلسطینی والإسلامی فیه. وکانت زیارة أرییل شارون، الذی کان زعیما للمعارضة الاسرائیلیة آنذاک، للمسجد عام ٢٠٠٠ الشرارة التی أشعلت الانتفاضة الفلسطینیة الثانیة والتی عرفت باسم انتفاضة الأقصى، لأن الشعب الفلسطینی والمسلمین عامة أدرکوا المغزى الذی ترمی إلیه تلک الزیارة، والأطماع المتأصلة فی إقامة ما یسمى بالهیکل الثالث مکانه. واستمرت الاستفزازات التی تقوم بها منظمات یهودیة تحت سمع وبصر السلطات الاسرائیلیة، ومحاولتهم اقتحام المسجد الأقصى. ومن هؤلاء ما تسمى بجماعة (أمناء جبل الهیکل) الذین ظلوا یحاولون إدخال ما یقولون إنها أحجار أساس لبناء الهیکل، وهو ما أثار مشاعر الفلسطینیین والمقدسیین والعالم الإسلامی عامة.وما یجب أن یقال بهذه المناسبة هو أن المسجد الأقصى هو من ثوابت العقیدة الإسلامیة، حیث ورد ذکره فی القرآن الکریم کما أنه مسرى ومعراج الرسول محمد علیه الصلاة والسلام. وهو أولى القبلتین وثالث الحرمین الشریفین. وأی مساس به یعنی لیس فقط استفزازا لمشاعر المقدسیین والفلسطینیین، وإنما استعداء العالم الإسلامی کله. ومن مسؤولیة السلطات الاسرائیلیة، وفقا للمواثیق والقوانین الدولیة، أن تحافظ على الوضع الإسلامی للمسجد الأقصى، وأن لا تستفز الفلسطینیین والعرب والمسلمین من خلال أی محاولة لانتهاک حرمته، أو التخطیط لتغییر معالمه. لأن أی تصرف فی هذا الاتجاه سیعنی حدوث انعکاسات وعواقب لا یمکن التکهن بها، أو السیطرة علیها- خصوصا مع الأجواء المشحونة التی تسود العالم العربی هذه الأیام، وتقود شعوبه نحو تطورات غیر محسوبة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 5,440 |
||