أهمیة الحوار والانفتاح على الآخر..إیـران نموذجـاً | ||
أهمیة الحوار والانفتاح على الآخر..إیـران نموذجـاً
تجمع کافة الأدیان السماویة على ضرورة الحوار، ولا سیّما الدین الإسلامی الذی اعتبر الحوار الوسیلة الأولى للدعوة والتبلیغ ونشر الدین وحلّ الخلافات، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ)، ثم أکّد على هذا العنصر بقوله فی موضع آخر: (ادفع بالتی هی أحسن فإذا الذی بینک وبینه عداوة کأنه ولی حمیم). من هنا لم یکن مستغرباً أبداً أن تکون الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة هی رائدة الحوار والداعی إلیه، لأن الدین الحنیف یدعو إلیه، ولأن حضارتنا الإسلامیة قامت علیه. إلاّ أن الحوار لم یکن یوماً یعنی التراجع عن المبادئ الإنسانیة الإسلامیة، کیف؟ وهذه المبادئ هی الثوابت التی تحفظ هویة الإنسان المحاور، فلا حوار بدون وجود إنسان ذی هویة، ولا حوار من دون قاعدة فکریة یقف علیها الإنسان فی خطابه مع الآخر. والجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة إذ تدعو إلى الحوار مع الآخر، فإنها تؤمن بأن القاعدة الفکریة التی تقف علیها تستطیع أن تقدّم للبشریة عطاء إنسانیاً متکاملاً، کما تؤمن بأنها عن طرق الحوار تستطیع أن تأخذ «المفید» من الآخر وتغنی قاعدتها الفکریة، ومساحتها الحضاریة. وإذا کانت قوة أی مجموعة حضاریة تکمن فی ثوابتها القائمة على أساس الفطرة الإنسانیة، فإنّ قوة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تکمن فی منطلقاتها الحضاریة الأصیلة التی تبنتها عن طریق الإیمان بالدستور والعمل به. نعم إن قوة إیران تکمن فی حکمة قیادتها الإسلامیة وقدرتها على التکیف مع جمیع عناصر الحوار، تلک القیادة التی حمّلها الشعب والدستور مسؤولیة صیانة هذه الثوابت، وحفظ سلامة المسیرة على الطریق الحضاری الأصیل. ولکن.. لا یرمى بالحجر إلاّ الشجر المثمرة، فها هی الدوائر التی لا یروقها التوجّه الحضاری فی إیران، ولا ترى من مصلحتها تمسک إیران بالثوابت الإنسانیة، قد جنّدت إعلامها الخبیث لمهمة خلط الأوراق، لتثیر تلک الدول تشویشاً فی الأذهان للإیهام بأنّ الالتزام بالثوابت الحضاریة یتنافى مع «الحوار»، ولتوجّه سهام نقدها نحو القیادة الإسلامیة التی تحمل مسؤولیة صیانة هذا الالتزام، ولا یصعب على أیّ محلّل منصف للشؤون الإیرانیة أن یفهم السبب فی هذا الهجوم، فالقیادة الإسلامیة فی إیران: أولاً: تمثل رمز بقاء الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على طریق الإمام الخمینی فی مواقفها العزیزة الکریمة على الساحة الدولیة. ثانیاً: القیادة الإسلامیة تجسّد ضمانات سلامة المسیرة وصیانتها من الزیغ والانحراف عن مبادئها الرسالیة السامیة. ثالثاً: القیادة الإسلامیة فی إیران هی الضمانة الأولى والأخیرة لاستمرار الموقف الإیرانی من مناصرة قضایا العدل والحقّ على الساحة العالمیة وعلى رأسها القضیة الفلسطینیة. رابعاً: القیادة الإسلامیة هی التی توجّه حرکة الأمّة فی إیران نحو الاعتدال والجادّة الوسط، کی لا تصاب بالإفراط والتفریط فی المواقف والسلوک، وهو ما مُنیت به کثیر من المجتمعات والثورات الإسلامیة فی تاریخها القدیم والمعاصر. خامساً: القیادة الإسلامیة تبلور قدسیّة النظام الإسلامی فی نفوس الأمة، وهی قدسیة تحاول کلّ الأنظمة إضفاءها على قیاداتها من أجل شدّ الأمة بالقیادة، وهی متحققة بالقیادة الإسلامیة فی إیران بأروع صورها، بل هی العامل الأساس فی قدرة القیادة الإسلامیة على دفع الإیرانیین لتحقیق انتصاراتهم فی جمیع الحقول السیاسیة والاقتصادیة والعسکریة والثقافیة والعلمیة، وصیانة هذه الانتصارات ومکتسباتها. سادساً: القیادة الإسلامیة تحافظ على الوحدة الوطنیة من التجزؤ، والسیادة التامة من التمزق، ومعنویات الأمة من الانهیار أمام الضغوط. سابعاً: القیادة الإسلامیة معنیة بمواجهة الغزو الثقافی والتصدی له، والتحذیر من مخاطره وفضح مخططاته، ودفع أجهزة الدولة نحو التخطیط لتحصین الأمة منه. وبکلمة، فإنّ القیادة الإسلامیة فی إیران تقف وراء کل ما تحقق من انتصار فی إیران فی مختلف المیادین، ووراء بقاء الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على مواقفها الرسالیة فی الساحتین الداخلیة والخارجیة. وإذا کان استهداف مثل هذه الدعامة أمر یعد أمراً طبیعیاً لکل من یرید لإیران أن تتخلى عن مواقفها الرسالیة، وأن تفقد تماسکها الداخلی، وأن تنهار أمام الضغوط الدولیة، فإن على الشعوب المستضعفة والثورات المستحدثة أن تقتدی بهذا النهج وبهذه القیادة لتصنع بذلک تاریخها، کما فعل الشعب الإیرانی من قبل. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,255 |
||