أمیرکا هی الطاعون | ||
أمیرکا هی الطاعون ربما یکون العداء الغالب للسیاسة الأمریکیة من أبرز القواسم المشترکة بین شعوبنا، وهو ما یفسر تحرک الناس التلقائی لاقتحام السفارات الأمریکیة فی القاهرة وبنغازی وصنعاء وتونس، ورغبتهم العارمة فی طرد الأمریکیین من سفراء الشر، وهی الرغبة التی بلغت ذراها بحرق القنصلیة الأمریکیة فی ‘بنغازی’، وأدت ـ ربما دون قصد ـ إلى موت السفیر الأمریکی وعدد من أعضاء بعثته اختناقا بدخان الحرائق . نعم، کان الفیلم الحقیر المسیء لنبی الاسلام هو السبب المباشر فی موجة الغضب الشعبی العارمة التی اجتاحت البلدان الاسلامیة ، وهی لیست غضبة لجماعات بعینها، بل للعرب و المسلمین جمیعا، وإن کان ظهورها أکثر سطوعا فی عواصم الثورات الجدیدة، فثمة حریات عامة مکتسبة تسمح بالاحتجاج الظاهر، بینما بدا الاحتجاج مکتوما فی عواصم أخرى، لاتزال فی الأسر، ولا یزال حکامها یتعاملون مع المنشآت الأمریکیة کأنها الأماکن المقدسة، لا یسمح لأحد بالاقتراب منها أو التصویر، وحتى لو کانت المناسبة تعبیرا عن غضب من إهانة لحقت بخاتم الأنبیاء والمرسلین، هذه الإهانة التی تعاملت معها واشنطن کأنها من حریات التعبیر، وتغاضت عن انتاج الفیلم الحقیر، وعن عرضه بالتعاون بین جماعات صهیونیة والقس تیری جونز - حارق المصحف - وقله شاردة مأفونة من أقباط المهجر، ووفرت أمریکا الحمایة لکل هؤلاء، وأتاحت لهم حریة الطعن البذیء فی الإسلام وسیرة نبیه الکریم، وبدعوى أن الحکومة الأمریکیة لا تتدخل فی حریات التعبیر. وما دام الأمر کذلک، فمن حق الناس فی بلادنا أیضا أن یعبروا عن غضبهم بحریة، وحتى لو أخذ الغضب صورة اقتحام السفارات الأمریکیة، فحرمة السفارات لیست أقدس من حرمة النبی، وإذا کان بوسع واشنطن تحریک قوات المارینز بدعوى حمایة سفاراتها ورعایاها، فإن بوسع العرب والمسلمین، بل ومن واجبهم، أن یدافعوا عن دیارهم ودینهم ونبیهم بأغلى ما یملکون. وبالطبع، فإن مکانة النبی محمد (ص) فوق کل الافتراءات والترهات، وانتاج ملیون فیلم حقیر ضد الإسلام لن یحد من قوته وانتشاره السریع فى أربع جهات الدنیا، فالإسلام هو الدین الخاتم، و الرسول الأکرم (ص) هو المثل الأعظم بإطلاق مراحل التاریخ الإنسانی، وعظمة الإسلام فوق امتیازه الذاتی ـ أنه یدعو أتباعه للإیمان بالله وکتبه ورسالاته وأنبیائه جمیعا، لا نفرق بین أحد منهم، والإساءة للسید المسیح تغضب المسلمین کما تغضبهم الإساءة للنبی محمد ( ص )، وحین ترتبط الإساءة للنبی محمد باسم أمریکا یتحول الشعور الغاضب إلى عبوة ناسفة، فأمریکا هی التى تدعم وتسلح وتطور کیان الاغتصاب الإسرائیلى لفلسطین، وأمریکا هی التى احتلت العراق وأفغانستان وقتلت الملایین، وأمریکا هی التی تسیطر على ثروات البترول فى الخلیج الفارسی ، وهی التی تنشر قواعدها العسکریة بامتداد أراضینا وسواحلنا، والغضب الحالی من الفیلم الحقیر یحمل معنى الرفض للهیمنة الأمریکیة على أوطاننا ومقدراتنا. لا ندعو - بالطبع - إلى قتل السفراء الأمریکیین، بل إلى طرد النفوذ الأمریکی من بلداننا، وإزالة قواعدهم العسکریة، ومقاطعة بضائعهم ومنتجاتهم، وخلع الحکومات الموالیة للأمریکیین، وتحریر الدیار واستعادة استقلال القرار، فلن یحسب أحد لنا حساب مادمنا على حالنا من الضعف والوهن والاستخذاء، وحریة أوطاننا هی أعظم ضمان لحمایة مقدساتنا، وقطع الید التی تسیء لدیننا ونبینا العظیم.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,144 |
||