صبـراً أهـل غـزة | ||
![]() | ||
غزة تحت نیران الاحتلال الصهیونی من جدید، وقافلة من شهدائها یتقدمهم أحمد الجعبری تمضی إلى النور، والمقاومة الفلسطینیة فی تلک الصحراء المکتظة بالبشر وإرادة الصمود تستخدِم ما بحوزتها من قوة للدفاع عن النفس والشعب والحقوق والأرض.. ومئات الطلعات لطیران العدو تدمر وتقتل وترهب بجنون عنصری معهود فی الیهود مذ کانوا وکان الغدر والشر وقتل الرسل والحقد یلازمهم.. وعلى تل أبیب تسقط بعض صواریخ المقاومة الباسلة محدثة ذعراً، وملقیة فی ذلک الفضاء الفلسطینی الذی یحتله الصهاینة منذ عام 1948 أسئلة جدیدة لم یعتد المحتلون طرحها على أنفسهم: کیف وصلت صواریخ القسام والجهاد الإسلامی من غزة إلى تل أبیب على الرغم من القبة الحدیدیة؟! وکیف وصلت الصواریخ أصلاً إلى غزة على الرغم من حصارنا الخانق لها منذ سنوات؟! وما الذی ینتظرنا منذ الیوم وصاعداً على أیدی المقاومة الفلسطینیة التی تملک الإرادة والسلاح وتأخذ بشعار النصر أو الشهادة؟! وما الذی یمکن أن نفعله أکثر مما فعلناه فی مرات سابقة، لا سیما فی عامی 2008 ـ 2009 مع غزة التی کان قادتنا وما زالوا یتمنون (أن یبتلعها البحر)؟! لم یشل الخوف من صواریخ المقاومة إرادة العدوان لدى الصهاینة ویوقف القصف المستمر، بل ذهبوا إلى المرحلة التالیة من مخططهم العدوانی المبیَّت، فاستدعوا ثلاثین ألف من الاحتیاط فی تدبیر لدخول غزة من البر والسیطرة علیها. إن دخول غزة مکلف، والغزَّاویون لن یترکوا الإسرائیلیین یقومون بنزهة فی الشوارع المکتظة بالناس، والتجربة القریبة السابقة تعطی للجمیع دروساً حیة بالغة الدلالة.. ولکن العدو الصهیونی المجرم یستطیع أن یدمر ویقتل بجنون، فالذاکرة الفلسطینیة والعربیة ما زالتا عامرتین بما ارتکبه من مجازر فی حربه العدوانیة الوحشیة علیها قبل أربع سنوات.. نعم سیمارس العدو الصهیونی همجیته الفظیعة، وقد یخسر فی مواقع ولا یتمکن من تحقیق أهدافه جمیعاً.. ولکن فی الحسابات العسکریة والاستراتیجیة لا تملک غزة مقومات توازن من أی نوع مع قلعة العدوان الصهیونیة المدعومة من الغرب بلا حدود بکل أنواع السلاح التقلیدی وغیر التقلیدی.. وغزة لا یأتی إلیها من أبناء أمتیها العربیة والإسلامیة سلاح ومقاتلون یساندونها، بینما یأتی الیهود والأمیرکیون والغربیون المدربون إلى فلسطین المحتلة لیقاتلوا مع الصهاینة، ویتدفق على (إسرائیل) المال والسلاح والدعم المادی والمعنوی من کل مکان.. وقد یساهم عرب فی إنجاح العدوان الصهیونی على غزة وعلى سواها إذا ما نشب القتال، إما بالصمت وإما بتقدیم المال والتأیید من تحت الطاولة وحتى بالمطالبة بالمضی بالعدوان إلى أبعد الحدود، کما شهدنا فی حروب (إسرائیلیة) سابقة على المقاومة فی لبنان وغزة وقبلهما فی جنین وفی المقاطعة برام الله حیث حوصر یاسر عرفات لأشهر فی غرفة ومطبخ هناک، ولم یقدم له ( زملاؤه ) من الحکام العرب ما یخرجه أو ینقذه.!! وعرب الیوم قد لا یختلفون عن عرب الأمس کثیراً على الرغم من الثورات والتغییر و(الربیع) المبرقع بالدم.. فالتعثر والتعثیر ما زالا یسودان ساحات عربیة کثیرة ویضغطان على أنفس وطبقات فی هذا البلد العربی أو ذاک.. والکیان الصهیونی یملک، بصورة مباشرة أو خلال حلفائه الغربیین وأصدقائه من العرب، یملک نفوذاً وهیمنة على سیاسة هذا البلد العربی أو ذاک، هذا الحاکم العربی أو ذاک.. ویساهم فی رسم سیاسات وتوجیه (ثورات) وتحرکات ومشاهد اقتتال دامیة.. أصبح معها کثیر من العرب فی وضع سیاسی واقتصادی واجتماعی یتسم بالهشاشة والرخاوة من حیث القدرة على مواجهات عسکریة حاسمة، أو من حیث التدخل المجدی والمخلص لحمایة مساحة عربیة ما یفترسها أعداء الأمة التاریخیین من خلال أدواتهم، وبأسالیبهم المعروفة للدانی والقاصی. فی هذا المناخ تموج فی غزة النار، وفیه تموج ساحات جماهیریة عربیة بالغضب والاحتجاج، منادیة بموقف وتدخل ومناصرة وحتى بوقف للعدوان على غزة!! وفی هذا المناخ أیضاً یستمر تأیید الغرب الإمبریالی للعدوان الصهیونی على غزة ویتنامى، مرسخاً توجهات وسیاسات وشروراً وفجوراً تبدیه قیادات أمیرکیة وفرنسیة وبریطانیة على الخصوص، حیث تصف عدوان الصهاینة العنصریین دائماً، وعلى غزة حالیّاً، المحاصرة منذ سنوات عدة بأنه (دفاع عن النفس)!؟ تلک مهزلة غربیة قدیمة یقف منها العالم متفرجاً أو مشلول الإرادة.. فماذا نأمل فی ظل المتغیرات والمغیرین والشعارات والمتظاهرین، والقتال والمتقاتلین فی هذا الزاروب العربی أو ذاک؟! هل نأمل فی موقف موحد شجاع عادل وجریء یضع العرب والمسلمین فی موضع یجبر تلک الدول المناصرة تاریخیّاً للاحتلال والعدوان الصهیونیین على إعادة النظر بمواقفها من خلال حرصها على مصالحها التی ترتبط بنا نحن العرب والمسلمین، لترى بعین الحقیقة والعدل والموضوعیة القانونیة والأحکام الخُلُقیة السلیمة، فلا تنحاز هذا الانحیاز المخل بکل شیء، ولا تضع الجلاد فی موضع الضحیة والمعتدی فی موضع المعتدَى علیه؟! إننی أستبعد أن یحصل ذلک، فالعرب مخترَقون بأشکال مختلفة أو متهالکون بصور متنوعة، تبدأ بوسائل تسیبورا لیفنی وأخواتها وتنتهی بعمالة کیدیة وأخرى تاریخیة وثالثة من نوع تعملق الأقزام فی ساحاتهم عن طریق رضاهم فی أن یکونوا فی حاشیة هذا الصهیونی أو ذاک، هذا الغربی المستعمر المتغطرس أو ذاک!! وما زالت العلاقات العربیة ـ العربیة محکومة بجاهلیة مقیمة وجهل وکیدیة مقیت، حیث یرى هذا العملاق أو ذاک خصمه أو نظیره أو.. یغرق فی الجب ویلتقطه السیارة فیتخذونه تجارة.. ولا یحب أن یرى الواحد منهم رؤیة سلیمة قویمة حیث الجزء محمیّاً وعزیزاً من خلال الکل، والضعیف قویّاً بأمته التی تملک مقومات القوة وأسبابها ولکنها لا تملک أن تمنع من یعبث بذلک ویبعثره، بل یوظفه توظیفاً سلبیّاً فی تقاتل داخلی وتضاد وتناقضات عربیة ـ عربیة، تجعل محصلة قوى الأمة صفراً أو دون الصفر بسبب وضع مقومات القوة بعضها فی مواجهة بعض لیفنی بعضها بعضاً!؟ غزة سوف تصمد وتنزف وتعانی مر المعاناة.. ولکن جراحها الجدیدة ستضاف إلى جراحات سابقة تضنی وتسقِم، ولن یصلها فی أفضل الحالات من معظم أشقائها إلا تصریحات وبرقیات تأیید و(نخوات) وبعض الأغذیة والأدویة والملابس والبطانیات والخیم التی ستبنى على أنقاض البیوت التی ستدمرها آلة الحرب الصهیونیة المجرم أربابها.. لن یصلها سلاح ولا مقاتلون، ولن تُستنفَر الجیوش من أجلها ویهدد أمن العدو الصهیونی بسبب تهدیده لأمنها.. غزة ستقاوم بلحمها ودمها وبما تملک من أسباب القوة، لن تنهزم روحُها وإرادتها وأهداف مقاومتها الشریفة.. ولکنها لا تملک ما یحقق لها نصراً على عدو مجهز بأکبر ترسانة عسکریة فی المنطقة، ومدعوم من الغرب الذی یعبث بقرارات وإرادات وثروات شرق عربی أو عرب فی الشرق موجوعین من الجراح ومشغولین بأکل لحوم بعضهم بعضاً.!! نعم ستکون تلک المواجهة مشرفة، ومرحلة من مراحل تقدم المقاومة وتعزیز خبراتها، وستکون ملحمة من ملاحمها وصفحة ناصعة البیاض فی تاریخها.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,350 |
||