الأزمة السیاسیة فی البحرین والأفق المسدود | ||
![]() | ||
الأزمة السیاسیة فی البحرین والأفق المسدود الأزمة السیاسیة فی البحرین مستمرة منذ 14 فبرایر 2011 حتى الآن. فی هذه الأزمة النظام الحاکم مازال مصرا على الحل الامنی للمشکلة السیاسیة، وکأنه یقول للشعب عد الى بیتک. والشعب من جانبه هو الآخر مصر على تحقیق مطالبه وتحقیق ما خرج من اجله، ولا تراجع عن ذلک. فالمشکلة سیاسیة والحل بالمنطق من جنس المشکلة، أی سیاسی، ولیس امنیا. هنا نحن امام صراع ارادات تتمثل فی: ارادة شعبیة تتطلع نحو الحریة والکرامة وتغییر الواقع المتردی فی مقابل ارادة نظام مصر على ادارة البلاد والعباد بطریقة سیاسیة / امنیة تجاوزها الزمن وباتت فی حکم الماضی، ومصر ایضا على الاستبداد والاستئثار بالسلطة والثروة والابقاء على الوضع الراهن کما هودون تغییر. ولکن الزمن قد تغیر. وفی غمرة هذا الصراع الوجودی بین ارادة النظام من جهة وارادة الشعب من جهة اخرى، فإن البحرین اصبحت امام طریق مسدود. فمن ناحیة نجد ان النظام غیر قادر على الاصلاح بحکم بنــــیته القبلیة، بمعنى ان الاصلاح الحقیقی یعنی فکفکة النظام القبلی تلقائیا، وهذا ما لا یریده النظام ورجالاته ولا یستطیع الإقدام علیه ، کما لا یوجد فیه شخصیة تاریخیة شجاعة قادرة على فعل ذلک التغییر / الاصلاح المطلوب. کما ان القــــبائل لا تصـــنع اوطانا، انما مزارع على هیئة وطن، والشعب مجرد رعایا فی هذه المزرعة. هذا من ناحیة، ومن ناحیة اخرى فإن الشارع البحرینی سیظل محتجا حتى تحقیق مطالبه، حتى لو دخلت الجمعیات الرسمیة فی حوار او صفقة مع النظام، وهذا ما یستقرئه المرء من مجریات الاحداث، خاصة ان الشارع البحرینی امیل للتغییر الثوری منه الى الاصلاح، حیث یعتبر الدعوة الى الاصلاح هی من باب الوهم السیاسی، او کمن یجری وراء السراب، کما یعتبر دعوات النظام الى الحوار مجرد مناورة واستهلاک للوقت لا طائل من ورائه. ازاء تلک المواقف والتعارضات فإن الوضع فی البحرین سیطول، وأن النظام الحاکم لن یغیر من مواقفه واستراتیجیاته الامنیة تجاه المنتفضین ولن یقدم على ایة خطوة اصلاحیة جدیة، وفی نفس الوقت لن یستطیع ان یحسم الموقف لصالحه، فالبلد على کف عفریت کما یقال، واوضاعه الاقتصادیة تزداد سوءا. لذلک فإن حل الأزمة فی البحرین ووفقا للأفق المنظور ، لا یمکن ان یتم إلا من خلال ثلاث لحــــظات حاسمة وبالضد من ارادة النظام. اللحظة الاولى من خلال کسر النظام من خلال الارادة الشعبیة، وهو مالم یحدث حتى الآن لعدم تکافؤ القوة . واللحظة الثانیة من خلال هزیمــــة النظام وهذه ایضا تتم من خلال الارادة الشعبیة. واللحظــــة الثالثة من خلال اجبار النظام على التنازل کما حدث فی تونس ومصر والیمن الى حد ما (بضغط امریکی)، وهذا لا یتم الا من خلال ارادة الادارة الامریکیــــة وهی قــــادرة على فعل ذلک بحکم علاقاتها التاریخیة والاستراتیجیة مـــع النظام ومصالحها الضخمة فی المنطقة، لکنها لا ترید هذا الخــیار ولن تقدم علیه فی الأفق المنظور فمصالحها اهم من مصالح الشعب البحرانی، بل تقوم بتغطیة انتهاکاته ودعمه فی المحافل الدولیة والتعتیم على ما یجری اعلامیا والتواطؤ معه، ولا تعنیها الدیمقراطیة وحقوق الانسان فی هذه البقعة من العالم. لذلک، وفی ظل هذا الوضع الشائک والمرکب فإن المعوّل فی إحداث تغییر جوهری فی هذا البلد یعتمد فی المقام الاول على الارادة الشعبیة المنظمة فی اقناع النظام من خلال النضال السلمی بأن حکم البلاد لا یمکن ان یستقر دون حلول سیاسیة جذریة یقوم بها النظام نفسه ویقنع بها الشارع المنتفض وقواه السیاسیة. او أن یتم انتزاعها منه من خلال تغییر موازین القوى عبر المقاومة المدنیة السلمیة على الارض وهذا ممکن، وایضا اقناع حلفاء النظام الاقلیمیین والدولیین بأنه لا بدیل للوضع فی البحرین وربما المنطقة إلا الاستجابة لمطالب الشعب العادلة اسوة ببقیة الشعوب العربیة الثائرة على حکامها، ودون ذلک فإن مستقبل هذا البلد فی مهب الریح. فهل یعی النظام خطورة الأوضاع، ام یکابر ویمعن فی سیاسة الحلول الامنیة غیر المجدیة. طبعا من الصعب التکهن بما یفکر فیه النظام، لکن التجربة التاریخیة علمتنا ان الحکمة والعقلانیة والبحث عن حلول عقلانیة سیاسیة لیست من شیمه، انما سیاسة المکابرة وعدم الاعتراف بالحقائق على الارض واللف والدوران وتزویر الحقائق هی من سمات النظام، وهذه ممارسات ابعد ما تکون عن الحلول المناسبة والحکیمة وتؤدی الى طریق مسدود. ولکن فیما یبدو هذا هو قدر البحرین ان یُحکم من قبل نظام سیاسی قبلی بطریقة تجاوزها الزمن، وفی نفس الوقت هذا هو قدر البحرین ان یخرج شعب البحرین عن بکرة ابیه وهذا دیدنه - کل عشر سنوات مرة - مطالبا بالحریة والکرامة والدیمقراطیة، لکنه هذه المرة لن یعود الى بیته دون ان یحقق احلامه، ولن یغادر الساحات والشوارع ویعود بخفی حنین، فقد تعلم هذه المرة من التجربة الثوریة التی ابتدأت فی 14 فبرایر الکثیر الکثیر، واثبت انه شعب جدیر بتحقیق کل ما یصبو الیه، حقا إنه الشعب البحرانی العنید بکل مکوناته وقواه الحیة.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,245 |
||