عناصر القوة والضعف فی المجتمع الإسلامی | ||
عناصر القوة والضعف فی المجتمع الإسلامی دراسة الواقع الإسلامی فی السنوات الأخیرة، وتحلیل أبرز محطاته من ثورات کتب لبعضها النجاح، فیما کان الفشل قدر معظمها، والوقوف على أسباب النجاح والفشل وعناصر القوة والضعف.. تنبئنا بمدى ما للقطاع الإعلامی من أهمیة على مستوى الدور الذی ینبغی أن یضطلع به ، والذی یفترض سلوکه، وبمدى المرارة التی یعشیها الواقع الإعلامی السائد على مستوى الإعلام الغربی والإعلام الإسلامی على حد سواء. نعم، لیس نکرة القول: إنّ عنصر الإعلام قد بات أهم رکیزة تعکس قوة المجتمع أو ضعفه، ذلک أنّه له أثراً کبیراً فی تشکیل الرأی العام وإدارة حرکته وبلورة ثقافته وقیمه ومفاهیمه. وإذا کان الإعلام هو الأکثر أهمیة فی العالم فینبغی المبادرة له دونما إبطاء أو تأخیر، وأن تصرف له الأموال لتوسعة مداه وتأثیره فی الداخل والخارج حتى لا یبقى ضعیفاً ومحدوداً، فنکون بالتالی مسؤولین بشکل أو بآخر عن مدى السوء الذی یلحق بنا وبصورتنا نتیجة التشویه الذی یمارسه الآخرون، وعجزنا عن تقدیم الصورة الواقعیة للإسلام المحمدی الأصیل. إنّ سبب نجاح الدعایة الغربیة المعادیة فی تشویه الإسلام والجمهوریة الإسلامیة، لیس فی قوة الإعلام الغربی نفسه، وإنما تکمن المشکلة فی ضعف الإعلام الإسلامی وعدم مبادرة المسلمین إلى تحرک إعلامی فعّال منذ البدایة. للإعلام فی النظریة الإسلامیة ثلاثة أدوار رئیسیة: الأول: دور ترویجی للإسلام وقیمه ومفاهیمه بما یسهم فی حسن تربیة النفس الإنسانیة ورقیها. والثانی: دور دفاعی لمواجهة الغزو الثقافی ورد الاتهامات وتفنید الدعایة المضادة. ومن هنا أکد الإمام الخمینی (قده) على أن اعداد المقالات والکتب والآثار الفنیة لتبین معالم الإسلام وفضح مؤامرات الأعداء والدفاع عن الحقوق العالمة للمسلمین هو تکلیف عام وعظیم، إذ لا ینبغی ـ بحسب توجیه الإمام ـ أن تبقى هذه الدعایات دون إجابة، بل السکوت عنها هو الذی یقوی الآخرین، وفی الحقیقة لیست هذه المقولة إلاّ تبریراً لحالة التقاعس التی نبرربها عجزنا ونغطی به تقصیرنا. والثالث: له دور فی التواصل مع باقی الأمم والشعوب لنقل المعارف والاستفادة منها. وأمّا فیما یرتبط بمواجهة التغریب الثقافی التی یمارسها الاستکبار بتقنیات عالیة ومتطورة، فإنّ المواجهة المناسبة للغزو الغربی الثقافی یجب أن تکون على رأس برامج وسائل الإعلام، وبما أن هذه الوسائل هی میدان الدفاع ضد الغزو الثقافی الغربی فإنّ الحرب الثقافیة لا یمکن الرد علیها إلاّ بالمثل، فلا سلاح ینفع معها سوى سلاح القلم. من هنا یتبلور عندنا مجموعة من المبادئ: المبدأ الأول: اعتبار وسائل الإعلام للجمیع دون استثناء، ومنع احتکارها لجهة من الجهات. المبدأ الثانی: إعطاء الجمیع حریة الإدلاء بآرائهم من غیر ممارسة عملیات الضغط والإکراه، مع التأکید على أن حریة الرأی لا تشمل حریة تدمیر الإسلام ولا حریة إثارة الفتن والاضطرابات؛ لأن ذلک یمثل اعتداء واضحاً على المجتمع وتخریباً لأمنه وسلباً لحریته وخیاره. المبدأ الثالث: مناقشة وتحلیل ما یکتبه الآخرون ودعوتهم للمناظرة أمام الملأ لتکون الحقائق واضحة أمام الشعب لیحکم بنفسه. المبدأ الرابع: عدم فرض أقوال وآراء على الشعب لا یقر بها کما کان الواقع إبان حکم الشاه والقذافی ومبارک، کما هو الواقع الیوم فی کثیر من الدول کالسعودیة والبحرین، فإن شعباً حراً لا یدار بواسطة الشرطة ولا یقیّده الرصاص ولا یساق بالعصا. المبدأ الخامس: مراقبة المسؤولین ومطالبتهم وحریة انتقاد آرائهم على أساس النقد البناء والمطالبة بتصحیح المسار فی سبیل خدمة أفضل لأبناء الشعب. هذه النظریة الإسلامیة للإعلام إذا ما تحققت جمیع أرکانها، فإن تحدد لنا جملة من معاییر العمل الإعلامی، تکون هی المقیاس لنجاحه وتقدمه وتمکنه من أداء دوره بصورة مفیدة: أ- استحضار الرقابة الإلهیة عند المخاطبة والکتابة لضمان عدم الانحراف، والتزام الموضوعیة التی تفرز المصداقیة وتخدم أفراد المجتمع. ب- البحث عن الأخبار والکتابات المفیدة للشعب والتی تواکب شؤونه وقضایاه وترفع من مستوى اهتمامه بالتطور والاعمال الابداعیة وزیادة المعرفة ونشرها. ج- عدم تضخیم الأشخاص والاستغراق فی تعظیمهم، وإنما ینبغی تقدیم وعرض کل شیء بنسبته الطبیعیة وبما له من حیز فی المجتمع، والاستغراق فیه ضار للصحافة ومسیء لها. د- الابتعاد عن التکرار والتطویل غیر المفید، الذی یشعر بالملل ویوحی بالعجز عن تقدیم الجدید، والذی یعمل وفق نهج صحافة وإعلام الملوک والأمراء، حیث لا حدیث فی الإذاعات الرسمیة سوى عن أخبار الرئیس وعطاءاته الکذابة.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,192 |
||