البحرین: براءة قاتل | ||
یقول رئیس لجنة تقصی الحقائق فی البحرین الدکتور محمود شریف بسیونی ، بأنه لم یجد دلائل على جرائم ضد الإنسانیة فی البحرین و لو وجد ذلک حتى فی الثلاثین من أکتوبر لکان قد ضمنها فی تقریره. ثم یضیف بأنه لا یستطیع أن یختلق شیئا ً. و لکن ما لم یعلمه الدکتور بسیونی أن شعب البحرین لم یکن لینتظر من الجلاد أن یدین نفسه. فاللجنة التی شکّلها الملک و التی ملأت کروش رجالاتها من ولائمه ، لم یکن لها لتنصف شعبا ً یتم قمع ثورته السلمیة بشتى وسائل القمع الوحشیة. أین کان بسیونی و جماعته عن کل مشاهد الضرب و القتل و الدهس و الرصاص الذی أصاب الشباب الأعزل و التی شاهدها العالم کله عبر شاشات التلفزة ؟ لقد أغمض بسیونی عینه عن کل هذه المشاهد و اکتفى بالقول بأنه لیس من اختصاص لجنته إخراج الناس من السجون. لکن هل تساءل هذا الدکتور لماذا سجن هؤلاء و بأیة تهم ؟ و هل التظاهر السلمی تهمة و العالم کله یشهد بأن ثورة البحرین کانت سلمیة بکل مفاصلها ؟ لکن بسیونی یبرر هذا بقوله أن الإعلام الأجنبی اجتزأ الحقیقة. فی حین أن هذا الإعلام کان أشرف بکثیر من الإعلام العربی المسلم و الشقیق الذی تجاهل الحقیقة بالکامل و تعتم على ما یجری فی داخل القرى و المشافی و المدراس من حملات اعتقال و قتل و هتک أعراض. بل یزید بسیونی الطین بله و یأخذ دور النظام الحاکم فی البحرین لیدین تظاهرات الشعب البحرینی الأعزل لیقول بأن المظاهرات تعدت الحدود المعقولة. و لا ندری ما هی هذه الحدود و نحن نرى أن مظاهرات شعوب أخرى فی المنطقة کمظاهرات الشعب السوری تحظى بدعم عالمی کبیر و هی لیست سلمیة بالکامل. ثم ما هی الحدود التی تعدتها ثورة الشعب البحرینی و هی لم تتعدى کونها مهرجانات خطابیة لم ترفع یدا ً على أی بحرینی ، بل على العکس فقد کان کل المواطنین فی هذه المظاهرات هدفا ً لقوى الأمن التی حاصرت و ضربت بالقنابل الغازیة و الرصاص و کسّرت الممتلکات و هدمت المساجد. فهل کان بسیونی وقتها یتابع الأحداث عبر شاشة الإعلام الرسمی البحرینی ، أم کان یشاهده عبر شاشة الإعلام السعودی الذی اقتحمت قواته باسم درع الجزیرة مدن البحرین و اعتقلت الأطباء من أماکن عملهم ؟ ثم إن بسیونی یتهم هؤلاء الأطباء بأنهم مارسوا عملا ً سیاسیا ً من داخل المشافی التی یعملون بها و هو ما یمنعه القانون على حد زعمه. و نتسائل هنا هل إبداء الرأی بحجم الإصابات التی وصلت إلى المشافی و حالة الرعب التی کانوا فیها هی عمل سیاسی أم أن دخول القوات العسکریة باسلحتها إلى داخل غرف العملیات و طرد الأطباء منها و اعتقالهم و ضربهم هو عمل مبرر؟ ألم یرى بسیونی مشاهد الاعتقال و ضرب هؤلاء الأطباء و التی عرضت فی الإعلام الغربی الذی سماه بسیونی مجتزأ ً ؟ و لماذا لا یاخذ بسیونی و لجنته بکل هذه الأفلام و الوثائق و التی أخذت بها الأمم المتحدة فی سوریا فاجتمع مجلس الأمن لیدین العنف هناک ، فی حین أن البحرین أیضا ً تستخدم القوة العسکریة ضد الشعب الأعزل و تمنع الصحافة من التصویر إلا إذا رافقها زمرة من أجهزة الأمن ؟ بسیونی یرید منّا أن نصدق بأن أجهزة الأمن سوف تعرض علیه غرف التعذیب و أسالیبه الوحشیة التی تعرضت لها النساء و الأطفال أو أن تسلمه جثثا ً معذبة لم تسلم بعد إلى أهلها لشدة آثار التعذیب علیها. لکنه یتجرا ً على القول بأنه إذا أتى شخص یقول إنه عذب ولکن لا توجد لدیه علامة جسدیة للتعذیب، أو لا یوجد شاهد على ذلک، أو لا یمکن إثبات أن هذا الشخص کان فی مکان یتعرض فیه لتعذیب فإن ذلک لایقبل منه. عذر أقبح من ذنب و تبریر لا یقبله عاقل أو من یسمی نفسه عضوا ً فی لجنة تقصی حقائق. إن هذا یذکرنا بالمثل الذی یقول (قیل للکذاب احلف فقال جاء الفرج) و کذلک حال نظام البحرین الحاکم الذی طلب منه بسیونی أن یعرض علیه الدلائل التی تدینه فعرض علیه کل کیده و مکره. لقد نسی بسیونی أن الحقائق لیست فقط فی الجانب الحکومی بل هی أیضا ً فی الجانب الآخر المغیب و هو جانب الشعب البحرینی. و إذا کان تعریف الجرائم ضد الإنسانیة بحسب النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة فی المادة السابعة بأنها عدة أفعال معینة مثل القتل والتعذیب وهتک العرض فهل کان ما جرى فی البحرین غیر ذلک ؟ لقد حکم بسیونی ببراءة النظام الحاکم فی البحرین لکن التاریخ لن یحکم لهم إلا بالإدانة و سوف یعض کل ظالم على یدیه یوم لا ینفع الندم.
عبد الواحد ناصر
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,513 |
||