اسرائیل وعقدة القلق من العلماء الإیرانیین | ||
تستمر النوایا العدوانیة الإسرائیلیة فی التحرک حثیثا تجاه إیران. فلم تهدأ وتیرة المخططات التی تستهدف المنشآت النوویة الإیرانیة أو التی تستهدف الاستقرار الإیرانی، فهی دائما تحاول النیل منه بشتى الطرق والوسائل التی لا تعبر إلا عن نهج إرهابی دموی، وتدل على فشل سیاسیی وعسکری إسرائیلی حقیقی تجاه طهران . ویرى العدید من الخبراء السیاسیین والعسکریین الإسرائیلیین بأن استخدام الخیار العسکری ضد إیران یتطلب المزید من التروی والتأنی، لأنه قد لا یکون أمرا حکیما اللجوء إلیه، ویعتقد هؤلاء بأن من سیحل هذه "المعضلة" هو الرئیس الأمریکی، الذی بإمکانه أن یعلن أن آثار هذا الهجوم المتوقع سیؤثر سلبا على المصالح الأمیرکیة فی الخلیج ( الفارسی ) ، ویقول بشکل قاطع وواضح بأنه لیس مقبولا أن تتم عملیة کهذه، متخوفا من عدم توفر هذه الرسالة الأمیرکیة الیوم أو فی المستقبل. علما بأن أی عمل عسکری ضد إیران سیکون من أهدافه الأساسیة، بحسب الخبراء، تحسین القدرة الردعیة لإسرائیل، فی ضوء تراجع مستواها منذ سنوات، وذلک عقب الانسحاب من لبنان، وتنفیذ خطة فک الارتباط عن غزة، وإخفاقها فی الحربین الأخیرتین - لبنان و غزة - فی العام 2006 والعام 2009 . فبالرغم من الضغوط الأمیرکیة و الغربیة التی تتعرض لها إیران بسبب امتلاکها التقنیة النوویة ذی الاستخدامات والأهداف السلمیة والمدنیة، وبالطبع هذه الضغوطات تأخذ أشکالا مختلفة فی مقدمتها العقوبات الاقتصادیة والمالیة، إلا أن إسرائیل تخوض فی موازاة ذلک، وفی الخفاء، حربا استخباراتیة قذرة على إیران تستهدف العلماء المختصین فی مجالات علمیة شتى ولا سیما العلماء النوویین، وذلک فی محاولة بائسة وهزیلة من الکیان الصهیونی لعرقلة الجهود الإیرانیة الطامحة لامتلاک الطاقة النوویة السلمیة أسوة بنظیراتها من الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووی، بعد أن تأکد قادة الحرب الاسرائیلیون من أن ضرب المنشآت النوویة الإیرانیة عسکریا أصبح أمرا بعید المنال، وسیکلفهم الکثیر سیاسیا واقتصادیا واجتماعیا، إضافة إلى انه سیشعل المنطقة برمتها مما یعرض کیانهم الغاصب إلى أخطار لم تکن بالحسبان. إسرائیل کانت تنفذ مسلسل اغتیالات العلماء الإیرانیین بصمت شدید، وکانت تلتزم الصمت حیال الاتهامات الإیرانیة لها وللولایات المتحدة بالمسؤولیة عن هذه الاغتیالات التی ینفذها عملاء مرتبطون بالموساد والـ سی آی إیه، إلا أن هذه المرة کانت مختلفة عن المرات السابقة حیث أعلنت الاستخبارات الإسرائیلیة أن اغتیال العالم الإیرانی داریوش رضائی فی طهران کان العملیة العلنیة الأولى لرئیس الموساد تمیر باردو منذ تسلم منصبه بدایة العام الجاری. وقد أکدت مجلة دیر شبیغل الألمانیة عقب اغتیال رضائی على موقعها الإلکترونی نقلا عن مصادر استخباراتیة إسرائیلیة هذا الأمر. ومع اغتیال رضائی تکون إسرائیل قد أقدمت على اغتیال ثلاثة علماء إیرانیین منذ نحو سنة ونصف السنة تقریبا،هم العالم النووی محمد علی مسعودی و عالما الفیزیاء النوویة مجید شهریاری وداریوش رضائی، فی حین أخطأت ید الغدر الإسرائیلیة الفیزیائی المتخصص باللیزر فریدون عباسی حیث کتب الله له النجاة. وقد نقلت الصحف الإسرائیلیة هذا الخبر معتبرة أن الموساد یقود حرب إسرائیل ضد البرنامج النووی الإیرانی بذریعة منع طهران من تطویر أسلحة نوویة، وأشارت دیر شبیغل إلى أن رضائی کان آخر ضحایا الاغتیالات الغامضة التی ذهب ضحیتها علماء فیزیاء بارزون فی إیران منذ نحو عشرین شهرا. وبغض النظر عن المخططات العدوانیة الإسرائیلیة التی باتت واضحة کالشمس ، وهی التی بدورها خططت للکثیر من المسلسلات العدوانیة على دول المنطقة حیث استهدفت سابقا مفاعل تموز العراقی(ایزوراک) فی العام 1981 وقامت بتصفیة واغتیال مئات العلماء العراقیین خلال سنوات الاحتلال الأمیرکی للعراق، فقد کان لافتا أن العلماء الإیرانیین الذین تم استهدافهم و تصفیتهم بطریقة أمنیة استخباراتیة کانوا جمیعهم مدرجین على لوائح العقوبات الدولیة ضد إیران بذریعة إسهامهم بأدوار أساسیة فی البرنامج النووی الإیرانی، وهذا ما یعکس توافق الأدوار وأدائها بدقة متناهیة بین الاستهداف الإسرائیلی للعلماء الإیرانیین و الاستهداف الأمیرکی الغربی للطموحات النوویة الإیرانیة. فی الواقع، إن استهداف أجهزة الاستخبارات الإسرائیلیة للعلماء الإیرانیین یأتی فی إطار سلسلة من العقوبات الغربیة ضد إیران لحرمانها من حقوقها المشروعة فی الحصول على الطاقة النوویة السلمیة کجزء من حقوق الدول الموقعة على معاهدة منع الانتشار النووی التی تکفل للدول حق تخصیب الیورانیوم بهدف الحصول على الکهرباء والطاقة من أجل الاستفادة منها فی المجالات المدنیة والعملیة الطبیة، ومما یثیر الأسف والانزعاج هو الدور السلبی الذی تؤدیه الوکالة الدولیة للطاقة الذریة فی فیینا والتی أصبحت مطیة مسیّسة لبعض الدول الغربیة لتنفیذ بعض أجنداتها الاستعماریة ضد الدول النامیة، بحیث أدت بعض تقاریرها المنحازة بنقل ملف إیران النووی بهدف إخضاعه والسیطرة علیه من خلال التأثیر على مواقف إیران الداعمة للمقاومة ضد إسرائیل. ومما یثیر الاستهجان والأسف هو أن هذه الوکالة کانت قد أکدت ما تناقلته بعض الصحف الإسرائیلیة من أن العالم النووی الإیرانی داریوش رضائی کان یعمل على تطویر المفاتیح الخاصة بتفجیر القنابل النوویة وهو ما جعله هدفا دسما للاستخبارات الإسرائیلیة ولعملائها داخل إیران. ومما لا شک فیه أن هذا یدل على تواطؤ الوکالة الدولیة فی اغتیال العلماء الإیرانیین.
یبدو أن الحرب الاستخباراتیة الإسرائیلیة التی باتت معلنة ضد إیران لن تتوقف طالما لم تصل إلى أهدافها الخبیثة، بید أن إیران تبدو أکثر قوة وتمتلک مقدرات کبیرة تجعلها أکثر تمسکا بحقوق شعبها ومبادئ ثورتها فی ظل هذه الضغوط وهذه الاستهدافات, وکما قال وزیر خارجیتها علی أکبر صالحی فی رده على جرائم الاغتیال التی تستهدف العلماء الإیرانیین: إن هذه الأعمال الإرهابیة لن تنال من عزیمة الشعب الإیرانی فی تحقیق أهدافه النوویة . وأضاف مخاطباً الأعداء: علیکم أن تعلموا أن الشعب الإیرانی سیواصل مسیرته بقوة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,593 |
||