الصحوة الإسلامیة فی فکر الإمام الخامنئی | ||
![]() | ||
الصحوة الإسلامیة فی فکر الإمام الخامنئی نزیهة صالح
المقدمة بعد سقوط الإتحاد السوفیاتی، الذیکان یلقب بالحتمیة التی لا تسقط، رکزت المحاولات الفکریة لتحویل الللیبرالیة إلى أیدیولوجیا بهدف استمرار الفکر اللیبرالی خوفا من سقوطه کما حصل للمنظومة الإشتراکیة. فبحث الفکر الرأسمالی عن حتمیة تحافظ على وجوده فوجد العولمة، ولم تکن هذه المحاولات من إبداعات الرأسمالیین، بل هم استنبطوها من فکرة الدین، والدین الإسلامی بالتحدید، بعد أن لمسوا کیف أن هذا الدین استمر رغم کل الظروف التاریخیة الضاغطة. ولمسوا بالإثبات التاریخیکیف أن الإسلام هو الإیدیولوجیا التی تتجدد فیکل عصر، ویصبح شأنه أکبر مع کل تجدید، ولمسوا أیضا أن هذا الدین لیس لزمان ومکان محددین بل هو لکل زمان ومکان، لذلککان ینتشر فی العالم کأسرع عقیدة تنتشر فیکافة أنحاء المعمورة، فهو ینمو بمعدل 2.9 بالمئة سنویا[1]. لهذایخشى الغرب الإسلام ویخشى أن یکون الإسلام هو البدیل الأیدیولوجی للیبرالیة. وباسم الواقعیة ینظّر صناع القرار اللیبرالیون للعالم کله لرکوب قطار العولمة کتابع ولیس کمشارک. وهذا بالفعل ما أصاب العالم من تبعیة، بما فیها العالم الإسلامی الذی ضیع حکامه التماثیل المصنوعة من الغرب هویته. إلا أن الإسلام بما أنه نظام حی مستمر، وبمشیئة إلهیة ذو میزة عالمیة، یخاطب کل تفاصیل الحیاة، یقف الآن فی وجه الإیدیولوجیا الغربیة لیصوب المسار التاریخی البشری، ویصحح أخطاء من لم یفقهوا التجارب والعبر التاریخیة القدیمة والمعاصرة. حتى أن المجتمعات فی الغرب بدأت تدرک التجارب، وهی تعانی الیوم من العولمة لذلک نرى أن هناک دعوة فی الغرب إلى إصلاح النظام المالی الدولی، وطرح بدیل یجمع بین الإشتراکیة والرأسمالیة فی محاولة لإنقاذ الرأسمالیة من نفسها، وهذا إن دل على شیء فإنما یدل على إفلاس النظام الرأسمالی، مما یعنی أن الإسلام هو النموذج الحتمی المتبقی للبشریة. إلا أن هذا النموذج الحتمی الذییتعرض للهیمنة والسیطرة الغربیة لا بد من آلیات لتحریکه وتنشیطه، فما الذییحرکه؟ هل الصحوة الإسلامیة التی نشهدها الآن هی المحرک الصائب؟ الصحوة الإسلامیة التی نشهدها فی العالم الإسلامی لیست ولیدة ساعتها، ومن خلال بعض الإستقراء التاریخی المعاصر، یمکن أن نرصد لحظات بدء تحریکها إلى حین ولادتها، ونرى بذلک أنها قد بدأت تتفاعل لدى الشعوب الإسلامیة فی بدایة الثمانینات من القرن العشرین عندما ظهر من یذکر المسلمین بالعودة إلى الإسلام وإلى تعالیمه، وهو الإمام الخمینی (قدس)، الذی أعاد إثباب نظریة الإسلام على أنها هی الأسلم فی التطبیق السیاسی والإقتصادی والثقافی والإجتماعی. وهنا أصبح الإسلام یشکل تهدیدا للرأسمالیة بعد سقوط الإتحاد السوفیاتی. فصنعت من الإسلام عدوا ووضعته فی خانة التخلف والوقوف فی وجه الحضارة والتقدم. ونجحت فی تسریب هذه الأفکار فی البلاد الإسلامیة، وخاصة فیما یتعلق بالمرأة والحجاب وربطه بالتحضر[2]، وخاصة وأن الحکام ینفذون أوامر الولایات المتحدة الأمیرکیة التی هی رأس الرأسمالیة والإمبریالیة. فدخلت العولمة سریعا مع الهجمة العسکریة على بلاد المسلمین من خلال الحملة الدعایة العالمیة عن ما یسمونه "الإرهاب الإسلامی"، وأن الولایات المتحدة هی التی ستنشر الدیمقراطیة فی العالم فی عولمة مخادعة. بینما کان شعار الإمام الخمینی: "لا شرقیة ولا غربیة، جمهوریة إسلامیة" و " یا مستضعفی العالم اتحدوا". وبعد مرور أکثر من ثلاثین عاما على إنتصار الثورة الإسلامیة فی إیران، ظهرت الصحوة التی تنبأ بها الإمام الخمینی، بعد أن لمست الشعوب الإسلامیة الفرق الشاسع فی التطبیقات، بعلمها أن الإسلام جاء للعالم فی عملیة تفاعل فکری حر واختیاری بین الحضارات المتعددة، فیقوم الإنسان بالإختیار "لا إکراه فی الدین"[3] والدین هنا ینسحب على کل التفاصیل أی لا إکراه فی الإقتصاد والسیاسة والثقافة. وکانت إیران والسید القائد الخامنئی حضنا لهذه الصحوة تأکیدا على الإیمان بالوعد الإلهی بنصرة الإسلام.
الصحوة الإسلامیة کما یراها السید القائد الخامنئی: لا شک أن التجاذبات التی تلحق بالصحوة الإسلامیة حول تبنی المدارس الفکریة المختلفة منها الإسلام ومنها اللیبرالیة تلحق الأذى بالصحوة، وهذا ما تعمل علیه الولایات المتحدة الأمیرکیة، من أجل إبعاد الصحوة الإسلامیة عن الطریق الصحیح من أجل وضع الید علیها والتحکم بها، کی لا تکون الخسارة فادحة بحق نظامها الرأسمالی بعد أن تم ربط البلاد الإسلامیة بالمراکز الرأسمالیة عبر الإستعمار الواضح قدیما، والإستعمار المقنع حدیثا. ونهب خیرات الأمة الإسلامیة ومن ثم إظهار التکنولوجیا الحدیثة فی الإعلام الغربی على أنها مسألة تقدم وتخلف. وتحکم الرأسمالیة بآلیات الحکم من خلال فرض نخب حاکمة على الشعب فی محاولة لکی وعی الشعوب وإبعادها عن الإختیار الذی هو من أخلاقیات الإسلام ومخالف لعولمة الإمبریالیة. إنطلاقا مما تقدم کان لابد من راع لهذه الصحوة، کی لا تقع فی براثن المتربصین بها، ولأن الجمهوریة الإسلامیة فی إیران أضحت هی الأنموذج الذییقتدى به، کانت رعایة السید القائد الخامنئی للمؤتمر الأول للصحوة الذی عُقد فی طهران فی السابع عشر والثامن عشر من شهر سبتمبر ایلول 2011، وأوضح سماحة القائد فی مقدمة خطابه فی إفتتاحیة المؤتمر “إن ما جمعنا هنا هو الصحوة الإسلامیة ، أعنی حالة النهوض و الوعی فی الأمة الإسلامیة التی أدت إلى تحوّل کبیر بین شعوب المنطقة" هذا التحول الکبیر الذی اشارإلیه السید القائد کان فعل قوة فی الحضور المؤلف من أکثر من ألف مفکر إسلامی من ثمانین دولة حول العالم. للتمهید لتبادل وجهات النظر بین مفکری العالم الإسلامی حول الصحوة الإسلامیة، والعمل على تشکیل أمانة عامة لمتابعة قرارات المؤتمر وإستمرار مثل هذه الملتقیات والمشاورات بمختلف أنواعها، ومناقشة أهداف وتداعیات الصحوة الإسلامیة ومستقبلها، وترسیخ أسسها ومفاهیمها ودور الإشخاص المؤثرین فیها، وکذلک دراسة المخاطر التی تهددها، من خلال محاولات الغرب منع إنتشارها، کما یبدو من تحرکات أمیرکا وحلف شمال الأطلسی (الناتو) وترکیز مساعی الغرب فی الدول الإسلامیة للتأثیر على العالم الإسلامی والنیل من صحوته[4]. یعتبر السید القائد من خلال خطبه أن "التطوراتالاجتماعیة الکبری تستند دائماً الی خلفیة تاریخیة و حضاریة ، وهی حصیلة تراکم معرفی و تجارب طویلة، وفی الأعوام المائة و الخمسین الماضیة کان حضور الشخصیات الفکریة والجهادیة الکبیرة والفاعلة الإسلامیة فی مصر و العراق و إیران و الهند و البلدان الأخری الآسیویة و الأفریقیة مقدمة تمهیدیة لهذا الوضع الحالی فی دنیا الإسلام"[5]. فیکلام السید القائد الهدف واضح وهو الإسلام، الإسلام الذییرکز على البعد الإنسانی فی حرکة الکون ککل. وکما یدور الحجاج القادمون من کل أنحاء العالم فی الکعبة أثناء طواف الحج فی حرکة واحدة تمثل حرکة الإنسان نحو الله بما فیه منفعة للعالمین. وثقة السید القائد بالشعوب المسلمة کانت واضحة من خلال خطبه وکلماته لیس فقط خلال المؤتمر، بل کان کلما سنحت الفرصة کان یظهر إعجابه بالشعوب الإسلامیة التی تتحرک لتنفض عنها غبار الإستتباع للغرب المتمثل بالحکام الجائرین. کما أن خطابه الوجدانیکان واضحا فی مؤتمر الصحوة عندما تکلم عن مصر العزیزة، وعن ثقته بشعب مصر الصابر على الظلم بقوله انه کان یراهم فی لسان حال أبی الفراس الحمدانی بقوله: أراک عصی الدمع شیمتک الصبر أما للهوى علیک نهی ولا أمر ولکن بعد ثورة الشعب المصری، فهم ما کان الشعب المصری علیه وخاطبه على لسان أبی فراس الحمدانی ایضا مجیبا على الأبیات الأولى بالأبیات المکملة التالیة: بلى أنا مشتاق وعندی لوعة ولکن مثلی لا یذاع له سر ویصف ما جرى فی مصر بالمهم للغایة على صعید تطورات المنطقة، بقوله أن القاعدة الصهیوأمیرکیة القویة فی مصر قد انهارت الان، ولذلک فان أمیرکا وبعض الدول التابعة لها ترکز مساعیها لتغییر المسار الحالی نحو اتجاهات اخرى[6]. ثقة السید القائد بالشعوب الإسلامیة وبنجاحها فی صحوتها واضحة من خلال خطبه وتصریحاته فیکل مناسبة، ویمکن أن نفندها کما یصفها هو کالتالی: 1. ثقته بالحضور الواقعی والشمولی للشعوب فی میدان العمل وساحات النضال والجهاد 2. قدرة الشعوب على إحیاء وتجدید العزة والکرامة الوطنیة التی انتُهکت علیید الهیمنة الدکتاتوریة للحکام الفاسدین و السلطة السیاسیة لأمریکا والغرب 3. العمق العقائدی والعاطفی للشعوب المتمثلة بالإسلام 4. قدرة الشعوب الإسلامیة على الصمود أمام النفوذ والهیمنة الغربیة التی أساءت لهذه الشعوب لعقود من الزمن 5. عدم تهاون الشعوب الإسلامیة مع الإحتلال الصهیونی رغم تهاون حکامهم، بل بقیت قضیة القدس فی قلب الأمة الإسلامیة، إضافة إلى عدم التطبیع مع إسرائیل من قبل الشعب حتى فی الدول التی تربطها علاقة مع إسرائیل، ومقاومة المحتل بوسائل وطرق متعددة 6. ثقته بأن الشعوب الإسلامیة تنهج نهج القرآن، وتدرک النصرة الإلهیة، "إن الله لا یغیر ما بقوم حتى یغیروا ما بأنفسهم". وما حصل من صحوات هو من حتمیة الوعود الإلهیة فی القرآن الکریم. والشعوب التی نزلت إلى ساحة نصرة دین الله من خلال شعار الله أکبر وصلاة الجمعة والجماعة، هی لتنشد نصرة أمة دین الله على الأرض[7]. التحدیات التی تواجه الصحوة فی موازاة الثقة التییبدیها السید القائد تجاه الصحوة الإسلامیة، هناک تحدیات تواجه هذه الصحوة، وأبرز هذه التحدیات هی قدرة الصحوات على معالجةالمشکلات الآنیة التی تقف فی وجهها. وکما کانت الثورة الإسلامیة فی إیران مؤثرة فی الصحوات الحالیة، فکذلک ستکون هذه الصحوات دلیلا على تطبیق تعالیم الإسلام فی العالم ککل. تعانی الصحوة الإسلامیة الآن من تدخل الغرب فی مصیرها، فالغرب یدرک أن الدین لدى هذه الشعوب هو الحاجز الکبیر الذییقف فی وجهه، وها هی الشعوب الإسلامیة نهضت وحققت حلم الأجیال السابقة واللاحقة. کما أن الصحوة الإسلامیة تواجه تحدی آخر وهو فی وضع إستراتیجیات تربویة وإعلامیة لنهضة الأمة الإسلامیة من أجل تحقیق عدالة الإسلام وتحقیق السیادة الفکریة للشعوب الإسلامیة من خلال الإجتماع على ثقافة إسلامیة موحدة تواجه النظام الثقافی الآحادی الجانب الذی فرضه الغرب مهیمنا على ثقافات العالم الإسلامی من خلاله. لذا یرى السید القائد أن الغرب سیحاول أن یلتف على الصحوات الإسلامیة لیمنعها من تحقیق ثقافة خاصة بالعالم الإسلامی تکون أنموذجا عالمیا یحتذى به. کما ویسعى الغرب دائما لتعمیق الإستتباع الثقافی والحضاری بشکل عام، وإلغاء الهویة والعمل على التفرقة والتشتیت الثقافی، وبالتالی إیصال الشعوب إلى لا إنتماء عدا الإنتماء إلیه[8]. ویثق السید القائد بالممانعة الثقافیة لدى الشعوب الإسلامیة التی ستکون عبر مقاومة السیطرة الثقافیة الغربیة عن طریق استعمال الأدوات عینها، من خلال إمکانیة الإستفادة من نظریات علم الإجتماع الثقافی التی تؤکد على أن فعل العدوان الثقافی غالبا ما یستنهض نقیضه، وهذا نوع من أنواع الممانعة الثقافیة[9]. مع الإستفادة من التقنیة العصریة لأنها ملک عالمی[10]. فالمعرکة مع الغرب وأدواته معرکة شاملة ولا یمکن لنا أن نحصرها فقط فی الجانب الثقافی[11]، لأنه على الرغم من وجود الصحوة الإسلامیة التی نعیش برکاتها فإنها تواجه إمتحانا لیس سهلا فی مدى إستعدادها الإلتزام التام بمنهج الإسلام، ولا زلت بحاجة إلى تأکید شخصیتها فی مواجهة التحدیات الجادة، کی لا یکون هناک وضوح فی الرؤیة، وتثبیتا للمفاهیم، لحمایتها مما یزرع حولها من أفکار وما یفترى علیها من تجنیات. وعلى المسلمین کافة العمل على تنقیة المفاهیم للنهوض بالأمة وعدم الوقوع فی الضبابیة. أما التقوقع والخوف على المصیر فهی أمور لا تتفق مع رسالة الإسلام[12]. کنا مستعمرین من قبل الغرب، ولا زال الإستعمار یطمع ببلادنا، ولهذا یدرک مخاطر الصحوة الإسلامیة على مشروعه، مما جعله یکثف الدراسات الإستراتیجیة، ویرسم الخطط لوقف هذه الصحوات ویشوهها. وابراز الأفکار النافرة مثل الإستقلالیة والنهضویة على شاکلة الأنموذج الغربی عبر بعض المثقفین، الذین ینقلون أفکار المشاریع الغربیة من الثقافة الغربیة، من أجل تطبیقها فی بلادنا دون الأخذ بعین الإعتبار إختلاف البیئة والعادات والعقلیة وإمکانیة التطبیق. وهناک بعض علماء الإجتماع یدعون إلى دراسة علم إجتماع المجتمعات التی تحصل فیه الصحوات[13]، کفرع جدید یدخل فی مجال علم الإجتماع. وفیما یتعلق بالتحدی الذی تواجهه الصحوات الإسلامیة من خلال التدخل المباشر غیر الثقافی، یرى السید القائد فی لیبیا خیر دلیل على ما یحصل من تدخل لقوى الناتو المقلق حیال الأوضاع فی لیبیا، ویؤکد أن السیاسات الغربیة فی لیبیا ماکرة وتحاول استغلال انتفاضة الشعب اللیبی للهیمنة على الموارد النفطیة فی هذا البلد، وتثبیت وجوده فی لیبیا کنقطة انطلاق له فی منطقة شمال أفریقیا ککماشة یضم فیها أیضا مصر وتونس[14]. ولإبقاء لیبیا کبلد ضعیف لا حول له ولا قوة له، فلیبیا بلد مهم ینعم بمصادر نفطیة هائلة، کما أنه قریب من أوروبا ولذلکیرید الغرب إضعاف هذا البلد من خلال إثارة الحرب الأهلیة لکییتمکن من الهیمنة علیه فی المستقبل بشکل مباشر أو غیر مباشر، کما أن ما یجری فی لیبیا مماثل للوضع فی الیمن. أما فیما یتعلق بالبحرین فلا یفوت السید القائد مناسبة إلا ویذکر بمظلومیة أهل البحرین ومنعهم من تحقیق صحوتهم، وما یحصل هناک هو خیر دلیل على تحکم الغرب بالحکام، ومحاولاته منع الشعوب الإسلامیة من تحقیق صحوتهم التی توصلهم إلى حکم صائب وسلیم یعیش فیه الإنسان بکرامة. الکلام عن الصحوة الإسلامیة فی نظر السید القائد هو لیس کلام عن مفهوم لا یقبل التأویل أو التفسیر، بل هو حدیث عن واقع ملأالدنیا وشغل الناس، وفجّر الثورات الکبری وأسقط عناصر خطرة فی جبهة الأعداء و أخرجهم من الساحة. و مع ذلکینصح بالحذر لأن الساحة لا تزال هشّة و تحتاج إلی بلورة الأهداف النهائیة من اجل الوصول إلى تحقیقها[15]. وفی هذا ینصح السید القائد الصحوات بالبعد عن المخاطر التی قد تؤثر فی نجاحها ومنها: 1. الإبتعاد عن الغرور والشعور بأن سقوط الحاکم العمیل و الفاسد والدیکتاتوری هو نهایة الطریق. وعدم الارتخاء والغرقفی نشوة النصر[16] 2. عدم الوقوع فی فخ تسلیم مسؤولیة الحکم لمن لدیهم التزامات مع أمیرکا والغرب، لأن الغرب یسعی بعد سقوط أصنامه التابعة له إلى أن یحافظ علی أصل النظام والإمساک بمفاصل القوة فی النظام، بأن یضع رأساً آخرعلى جسم النظام، وبذلکیواصل فرض سیطرته. فإذا استطاع الاستکبار العالمی وزعماء الهیمنة والصهیونیة العالمیة بما فی ذلک النظام الأمریکی المستکبر الظالم رکوب هذه الأمواج وإدارة المشهد فلا مراء أن العالم الإسلامی سیبقییعانی لعشرات من الأعوام المقبلة من مشکلات کبیرة[17]. 3. الإبتعاد عن النماذج العلمانیة واللیبرالیة الغربیة، أو القومیة المتطرفة، أو الإتجاهات الیساریة والمارکسیة فی تشکیل الحکومات الجدیدة [18] 4. إعادة قراءة أصول ومبادئ الثورة بشکل مستمر، وتنقیح الشعارات والطروحات لتتوافق فی التطبیق مع أصول الإسلام و محکماته، وتدوین هذه المبادئ وعدم السماح للغرب بالتدخل فی وضع السیاسات لأن الإنحراف فی الثورات یبدأ من الإنحراف فی الشعارات والأهداف.[19] 5. الإبتعاد عن التمییز القومی والعنصری و المذهبی، ورفض الصهیونیة رفضاً صریحاً[20] 6. مواجهة التکفیریین، وإناطة هذا الواجب المهم لرجال الدین المسؤولین عن التبلیغ الدینی، فیکون أفضل أسلوب للتبلیغ هو معرفة المتلقی وإعداد الأفکار و الأشیاء التییحتاجها التبلیغ و بلغة العصر[21] مستقبل الشعوب الإسلامیة: الصحوة الإسلامیة هی مشروع نهضوی حضارییرتکز على الإسلام فی دائرة الواقعیة العالمیة. وعندما کان الحکم للإسلام وإنتشر فی بلاد غیر المسلمین لم یرغم الأقلیات غیر المسلمة على ترک خصوصیتها الثقافیة، بما فیها إحتفاظها بدینها ومعتقدها کما حصل مع النصارى والیهود الذین احتفظوا بهویتهم الثقافیة المستقلة رغم مرور زمن طویل وهم یعیشون فی بلاد المسلمین وتحت حکم الدولة المسلمة قدیما وحدیثا. بینما المسلمون فی بلاد الغرب یتعرضون للکثیر من الضغوط لتغییر هویتهم. ضغوطات علنیة وواضحة کما نراها فی منع النساء من إرتداء الحجاب واللباس الإسلامی. وأکثر الدول التی تدعی الدیمقراطیة والعلمانیة وتدور فی فلک إمبرالیة الرأسمالیة وعولمتها نراها أشد ضغطا على المسلمین لدیها فی محاولة لإلغاء ثقافته وخصوصیة المسلمین، وفرض لون واحد على کافة البشریة، حتى داخل المجتمعات المختلطة. یخاطب السید القائد شعوب الصحوة ویدعوهم إلى اعتماد الإسلام کإیدیولوجیا منظمة ومتماسکة، تمثل العدل السیاسی والإجتماعی فی شریعته ومبادئه. فالإسلام یتمتع بجاذبیة عالمیة بحیث یمکن أن یصل إلى کافة الجنس البشری، وهذا ما یشکل خطورة على الغرب ومدارسه الفکریة المادیة. من هنا کان على الغرب أن یبتدع أفکارا لاستهداف الإسلام وصحوته وشل حرکته ومحاصرته باسم الأصولیة والأرهاب، واعتبر الإسلام انه هو العدو الحضاری للغرب. ویفخر السید القائد بأن المنطقة تشهد صحوة إسلامیة نتیجة عظمة تواجد الجماهیر فی الساحات، ویعرب السید الخامنئی فیکل مناسبة عن ارتیاحه لانتشار الشعارات والمطالب الاسلامیة بین مختلف الشعوب الاسلامیة معتبرا إیاه باعثا لنشاط الامة وحیویتها. ویحمد الله تعالى لانه بفضله وبفضل ما أنعم علینا من میزات المعارف القرآنیة، نجد واینما ذهبنا فی هذه الأیام أن الشعارات الاسلامیة والقرآنیة أکثر نفوذا وتأثیرا فی الشعوب، على الرغم من الإختراق الثقافی الذییسعى إلیه الغرب دائما[22]. ویعود بالتاریخ إلى ثلاثة عقود ماضیة حیث أثبت الشعب الإیرانی عظمته وإقتداره وتمکنه من إیجاد تحول فی مسار تاریخ المنطقة والعالم، ویرى أن شعوب المنطقة نزلت إلى الساحة ومن خلال حضورها القوی والفعال الذی فکک العقد المستعصیة. فمن کان یتصور ان عملاء أمیرکا والصهیونیة فی المنطقة سوف یتساقطون واحدا تلو الآخر. ویرى أیضا أن تطورات المنطقة هی بدایة لطریق طویل داعیا الشعوب فی مصر ولیبیا وتونس والیمن وسائر الشعوب الى التحلی بالوعی ازاء رکوب الموجة واستغلال الظروف من قبل قوى الهیمنة[23]. إن ما شغل بال الغرب وجعله یخاف الإسلام أکثر من أی ثقافة أخرى على الرغم من وجود أدیان، هو أن الإسلام دین متطور عصری ولکل زمان ومکان. فالإسلام یستفید من التطور العلمی ویستخدمه، وقد کان واضحا کیف أن الإسلام قد إنسجم مع ثورة الإتصالات التی ساهمت فی نشر الإسلام فی العالم. ولأن الغرب یعلن أن الإسلام هو دین التخلف لا یناسبه أن یرى الإسلام یرکب طور التطور العلمی والتکنولوجی. کما ویؤکد السید القائد فی عرضه للتطور العلمی فی الجمهوریة الإسلامیة فی إیران، حیث هی الأنموذج الإسلامی فی التطور العلمی والمتقدم فیکافة المیادین. رغم أن الغرب یتهم إیران بالتخلف الإسلامی ولکنها صدمته وأثبتت له بأن الإسلام یحث على العلم، ووصول إیران إلى صف الدول المتقدمة، ودعوتها العالم کله للحاق بها ومشارکتها بما توصلت إلیه من علم یعارضه الغرب، لأنه یخاف من وصول الإسلام إلى نادی التطور العلمی والتکنولوجی. ویرکز السید الخامنئی على دور الشعب وخاصة دور الشباب فی مجال التقدم العلمی و التقنی فی البلاد[24]، مما ساهم فی تقدم إیران رغم الهجمة الغربیة والحصار المفروض علیها، وها هی تدخل الیوم النادی العلمی وحتى النووی الممنوع عن دول العالم الثالث بما فیها الدول العربیة التییتمتع معظمها بالثراء. طرح السید القائد لهذه المسألة هو کی تکون إیران أنموذجا للصحوات. وتحریک الأمة الإسلامیة لإستعادة الثقة بالنفس، وأنها یمکن لها أن تنجح بإمکانیاتها الذاتیة. ومن خلال استشرافه المستقبل للصحوات الإسلامیة یعتبر أن عصر النهضة الإسلامیة قد بدأ وأن أمواج النزوع إلی الإسلام فی العالم یعود إلی ثلاثة أطوار: 1. الموجة الأولی للنزوع نحو الإسلام إنطلقت تزامناً مع انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران 2. تکونت الموجة الثانیة بعد انهیار النظام المارکسی 3. التحرکات الشعبیة الأخیرة فی المنطقة و یأس الشعوب الغربیة من النظام الرأسمالی هی بمثابة الموجة الثالثة[25] یعتبر السید القائد ان الصحوة الاسلامیة المنتشرة حالیا فی المنطقة والازمة الاقتصادیة الغریبة التییعانی منها الغرب الى جانب تنامی التیارات المتشددة فی الغرب، هی أحداث غیر مسبوقة منذ انتصار الثورة الاسلامیة فی إیران لغایة الآن، وهو حدث عظیم یؤکد علیه فیکل مناسبة، ویؤکد أن أبعاد ما جرى فی مصر وتونس وما یجری فی الیمن لا یمکن التکهن بها، وأن تداعیاتها ستتوضح فی المستقبل. ویرى أن وضع مبارک فی قفص الإتهام ومحاکمته له دلالاته الکبیرة[26]، وقد فاجأت امریکا واوروبا والصهاینة. لذا فجمیع مساعی القوى الاستکباریة تتمرکز حالیا على احتواء تطورات المنطقة. إلا أنه یثق بالصحوة الاسلامیة التی لازالت تواصل تقدمها ولن تعود الى الوراء. فهذه الحرکة برأیه ستکون لصالح شعوب المنطقة. ولکن علیهم التحلی بالوعی والحذر من غدر العدو المتربص بهم لحرف الصحوة عن المسار الصحیح[27]. الصدى العالمی للصحوة الإسلامیة کما کان للصحوة الإسلامیة شعاراتها التی ترددت بالسلوک الذی تبناه الشباب فی الحضور القوی فی الشارع، وکان أهمها شعار: " الشعب یرید إسقاط النظام" فإن الشعوب غیر الإسلامیة التی تعانی من جشع الإمبریالیة والشرکات الکبرى المتحکمة بالإقتصاد العالمی قد استقت من الصحوة الإسلامیة أفکار للإعتراض على سیاسات تفقیر 99% من الشعب وإنحصار الثروة ب1% من الأغنیاء، وصنعت شعارها الخاص "إحتلوا وول ستریت" فتشهد أمیرکا فی هذه الأیام احتجاجات لافتة یقمعها البولیس بشدة ویعتقل المشارکین فیها. وهنا یلفت السید القائد کیف أن هذه الشعوب قد تحرکت بوحی من تحرک الصحوة فی المنطقة الإسلامیة، ویعتبر أن التطورات الأخیرة فی المنطقة و نهضة «وال ستریت» فی أمریکا أنها "التجلی الأصلی للتحرکات الأخیرة فی مصر و تونس و لیبیا و البحرین و الیمن و سائر المناطق وهی هزیمة سیاسات أمریکا، وهی قضیة مهمة رغم محاولة الأمیرکیین التقلیل من شأنها من خلال صمت وسائل الإعلام وأدعیاء حریة التعبیر عن الرأی فی أمیرکا من إعلامیین وساسیین حول نهضة (وول ستریت) المعارضة، وتعاملوا معها بشدة وأفصحوا عن الوجه الحقیقی لحریة التعبیر عن الرأی، وحمایة حقوق الإنسان، وحمایة حریة التجمعاتفی نظام الرأسمالیة واللیبرالیة الدیمقراطیة[28]. الخاتمة: یکرر السید القائد فی خطبه دائما أن ما یبذله الأمیرکیین من جهود للسیطرة على تطورات المنطقة الإسلامیة سیبوء بالفشل لأن شعوب المنطقة استیقظت ولن تجدی السیاسات الإستکباریة شیئا. وأن خشیة امریکا والصهاینة من تحول النظام الاسلامی الى انموذج یحتذى به من قبل شعوب المنطقة کما یظهره الصهاینة وامریکا فی دعایاتهم ووسائل اعلامهم فی انکار هذا الموضوع والتوجهات الاسلامیة لشعوب المنطقة ، فانهم لا یستطیعون تغییر الحقائق الراهنة والحقیقیة. واللافت فی هذه التطورات هو حضور الجماهیر الشعبیة بتوجهاتها التوحیدیة والالهیة بالمعنى الحقیقی للکلمة، وان مرحلة جدیدة بدات فی المنطقة والعالم. ویعتبر السید القائد الخامنئی أن واجب الأمة الإسلامیة و خصوصاً النخبة السیاسیة و الثقافیة فی العالم الإسلامی الحفاظ على الإنجاز، والیوم هو بوم الامتحان الکبیر للبلدان و الشعوب الإسلامیة فالشعوب المسلمة تعرفت علی قدراتها المذهلة وفاعلیتها. والانتفاضات الشعبیة فی المنطقة هی بدایة تطور أساسی فی الدول الاسلامیة والمنطقة، على أمل تتشکیل ائتلاف اسلامی قوی فی المستقبل القریب[29]. لأن الثورات فی المنطقة تتسم بطابع الإسلامیة والشعبیة ومناهضتها لامیرکا والصهیونیة، هذه السمات واضحة فیکافة الثورات لاسیما الثورة اللامعة للشعب المصری، وعلیهم التحلی بالیقظة حیال تحرکات الغرب. والإنتباه إلى أن المساعدات الامریکیة هی احدى الطرق للهیمنة على الشعوب وشعوب المنطقة لاسیما الشعب المصری بتراثه الاسلامی الثقافی الثری، فنبغی أن یتحلی بالدقة لکی لا یعود العدو الذی خرج من الباب الى البیت من النافذة[30]. بعد ان تفاجأ ویحاول إحتواء تطورات المنطقة ولکن الصحوة بنظر السید القائد فی نهایة الطریق ستکون لصالح الشعوب لن تعود إلى الوراء على الرغم من تربص العدو بها[31]. تأثیر الصحوة الإسلامیة العالمی بدأ یظهر، وقد لمح السید القائد إلى ذلک عندما قال أن الموجة التالیة للصحوة التی بدأت فی المنطقة ستکون فی دول خارج نطاق المنطقة، وهذا الحدث سیتحقق[32]. وفی هذا کان لا بد من أن یقدم السید القائد نصیحة حتى للأمیرکیین أنفسهم وینصحهم بقوله: "طریق الخلاص لامیرکا من هذه المستنقعات مثل مستنقع افغانستان لیس فی الأسالیب المادیة والنظرة الإستعلائیة والروح العدوانیة، بل ان طریق الخلاص هو اعتماد أسلوب الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة المتمثل بالمنطق والعقلانیة والمعنویة[33]. عزلة أمیرکا الحالیة واحیاء الصحوة الاسلامیة المفعمة بالأمل بین شعوب المنطقة من المؤشرات الأخرى لتحقیق الوعد الالهی. ومع فشل المحاولات الحثیثة لنظام الهیمنة فان الاسلام والقران تحولا الیوم الى نهج لدى شباب وشعوب المنطقة، هذه هی الحقیقة التی بدأها الشعب الإیرانی ورفع رایتها الخفاقة عام 1979. کما وأن تواجد الاساطیل الامریکیة والاوروبین فی المنطقة أصبح غیر مرغوب فیه بفضل الصحوة، ان فترة فرض القوى الاستکباریة لارادتها على الشعوب بالقوة ولت إلى غیر رجعة ، وحتى لو کانت بعض دول المنطقة ترغب بتبعیة القوى الاستکباریة ، فان شعوب المنطقة باتت واعیة ویقظة وبدات تدرک بان التواجد العسکری الاجنبی فی المنطقة هو سبب غیاب الامن والإستقرار[34]. ویؤکد السید القائد الخامنئی ان قضایا التطلع للعدالة والحریة والکمال کامنة فی فطرة الانسان، وان هذه القضایا الهیة وفطریة ولذلک لا ولن تصیبها الشیخوخة والفتور، ولذلک فان المجتمع الذییتحرک باتجاه هذه الاهداف السامیة سیبقی على حیوتها فلا یصیبها الشلل و الاندثار. ولاینسى السید القائد أن یهنئ الأمة الإسلامیة بصحوتها، ویدعهم للمحافظة الدائمة على هذا الإنجاز. "نهضتم بعمل کبیر ومصیری، لذلک لا بّد أن تتحملوا من أجله أیضاً متاعب کبیرة، أمیر المؤمنین علی علیه السلام یقول: "فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ یقْصِمْ جَبَّارِی دَهْرٍ قَطُّ إِلا بَعْدَ تَمْهِیلٍ وَ رَخَاءٍ وَ لَمْ یجْبُرْ عَظْمَ أَحَدٍ مِنَ الامَمِ إِلا بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلاءٍ وَفِی دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَتْبٍ وَمَا اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَر" فحافظوا على نهضتکم ولا تنسو أهم مطالبالشعوبالثائرةوالمتحررةفی أن یکون لها الحضور الدائم وأن یکون لأصواتها الدور الحاسم فی إدارة البلا، ولا تنسوا التوجه الإسلامی الصحیح المنفتح وغیرالمختلط بالتحجّر والقشور والتعصب الجاهل والمتطرف". | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,111 |
||