الإمام الخامنئی والنهج الإسلامی الشعبی لتحریر فلسطین | ||
الإمام الخامنئی والنهج الإسلامی الشعبی لتحریر فلسطین
فی ضوء الخطاب التاریخی للإمام الخامنئی أمام ضیوف المؤتمر الدولی الخامس لدعم الانتفاضة الفلسطینیة وتأکید سماحته الصریح على (أن فلسطین هی أرض إسلامیة موحدة وغیر قابلة للتجزئة، وأن حدودها تمتد من البحر إلى النهر) تتجلى عظمة الموقف الرسالی والریادی لقائد الثورة الإسلامیة، ودوره المحوری فی مضمار وضع الأمة بمواجهة مسؤولیاتها الحقیقیة بعیدا عن أدنى تفریط بالثوابت والمبادئ، ومهما کلف الأمر من صعوبات وضغوط وتضحیات غالیة. لقد عزَّزت کلمة السید القائد قناعة راسخة فی نفوس المسلمین وأحرار العالم بأن "إسرائیل" هی کیان مصطنع لا یتمتع بأیة مشروعیة، حتى ولو حشد الاستکبار العالمی جمیع إمکاناته السیاسیة والدعائیة والعسکریة من أجل تسویق هذه "الأکذوبة". ففی عالم الیوم أضحت المصداقیة هی الفیصل فی تحدید هویة الأمم والشعوب، وقد نسفت السلوکیات العدوانیة الصهیونیة المدعومة بالانحیاز الأمیرکی ـ الأوروبی المطلق، أیة أرضیة یمکن لإسرائیل التبجح بها إمام المجتمع الدولی للتظاهر بأنها (حمامة السلام)، أو تلک الدولة الضعیفة المقهورة التی تطوقها شعوب بدائیة ترید إلقاءها فی البحر –کما تزعم تل أبیب أمام أنصارها فی الغرب ـ. وقد أعاد القائد الخامنئی إلى الأذهان عبارة سیدنا الراحل الإمام الخمینی (قدس سره الشریف)، فی معرض تقییمه الماهیة التدمیریة للکیان الصهیونی الغاصب، عندما قال قولته المشهورة "إن إسرائیل غدة سرطانیة لابد من إزالتها من الوجود" حیث ثنى السید القائد على هذا الموقف التاریخی الخالد لمطلق الصحوة الإسلامیة العالمیة، بتأکیده على (وجوب تطهیر فلسطین من دنس الصهاینة) محذرا فی الوقت ذاته من أی مخطط یهدف إلى تقطیع أوصال هذا البلد الإسلامی، معلنا رفضه لتقسیم فلسطین إلى دولتین، مذکرا أیضا بأن إسرائیل برهنت خلال العقود الستة الماضیة على عدم وفائها لکل المواثیق والأعراف الدولیة، وأن المجازر والممارسات الوحشیة التی ارتکبتها بحق الفلسطینیین العزّل طوال أکثر من ستین عاما، تقطع الشک بالیقین أن التفاوض معها والوثوق بالوعود التی تطلقها هی وحماتها الأمیرکیون والأوربیون، هو مجرد وهم وخرافة وحلم بعید المنال، لان التجارب الماضیة أثبتت أن الاتفاقیات والمعاهدات التی أبرمتها مع المطبعین، لم تکن سوى حبر على ورق، وهی فی قاموس الصهاینة وسیلة للتحایل والضحک على الذقون. فی هذا المجال أوضح الإمام الخامنئی أمام المؤتمرین وهم رؤساء برلمانات ونواب وزعماء حرکات وفقهاء ومفکرون ومناضلون یمثلون 100 دولة، أن (الصهیونیة تشکل خطرا أخلاقیا وسیاسیا واقتصادیا على المجتمع البشری برمته، وثغرة یتسلل منها الاستکبار العالمی لبسط هیمنته ونفوذه فی المنطقة)، مشددا على أن التمسک بالإسلام هو السلاح الأمضى لإجهاض هذا المشروع التوسعی، وإعادة الاعتبار إلى الأمة التی تعیش حالیا مکاسب الصحوة الإسلامیة المبارکة، باعتبارها –وکما قال السید القائد –أسستلمرحلةمفصلیةجدیدةفی حیاة الأمة الإسلامیة. وأمام ضیوف مؤتمر طهران الدولی الخامس أیضا جدد السید الخامنئی موقف إیران الداعم للقضیة الفلسطینیة موضحا أن طهران لم تتراجع عن هذه المسیرة حتى فی أصعب الظروف وأدقِّها، ولاسیما عندما شن الطاغیة المقبور صدام حسین حربه الشعواء على إیران وثورتها الفتیة، بإیعاز من أمیرکا وبریطانیا والدول الاستکباریة. فقد تحملت الجمهوریة الإسلامیة هذه الطعنة الغادرة، وصمدت مدة ثمانیة أعوام تکابد العدوان الغاشم على البلاد والعباد، لکنها لم تنثن عن معاضدتها الحقوق والتطلعات العادلة والمشروعة لأهلنا فی أرض الإسراء والمعراج، وقد ضربت بذلک أروع الأمثلة فی الإیثار والصبر على المحن والشدائد وفی مقدمة ذلک تجرع مرارة تواطؤ البعض من الجیران والحکومات العربیة مع الإستراتیجیة الأمیرکیة والأوروبیة المناوئة لإیران ومنجزاتها العظیمة فی مختلف المراحل. وفی معرض تنویهه إلى أهمیة عنصر المقاومة فی بعث العزة والشموخ فی نفوس أبناء الأمة المحمدیة الکریمة، اعتبر الإمام الخامنئی أن الانتصارات الباهرة التی حققها أبطال المقاومة الإسلامیة الباسلة فی لبنان وفلسطین، أعطت صورة واضحة عن تعاظم دور التضحیة والنضال والانتفاضة فی العالم الإسلامی، وهو ما انعکس لاحقا فی الثورات الشعبیة فی تونس ومصر والیمن وسواها، ضمن تحرک تغییری عظیم أطاح بمعاقل عتیدة طالما حاربت الأمة وتطلعاتها، فکان جزاؤها السقوط والانهیار ومحاکمة التاریخ. ومن وجهة النظر العقائدیة فإن تبنی إیران نهج التزام قضایا الحق والعدل والمساندة دفاعا عن المظلومین فی الأرض، وفی مقدمهم الشعب الفلسطینی، یملی علیها قیادة وحکومة وشعبا حمایة الناس المضطهدین فی تلک الأرض المغتصبة التی تنشر إسرائیل انطلاقا منها الشر والعدوان والإرهاب فی العالم الإسلامی. وعندما یحض الإمام الخامنئی على واجب مناصرة القضیة الفلسطینیة فإن أبناء الأمة الإسلامیة یدرکون بأن هذا الموقف لا تشوبه شوائب السیاسات اللعینة، لأنه نابع من مقتضیات التکلیف الشرعی التی یعرفها الولی الفقیه العادل الشجاع، والزاهد التقی، الذی یخاف الله سبحانه وتعالى ویخشى معصیته فیکل حرکاته وسکناته. وتتصدى طهران ومعها کل القوى الخیرة، لسیاسة الکیل بمکیالین والمعاییر المزدوجة الصادرة عن مجلس الأمن الدولی فی ما یرتبط بقضایا المحرومیة والاستضعاف، باعتبار أن قراراتها، لا تمیز بین الجهاد المشروع للفلسطینیین والإرهاب الإسرائیلی، وهی تحکم مسبقا بالمساواة بین الضحیة والجلاد، دون تحدید المعتدی الحقیقی، وهم الصهاینة المدججون بالمقاتلات والقاذفات والصواریخ والدبابات والمدرعات التی لا تستخدم إلا فی الحروب النظامیة. فی حین أن المواطنین الفلسطینیین الذین یدافعون عن أرضهم وأهلهم وأعراضهم ویکابدون الغارات الجویة الغادرة والحصار الاقتصادی الجائر فی قطاع غزة منذ عدة سنوات، لا یملکون سوى بعض الأسلحة التقلیدیة، ومع ذلک فأنهم صابرون ومرابطون، وقد اعتصموا بحبل الإیمان والثبات والاستقامة، وتجلببوا بجلباب التضحیة والفداء فی سبیل إحقاق حقوقهم المشروعة التی تتجاهلها القرارات الأممیة باستمرار، على خلفیة سیطرة النظام الرأسمالی العالمی على ما یسمى بمؤسسات الشرعیة الدولیة وقراراتها العمیاء. لقد حمل الإمام الخامنئی الأنظمة الرسمیة فی العالم الإسلامی مسؤولیة تکثیف الجهود والمتابعات من أجل اتخاذ المواقف والإجراءات اللازمة لمکافحة التعجرف الصهیونی، وإجبار الأمم المتحدة ومجلس الأمن، على لجم تمرد إسرائیل وکبح جماح غطرستها، کما استنکر تجاهل المجتمع الدولی لکل نداءات جماهیر الصحوة الإسلامیة الداعیة إلى ردع الکیان الصهیونی عن مواصلة عملیات توسیع مساحات المستوطنات وتهوید المسجد الأقصى، وما ینطوی علیه من تخریب وحفریات بالأحیاء والمقدسات الدینیة. أما على مستوى المستقبل فإن سماحة الإمام الخامنئی ـ وقد أکد ذلکفیکلمته إمام ضیوف الجمهوریة الإسلامیة ـ یرى إمکانیة تطور الوقائع على الأرض فی زمن الصحوة الإسلامیة، لصالح الجماهیر والفصائل الإسلامیة والوطنیة فی فلسطین، وخلافا لأهداف إسرائیل، لأن النتائج القائمة أظهرت قیمة الثورات الشعبیة الهادرة وتأثیرها فی تغییر المعادلات الإقلیمیة والدولیة عبر هذه المواجهة المصیریة، کما هو الحال لما حصل صیف 2006 عندما منی الجیش الصهیونی المعتدی بهزیمة مخزیة على أیدی المجاهدین اللبنانیین المؤمنین الذین بدورهم أهدوا هذا الانتصار الباهر إلى إخوة الدین والعقیدة فی أنحاء العالم، وهم أکثر من ملیار و500 ملیون مسلم. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,733 |
||