الثورة الاسلامیة وبراعة الاطاحة بالاستراتیجیات الامیرکیة | ||
![]() | ||
الثورة الاسلامیة وبراعة الاطاحة بالاستراتیجیات الامیرکیة مرکزالهدى للدراسات
اذا کانت السویةالسیاسیة لحکومات الولایات المتحدة، هی مجرد خرافة واذا کان التقارب الایرانی ــ الامیرکی حلما بعید المنال، فان لهذه الحقیقة اسبابها وعللها التی ربما لا تخفى على ذوی الالباب. ربما حاول الخبراء الاستراتیجیون الغربیون مقاربة ایة معادلة یمکن ان تؤدی الى التناغم بین واشنطن وطهران، بید ان الواقع شیء والتصور شیء آخر، ذلک ان ایران وبعد ستة وثلاثین عاما من ثورتها الاسلامیة المظفرة تدرک تماما بان أی انجذاب نحو الاستراتیجیة الامیرکیة هی بمعنى التفریط بکل ثوابتها المبدئیة والتراجع عن حقوقها الوطنیة العادلة، والتخلی عن التزاماتها الاسلامیة والانسانیة فی المنطقة والعالم. فلقد جمدت العلاقة بین الدولتین علی مرحلة "الفطام" فی الایام الاولى لانتصار الثورة الاسلامیة، وذلک عندما اقدمت الولایات المتحدة على قطع علاقاتها الدبلوماسیة مع ایران على خلفیة احتلال وکر التجسس الامیرکی (فی یوم 13 آبان 1358 حسب التقویم الایرانی) (الموافق 3 تشرین الثانی 1979)، ویکفی هذا الموقف الامیرکی للبرهنة على ان استراتیجیة واشنطن الاستکباریة قد اججت من یومها نیران مناصبة العداء لطهران، وهی لاتزال تواصل هذه النزعة الشیطانیة ، رغم ان الجمهوریة الاسلامیة اضاءت الشمعة السادسة والثلاثین لمسیرتها التحرریة والثوریة الصامدة، دون ان تؤثرالضغوط والعقوبات والسلوکیات الاستفزازیة الامیرکیة، فیها ابدا. ان البون الشاسع الذی یفصل بین ایران وامیرکا، هو نتیجة "نظرة استعلائیة" لا تتحمل مسؤولیتها سوى "الولایات المتحدة" ذاتها، ولسبب واحد هو انها غارقة الى حد الثمالة فی "وهم القدرة المطلقة"، الامر الذی یجعلها تقیم جمیع حساباتها على هذا الاساس، وفی مثل هذه الحالة فان من الطبیعی، ان تنفر الجمهوریة الاسلامیة من أی جنوح للتقارب مع هذه الدولة المستکبرة، خصوصا وان دوائر الولایات المتحدة لم تدخر وسیلة دنیئة الا واستخدمتها لتقویض الثورة الاسلامیة ومنجزات ایران العظیمة فی جمیع المجالات سیاسیا واقتصادیا وثقافیا وعلمیا وتسلیحیا ودورا جیواستراتیجیا على مستوى المنطقة والعالم. اما فی ما یتعلق بامکانیة قیام تجانس فی السیاسات والمواقف الاقلیمیة والدولیة، فالواضح عدم توفر مثل هذه الارضیة لدى کلا الطرفین، باعتبار ان امیرکا واحداثیاتها العابرة للقارات، غیر مستعدة ابدا للتنازل عن أی شیء یمکنه ان یؤثر فی تحقیق مآربها السلطویة والاستغلالیة . لقد تسببت هذه السیاسات على الدوام فی اثارة حفیظة الثورة الاسلامیة التی ترفض ادبیاتها التحرریة الانحناء امام التیارات الاستکباریة العارمة ولاسیما على مستوى منطقة الخلیج الفارسی والعالم الاسلامی. وقد ادى ذلک الى قیام صدامات واحتکاکات متواصلة بین طهران وواشنطن، باعتبار ان السیاسات الامیرکیة هذه، تربک التوازنات الاقلیمیة والدولیة باتجاه الاضرار بالمصالح الایرانیة و العربیة والخلیجیة والشرق اوسطیة، وهو ما یعنی تحریض الجمهوریة الاسلامیة وحلفائها على حشد جمیع طاقاتهم وقدراتهم فی سبیل لجمها واجهاضها، کما حصل فی افشال اهداف الاحتلال الامیرکی للعراق وافغانستان، وتحطیم اعمال الغطرسة واستعراض العضلات فی میاه الخلیج الفارسی، اضافة الى اذلال "اسرائیل " المجرمة بالکثیر من الهزائم والاندحارات العسکریة على ایدی المقاومة الاسلامیة الباسلة فی لبنان وفلسطین.وبعد هذا وذاک وقوف ایران سدا منیعا امام محاولات "التحالف الامیرکی الاوروبی الصهیونی الخلیجی الترکی" لاسقاط سوریا من محور قوی المقاومة و الممانعة فی الشرق الاوسط. فی ضوء ذلک یخطئ من یعتقد بامکانیة ایجاد مواءمة او مساکنة للادوار بین واشنطن وطهران فی المنطقة، نظرا لتباین العقیدة السیاسیة للطرفین من جهة واختلاف الرؤیة الاستراتیجیة لهما حول القضایا الاقلیمیة والعالمیة اختلافا شاسعا من جهة اخرى. وهنا من الواجب معرفة حقیقة ان معالجة التجاذبات المتبادلة، لایمکن ان تقف الا عند حدود التمنیات والآمال والخیالات، واحیانا عند حدود المواقف الاعلامیة التی عادة ما تبادر الاوساط الامیرکیة وعلى ارفع المستویات الى اصدارها للایحاء بان ثمة اجواء یمکن ان تشجع الحوار والتفاهم بین الخصمین اللدودین مهما کانت کان الهوة سحقیة بینهما. الثابت ان هذه الاثارات سوف تبقى اسیرة التکهنات الجوفاء، ویعود السبب فی ذلک الى ان الطرف الامیرکی لیس جدیرا بالثقة ولایمکن الاعتداد باطروحاته التی هی فی معظمها قریبة من عوالم الالغاز والطلاسم، وازاء ذلک فان الجمهوریة الاسلامیة تعتبر الانجرار الیها أو الانخراط فیها، لیس سوى مضیعة للوقت او الدخول فی حلقة مفرغة. من هنا لم یکن عبثا ان یعتبر قائد الثورة الاسلامیة آیة الله السید علی الخامنئی، (حدیث امیرکا عن الحوار تزامنا مع مواصلة الضغط والتهدید ضد ایران، سلوکا مخادعا) موضحا سماحته لدى استقباله - یوم الخمیس الماضی 7/شباط/ 2013- ضباط وکوادر القوة الجویة الایرانیة فی ذکرى البیعة للامام الخمینی الراحل (قدس سره) عقب عودته الى الوطن وقبیل انتصار الثورة الاسلامیة المبارکة باربعة ایام عام 1979 بالقول: )ان استمرار الضغوط والتهدیدات الامیرکیة المختلفة على ایران منذ 34 عاما، وتقارن ذلک مع تصریحات المسؤولین الامیرکیین بشأن التفاوض والمحادثات مع الجمهوریة الاسلامیة، دلیل واضح على غیاب حسن النیة لدى ا لمسؤولین فی الولایات المتحدة). فقد خاطب السید الخامنئی خلال کلمته بأمراء الجیش ومنتسبیه فی القوة الجویة، المعنیین فی الادارة الامیرکیة قائلا: (اننا ندرک حاجتهم للحوار لان السیاسة الامیرکیة فی الشرق الاوسط لقیت الفشل، وهم بحاجة الى اکتساب ورقة رابحة لتعویض اخفاقاتهم). واضاف قائد الثورة: (انتم تصوبون اسلحتکم نحو الشعب الایرانی، ثم تقولون: اما الحوار واما ان نطلق النار! لکننی اقول: اعلموا بان الضغط والحوار امران متناقضان، وان الشعب الایرانی لن ترعبه مثل هذه الامور). من هذا المنطلق ومن وحی کلام السید القائد یمکن الجزم بان مشکلتنا مع امیرکا تکمن فی طبیعة العلاقة المتبادلة فی ما بیننا ، وهی التی وصفها سیدنا الامام الخمینی(قدس سره) منذ القدم بانها کـ (العلاقة بین الذئب والحمل(. وعلى هذا الاساس یتضح من کل مضى هویة الاختلاف الجذری بین ایران الثورة الاسلامیة وامیرکا المستکبرة واستحالة ردم الهوة العمیقة بینهما منذ اکثر من(34 عاما )، وذلک بسبب لغة الغطرسة الامیرکیة التی لا تسمح للطرف المقابل بان یکون رقما ولو صغیرا فی التوازنات العالمیة، الامر الذی ضربته الجمهوریة الاسلامیة عرض الحائط، وقدمت بذلک نموذجا فذا فی الاستقلال والسیادة والحریة الناجزة وامتلاک نواصی القدرات العلمیة والصناعات العسکریة والفضائیة والبحریة والبریة واحتراف شفرات الحروب الالکترونیة وانتاج الطاقة النوویة السلمیة فضلا عن مفاجآت اخری لاترید طهران الافصاح عنها حالیا؛ وکل ذلک على الرغم من انوف الطغاة الغربیین والصهاینة والرجعیین.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,374 |
||