إطلالة على تراث الإمام الرضا (علیه السلام) | ||
![]() | ||
إطلالة على تراث الإمام الرضا (علیه السلام) رسول هاشمی ورثنا عن أهل بیت النبوة(ع) کلماتٍ من نورٍ ومواقف مضیئة؛ هی من غایة المطلوب فی الاقتداء بهداهم، إذ یلزم على محبیهم الامتثال لأقوالهم الثابتة، والاقتداء بأفعالهم وسلوکیاتهم قدر المستطاع، وذلک من حقیقة حبهم والمعرفة بهم وتقدیر مکانتهم، ومن سعادة الإنسان أن تکون شخصیته قائمة على أسس معارفهم قولاً وفعلاً. کثیرون یکترثون بمتى ولد الإمام الفلانی، وکیف استشهد، ولکن الأهم هو الاهتمام بما قدمه الأئمة الأطهار(ع) من أقوالٍ ومواقف تمثل دستوراً أصیلاً فی بناء شخصیة الإنسان والسمو به وبعلاقاته مع الذات الإلهیة ومع نفسه والآخرین. لقد طرق أئمة أهل البیت(ع) کل باب وکل جانب من جوانب الحیاة، صغیرها وکبیرها، وقدموا دروسًا وخططًا کمالیة للحیاة فی کل اتجاه، حتى لا یجد المسلم نفسه تائهًا عن مرشدٍ یرشده إلى جادة الطریق، فتتلقفه أفکار الآخرین یتخبط فیها ویتذبذب. لنأخذ مثالاً؛ تراث الإمام علی بن موسى الرضا(ع)، وهو تراث عظیم بما فیه، خصوصًا وأن الإمام الرضا استثمر وضعه السیاسی ـ أتم الاستثمار ـ، ولذلک فقد أتاح الفرصة لنفسه لیبین للناس العلوم الحقة ویردّ على التساؤلات والشبهات، ابتداء من منزله وانتهاء بقصر الخلیفة العباسی آنذاک، والمطلع على المروی عن الإمام الرضا(ع ( یجد فیه معارف وعلوم کثیرة، وإجابات عن استفهامات قد تکون مثارة لدیه. ومن أکثر ما یُلفت المتأمل فی تراثه، الجرأة والهدوء والثقة فی التعاطی مع المخالفین لرأیه، کما أن المتتبع لتراث الإمام علی بن موسى الرضا (علیه السلام ) یجد أثر القرآن الکریم واضحًا فی أقواله وأفعاله، کیف لا، وأهل البیت(ع) هم القرآن الناطق، والترجمان الحقیقی له، بل الثقل الآخر المکمّل له، ولا یستقیم الدین بالقرآن وحده دونهم، کما یستحیل فصل أهل البیت(ع) عن القرآن الکریم، فهو الذی یجری فی دمهم ویظهر فی تحرکاتهم وبین ألسنتهم. وفی زمنه کان حجم التساؤلات القرآنیة کبیرًا، کما یبدو أن تفسیر القرآن الکریم والاستشهاد بآیاته له قیمته فی الحجة آنذاک، وبالطبع لا مرجعیة أعلى من مرجعیة الکتاب، وفی ظنی أن الإمام الرضا(ع) ساهم فی صنع هذه الحالة من التوجه نحو القرآن الکریم عند أبناء زمنه. قال إبراهیم بن العباس ـ وهو أحد أصحاب الإمام الرضا(ع): ما رأیت الرضا(ع) یسأل عن شیء قط إلا علِم، ولا رأیت أعلم منه بما کان فی الزمان الأول إلى وقته وعصره، وکان المأمون یمتحنه بالسؤال عن کل شیء فیجیب فیه، وکان کلامه کلّه وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن، وکان یختمه فی کل ثلاثة ویقول: لو أردت أن أختمه فی أقرب من ثلاثة لختمت، ولکنی ما مررت بآیة قط إلا فکرت فیها وفی أی شیء أنزلت وفی أی وقت؟ فلذلک صرت أختم فی کل ثلاثة أیام] عیون أخبار الرضا: 2/193. [وإلیک هذا النص من عیون أخبار الرضا 2/137ـ138] عن محمد بن موسى الرازی، قال: حدثنی أبی، قال: ذکر الرضا(ع) یومًا القرآن، فعظم الحجة فیه والآیة والمعجزة فی نظمه، قال: هو حبل الله المتین وعروته الوثقى وطریقته المثلى، المؤدی إلى الجنة والمنجی من النار، لا یخلق على الأزمنة ولا یغث على الألسنة، لأنه لم یجعل لزمان دون زمان، بل جعل دلیل البرهان والحجة على کل إنسان، (لا یَأْتِیهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَکِیمٍ حَمِیدٍ) [فصلت: 42[. وهذا هو غایة المطلوب منا أیضًا، بأن نجعل القرآن الکریم طریقنا المؤدی إلى الجنة والمنجی من النار، لیس بتلاوته فحسب، وإنما بالاهتداء بهدیه. وإلى جانب النصوص التی تضم معارف مرکزة معتمدها القرآن الکریم؛ نجد فی تراث الإمام علی الرضا(ع)الکثیر من الکلمات والتوجیهات التی لو امتثلنا لها لارتقینا بأنفسنا؛ روحًا وجسدًا، نذکر بعض صورها على نحو الإیجاز، وعلى القارئ أن یرجع إلى کتب الروایة للوقوف على مزیدٍ من الروایات والتوجیهات، وإن کنتُ أنصح بضرورة قراءة کتاب (عیون أخبار الرضا) للشیخ أبی جعفر الصدوق، أو کتاب (مسند الإمام الرضا) من تألیف الشیخ عزیز الله العطاردی، والکتابان مطبوعان ومتوفران. ومن کلماته القصار: 1-حسن الظن بالله سبحانه وتعالى وأثره: أحسن الظن بالله، فإن الله عز وجل یقول: أنا عند ظن عبدی المؤمن بی، إن خیرًا فخیرًا وإن شرًا فشرًا [مسند الإمام الرضا: 1/273[. 2-المعصیة تذهب بالنعم: اتقوا الله أیها الناس فی نعم الله علیکم، فلا تنفروها عنکم بمعاصیه، بل استدیموها بطاعته وشکره على نعمه وأیادیه [مسند الإمام الرضا: 1/304[. 3-أثر البکاء على مصائب أهل البیت (علیه السلام:من تذکر مصائبنا فبکى وأبکى لم تبک عینه یوم تبکی العیون، ومن جلس مجلسًا یحیی فیه أمرنا لم یمت قلبه یوم تموت القلب ]عیون أخبار الرضا: 1/264]. 4-تکفیر الذنوب بالصلاة على النبی وآله: من لم یقدر على ما یکفر به ذنوبه فلیکثر من الصلاة على محمد وآله، فإنها تهدم الذنوب هدمًا، وقال: الصلاة على محمد وآله تعدل عند الله عز وجل التسبیح والتهلیل والتکبیر [عیونأخبارالرضا[ 1/265]. 5-الدعوةإلىالحلم والعلم والصمت: من علامات الفقه: الحلم والعلم والصمت [مسند الإمام الرضا: 1/264[. 6-عدم الاستهانة بصغائر الذنوب: الصغائر من الذنوب طرق إلى الکبائر، ومن لم یخف الله فی القلیل لم یخفه فی الکثیر، ولو لم یخوف الله الناس بجنة ونار لکان الواجب أن یطیعوه ولا یعصوه لتفضله علیهم وإحسانه إلیهم وما بدأهم به من إنعامه الذی ما استحقوه]عیون أخبار الرضا:[ 2/193. 7-الإحسان للذات وغفران الله: إن أحسنتم.. أحسنتم لأنفسکم، وإن أسأتم فلها رب یغفر له،عیونأخبارالرضا 1/267 8-الکتمان والمداراة والصبر:لا یکون المؤمن مؤمنًا حتى تکون فیه ثلاث خصال: سنّة من ربه، وسنَة من نبیه (صلى الله علیه وآله)، وسنّة من ولیه (علیه السلام).. فأما السنّة من ربه فکتمان السر، وأما السنّة من نبیه (صلى الله علیه وآله) فمدارة الناس، وأما السنّة من ولیه (علیه السلام)فالصبر فی البأساء والضراء [تحف العقول: 442[. 9-إعانة الضعیف: عونک للضعیف من أفضل الصدقة [تحف العقول: 446].10- صلة الرحم: صل رحمک ولو بشربة من ماء، وأفضل ما توصل به الرحم کف الأذى عنها [مسند الإمام الرضا: 1/264[. 11-العقل والجهل: صدیق کل امرئ عقله، وعدوه جهله]تحف العقول: 443[. 12-النظافة والتطیب: لا ینبغی للرجل أن یدع الطیب فی کل یوم، فإن لم یقدر فیوم ویوم لا، فإن لم یقدر ففی کل جمعة، ولا یدع ذلک] عیون أخبار الرضا 1/252 | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,663 |
||