فی علة خروج النساء مع الإمام الحسین
بسم الله الرحمن الرحیم
أود ان أبین علة أخراج الإمام الحسین علیه السلام نساؤه معه إلى ارض الطفوف کربلاء مع علمه بانهن سوف یتعرضن للسبی وسیبقین بلا حمى ولاناصر ولامعین إلا الله تعالى.والذی یدقق فی القضیة ویحیطها بعلمه وتفکره ومن جمیع جهاتها یجد الحکمة الحسینیة فی جلبهن معه وإن أهم شیء عند الرجل الغیور صیانة حریمه هذا اصل مبحثی لکنی بدایةسأبین أیوجد فی الحیاة دور للمرأة على مر هذه العصورام لا وماهو دورهابین القرآن الکریم أنه لافرق بین المرأة والرجل إلا بالتقوى مع وجود الفارق فی الشکل والهیئة الظاهری لکل من المرأة والرجل حیث قال تعالى (یاأیها الناس إنا خلقناکم من ذکرٍ وأنثى وجعلناکم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أکرمکم عند الله أتقاکم)) الحجرات– 13
مرت علىالمرأةأربععصور
عصر الجاهلیةالأولى
الذینکانوایعتبرونهاکأداة تؤدی الأعمال ، وتنجب الأولاد ،وکان الإبل والحیوانات أهم منها وأنها کالة أستیراد وتصدیر وتباع وتشرى ،غیر الؤد والدفن منذ الولادة ولاحق لها من الناحیة الزوجیة والأرثیة،
وحتى سنوات غیر بعیدة عنا کانوا یعتبرونها من مخلفات الشیطان بحجة أخراجها أبینا آدم علیه السلام من الجنة ، وأنها تقسم من ضمن ترکة الزوج أما أن تزوج للإبن أو العم هذا إذا ماحرقت مع جثة زوجها وهی حیة ،حتى جاء عصرالإسلام الذهبیبالنسبة للمرأة من أول تبلیغ الرسول صلى الله علیه وآله الإسلام فی مکة وحتى أستشهاده فضمن لها بل وأثبت لها حق الإرث من الأبوین والزوج وممارسة حقوقها فی بیت الزوجیة وأعطاها الحق فی التعلم وتطویر الذات والحریة ولها الحق فی المطالبة بحقوقها إن سلبت منها ،وهذا ماجرى على الزهراء علیها السلام من سلب حقها بفدک فی بدایة العصر الثالث عصر مایسمون نفسهم بالشیخین والخلفاء حیث نهضت سلام الله علیها وسماح أمیر المؤمنین علیه السلام لها بالخروج والمطالبة بحقها فی مکان مهم ووقت مناسب وهو المسجد النبوی وکان مکتضا بالناس لیصل کلامها للناس أجمع بإن الجاهلیة الأولى رجعت بهذا العمل وأهم شی کان فیه سلب حقوق المرأة
العصر الرابع الذی عاشته المرأة هو العصر الأموی
وأما العصر الأموی فقد عانت المرأة أیما معاناة فی هذا العصر من مشاهدة التنکیل والقتل والتشرید والصلب على الجذوع لکل من ینتمی أو یوالی علی إبن أبی طالب علیه السلام أو یشکون فی انتمائه له، وظهور المذاهب کالجبریة التی مارست دور المخدر فی شل الحرکة الثوریة عند الناس وجعلهم یرضخون لحکم الظالم ویمکن وصف هذه المرحلة بالفوضى الدینیة والسیاسیة والاجتماعیة وکثر نشر الروایات الموضوعة التی لایتمکن الرجل من تمییز الصحیح من الموضوع أو بالمتغیرة التی سلبوا منها فضائل الإمام علی علیه السلام ونسبها الى معاویة فضاع العلم ، غیر الترصد بکل من یشکون بولایته لأمیر المؤمنین علی علیه السلام فإنهم إن تمکنوا من ألقاء القبض علیه قتلوه بعد التمثیل به ، وإن هرب من بین أیدیهم أخذوا نسائه رهائن حتى یُسلم نفسه ، فبسبب هذه الظروف رجعت المرأة الى الجاهلیة الکاملة وصارت متخلفة وحبیسة بین جدران البیوت والتخلف والوهم وهذا ماخلفه معاویة وطوره أبنه یزید عندما نصبه ولیاً للعهد ومن ثم بعد أستلامه الخلافة والحکم وأخذ یطور هذه المخلفات الرذیلة
وکان یعرف إنه لایتمکن أکمال هذا المشروع الجاهلی إلا بقتل الحسین علیه السلام وطلب من أعوانه أن تؤخذ البیعة منه علیه السلام وإلا تؤسر نساؤه رهینة حتى یسلم نفسه إذا رفض البیعة فخرج علیه السلام بنسائه وحریمه لیلاً خائف یترقب ،ولما وصل علیه السلام الى مکة وعلم اللعین بمکانه قال أقتلوه ولو کان معلقاً بأستار الکعبة فحل أحرامه علیه السلام وتوجه نحو کربلاء بنسائه هذه المرة لعدة أهداف ، معلناً عن قیامه قائلاً" إنی لم أخرج أشراً ولابطراً ولامفسداً ولاظالماً... "( وهذا بیان منه علیه السلام ویذکر لنا صفات هذا الحاکم الذی یطلبون منی ان أبایعه) وإن مثل هکذا رجل یحمل هذه الصفات لابد من القیام بوجه وأیقافه عند حده کی لاینشر معتقادته ویورث الناس صفاته ویکونوا مستقبلا کالحیوانات المفترسة التی تلتهم بعضها البعض عندما تحظى بفریسة ،ویبین علیه السلام إن هذا تکلیف عینی قد وقع علیه بعدما وصل جلاوزة اللعین بأخذ البیعة له من الحسین علیه السلام فصارت المواجهة مباشرة وبکل وقاحة وفی وسط داره علیه السلام ،وفی منتصف اللیالی آنذاک إن صح التعبیر وبعید عن انظار ومسامع الناس فإنهم یعلمون هذا الشیء خطأ وقصدهم الغدر، فقام علیه السلام من ثم بین سبب خروجه (إنما خرجت لطلب الإصلاح فی أُمة جدی أمر بالمعروف وانهى عن المنکر ..) فسار علیه السلام لیلا بنسائه ، وبهذه التکملة لکلامه بین أنه لم یخرج مع نسائه للنزهة وطلب الراحة والاستجمام بل من أجل مبدأ وعقیدة وأبلاغ رسالة ملقاة على عاتقه وإنهن علیهن دور لابد لهن ان یبلغنه فی هذا الخروج وهذا القیام ولهذا التبلیغ وقت معین، فکانت النساء اللواتی خرجن مع الإمام الحسین علیه السلامینقسمن الى مجموعتین
المجموعة الأولى : حرائر آل البیت علیهم السلام ونساء بیت الوحی وهن اللواتی هاجرن معه من مکة إلى کربلاء ، وهی المجموعة التی تعرضت لأقسى التحدیات والخطوب .
والمجموعة الثانیة: نساء مؤمنات زوجات الصحابة والأنصار ، وکان حضورهن عرضیاً لم یخضع لتنسیق مسبق أو برمجة مسبقة .
وهنا علة أخراج الإمام الحسین علیه السلام نسائه معه
ملاحظة :
ذکرفیقصةالسبی لنساء آل الرسول أنه بعد مقتل الإمام الحسین علیه السلام حُملت نسائه الى الکوفة برزت کل قبیلة وعشیرة وأخذت او حررت نسائهم من الأسر والسبی أی زوجات الأنصار والصحابة (( بس ظلن الماعدهن عشیرة )) هذا البیت الذی ننعى به السیدة زینب علیها السلامأی إن المجموعة الثانیة من النساء قد فارقن نساء الحسین علیه السلام وبقین سلام الله علیهن وحده مأسورات لأحد یأتی من قبیلتهن لیحررهن لأنهم أضاحی مجزرة مرمین على رمضاء کربلاء. ولذلک حکمة إلهیة لیبین أحقیة نساء آل البیت علیهم السلام فی تبلیغ اهداف قیام الإمامالحسینعلیهالسلام.
وبما إنه نعتقد بإن الإمام الحسین علیه السلام عالم بالغیب ومن لم یعتقد بذلک فإن الأحادیث والروایات التی ذکرها الرسول الاکرم صلى الله علیه وآله حول واقعة کربلاء واحداثها یتبین له أن جده المصطفى صلوات الله علیهم قد اخبره بما سیجری علیه وعلى نسائه ،فإنه علیه السلام کان عالم بإنه ستقع مجزرة علیه بذبح أبناءه وأخوته ورجاله وجمیع أنصاره حتى رضیعه وکیفیة مقتله یعرفها وان قیامه سینتهی بمعرکة لم تستمر إلا لبضع ساعات وتسبى نسائه وکل شیء ینتهی ، فلابد من وجود شخص یبلغ الناس أهداف هذا القیام وأهمیته ومن أجل ماذا قام علیه السلام وان یبطل کل أقاویل الکذب والأفتراء علیه بأنه خارج عن طاعة الدولة والقوانین .
لذلکأخرجمعهعلیه السلام مجموعة من النساء العالمات الخطیبات البلیغات اللواتی یجدن الکلام الفصیح والبلیغ الذی یفهمه جمیع الناس والبشریة على مر العصور والزمنة ،
وهذا التکتیک الذکی من قِبل الإمام الحسین علیه السلام والسلاح الذکی الذی دمر به عروش الکذب والزیغ والاهواء. فأخرج معه السیدة زینب علیها السلام الشبیهة بأمها الزهراء وابیها علی علیهما السلام حیث ان أهل الکوفة لما سمعوها نسبوا صوتها وکلامها الى أبیها علی إبن ابی طالب ، وتمکنت ببلاغتها ان تسکت الجمیع بعدما امرتهم بأن یسکتوا فسکتوا ،فَبَّلغن ماقاساه الإمام الحسین وماجرى علیه فی سبیل إقامة الدین والشرائع ، ووصل سلاح الإمام الحسین علیه السلام الخفی إلى قلب عاصمة یزید الشام ودمر عرشه ببلاغة السیدة زینب والسیدة سکینة ورقیة ورباب وغیرهن ،وبین حقیقة الدین الذی یعتقد به وأنتهت واقعة الطف بأنتصار الحسین والإسلام وهزیمة یزید والکفر.. حتى ارجعهن الى دیارهن بأسرع وقت وأعترافه بخسارته للعرش والحکم بسبب قتله الحسین وسبی نسائه ،
فإذن أخرج الإمام الحسین علیه السلام معه نساء فکن
1- مبلغات وخطیبات
2- کن السلاح القاضی والقاتل لأحکام الجاهلیة التی کانت تحتضن الشاموالمناطقالمحیطة بها.
3- کن وسائل الإعلام لنقل الأحداث والوقائع التی قاساها الإمام علیه السلام فی سبیل تحریر الإسلام من أغلال یزید ومعتقده ، وکیفیة تعلیمه لنا أن الحریة والکرامة إذا کانت لاتنال إلابالدفاع عنها وإن کان ذلک الدفاع یؤدی الى الموت والشهادة وعدم الإستسلام للعبودیة والأسر والرق .
وآستمر تبلیغهن وتوضیحهن ونشر واقعة الطف وتلک الأهداف النبیلة حتى مابعد کربلاء وطیلة مسیرهن فی فترة الأسر وبعد رجوعهن للمدینة وبالخصوص یرجع الدور الأکبر للسیدة زینب علیها السلام، حتى أمر اللعین بأعتقال السیدة زینب الى مقر حکومته ، لأن الإمام زین العابدین علیه السلام لم یتمکن من نشر ماجرى علیهم فی کربلاء بسبب حبسه من قبل اللعین یزید وجعله تحت الإقامة الجبریة فی داره ومنع عن المنبر منذ أن أمر المؤذن أن یؤذن فی مسجده لعنة الله علیه وقطع علیه خطبته
وبمعنى آخر بین علیه السلام إن المرأة لها الدور الکبیر فی إبقاء الدین والحفاظ على أحکامه ، وحالها حال الرجل من ناحیة التبلیغ للأحکام الدینیة ، ونقل الوقائع التاریخیة ، وإنها کائن حی مثقف واعی لافرق بینها وبین الرجل الا بالتقوى وکل ذلک بالحفاظ على الحجاب والموازیین الشرعیة .