الحرب على سوریة لن تنتهی ما دامت أدواتها موجودة فی الداخل السوری !؟ | ||
الحرب على سوریة لن تنتهی ما دامت أدواتها موجودة فی الداخل السوری !؟ هشام الهبیشان فی البدایة علینا أن نعترف إنه أمام کلّ التضحیات الجسام التی قدّمها السوریون، فإنّ الحرب التی أرادتها القوى التآمریة على الدولة السوریة لن تنتهی، ما دامت أدواتها الإرهابیة وأوراقها القذرة موجودة على الأرض السوریة ولذلک تؤمن الدولة السوریة وحلفاؤها الیوم بأنّ حجم إنجازاتها على الأرض واستمرار معارک تطهیر أراضیها من رجس الإرهاب، وبالتوازی مع ذلک المضیّ قدماً فی مسیرة الإصلاح والتجدید للدولة السوریة مع الحفاظ على ثوابتها الوطنیة والقومیة، هو الردّ الأنجع والأفضل والأکثر تأثیراً الیوم على هذه القوى، التی بدأت تقرّ تدریجیاً بفشل مشروعها، مع زیادة حجم الخسائر التی تتلقاها على الأرض السوریة. الیوم، هناک معلومات موثقة تقول إنّ الدولة السوریة تتعرّض لحرب استنزاف کبرى، وتشیر إلى أنّ هناک ما بین 31 و34 ألف إرهابی عابر للقارات یقاتلون فی شکل کیانات مستقلة مثل "داعش” و”النصرة”، أو فی صفوف ما یُسمّى "قوات المعارضة السوریة”، وتفید المعلومات عینها، بأنّ هناک حوالی 60 ألف مسلح سوری یقاتلون الجیش العربی السوری، وهؤلاء عبارة عن أدوات فی أیدی أجهزة استخبارات الدول الشریکة فی المؤامرة على سوریة، وأنّ هناک حوالی 20 جهاز استخبارات غربیاً وعربیاً وإقلیمیاً یعمل الیوم داخل أراضی سوریة. إنّ أدوات الحرب المذکورة کادت، خلال فترة ما، أن تنجح بإسقاط سوریة فی الفوضى العارمة، فعندما نجد أنّ کمّاً هائلاً من المسلحین العابرین للقارات والمدجّجین بالسلاح قد أدخلوا إلى سوریة طیلة عمر هذه الحرب على سوریة، وبعضهم ینتظر دوره للدخول إلى معسکرات ترکیا والسعودیة، یتّضح لنا أنّ الهدف من التورید المستمرّ للإرهاب هو ضرب منظومة صمود سوریة وعقیدة جیشها واستنزاف قدراته اللوجستیة والبشریة، لأنّ تفکیک الدولة وجیشها الوطنی هو الشرط الأساس لاستکمال تفکیک مجتمعها، ولولا یقظة الدولة السوریة منذ اللحظة الأولى لانطلاقة الحرب علیها لکانت سقطت سوریة کلّ سوریة لکنها أدرکت مبکراً حجم الحرب الشرسة ضدّها، وتنبّهت لخطورة ما هو آتٍ، ورغم حجم الدمار الهائل الذی أصابها بعد أربعة أعوام ونصف العام من التدمیر الممنهج والخراب والقتل والتهجیر، تمکنت من الصمود. وهنا بالتحدید یعلم اغلب المطلعین على خفایا الحرب على سوریة ،بأنّ المعرکة فی سوریة لم تکن فقط معرکة مع مجموعات إرهابیة عابرة للقارات، بقدر ما کانت ولا تزال معرکة مع نظام عالمی جدید یُرسم للمنطقة، وینسج خیوط مؤامرته فی سوریة لیعلن عن قیامه بقیادة قوى الإمبریالیة العالمیة والماسونیة الیهودیة الصهیونیة، وهذه المؤامرة تعکس حجم الأهداف والرهانات المتعلقة بکلّ ما یجری فی سوریة، وهی الأهداف المرسومة التی تتداخل فیها الحسابات الدولیة مع الحسابات الإقلیمیة، کما تتداخل فیها ملفات المنطقة إلى أقصى الحدود، إلا أنّ الجیش العربی السوری صمد وکسر بصموده کلّ الرهانات الغربیة والإقلیمیة والعربیة، فالجیش السوری حقق إنجازات کبیرة وهائلة فی المیدان أذهلت العالم وغیّرت سیاسات ورسمت معادلات جدیدة، لا یستطیع أحد القفز فوقها، والأهمّ من ذلک کله هو تلاحم الشعب والجیش والقیادة السیاسیة فی معرکة ضاریة قادتها وموّلتها ورعتها تسعون دولة فی العالم، لکنّ إرادة الشعب السوری المتمسّک بأرضه والمؤمن بقضیته والمتفهّم حقیقة وطبیعة المؤامرة، أبعاداً وخلفیات، أفشل خطط الأعداء وأسقط أهدافهم بالتضحیات الجسام. فعلى مدار أربعة أعوام ونصف العام وأکثر، وجدت سوریة نفسها فی خضمّ حرب عالمیة فی أشرس صورها، حرب معقدة ومرکبة للغایة أسقطت فیها کلّ المعاییر الإنسانیة، عشرات الآلاف من الإرهابیین العابرین للقارات، وملایین الأطنان من الأسلحة التی دمّروا بها مدناً وقرى سوریة بأکملها، فقتلوا أهلها وضربوا مقومات حیاة المواطن السوری، وحاربوه حتى فی لقمة عیشه الیومیة، حرب قوامها الکذب والنفاق والمصالح الصهیو – أمیرکیة، ولیس لها أی علاقة بکلّ الشعارات المخادعة التی تتستر بها. ففی سوریة تمّ تجهیز تفاصیل المؤامرة، على مراحل وحلقات، وبمشارکة دول عربیة وإقلیمیة، ورغم کلّ ذلک، أثبتت سوریة المستقلة بشعبها وبجیشها وبدولتها الوطنیة أنها قادرة على الصمود، فصمدت رغم کلّ التحدیات الداخلیة والخارجیة، وها هی الیوم تقف شامخة على أهبّة الانتصار. وعندما نعود بالذاکرة إلى سنوات عجاف مضت، نلاحظ أنّ الهجمة الشرسة والحرب الشعواء على سوریة، تلک کانت تستهدف أساساً، "العقیدة البنائیة والفکر الاستراتیجی للجیش السوری وثوابت الدولة وأرکانها الأخرى، من مبادئ وطنیة وقومیة جامعة وشعب مقاوم زرع فی فکره ووجدانه الحسّ الوطنی والقومی، والأهمّ هو نهج السلطة السیاسیة التی زرعت هذه الأفکار وأصبحت قاعدة لبناء سوریة القویة”، سوریة عنوان المقاومة والقلب العروبی النابض، ومن هنا أدرکت القوى التآمریة، أنها من دون تدمیر وتمزیق سوریة واستنزافها، لن تصل إلى مبتغاها وهدفها الأعظم المأمول بتدمیر محور المقاومة، وتنصیب "إسرائیل” سیدة على المنطقة العربیة والإقلیم ککلّ. وکلّ هذا یتمّ، حسب مخططها، من خلال نشر آلاف الجماعات الإرهابیة المسلحة على امتداد الأراضی السوریة. ختاماً، یمکن القول إنه بعد مرور هذه السنوات الأربع والنصف المریرة على الدولة السوریة وما جلبته إلیها من جراح عمیقة ودروس تاریخیة مریرة، صمدت هذه الدولة العتیدة وبدأت تتعافى من هذه الجراح، لتبدأ، من جدید، مرحلة النهوض الأقوى، وسیبنى على نهوضها هذا الکثیر من المتغیّرات، التی لن یکون أولها، ولا آخرها، تعریة وسقوط العدید من الأنظمة الوظیفیة الطارئة على هذه المنطقة. بانوراما الشرق الاوسط | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,163 |
||