السعودیة ...هل تتجه إلى التفکک وبقرار أمریکی | ||
السعودیة ...هل تتجه إلى التفکک وبقرار أمریکی بقلم: هشام الهبیشان ما تعیشه السعودیة الیوم من تطورات وتغیرات جدیدة وما یقوم به النظام السعودی من مغامرات ومقامرات جدیدة بالمنطقة العربیة والإقلیم ککل، یعیدنا إلى المشروع الذی تقدم به "ماکس سینجر" مؤسس معهد "هدسون" منذ سنوات للمسؤولین فی وزارة الدفاع الأمریکیة حول رؤیته لتقسیم السعودیة والتی تمحورت ضمن عدة أهداف منها إقامة جمهوریة إسلامیة شرق البلاد تضم حقول البترول فقط، مع الإبقاء على حکومة ملکیة فی باقی السعودیة یحکمها "الأمراء الشباب الذین یحظون بدعم أمریکی"، على أن تکون هذه الحکومة الملکیة عرضة للسقوط بعد وقف الدعم عنها، والواضح الیوم أن فصول هذه الخطة بدأت تطبق تدریجیآ فی السعودیة. بمطلع العام الماضی "2015"أیضا نشرت صحیفة "الغاردیان" البریطانیة، تقریرآ موسعآ حول تقییمها لمستقبل المنطقة وخصت فیه بشکل عام مستقبل الدولة السعودیة، والذی أشار إلى "أن جمیع صانعی الخرائط الأنغلوسکسونیین یتفقون فی ما یخص السعودیة على أن المملکة یجب ألا تبقى موحدة"، وأوضح التقریر "أن فکرة دمقرطة الشرق الأوسط قد ترسخت بثبات فی رؤوس الستراتیجیین الأمریکیین، وأن إدارة الرئیس الأمریکی باراک أوباما تنأى بنفسها عن السعودیین، والزمن یمارس لعبته ضد البیت السعودی"، وأضافت الصحیفة "أن السعودیة تؤمل أن تسقط سوریة، لأن سقوطها یعنی بالنسبة إلیها هزیمة إیران، عندئذ یمکن أن تصبح السعودیة دولة إقلیمیة کبرى، لکن هذا الهدف بعید المنال "، مشیرة إلى" أن النهج الذی تتبعه السلطات السعودیة یمکن أن یحمل إلیها مفاجآت کارثیة "، مؤکدة" أن حالة الفوضى سوف تضرب السعودیة وذلک بسبب أفعال القمع التی تنفذها السلطات وتفشی الفساد والاعتقالات الجماعیة. المفارقة العجیبة هنا هی أن من یحرک ملفات هذا التقسیم فی السعودیة هم أصدقاء وحلفاء النظام السعودی، صناع القرار الأمریکی، وهم من یدرسون الخطط على الأرض ویتنبأون بالنتائج ثم ینفذون مخطط عملیاتهم، وهذا ما أکدت علیه أیضا مجلة "فانیتی فیر" الأمریکیة، وقالت إن کلا من المستشار فی "معهد واشنطن" دینیس روس والمؤرخ الأمریکی دایفید فرومکین والباحثین الأمریکیین کینیث بولاک ودانییل بایمان تحدثوا وفی شکل علنی عن وجوب تقسیم السعودیة، ویشارکهم فی کل هذا بالطبع کل من المسیحیین المتصهینین برنارد لویس ونوح فیلدمان، فهذان الشخصان هما جزء من اللوبی "المسیحی المتصهین "الموجود فی أمریکا وهما أیضا جزء من راسمی السیاسة التقسیمیة للمنطقة العربیة والإقلیم الذین تطلق علیهم تسمیة" صانعی الخرائط الأنغلوسکسونیین ". یبدو أن حجم الخطر الذی یواجه السعودیة والمقبل علیها من حلفائها الأمریکیین، لم یغیر حتى الآن فی رؤیة النظام السعودی لطبیعة تعامله مع معظم ملفات المنطقة وملفات الداخل السعودی کذلک؛ فتصرفات ومغامرات النظام السعودی تظهر أنه لم یدرک حتى الآن حجم مخاطر المشروع الأمریکی الذی یستهدف السعودیة، هذا المشروع الذی بدأ بدفع السعودیة إلى الانزلاق نحو مستنقعات سترهق السعودیین وتزید من تفکک بنیة المجتمع السعودی، وهو یهدف إلى توفیر المناخ الخصب لتنفیذ فصول المشروع الأمریکی التقسیمی فی السعودیة، حیث تقدم ماکس سینجر مؤسس معهد "هدسون" منذ سنوات بخطة للمسؤولین فی وزارة الدفاع الأمریکیة تتلخص فی تقسیم السعودیة عبر إقامة جمهوریة إسلامیة شرق البلاد تضم حقول البترول فقط، مع الإبقاء على حکومة ملکیة فی باقی السعودیة یحکمها "الأمراء الشباب الذین یحظون بدعم أمریکی"، على أن تکون هذه الحکومة الملکیة عرضة للسقوط بعد وقف الدعم عنها، والواضح الیوم أن فصول هذه الخطة بدأت تطبق تدریجیا فی السعودیة. وبالتزامن مع هذه التطورات والمتغیرات والخطط التی تحاک للسعودیة، بدأت تطفو إلى السطح زیادة ملحوظة فی حجم الانتقادات فی الغرب لدور السعودیة فی تمویل الجماعات المتطرفة، والدلیل هنا ما جاء فی مقال للکاتب ریتشارد نورتن تایلور انتقد فیه بیع السلاح البریطانی لـ "إسرائیل" والسعودیة، معتبرا أن المملکة تصدر ما وصفه ب "المذهب الوهابی وهو أکثر المذاهب معاداة للتسامح"، رابطا بین ممارسات الحرکة الوهابیة فی السابق وتدمیر جماعة "داعش" للأضرحة فی العراق. إن ما أسلفت به لیس کلامآ عاطفیا عابرآ، بل هو موثق بأدلة، أما الیوم، فیبدو واضحآ، ومن خلال بعض الأحادیث والتحلیلات التی بدأت تخرج إلى العلن من مراکز الأبحاث والدراسات فی أمریکا، أن هناک فعلا مشروعا أمریکیآ جدیدآ بدأ برسم سیاسات جدیدة للتعامل مع الملف السعودی، والأکثر وضوحا هو أن هناک الیوم دعوات صریحة من داخل دوائر صنع القرار الأمریکی تدعو إلى اختیار الوقت المناسب للانقضاض على السعودیة التی من المتوقع، حسب الرؤیة الأمریکیة، أن تخرج من حرب الیمن أکثر ضعفآ وهشاشة، والمطلوب هو تقسیمها إلى دویلات طائفیة ودیموغرافیة، وبالطبع هذا الموضوع بدأ یلقى رواجآ واضحآ داخل دوائر صنع القرار الأمریکی. یعلم السعودیون وبعض دوائرهم الرسمیة کل هذه التفاصیل، وهم متیقنون من ذلک، فهم یدرکون جیدآ معنى أن یظهر إلى العلن مخطط کهذا، جل القائمین علیه هم من صناع القرار الأمریکی، وهؤلاء أنفسهم کان لهم الدور الأکبر فی رسم سیناریوهات غزو العراق وأفغانستان والتحرک فی لیبیا وسوریة ، وهم من یرسمون الآن خطوط واتجاهات ما یسمى الربیع العربی، وهم أنفسهم الذین یخططون ویرسمون شکل العالم الجدید، ولکن فی هذه المرحلة یبدو أن النظام السعودی فی عهد ملیکه الجدید، ما زال یمارس مزیدا من المغامرات والمقامرات التی ستکون لها انعکاسات وارتدادات على السعودیة حتما فی الأیام المقبلة، ومنها تأثیرات وارتدادات الحرب العدوانیة الأخیرة على الیمن على الداخل السعودی. ختامآ، فإن الحدیث الأخیر للرئیس الأمریکی باراک أوباما لصحیفة "نیویورک تایمز"بمطلع النصف الثانی من العام الماضی "2015" والذی قال فیه "إن أکبر خطر یتهدد دول الخلیج لیس التعرض لهجوم من إیران، وإنما السخط داخل بلادهم، بما فی ذلک سخط الشبان الغاضبین والعاطلین عن العمل والإحساس بعدم وجود مخرج سیاسی لمظالمهم "، جاء هذه المرة بنبرة وصیغة مختلفة کلیا عن أحادیث سابقة، وهذه هی المره الأولى تقریبا التی یتطرق فیها مسؤول أمریکی رفیع إلى ضغوطات ومشاکل الداخل السعودی، وهذا ما یؤکد قطعا أن هناک صراعا خفیا یدور من خلف الکوالیس بین أرکان الإدارة الأمریکیة وصناع القرار الأمریکی، حول سبل التعاطی مع الملف السعودی. والسؤال الذی یطرح نفسه: هل سیستفیق السعودیون هنا من غفوة التاریخ، حتى وإن کانت استفاقتهم متأخرة، قبل وقوعهم فریسة سهلة للمشاریع الصهیو - أمریکیة التدمیریة فی المنطقة؟.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,137 |
||