حجب «قناة المنار» استکمال للحرب الإرهابیة ضدّ المقاومة وإعلامها ! | ||
حجب «قناة المنار» استکمال للحرب الإرهابیة ضدّ المقاومة وإعلامها ! الباحث المغربی مصطفى قطبی
فی خطوة جدیدة أوقفت إدارة ”نایلسات” « بث قناة ”المنار” ، و دقت مسماراً آخر فی نعش حریة الرأی و التعبیر ، و بطبیعة الحال یأتی هذا الطلب بأوامر من السعودیة ، ذلک لکون هذه القناة تعری حقیقة ما تبثه قنوات التضلیل والکذب حول ما یجری على الساحات العربیة ، ولم یعد یخفى على أحد أن هذا القرار إنما هو قرار سیاسی بامتیاز ینطوی على عدة أهداف . فلم یرق لمملکة آل سعود أن ترى منبراً إعلامیاً ینقل بکل صدق وشفافیة ما یجری على مختلف الساحات الإقلیمیة ، فی وقت تحقق المقاومة و حلفاؤها انتصاراتٍ میدانیةٍ کبیرةٍ فی سوریا والعراق والیمن . فـ"المنار" کانت ، و منذ اللحظة الأولى لانطلاقتها ، الناطق باسم کل المقاومین الأحرار على وجه المعمورة، وضعت وضوح الرؤیة لها شعاراً وکرست الصدق مثالاً لتکون أقرب إلى عین وقلب المشاهد بمواجهة قنوات الفکر والتضلیل والنفاق. ان وقف بث قناة ”المنار” لیس غریباً ولا جدیداً . فقد سبق للنظام السعودی أن قرر وقف القنوات الوطنیة السوریة عن البث فی النیل سات وعربسات، وأغلقت کذلک القنوات اللیبیة الرسمیة لدولة عربیة مساهمة فی القمر الصناعی نفسه ، وعقب عدوانها على الیمن قررت حجب القنوات الفضائیة الیمنیة الوطنیة المناهضة للعدوان، وهذا یعنی: ممنوع أن یکون هناک رأی آخر مناهض لسیاسات آل سعود وفکرهم الوهابی . فالحق و الباطل خطان متوازیان لا یمکن أن یلتقیا ، والجهل والمعرفة نقیضان لا یتفقان، وکذلک الخیر والشر لا ینتهی الصراع بینهما إلا بنهایة الوجود الأمر الذی یجعل من حجب قناة الحق والمنطق والأمانة الصحفیة عن أقمار العربان التی حجبَ الله عنها النور وضرب بها مثلاً للأکاذیب والأضالیل والنفاق والخرافات أمراً غیر مفاجئ لأحد، فهی بحکم تکوین أصحابها لا تستطیع بث الحقیقة بخاصةً وأنها بالأصل وجدت للترویج للأفکار الهدامة التی تحاک فی غرفة عملیات الماسونیة المستفید الأول والأخیر، من کلِّ ما یحدث فی عالمنا العربی من تبدید للتراث، وقتل للفکر، وتدمیر للحضارة وتشویه للتاریخ، وذبح للبشر، وانتهاک للإنسانیة . المعضلة بالتأکید لیست فی أن القرار متجنٍ فحسب، ولا فی أنه خروج على أبسط قواعد الحریة الإعلامیة وأبسط مبادئ العمل الإعلامی فقط، إنما فی هذا الانسیاق الخطیر وغیر المسبوق فی حملة استهداف المقاومة وإعلامها، وفی هذه الدونیة وفی ذلک الغوص إلى قاع آسن من التعاطی الحاقد . القنوات الفضائیة الوهابیة ”قنوات الفتنة” التی لن نعدد أسماءها ، وما أکثرها، تبیع الحقد بالمجان لمن یشتری، وقنوات الخطوط الساخنة تبیع الرِق الأبیض أو الهوى على الهواء لمن یتصل، ومعظم أصحابها من الخلیجیین، بینما یغلقون کل القنوات المقاومة للکیان الصهیونی بناء على رغبات وتصورات جون ماکین وجو لیبرمان اللذین وضعاها منذ عام 2008. ولمّا تعود القنوات العربیة المقاومة للبث على أقمار أخرى أؤکد لکم، أنهم سیشوشون علیها، وهذا قرینة على أن فضائیات المقاومة فی لبنان وسوریة والعراق وإیران وقناة المسیرة الیمنیة ، تخیفهم بل ترعبهم وتسقط آخر أوراق التوت عن سوءاتهم ، وتعریهم أمام شعوبهم وأمام التاریخ الذی یتحرى عنهم ویسجل فواحشهم، أولیس تاریخ العالم هو محکمة العالم؟! وهل ثمة عربی واحد ما یزال یتوقع من آل سعود غیر ما یراه الیوم منهم بأم العین ؟ وهل ثمة عاقل ما یزال یعول على نقاشهم والحوار معهم فی مسائل من مثل الموضوعیة والمهنیة؟! ثمانون فی المائة من الفضائیات الإباحیة المشفرة حول العالم تعمل بتمویل واستثمار سعودی… هذه هی المهنیة؟ ! مائة فضائیة وأکثر تعمل بإدارة أو تمویل سعودی تبث سموم الحقد الطائفی المسعور، وفتاوى الجهل والتجهیل والجهلاء على مدار 24 ساعة یومیاً على جمیع الأقمار العربیة والأجنبیة، ومثلها مائة فضائیة أخرى بذات الإدارة والتمویل والتوقیت لإبل ونوق بسنام وسنامین ترکض فی الصحراء ولوحوش بشریة ترقص بالسیوف والخناجر … هذه هی الموضوعیة؟! لقد اختار الجمیع التواطؤ مع القرار الوهابی، مع استثناءات قلیلة جداً، فی معاقبته الإعلام الفضائی المقاوم والذهاب بعیداً فی محاولة إسکات صوت المقاومة فی حرب مفتوحة على الشعب العربی، یتعرض فیها لکل أشکال الدعایة السوداء والتزویر والتزییف. لم یسمع اللبنانیون من الأمم المتحدة ومؤسساتها ولا من عواصم الغرب، واحات الدیمقراطیة المزعومة، ولو إشارة استنکار واحدة لهذا القرار الجائر الذی یستهدف صوت المقاومة والذی یتضمن فی واقع الأمر أسلوباً غیر مجد فی ظل توافر البدائل التقنیة العدیدة فضلاً عن أن القرار بذاته زاد من الاهتمام بالفضائیات المقاومة وما تقوم به من دور فی دحض الهجمة الإعلامیة الخارجیة الشرسة . فمملکة آل سعود ترید أن تقول إنها لن تترک لعیون المشاهد العربی ومسمعه إلا التمجید بـ”سیاساتها” الحاقدة وفی کل حرب تطلقها. فقد کشفت وثائق ”ویکیلیکس” مؤخراً النقاب عن سطوة آل سعود على الإعلام لیس فی المنطقة العربیة وحسب بل على مستوى العالم، وأظهرت الوثائق السعودیة ملاحقة آل سعود لأی نقدٍ یطال نظامهم والعمل على استمالة أو إسکات صاحبه وقائله، حتى لو کان موقعاً صغیراً على الإنترنت لم یسمع به أحد. فما هو الهدف ؟ ولماذا الخوف من قناة ”المنار اللبنانیة” ، وهی لا تحمل مدفعاً ولا ذخیرة وکل ما تملکه هو الکلمة، والکلمة الصادقة الدافئة المحافظة على وحدة الأوطان ودفء علاقاته الإنسانیة، خافوا منها أن تفکک فبرکاتهم وتزرع الوعی فی نفوس شعوبهم کافة کی لا یتضح أمامهم بُعد وغایة المؤامرة على الدول العربیة . فإلى أی درک وصل هؤلاء المستعربون، وإلى أی مستوى من الانحطاط یمکن أن یصلوا؟ ربما هو سؤال من الصعب الإجابة علیه طالما هم مستمرون فی غیهم وانحدارهم. إن إعلام النظام الوهابی الدائر فی الفلک الأمریکی والصهیونی لا یرید للحقیقة أن تصل إلى أسماع الناس وأن یروها على الشاشات، إنه یرید للکیان الصهیونی أن یتوسع فی احتلال الأرض وفی قتل الإنسان الفلسطینی والسوری والیمنی واللبنانی وتشریده وفی سلب ثروات الدول وفی تدمیر إرثها الدینی والحضاری، یرید خلق النزاعات والأزمات وغرس بذور الفتنة والخلاف، إنه یسیر وفق طریقة الغایة تبرر الوسیلة، حتى لو کانت نتیجتها القتل والذبح، وهذا ما فعله فی تناوله للأزمة السوریة والیمنیة…، ولم یکن همه الحقیقة، بل عمل على إخفائها، واتجه نحو التشجیع على المجازر والتخریب وإسقاط المجتمعات . ومن المهم التذکیر أن قناة ”المنار” لم تدَّع یوماً أنها منافس لفضائیات ومؤسسات إعلامیة عربیة ودولیة معروفة بإمکاناتها المالیة الضخمة ودقة تنفیذ الأجندات الموضوعة لها، لکن استهدافها وإسکاتها على هذا النحو المسیس غیر المسبوق یؤکد قدرة هذا الإعلام رغم بساطة إمکانیاته نسبیاً على المقارعة والانتقال کما هو واضح من حالة الدفاع إلى الهجوم الذی نجح فی صد حملات التضلیل والتزییف وإظهار حقیقة ما یجری على الأرض العربیة والإسلامیة . ومثلما عجزوا عبر أدوات إرهابهم جمیعها… وعبر مرتزقتهم… وعبر مأجوریهم … یعجزون الیوم … و ستبقى قناة ”المنار” صوتاً وصموداً وإرادة أقوى من إرهابهم … وسیبقى الإعلام المقاوم شوکة فی حلوقهم … ساحة مفتوحة لمواجهتهم تتحطم فیها مؤامراتهم واستهدافاتهم. ان هذا الصوت الشریف والمقاوم الذی تلقى سهامهم دون توقف ، وتتالت علیه طعناتهم مراراً وتکراراً… لن تتمکن قوة إرهاب أو فکر ظلامی أو وهابیة إلغائیة أن توقفه أو أن تمنعه، أن تحول دون أن یستمر معبراً عن الحقیقة مهما اشتدت علیه المؤامرة. | ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,673 |
||