تحقق السیادة الشعبیة الدینیة | ||
تحقق السیادة الشعبیة الدینیة هو السبیل لأنفاذ الامة الاسلامیة فهیمة عشرتی/ح-سرور إن احیاء الانسانیة فی ظل الابعاد المعنویة و الاخلاقیة یعتبر من الانجازات الکبیرة للثورة الاسلامیة و الحقیقة ان الشعب تمکن خلال احداث الثورة ان یتحرر من قیوده الباطنیة والغرائز المادیة و الخوف و الطمع وان یتوصل بقیادة الامام الخمینی(ره) الی النمو والنضوج السیاسی و الی الادراک الحقیقی للحقوق و العدالة الاجتماعیة التی تبلورت فی اطار السیادة الشعبیة الدینیة التی تؤکد علی دور الشعب فی الشؤون السیایة الی جانب دور الشرع فی هذا المجال، هذا فی حین تسود فی بقیة البلدان الاسلامیة دیمقراطیة ناقصة وانظمة دکتاتوریة وحتی أن الغرب الذی یتبجح بالدیمقراطیة و الحریة السیاسیة لم یتمکن بالمعنی الحقیقی ان یهتم بجمیع جوانب الانسان و قدم من خلال اعتماده الکامل و المحض علی الحیاة المادیة للانسان، دیمقراطیة ناقصة لاتلبی حاجة الانسان و البشریة ،وهذا مااشار الیه سماحة قائد الثورة الاسلامیة الامام الخامنئی خلال لقائه بعوائل شهداء حادثة منی و المسجد الحرام. فالتصریحات التی تفضل بها سماحة القائد المعظم فی مجال مقارنة ردود فعل نظام الجمهوریة الاسلامیة و بقیة البلدان الاسلامیة حول کارثة منی تبین عمق الرؤیة الاسلامیة للانسان فی الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة حیث قال: ان الشعب الایرانی قد رفع علم الاستقلال و بیّن عزة الاسلام و ان شعارکم وهتافکم الیوم ایها الشعب و مکانتکم و الفرصة الـی وفرتموها و الاعمال التی تتم داخل البلد... کلها تعتبر من دواعی فخر الاسلام و من دواعی العزة الاسلامیة و هذه العزة قد اوجدها الشعب الایرانی و سیستمر علیها ان شاء الله... احیاء الانسانیة فی ظل الثورة الاسلامیة و تحقق نظام السیادة الشعبیة الدینیة بعد انتصار الثورة الاسلامیة و استقرار نظام الجمهوریة الاسلامیة فی ایران تم الاهتمام بمواضیع عدیدة مثل مکانة الشعب فی الحکومة و اسلوب مشارکتهم السیاسیة و حریة الانسان و حق تقریر المصیر و عملیة تشکیل وتنظیم الاحزاب السیاسیة و موضوع اسلوب و منهج التعامل بین النظام الولائی والشعب و بما أن مشارکة الشعب فی القضایا المختلفة فی النظام الاسلامی لاتتم الا فی اطار الدین من هنا فأن خطاب الجمهوریة الاسلامیة قدم نموذجاً جدیداً من الدیمقراطیة یحمل عنوان السیادة الشعبیة الدینیة. و الحکومة فی هذا النموذج الدیمقراطی یؤکد علی دور صوت و اراء الناس المسلمین الواعین و الأحرار وفقاً للفکر الاسلامی و الشریعة الاسلامیة. والحقیقة أن فی نظام السیادة الشعبیة الدینیة تتوفر الارضیة اللازمة لتطبیق شعار حکومة الشعب علی الشعب من اجل تنامی و سمو البعد المادی و المعنوی فی حیاة الناس. و هنا من اجل الاجابة علی هذا السؤال و هو انه کیف یؤدی نظام السیادة الشعبیة الدینیة الی سمو الانسان و بلوغه للکمال الانسانی نتطرق هنا الی بعض المحاور المهمة للسیادة الشعبیة الدینیة و تمایزها عن الدیمقراطیة العلمانیة الغربیة. ان احد محاور السیادة الشعبیة الدینیة هو مبدأ الشوری و الاستشارة فی اطار القوانین ففی الدین الاسلامی الحنیف من اجل سمو الفکر فی المجتمع الاسلامی و تزاید حجم مشارکة الشعب فی تحدید مصیره تم التأکید علی موضوع تحمل المسؤولیة و کذلک علی ضرورة الدقة فی اتخاذ القرارات ،و قد اوصی الاسلام المؤمنین بان یستشار بعضهم بعضاً فی جمیع الاعمال و یجدر الاشارة الی هذه الامر بان الشوری و الاستشارة فی نظام السیادة الشعبیة الدینیة یعتبر امراً خاصاً بالناس یعنی خاص بشؤونهم و المفکرون الاسلامیون استناداً الی الایات القرانیة مثل الایة 159 من سورة ال عمران و الایة 38من سورة الشوری یقسمون مساحة اتخاذ القرار فی النظام السیاسی الی قسمین و هما (امر الله) و( امر الناس). و علی صعید امرالله یعنی الامور و الشؤون التی حدد لها سبحانه و تعالی احکام و قوانین فلایوجد ای مجال لموضوع الشوری و الاستشارة فیها. فی هذا المجال یقول السید محمد رضا مصطفی بور نقلاً عن مؤلف کتاب المنار: (اذا تم تبادل الرأی و التشارور علی القضایا الدینیة مثل العقائد و العبادات و الحلال و الحرام فی هذه الحالة ستخرج هذه القضایا عن حالة الدین و تتخذ خصلة بشریة هذه فی حین أن الدین امر الهی ولایتدخل فیه رأی الانسان). لکن فیما یتعلق بشؤون الناس و امر الناس یعنی الشؤون و الامور المتعلقة بسیاسة الامة و المصلحة العامة یمکن الاستشارة مع ابناء المجتمع حولها و التطرق الی جوانبها. هذا فی حین أن الدیمقراطیات العلمانیة التی تعتمد اعتماداً کاملاً علی العقل البشری دون الاهتمام بالدین و القیم الالهیة جعلت مدراء المجتمع یقومون بتنفیذ کل مایریدون و یمارسون کل مایشتهون دون ان یکون هناک رادع لهم او عقبة تحول دون ممارساتهم لهذه الافعال. احد المحاور الاخری للسیادة الشعبیة الدینیة موضوع نقد الحاکم الاسلامی ففی نظام السیادة الشعبیة الدینیة ومن اجل الحیلولة دون ممارسة الاستبداد و کذلک من اجل ایصال عملیة التجاهل فی العمل و ارتکاب الاخطاء الی اقل درجة ممکنة یحق للناس ان یطرحوا ارائهم بحریة تامة حول ممارسات الحکومة و الشخص الحاکم و اتجاهاتهم المحلیة و الخارجیة و ان یقوموا من زاویة الامر بالمعروف و النهی عن المنکر بتوجیه الاوامر الی الحاکم و الی مسؤولی الحکومة للقیام بالمعروف و تنفیذ الاعمال المفیدة کما یتمکنون ان ینهوهم عن ارتکاب المنکر. و الفرق الواضح بین السیادة الشعبیة الدینیة و الدیمقراطیة العلمانیة فی هذا المجال هو ان الشعب و الناس فی النظام الدیمقراطی العلمانی یخضعون الی نظام تقسیم العمل. و عندما یقوم المسؤولون بارتکاب جرائم او آعمال مشینة لایحق لهم الاعتراض علی المسؤولین و لایعتبرون هذا الامر من واجبهم حتی یعارضوهم او یواجهموهم. لکن فی النظام الدینی یتمتع الناس بحق النقد فی اطار الأشراف علی الامور و من باب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر طبعاً ینبغی ان یکون النقد و الانتقاد الدینی انتقاداً بناء و لیس مغرضاً. من المحاور الاخری لنظام السیادة الشعبیة الدینیة و التی تؤدی دوراً مهماً فی بناء شخصیة الانسان و تربیته هی حریة الشعب فی اطار الدین و القیم الدینیة و هذا یعنی ان الحریة فی الاسلام تختلف عن الحریة فی الانظمة الغربیة و أول فرق بینهما هو فی أسس و مبانی الحریة. لتباین هذا الفرق یشیر سماحة القائد ایه الله الخامنئی قائلاً:( ان ارادة القلب و امانی القلب الانسانی هی اساس الحریة فی الغرب و بما أن الغرب یقول بان القانون یحدد اطر الحریة الا ان هذا القانون بحد ذاته هو حصیلة الامانی و التمنیات و الرغبات الشخصیة و الفردیة. اما جذور الحریة فی الثقافة الاسلامیة هو النظرة الکونیة التوحیدة، فالحریة فی الاسلام یعنی التحرر من غیر الله). من هنا فان الانسان فی الاسلام رغم تمتعه بانواع الحریات مثل حریة العقیدة و حریة الفکر و حریة التعبیر و التبلیغ و حریة العمل و التحرر من قیود العبودیة فانه مسؤول امام الله عزوجل. و من جهة اخری نلاحظ ان الاسلام الی جانب الاهتمام بالحریات الظاهریة یهتم و یتمسک ایضا بالحریات النفسیة الـی یمکننا ان نطلق علیها اسم (الحریة المعنویة) ،من هنا وبصورة عامة یمکننا ان نقول ان الغرب یهتم بالحریة الظاهریة فیما یهتم الاسلام بالجانب الظاهری والمعنوی معاً .علی کل حال و بالنظر الی خصوصیات ومحاور السیادة الشعبیة الدینیة یمکننا ان نقول ان الحقوق الاسلامیة فی نظام السیادة الشعبیة الدینیة تؤمن جمیع الحقوق و الحریات الفردیة للانسان..و الشعب ایضاً بسبب رضاه عن الحکومة سیقوم بدعم الحکومة فی الظروف الصعبة و خیر دلیل علی ذلک هو تجربة الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة خلال ال- 38- سنة الماضیة فی صمود شعبها الابی و ذکاءه امام اعداء النظام منذ بدایة الثورة حتی الان. نظام الجمهوریة الاسلامیة رائد السیادة و الشعبیة الدینیة ان انهاء - صمت الامة الاسلامیة - الذی یعتبر حسب تعبیر قائد الثورة المعظم من المصائب الکبری للعالم الاسلامی مهمة ملقاة علی عاتق الشعب الایرانی الثوری الواعی، و بما أنه توجد هناک عراقیل و عقبات کبیرة و صعوبات جمة فی هذا المجال و ان جبهة الاستکبار و الحکومات العمیلة التابعة لها فی البلدان الاسلامیة سیبذلون کل جهودهم من أجل الحیلولة دون صحوة الشعوب الاسلامیة الا ان هذا الامر لایقلل من أهمیة الموضوع و هنا نشیر الی بعض الامور التی ینبغی الانتباه الیها فی هذا المجال. n یجب ان تتضح هذه الحقیقة وهی ان نظام الجمهوریة الاسلامیة لایسعی الی فرض نظام السیادة الشعبیة الدینیة علی بقیة البلدان الاسلامیة لکن یمکن طرح هذا النظام کنظام بدیل لاعادة تحقیق المشروعیة الالهیة والتأیید الشعبی فی البلدان العربیة الاسلامیة .وان تحقیق ای نوع من المکاسب و الانجازات و النجاحات فی هذا المسیر کالصناعات العسکریة فی بعدیها الدفاعی و الهجومی والعلوم و التقنیة النوویة والعلوم البحریة والطب وتقنیة النانو سیجعل الشعب الایرانی یتبدل بلاشک الی قدوة جدیرة بالاهتمام من قبل بقیة شعوب العالم. و یقول قائد الثورة فی هذا المجال : (إنّ سبب حبّ الاستطلاع هذا، والموجود عند جیل الشباب الیوم خاصّةً فی العالم الإسلامی، حول ظاهرة سیادة الشعب الدینیّة، هو أنّ الجمهوریّة الإسلامیّة ظاهرة قد مضى على ولادتها خمسة وثلاثون عامًا وقد تعرّضت طوال کلّ هذه المدّة لحملات عدوانیّة وخصومات القوى المتسلّطة؛ فقد قاموا بحملات عسکریّة وکذلک حملات إعلانیّة واقتصادیّة أیضًا -حیث بدأ الحظر والعقوبات منذ بدایة الثورة وجرى تشدیدها، یومًا بعد یوم، حتّى وقتنا الحاضر- وقاموا بحملات سیاسیّة أیضًا؛ هذه الجبهة الغربیّة القویّة قد فعلت کلّ ما قدرت علیه فی مواجهة الجمهوریّة الإسلامیّة خلال خمس وثلاثین سنة، قاموا بأعمال عسکریّة حیث ساعدوا ودعموا المعتدی عسکریًّا على البلد، أعانوا کلّ عدوّ للجمهوریّة الإسلامیّة فی أیّ نقطة فی العالم، شنّوا الحملات الإعلامیّة الواسعة، فرضوا الحظر والعقوبات الاقتصادیّة بأعلى حدٍّ ممکن وبشکلٍ لا سابق له، ولکن وفی المقابل فإنّ الجمهوریّة الإسلامیّة وفی مواجهة کلّ هذه الحالات والاعتداءات العنیفة والهمجیّة، لیس فقط لم تزل من الوجود ولم یُقضَ علیها، بل إنّها لم تنزوِ ولم تتقوقع على نفسها ولم ترضخ أبدًا لابتزاز الغرب، وتقدّمت یومًا بعد یوم؛ هذا الأمر الذی یشکّل ماهیّة حبّ الاستطلاع والفضول للتعرّف على تجربتها أکثر.)/ (( من خطاب الإمام الخامنئی دام ظله فی الذکرى 25 لرحیل الإمام الخمینی قدس سره))
n توعیة الامة الاسلامیة ازاء هذا الامر وهو ان النموذج الدیمقراطی العلمانی و الحریة الغربیة لایناسب البلدان الاسلامیة و علی سبیل المثال لم یتمکن حزب العدالة و التنمیة الترکی حتی الان ان یجمع بین هویته الاسلامیة والاوروبیة معاً من خلال طرح تعایش و تلاؤم القیم الاسلامیة مع القیم الدیمقراطیة الغربیة. و الحقیقة هی ان آمال ترکیا للالتحاق برکب الدنیا الحدیثة و مواکبتها قد تأثرت کثیراً بالتعالیم الدیمقراطیة و اللیبرالیة الغربیة وهذا الامر جعل ترکیا تبتعد عن الاسلام الاصیل. فالدیمقراطیة التی یتمتع بها المواطن الترکی المسلم والتی هی ممزوجة بالحریات و التحلل الخلقی الغربی ایضاً، دیمقراطیة لاتؤدی الی تسامی البعد المعنوی للانسان فحسب و انما ستسوفه ایضاً الی ظروف صعبة و الی حالة من الانفصام و الازمة الانسانیة. مع ذلک نلاحظ ان اجهزة الاعلام الغربیة تحاول أن تطرح الدیمقراطیة العلمانیة الترکیة کنموذج ناجح و تحاول نشره فی البلدان الاسلامیة. و یمکننا العثور علی سبب و علة هذا الموضوع فی کلام القائد حیث یقول بهذا المعنی:( ان الدیمقراطیة الغربیة المزعومة تواجه حالیاً تناقضاً ملحوظاً فانها من جهة تحمل لواء الدیمقراطیة و من جهة أخری تخشی من رفع هذا اللواء بمعنی الکلمة فی ای بلد من البلدان الاسلامیة.لانهم یعلمون بانه اذا شارکت الشعوب فی البلدان الاسلامیة فی ای انتخابات فان الاسلامیون سیستلمون السلطة و الحکم کما ان الافراد الذین سینتخبهم الشعب سیکونون من المسلمین). =- مکافحة الحکومات المستبدة فی المنطقة و القوی التی تدعمها، الحکومات التی تحول دون صحوة الشعب ونهضته، و فیما یتعلق بمعارضة الاستکبار و الاستبداد لصحوة الشعوب الاسلامیة یقول قائد الثورة: ان العدو الاول لهذه الصحوة و الاتجاهات الاسلامیة و لهذا التحرر هی القوی المستکبرة و السبب معروف! لان الاسلام یعارض السلطة و یعارض تبعیة الشعوب للقوی الاجنبیة و یعارض التخلف العلمی و العملی الذی تم فرضه علی البلدان الاسلامیة سنوات مدیدة کما یرفض التقلید الاعمی للاخرین. الاستنتاج ان العلاقة الوثیقة للحیاة المادیة و المعنویة للاسلام فی نظام السیادة الشعبیة الدینیة جعلت هذا النظام نظام لابدیل له فی المنطقة و ستکون نتیجة ظهور مثل هذا النظام باعتباره من الانجازات الفکریة لمؤسس الثورة الاسلامیة الایرانیة الامام الخمینی (رض ) بناء شعب بصیر واعی یطالب بالعدل و لن یختار الصمت امام مؤامرات الاعداء و مخططاتهم و سینادی بتطبیق العدالة و مقارعة الظلم و اعادة حقوقه المادیة و المعنویة ،من هنا علی الشعوب المسلمة فی المنطقة ان تعود الی قیمها الاسلامیة و الی الاوامر الاخلاقیة للدین الاسلامی لاحیاء حقوقهم الانسانیة و مواجهة الباطل و علی هذا الصعید فان الجمهوریة الاسلامیة کما ذکرناه تتمکن من اداء دورها کمرشد للشعوب الاسلامیة فی الوصول الی حقوقهم.
| ||
الإحصائيات مشاهدة: 1,402 |
||