عید النوروز..العید الباسم لدى الشعب الایرانی المسلم | ||
![]() | ||
عید النوروز..العید الباسم لدى الشعب الایرانی المسلم إلهام شعبان یحتفل الشعب الإیرانی کل عام برأس السنة الشمسیة التی تُدعى عید النوروز، وهوعید قومی ورثوه من عصور قدیمة، ویبدأ من أول یوم من موسم الربیع (21آذار)، ویعبٌر الإیرانیون عن احتفائهم بهذا العید القومی عبر مجموعة من الطقوس والعادات التی تمددت وتقلّصت طبق الاوضاع التأریخیة والسیاسیة، وقد شارکت شعوب أخرى من آسیا الشعب الإیرانی بهذا العید الزاهی، مع الاحتفاظ بخصوصیاتها فی تفاصیل الطقوس ومفرداتها. بعد دخول الإسلام إلى إیران، بالتدریج ترکت کل الأعیاد الفارسیة، إلا عیدا واحدا هو عید (النوروز) عید بدایة السنة الإیرانیة الجدیدة وعید فصل الربیع، ویصادف أول یوم منه 20 من آذار، وکلمة ( نوروز ) تعنی فی اللغة الفارسیة:الیوم الجدید. عید النوروز فی العصور الإسلامیة الأولى ومن الجدیر بالذکر انه فی بدایات الفتح الإسلامی المجید لإیران، لم یطرأ تغییر کثیر على طقوس وعادات هذا العید الإیرانی إلا فیما یخص مساهمة الحکام الذین لم یشارکوا فی تلک المراسم، وبعد حلول العهد العباسی، وتبوأ شخصیات إیرانیة مواقع الحکم، خاصة فی عهد الصفاریین والطاهریین، حیث استعاد عید النوروز شکله وهویته الفارسیة الاصیلة. أما فی عصرنا الراهن، فقد شعرت الثورة الإسلامیة انها أمام موروث اجتماعی وتأریخی وثقافی متشابک ومعقٌد ، وبما أن المشروع الثوری قد قام على رؤى وتصورات متباینة، فقد تفاوت أبناء الثورة حول کیفیة التعامل مع المعطیات الاجتماعیة والثقافیة والدینیة والموروثة منذ مئات الاعوام، فی هذا الشأن بالذات یمکن فهم عید النوروز وما یحتویه من عادات واعتقادات ورغبات دفعت الحکومة الإسلامیة لأن تحدد أربعة أیام (من 21 إلى 24 آذار) عطلة رسمیة خاصة لعید النوروز، کما عیّنت یوم 2 من أبریل الذی یصادف 13 من فروردین الإیرانی، عطلة رسمیة بمناسبة (یوم الطبیعة)، أو ما یُسمّى بیوم النحس، وفی هذا الیوم یخرج سائر أفراد الشعب الإیرانی إلى الحدائق والمنتزهات هرباً من البیوت واحتفاءا بالربیع الباسم، ویرمون بشدّات الخضار التی ابتاعوها للعید، تصوّراً منهم بأنها تأخذ معها النحس الذی غمر البیت ..ومن معتقداتهم کذلک ما یسمى عندهم ب ''جهار شنبه سوری''ویقصدون به آخر یوم أربعاء من السنة الفائتة. تبدأ أعیاد النوروز، لدى أول ثانیة من ثوانی 21 آذار المیلادی، فی هذه اللحظة التأریخیة، یتوجه الفرد الإیرانی المسلم نحو القبلة ویقرأ هذا الدعاء:''یا مقلب القلوب والأبصار یا مدبر اللیل والنهار یا محول الحول والأحوال حول حالنا إلى أحسن حال''بعد هذا یقومون بمبارکة بعضهم لبعض بالعام الجدید، فیتحلّقون حول سفرة تحوی سبعة أنواع من الطعام، تبتدأ أسماؤها بحرف السین وهی کالتالی: (سبزة(خضراوات) سیب (تفاح) سنجد (عناب أو هو نوع من التمر الجاف) سیر (الثوم) سکة (قطعة نقود معدنیة) سرکة (خل) سمنو (نوع من الحلوى المصنوعة من اعشاب القمح.) ویضعون معها القرآن الکریم وساعة وشدّات من الخضار، وفی أیام عید النوروز، یرتدی کل أفراد الأسرة، ملابسة جدیدة، کما یفضل البعض منهم، السفر إلى مختلف مناطق إیران أو خارجها، ویتبادلون التحیات والتهانی من خلال التزوار وتقدیم الورود والحلوى، وبالرغم من أن مدة عطلة عید النوروز الرسمیة فی إیران أربعة أیام فقط، فإن البلد یکون شبه معطلٍ طیلة أربعة عشر یوما تقریبا. یعیش الشعب الایرانی عید النوروز بکل طاقاته المادیة والروحیة ، فهو بالنسبة له فرصة للاستجمام والراحة یجدد فیها العهد مع الأرض، ویغتنم الفرصة لممارسة الافراح والسعادة. ویقوم الشعب الایرانی فی کل سنة، بتودیع عام واستقبال عام جدید بمراسم خاصة تبدأ بتنظیف الأثاث والبیوت وترتیبها بشکل جدید، یشترک فی العملیة جمیع اعضاء الاسرة، وتنتهی بالتزاور بین الاصدقاء والارحام والاستضافة بکرم شدید. وعید النوروز مناسبة جیدة لصلة الأرحام بین الأسر، وتثبیت أواصر الصداقة والجیرة بین مختلف شرائح الناس. وتعود التقالید الإیرانیة فی الاحتفال بقدوم الربیع إلى العهد الساسانی الذی إستهلّ فیه تأریخ السنة الفارسیة فی لحظة تساوی اللیل والنهار (21 آذار / مارس)، ومنذ ذلک الحین اعتاد الشعب الایرانی على استقبال الربیع وسنته الجدیدة بعدة طقوس تبدأ بحملة تجدید المنزل وقیام الأسر بإعادة ترتیب وتأثیث المسکن، والاستغناء عن الأشیاء العتیقة، وغسل السجّاد والستائر أو استبدالها، مع طلاء الجدران بألوان جدیدة، وفی الأعمّ الأغلب یتم اختیار اللون الأخضر، تناسقاً مع اخضرار الأرض فی موسم الربیع. واللطیف فی الأمر، تحوّل الحملة إلى تنظیف الحارات والأزقة بصورة جماعیة، وترافقها حرکة التبضّع فی الأسواق على نطاق اجتماعی واسع. وتبدی المرأة الإیرانیة أکثر حماسا من الرجل لإحیاء هذا العرف القدیم؛ حیث تشهد أسواق المدن الإیرانیة حرکة تبضُّع غیر مألوفة، للنساء مع بدء عید النوروز. ویعتقد الإیرانیون أن التبضع فی عید النوروز وغرس الأشجار أو وضع الخضرة والأزهار فی المنازل من شأنها أن توسع الرزق فی العام الجدید، وتبعث الأمل فی النفوس. وقبیل فجر أول أیام السنة الجدیدة، یحرص کل فرد إیرانی على أن یکون موجوداً ضمن أفراد أسرته لاستقبال یوم النوروز، حیث ترسّخت على مر الأزمنة قناعة، تفید بأنّ الذی لا یحضر مراسم النوروز فی أول أیام السنة الجدیدة، مع أفراد أسرته، حتماً سیصیبه مکروه یبعده عنها فیما بعد. وفی لیلة حلول السنة الجدیدة، یحمل کل فرد من الایرانیین دیوان أشعار حافظ الشیرازی للتفاؤل بقصائده، ویقومون بالاستخارة عبر فتح الدیوان لیرى من خلال أبیات حافظ ماذا یخبئ له العام الجدید. کما تبتاع الأسر الإیرانیة أسماک زینة ملونة بعدد أفراد الأسرة، وتوضع فی أوانی زجاجیة فی شرفات البیوت أو النوافذ إلى جنب باقات الأزهار، ویتم الاعتناء بهذه الأسماک حتى یوم الثالث عشر من أول أشهر السنة الجدیدة؛ فإن ماتت الأسماک قبل هذا الوقت، عُد ذلک شؤماً، وإن بقیت حیّة واجتازت شؤم الرقم "13" ، یسود التفاؤل بأن الأسرة لن تفقد عزیزًا لها خلال السنة الجدیدة. وفی الأریاف والقرى یقوم العزّاب فی لیلة النوروز، وتحت الظلام الدامس، بوضع هدایا ملفوفة أمام دور ذوی الفتیات اللاتی یرغبون بالزواج منهنفی المستقبل، وهم بإنتظار النتیجة صبح أول أیام النوروز، فإذا لم یجد العازب الهدیة ینتابه الفرح والسرور، لأن ذلک معناه أنه سیتحقق أمله فی الزواج من فتاة الأحلام هذا العام، أما إن وجد الهدیة فی مکانها یعود یائساً . | ||
الإحصائيات مشاهدة: 2,719 |
||