مشروع الإقتدار والثورة | ||||
PDF (197 K) | ||||
![]() | ||||
الكلمات الرئيسية | ||||
الإقتدار | ||||
إیمان شمس الدین ان بنیة الدولة الاسلامیة فی ایران قامت على المشروعیة والمقبولیة وأسست لانتخابات حقیقیة للشعب فیها دور محوری فی اختیار رئیس الجمهوریة والبرلمان ومجلس الشورى ومجلس الخبراء وحتى الولی الفقیه ضمن ضوابط وقواعد متشابکة ومعقدة تضمن حیویة النظام واستمراریته ومشارکة الشعب، وهو ما أخاف المستعمرین من أن تتحول منهجیة الإمام فی بناءالدولة إلى مرام للشعوب المحیطة، بعد أن أثبطت عزیمة هذه الشعوب بثورات شکلیة لا تملک رؤیة ولا قیادة بل کرست الاستبداد وقمع الشعوب، وجاءت بدیموقراطیات شکلیة لا تغنی ولا تسمن من جوع. إلا أن نجاح الإمام “رض” کان بعبوره المراکمة التاریخیة والتصورات المتمکنة فی ذهنیة الشعوب عن دور العلماء الخجول فی مواجهة السلطة، والتحدیات الداخلیة، والتحدیات المحیطة التی ربطت بین مجموع الثورات التی حدثت وأتت بحکام جدد على دبابات عسکریة وتصورات الشعوب عن الثورات ومآلاتها. فرسم صورة جدیدة لحقیقة دور ووظیفة عالم الدین والمؤسسة الدینیة کونها وظیفیا یجب أن تکون فی مقدمة المواجهة والرقابة لأی انحراف من قبل السلطة فهی الأجدر على تشخیص الخلل وتقویمه. نجاح الإمام أیضا کان من خلال انطلاقه من التوحید العملی إذ هیأ الساحات لتطبیقه ومن ثم بنى صرحا سوَّرَهُ بتفعیل دور الشعب والإنسان فی البناء والتحصین والنهوض، لیکون الدور فی طول إرادة الخالق وبتشریعاته ولیس فی عرضه ولا بتشریعات غیره. بنى الإمام منهجا جدیدا للثورة أعاد فیه دور الإنسان و أسس قاعدته على فهم واعی للإسلام والقرآن، ورفض رغم قوة التحدیات ثقافة الرضوخ والمساومة، وأحیى ثقافة الاقتدار والمکنة والتحول لقوة ناهضة فی کافة المستویات قادرة على أن تلعب دورا إقلیمیا تنصر من خلاله المستضعفین، حیث حول استضعافهم إلى قوة ذاتیة ناهضة ودرب سواعدهم وعقولهم لیکونوا قاهرین حتى بموتهم فضلا عن حیاتهم ، لتحرج أنظمة المنطقة بنموذجها رغم کل محاولات الشیطنة، ولتجبر السید أن یقر بقوتها فیتبعه العبید إقرارا بها کدولة إقلیمیة ولاعب مهم فی العالم، وفق مبدأ الاحترام المتبادل واحترام الحق والسیادة. ومن أهم نقاط الوعی فی مشروع نهضة الإمام رحمه الله وثورته مقارنة مع الثورات التی حدثت مؤخرا، هو أنه لم یثر على الظلم دون امتلاکه رؤیة کاملة عن الدولة وهو ما ترجمه کرؤیة فی کتابه الحکومة الإسلامیة، بینما بعض الحرکات الإسلامیة الیوم التی ثارت ثم فشلت فی قیادة الدولة کانت لا تملک حقیقة رؤیة عن الدولة التی ترید، من جهة أخرى لم تمتلک هذه الحرکات الجرأة على الانقلاب التام على النظام الفاسد وارتباطاته المشبوهة ضد الشعوب بل الأمة، بل زاوجت بین شعاراتها الاسلامیة وسیاساتها البراغماتیة التی أبقت على مشاریع فاسدة لا تتناسب وشعاراتها، بینما الإمام طابق بین شعاراته ومشروعه للدولة من خلال تبنیه نظام جمهوری إسلامی وسلوکه عملیا وفقه مستلهما دستور الجمهوریة من نصوص القرآن وسنة النبی ص واجتهاد الفقهاء، لم یساوم أعداء الأمة قید أنملة رغم حجم الضغوط الذی مورس ضده. وهنا یکمن الفارق الکبیر بین ثورة الإمام وتحقیقها للنهضة، وبین ثورات هذا العصر وفشلها فی تحقیق التغییر والنهضة، إذ أن أی ثورة لابد أن تکون أبرز نتائجها التغییر ومن ثم النهضة. وللقضیة الفلسطینیة موقع خاص فی نبض الإمام رحمه الله، فطالما کانت القضیة الفلسطینیة فی ذاک الوقت معیارا لصدق أی حراک ثوری أو إصلاحی، وکان کثیرین ممن یحاولون جذب الشعوب أن یضعوا فی مقدمة برنامجهم قضیة فلسطین لیحققوا التفاف الشعوب حولهم، الفارق أن الإمام الخمینی لم یرفع فلسطین وقدسها النابض شعارا تعبویا بعیدا عن واقع التطبیق کما فعل کثیرون، بل بمجرد سقوط الشاه قام بخطوات عملانیة غیر مسبوقة، أولها إغلاق السفارة الصهیونیة ورفع علم فلسطین لیفتتح عوضا عنها السفارة الفلسطینیة، ثم کانت الخطوة الثانیة وهی دعم الحرکات المقاومة فی فلسطین بالمال والسلاح بل جعل دعم المستضعفین مادة فی الدستور. وکانت الخطوة الأذکى على الاطلاق هی فی تخلید قضیة القدس فی ضمیر الشعوب تخلیدا تاریخیا یضمن بقاءها حیة تنبض فی عروق الأمة، بجعل أخر جمعة من شهر رمضان المبارک یوما للقدس العالمی، حیث قداسة الزمان وقداسة المکان، فالزمان الجمعة من شهر رمضان والمکان هو القدس، وبذلک ضمن دیمومة حیاة القضیة ووضع فیها مقومات إعادة الروح فی جسد الأمة الذی تحاول قوى الاستکبار إماتته بکافة الطرق. والیوم أیضا یبرز دور إیران بشکل کبیر فی دعم القضیة الفلسطینیة، رغم کل محاولات المذهبة والتمییع التی یقوم بها الاعلام الموجه والسیاسیین الأسیاد وأتباعهم. وما تمر به المنطقة من ظروف خطیرة مذهبیا، تأتی قضیة القدس فی یوم الجمعة الأخیر لتعید بوصلتها نحو فلسطین، وتعید رص الصف وتزیل کل الحساسیات المذهبیة لیکون الهم الأکبر هم إسلامی إنسانی یوحد العدو ویوجه الأنظار نحو العدو الحقیقی للأمة. فالإمام رحمه الله تبنى القضیة الفلسطینیة قولا وفعلا بل أبقاها کقضیة حیة نابضة حتى بعد رحیله، لیسیر سلفه على نفس النهج ویکمل مسیرة بناء حضارة الإسلام. لذلک نجد الیوم بعد إدراک أثر حرکة الإمام الثوریة على المیدان، وتحقیقها لانتصارات لم یسبق لها مثیل خاصة فی قضیة فلسطین، وفی تقدیم نموذج للدولة المقتدرة القادرة على قول لا للمشروع الصهیوأمریکی فی المنطقة، ارتفعت بسبب ذلک وتیرة الهجوم على الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة ومحاولات شیطنتها بأموال البترودولار، ومذهبتها والبکاء على الأقلیات فیها بینما الدول التی تبکی على الأقلیات وتدعی انتقاص حقوقها، هی ذاتها تنتهک حق الأقلیات بشکل عسکری بشع دون أدنى التفات لأی مواثیق حقوقیة أو قوانین دولیة، ودون حتى إدانة، وأمام صمت أعمى لا یرى للإنسان قیمة، بل کل القیمة عنده تکمن فی النفط والدولار. وسیکون مسار الحرکة السیاسیة التصعیدیة فی المنطقة ضد إیران مسارا تصاعدیا وبوتیرة عالیة، لکنه لن یستطیع عملیا تحقیق أی تقدم فی هذا المجال، و أغلب المتضررین هم الشعوب التی اکتوت من نیران فتنة یعض الأنظمة فی منطقتنا، لا لشیء إلا لتحقیق مجموعة أحقاد جاهلیة لا تمت للمدنیة بصلة. وستکشف الأیام کیف ستأکل النار التی أشعلتها هذه الأنظمة الحطب الذی احتطبته لأجل تمکین سلطانها، وکیف ستحرق هذه النار کل وجودهم وتاریخهم. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 2,376 تنزیل PDF: 597 |
||||