طهران إرادة الحیاة.. وفلسفة النوروز

بقلم رئیس التحریر

من الصعب تجاوز المحن والشدائد التی عاشتها إیران ومعها العدید من بلدان العالم خلال السنة الإیرانیة الماضیة (بدأت فی 21 مارس/آذار 2019) من موجة السیول التی ضربت أربع محافظات فی هی کلستان ولرستان وخوزستان وشیراز فی شهر نیسان... والاضطرابات التی شهدتها لبنان والعراق وبعض المدن الإیرانیة والتی ظهر جلیا کیف کان محور المقاومة وإیران مستهدفا فیها، حتى استشهاد القائدین الکبیرین الحاج قاسم سلیمانی والحاج أبو مهدی المهندس وما تلاه من ضرب قاعدتی عین الأسد وإربیل فی العراق ثم سقوط الطائرة الاوکرانیة وذهاب الأوضاع الى الحرب الشاملة مع محور الشر الامیرکی ـ الصهیونی ـ السعودی.

ثم ما وقع من سیول فی جنوب شرق البلاد وأخیرا محنة کورونا العالمیة والتی یحاول الاعلام الغربی والاعرابی تحویلها الى قضیة إیرانیة!!

وقد حصل کل ذلک فی ظل حصار خانق وظالم تطبقه ادارة الشر الترامبیة وحلیفاتها الاوروبیات وذیولها فی الاقلیم العربی وخاصة الخلیجی، بما یمنع وصول أبسط مقومات الحیاة من أدویة وعلاجات وأغذیة لأبناء الشعب.

هذه الصورة التی تبدو مربکة بعض الشیء والتی لو حدثت فی ای من البلدان المحیطة بإیران لانتهت باسبوع أو شهر وبعضها فی ساعات ـ کما عیرها بذلک سیدها ترامب من قبل ـ، نعم هذه الصورة لیست جدیدة بالنسبة للقیادة والشعب الإیرانی الذین أدارا شؤونهم فی ظل اجواء الحصار منذ 41 سنة مضت هی عمر النظام الاسلامی فی إیران.

ولا نحتاج ان نذکر القاریء الکریم بأن جمیع ما تم إنجازه فی عهد الثورة من اکتفاء زراعی وصناعات ستهلاکیة وتقدم طبی وصناعی ونووی وتنمیة بشریة ومحو للامیة وخدمات متنوعة وصناعات ثقیلة وصواریخ وطائرات وغواصات کله حصل فی أجواء فتن وعملیات ارهابیة واغتیالات وحصار وحروب صلدة وناعمة وعقوبات ذکیة وغبیة...

وایضا لا نحتاج ان نستدل على انتشار نموذج المقاومة الذی بشرت به الثورة واعطى أوکله فی غزة ولبنان والعراق والیمن والبحرین وافغانستان وفنزویلا وغیرها من بلاد المسلمین والعرب والاحرار فی العالم... فیما مشاریع العدو الامیرکی والصهیونی والوهابی فی تراجع دائم، بل وفشل وهستیریا حتى صار یمارس الجریمة والقتل بابشع صوره للتغطیة على اخفاقاته.

ما أرید قوله هو ان کل ما انجزته إیران الاسلامیة تم فی ظل اجواء ملتهبة وحرب مستمرة لم تهدأ وتیرتها للحظة واحدة... وهذه بالضبط فلسفة النوروز التی یؤمن بها الإیرانیون والعدید من شعوبنا الشرق أوسطیة.. فلا ربیع بدون شتاء قارص ولا زهور وینابیع وخضرة وثمار متنوعة الا بعد شتاء لیس بقصیر مثقل بالثلوج والبرد والامطار والسیول... وهکذا هو الأمر حیث یحیی الله الأرض بعد موتها!

أرادة الحیاة التی تملکها طهران ستجعل هذه الفترة الصعبة أیضا من الماضی ومن حکایات الاجداد لاحفادهم فی لیالی یلدا الشتویة الطویلة والجمیلة.. وستکون هذه المحنة سببا آخر فی الارتقاء والتطور فیتحول التهدید الى فرصة، کما تحولت شهادة سلیمانی ونهجه الى مدرسة تقض مضاجع اللؤماء فی المنطقة والعالم...