الانتخابات الإیرانیة استفتاء جدید! | ||||
PDF (250 K) | ||||
الانتخابات الإیرانیة استفتاء جدید!
محمد صالح صدقیان
جرتْ فی ایران یوم الجمعة 23 فبرایر/شباط 2020 الانتخابات البرلمانیة فی دورتها الحادیة عشرة فی ظل ظروف استثنائیة تمر بها ایران. هذه الانتخابات جرت فی ظل عاملین مهمین اثرا فی الناخب الایرانی: العامل الاول، العلاقات المتوترة مع الولایات المتحدة الامیرکیة بسبب انسحابها من الاتفاق النووی وفرض عقوبات اقتصادیة متشعبة ومعقدة هی الاولى من نوعها التی تفرضها على دولة خارجیة کما صرح بذلک الرئیس الامیرکی دونالد ترامب... والعامل الثانی، المشکلات الاقتصادیة التی یعانی منها المواطنون الایرانیون جراء العقوبات الاقتصادیة التی اثرت فی اقتصادیات الأسرة الایرانیة ورجل الشارع العادی. وعلى الرغم من اتخاذ الحکومة الایرانیة لاجراءات احترازیة لتخفیف حدة المشکلات الاقتصادیة، لکن معاناة المواطنین الاقتصادیة لایمکن تجاهلها بهذه البساطة والتی القت بظلالها بشکل واضح على برامج القوائم الانتخابیة التابعة للتیار الاصلاحی او للتیار الاصولی. وبالتالی فان الجمیع تحدث عن معالجات اقتصادیة ووعود بتحسین الحالة الاقتصادیة، فی حین یتطلع الناخب الایرانی للشخصیات المؤهلة التی تستطیع التحرک باتجاهین الاول مواجهة التعنت الامیرکی الذی یرید فرض مقاساته على ای مفاوضات محتملة، والثانی العمل على اتخاذ سیاسات ناجعة لمساعدة المواطنین بعد انتقادات شعبیة واسعة للفریق الاقتصادی العامل فی الحکومة الایرانیة. اجراء الانتخابات فی ایران منذ قیام الجمهوریة الاسلامیة عام 1980 وحتى الان خطوة یفتخر بها النظام لاسباب تتعلق باعتماد الدستور الایرانی على صنادیق الاقتراع فی اختیار اعضاء الاطر الدستوریة کمجلس الشورى البرلمان، والمجالس البلدیة، ورئیس الجمهوریة، ومجلس خبراء القیادة الایرانیة الذی ینتخب المرشد الاعلى... بالشکل الذی تشهد ایران حالة انتخابیة کل عام تقریبا. هذه الانتخابات لم تسلم من انتقادات یوجها التیار الاصلاحی لمجلس صیانة الدستور الذی خوله الدستور بالنظر بصلاحیة المرشحین.. ومما یزید من حدة هذه الانتقادات ان اصولیین متشددین یسیطرون على مجلس صیانة الدستور والذی یتشکل من ستة فقهاء فی الشریعة یعینهم المرشد الاعلى وستة قانونیین یرشحهم الجهاز القضائی وینتخبهم البرلمان. التیار الاصلاحی لدیه مشکلة مع حجم الصلاحیات المعطاة لمجلس صیانة الدستور والتی اقرها التعدیل الذی تم فی العام 1988 على بنود الدستور بشان صلاحیة هذا المجلس.. لکن فی نهایة المطاف یحاول النظام السیاسی ترسیخ قواعد اللعبة السیاسیة فی البلد الذی یعانی من ضغوط متعددة الاتجاهات بسبب السیاسات التی یتخذها على الصعیدین الاقلیمی والدولی. بینما یحرص النظام على جعل هذه الانتخابات استفتاء شعبیا على مشروعیة النظام لمواجهة الضغوط الخارجیة ودعم السیاسات المختلفة التی یتبناه النظام. وقد عمد المرشد الاعلى الامام السید علی الخامنئی الى حث المواطنین على المشارکة فی هذه الانتخابات لمواجهة الضغوط التی تمارسها الحکومة الامیرکیة، فی الوقت الذی دعا فیه رئیس الجمهوریة الشیخ حسن روحانی الى اجراء انتخابات نزیهة تعطی مجالا اوسع للناخب والمرشح من ممارسة العملیة الانتخابیة. وجاءت النتائج بسیطرة المبدئیین على البرلمان الجدید لمواجهة الضغوطات السیاسیة والاقتصادیة، خصوصا اذ ما تم ترحیل”الاتفاق النووی” لمجلس الامن الدولی کما تتمنى الحکومة الامیرکیة، وفی هذه الحالة لیس امام ایران – کما قالت – الا الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووی (NPT) والبدء ببرنامج لتخصیب الیورانیوم بنسب مرتفعة تصل الى 60 بالمئة او اکثر، وهذه خطوة تقلق الدول المعنیة بالاتفاق النووی، وهی الدول الاوروبیة وروسیا والصین، اضافة الى الولایات المتحدة، ففی هذه الحالة تکون هناک حاجة ملحة لبرلمان متشدد یأخذ على عاتقه اتخاذ قرارات حادة ومصیریة لمواجهة ای تصعید محتمل سواء قبل الانتخابات الامریکیة او بعدها، خصوصا اذا ما فاز الرئیس الامیرکی دونالد ترامب فی الانتخابات الرئاسیة، التی ستجرى فی تشرین الثانی المقبل. ویعتقد المسؤولون فی ایران بانهم نجحوا الى حد بعید فی هذه الانتخابات فی ارسال رسالة واضحة للخارج الایرانی وتحدیدا للولایات المتحدة، تفید بان المواطن الایرانی ما زال یؤید النظام السیاسی وما زال یؤمن بقدرات قیادته السیاسیة على تامین مصالحه فی التعاطی مع جمیع الملفات الساخنة.. وبالتالی فانه اراد ان یقول للحکومة الامیرکیة تحدیدا، ان الرهان على تذمر الشارع الایرانی على قیادته لا یخدم الاهداف التی یسیر باتجاهها، وان الجلوس على طاولة مفاوضات على اساس معادلة (رابح - رابح) کما تم فی الاتفاق النووی هی الطریقة الاکثر عملانیة للتوصل مع ایران لای اتفاق جدید.
| ||||
الإحصائيات مشاهدة: 382 تنزیل PDF: 240 |
||||