یوم القدس العالمی فی فکر الامام الخمینی و القائد الخامنئی | ||||
PDF (1498 K) | ||||
یوم القدس العالمی فی فکر الامام الخمینی و القائد الخامنئی لاشک ولاریب أن للقدس عند اتباع الدیانات السماویة عموماً وعند المسلمین خصوصاً مکانة عظیمة جداً، نظراً لما تحتویه تلک المدینة من المقدسات الدینیة کالمسجد الأقصى وقبة الصخرة وغیرهما، فضلاً عن أنها کانت القبلة الأولى التی صلى إلیها المسلمون قبل نزول الأمر إلى النبی محمد (صلى الله علیه وآله وسلم) بتحویل القبلة إلى الکعبة المشرفة فی مکة المکرمة، وهی عندنا کذلک منتهى رحلة الإسراء وانطلاق رحلة المعراج لنبینا محمد (صلى الله علیه وآله وسلم) حتى بلغ (قاب قوسین أو أدنى). وبالجملة فالقدس لا خلاف ولا نزاع بین أهل الأدیان جمیعاً على قداستها ورفعة شأنها وعلوِّ منزلتها، ویکفی أنها عندنا (أولى القبلتین وثالث الحرمین الشریفین). وقد کان المسلمون یحجون إلیها کما یحجون إلى بیت الله الحرام وإلى قبر رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم)، إلا أن احتلال الکیان الصهیونی الغاصب للقدس بأکملها عام سبعة وستین صار حائلاً دون استمرار الزیارة إلیها. وباعتبار هذه الأهمیة والمکانة الدینیة والتاریخیة والمعنویة للقدس عند المسلمین، فقد حاول الإمام الخمینی (قدس سره) ومنذ إنشاء الکیان الغاصب تنبیه العالم الإسلامی إلى خطورة ذلک الکیان، لا على القدس وفلسطین التی احتلها فقط، بل على مجمل عالمنا العربی والإسلامی، وعمل على إیجاد نوع من الوعی الإسلامی الحقیقی للربط ما بین المسلمین وبین القدس وفلسطین (أرض الرسالات ومهد الأنبیاء)، حتى تصبح القدس قضیة فی وجدان کل مسلم وفی عقله وقلبه وکیانه المعنوی والروحی والرسالی، وتجعله حاجزاً للدفاع عنها والجهاد فی سبیلها ضد مغتصبیها من العصابات الصهیونیة التی احتلتها ودنستها بعد أن کانت قد احتلت ودنست أرض فلسطین الحبیبة وطردت أهلها منها. وإذا أردنا أن نوجز نظرة الإمام إلى خطر الکیان الصهیونی، فیمکن ذلک ضمن التالی: أولاً: خطر إسرائیل لا یقتصر على القدس وفلسطین، وانما وفق رأی الإمام الخمینی (قدس سره): - "هی جرثومة الفساد ،إسرائیل لن تکتفی بالقدس، ولو أُعطیت مهلة فإن جمیع الدول الإسلامیة ستکون معرضة للخطر".(خطبة سماحته رحمه الله بتاریخ ١٨/٨/١٩٩٧م). - "منذ ما یقرب من عشرین سنة وأنا أوصی الدول العربیة أن یتحدوا ویطردوا مادة الفساد إسرائیل هذه، إذ لو وجدت الفرصة فإنها لن تکتفی باحتلال بیت المقدس". (خطبة الامام الخمینی بتاریخ ٥/٥/١٩٧٩م). ثانیاً: الخطر الیهودی على الدین الإسلامی؛ ویقول الإمام الخمینی (قدس سره) فی هذا الشأن أیضاً: - "إن إسرائیل لا ترید أن یکون فی هذه الدولة (ایران قبل الثورة الاسلامیة) عالم ولا قرآن ولا رجال دین ولا أحکام إسلامیة، کی تحقق (إسرائیل) أهدافها، فإن حکومة الشاه (البهلوی) تقوم بإهانتنا تنفیذاً لأوامر إسرائیل".(خطبة الامام الراحل بتاریخ ٣/٦/١٩٦٤م). - "إن إسرائیل وصدیقتها الحمیمة مصر یفکران الیوم فی إیجاد بذرة مرکزیة فی المنطقة من أجل القضاء على المسلمین وعلى قیمهم الفکریة العالیة". والمقصود من (مصر) فی حدیث الامام الخمینی رحمه الله هو النظام الذی أقام مع إسرائیل معاهدة (کامب دیفید) ولیس الشعب المصری المسلم الأبی الغیور. ثالثاً: استنهاض الشعوب الإسلامیة وحکامها ضد الکیان الغاصب: وهنا نرى أن الإمام الخمینی (قدس سره) یعطی هذه النقطة بالذات أهمیة محوریة، لأنه یعتبر أن المسلمین شعوباً وحکاماً کانوا المسؤولین عن إنشاء الکیان الغاصب، وینبغی أن یتحملوا مسؤولیة إزالته من الوجود أیضاً، ولذا یقول سماحته (ره): - "یجب على المسلمین، دولاً وشعوباً، أن یضعوا أیدیهم فی أیدی بعضهم البعض، فإن الذین یهاجمون الإسلام کالصهیونیة التی هی أشد عداوة للإسلام، بصدد الاستیلاء على بلاد المسلمین الواحدة تلو الأخرى...". ( کلمة الام الخمینی بتاریخ ١٤/١/١٩٨٢م). وقد کانت قمة استنهاض الإمام الخمینی (قدس سره) للأمة من أجل قیامها بواجب الجهاد ولتحریر القدس وفلسطین هو إعلان "یوم القدس العالمی" فی آخر یوم جمعة من شهر رمضان فی کل عام، لتنبیه الأمة وتحذیرها من خطر إسرائیل، ولتحضیر الأمة الإسلامیة کلها للیوم الذی سیتم فیه تحریر القدس وکل فلسطین من العصابات الصهیونیة المتحالفة مع قوى الکفر والاستکبار العالمی لإذلال الأمة وإرکاعها، وقال الإمام (قدس سره) فی هذا المجال الکثیر، نقتطف منه ما یلی: - "إن یوم القدس یوم عالمی، ولیس یوماً یخص القدس فقط، بل هو یوم مواجهة المستضعفین للمستکبرین". (کلمته بتاریخ ١٦/٧/١٩٧٩م). - "یجب على المسلمین إحیاء یوم القدس الذی هو مجاور للیلة القدر وجعله أساساً ومبدأً لیقظتهم وانتباههم" وفی خطاب اخر للامة الاسلامیة (بتاریخ ٣١/٧/١٩٨١م) قال سماحته "جدیر بالمسلمین فی یوم القدس الذی هو من أواخر أیام شهر الله الأعظم أن یتحرروا من أسر وعبودیة الشیاطین الکبار وقوى الاستکبار، وأن یرتبطوا بالقدرة اللامتناهیة لله وأن یقطعوا أیدی مجرمی التاریخ عن دول وبلاد المستضعفین". وبهذا نرى أن الإمام الخمینی (قدس سره) یرى أن قتال إسرائیل وإزالتها من الوجود هو واجب عقائدی وشرعی ودینی وأخلاقی وإنسانی، لأن خطرها لا یقتصر على فلسطین والقدس، بل یشمل الإنسانیة کلها التی تسعى الصهیونیة لجعلها فی خدمة أهدافها الشریرة والشیطانیة. وإذا کان موقف الإمام الخمینی (قدس سره) هو الرفض المطلق لوجود الکیان الغاصب وضرورة إزالته، فإن موقف خلفه الصالح الإمام الخامنئی (دام ظله) الذی یقود الیوم مسیرة الأمة الإسلامیة فی مواجهة الصعاب والتحدیات والمخاطر التی ازدادت وتنامت الیوم ضد الإسلام وأمته لا یختلف عن موقف الإمام الخمینی (قدس سره)، بل هو نفس الموقف، لأن کلا القائدین الخلف والسلف یأخذان وینهلان من النبع الواحد وهو القرآن الکریم والسنة النبویة وأحادیث المعصومین (علیهم السلام)، وذلک النبع الصافی الذی لم تکدره المؤامرات عبر التاریخ وبقی على نقائه وصفائه. وعلیه فاننا نستعرض خلاصة مواقف الإمام الخامنئی من الکیان الغاصب على النحو التالی: أولاً: تحمیل الأنظمة المستبدة وخاصة بعض حکام العرب وجود الکیان الغاصب: ویقول سماحة الامام القائد فی هذا المجال "... لو أن زعماء المسلمین والعناصر الفاعلة فی الأمة ومن ورائهم الجماهیر، کانوا قد سجلوا آنذاک (عام ٤٨) حضوراً واعیاً ومقاومة جادة، لما شهدت هذه المنطقة الیوم کل هذه المصائب والمآسی، ولما تجرعت مرارة الحنظل من هذه الشجرة الخبیثة المتمثلة بدولة الصهاینة، ولما عانت شعوب المنطقة، وخاصة الشعب الفلسطینی المظلوم ما عانته خلال الأعوام الخمسة والأربعین الماضیة".
وفی مقطع اخر من حدیثه یقول سماحته : کل من کان بمقدوره فی ذلک الیوم (عام ٤٨) أن یفعل شیئاً أو یقطع خطوة على طریق مقارعة هذا الظلم الفادح ولم یفعل، فإنه مستحق للعنة هذین الجیلین الفلسطینیین، ولحکم التاریخ المعاصر والمستقبل، ولعذاب الله وجزائه فی یوم الحساب، لا فرق فی ذلک بین رجال السیاسة ورجال الاقتصاد ورجال الثقافة والأدب ورجال الحرب والقتال".
ثانیاً: إزالة إسرائیل واجب على الأمة والشعوب: وإذا کان سماحة الإمام الخامنئی (دام ظله) یعتبر أن التخاذل هو الذی منح الکیان الغاصب فرصة الوجود والإنشاء، فهو یرى أیضاً أن الأمة الإسلامیة بأنظمتها وشعوبها مسؤولة أیضاً عن إزالة هذا الکیان المغروس فی قلب عالمنا الإسلامی؛ اذ یقول سماحته: "فی هذه البرهة الخطیرة، یجب على المسلمین أن یتحملوا مسؤولیاتهم، وأن یرتفعوا إلى مستوى الواجب الإسلامی الملقى على عاتقهم؛ إننا من جهة أمام مسؤولیة صیانة الأرض الإسلامیة، وتلک من ضروریات وبدیهیات فقه المسلمین، ومن جهة أخرى أمام الاستجابة لاستغاثة شعب مشرد، وقد قال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) "من سمع مسلماً ینادی یا للمسلمین ولم یجبه فلیس بمسلم"، ونداء الاستغاثة الیوم یتصاعد، لا من فرد، بل من شعب بأکمله شعب فلسطین یجب أن تتحمل الحکومات المسلمة الیوم مسؤولیاتها. إن قوة الحکومات المسلمة لو اتحدت کلمتها وتعاضدت، هی أشد من قوة أمریکا".
ثالثاً: الشعب الفلسطینی هو محور الجهاد لإزالة إسرائیل: یقول الإمام الخامنئی (دام ظله) فی هذا الخصوص: إن محور هذا الکفاح الحساس والخطیر ضد إسرائیل هو الشعب الفلسطینی الشجاع المظلوم الذی عاش المصائب بکل وجوده، والذی یشکِّل خطراً عظیماً على العدو ببرکة التمسک بالإسلام وبجهاده المتواصل داخل الوطن المحتل، وتستهدف المؤامرة الاستکباریة الکبرى إطفاء شعلة النضال بواسطة آلیات تقدم تحت غطاء ما یسمى بـ "خارطة الطریق نحو السلام"، ولکن بحول الله وقوته وبهمة الفلسطینیین الشجعان، وبمساعدة الشعوب والحکومات المسلمة، یجب أن تتصاعد هذه الشعلة باستمرار لتأتی على آخر أبنیة العدو الواهیة، وسیتحقق ذلک وسیمنُّ الله بنصره علیهم [ولینصرن الله من ینصره إن الله لقوی عزیز". رابعاً: تاکید سماحة الامام القائد (حفظه الله) على اغتنام فرض المقاطعة الشاملة على الکیان الغاصب، والتی یعتبرها الإمام الخامنئی سلاحاً قویاً وفعالاً فی إبقاء الکیان الغاصب معزولاً عن عالمنا الإسلامی وغیر قادر على اختراق أی سوق من أسواقنا أو دولة من دولنا؛ ویقول سماحته فی هذا الصدد "إن فرض المقاطعة الاقتصادیة على الدولة الغاصبة وعدم الاعتراف الرسمی بها واجب على کل الحکومات المسلمة، ویجب أن تقدر الشعوب حساسیتها الفائقة فی هذا المجال". وعلى ضوء ما تقدم نخلص الى القول ان یوم قدس العالمی کما عرّفه الإمام الخمینی (قدس سره) وخلفه الصالح قائد الامة الاسلامیة الامام الخامنئی (حفظه الله)، هو: * یوم الإسلام.. ویوم إحیاء الإسلام. * یوم ینبغی فیه للمستضعفین أن یعدوا أنفسهم لمواجهة المستکبرین. * یوم ینبغی فیه على کل مسلم أن یجهز نفسه لمواجهة اسرائیل.. ولا بد أن تعود القدس إلى المسلمین. * یوم الفصل بین الحق والباطل، یوم یفضح فیه المتامرون الموالون لاسرائیل. * یوم یجب فیه أن نسعى جمیعا لانقاذ القدس من براثن الصهاینة الغاصبین. * یوم انذار الاستکبار العالمی بأن الإسلام لن یعود یرضخ لسیطرته أو لسیطرة عملائه وازلامه الذین بسطوا سطوتهم حکاما مستبدین فی بلادنا الاسلامیة والعربیة لاکثر من اربعة عقود. و من هذا المنطلق فإن أبرز ما تمثله القدس بالنسبة للمسلمین کواحدة من أهم مقدساتهم هو انها: ١ـ أولى القبلتین. ٢ـ مسرى رسول الله (صلى الله علیه و آله و سلم) حیث صلى فی مسجدها بالأنبیاء(ع). ٣ـ مصلى الأنبیاء والملائکة؛ فعن النبی صلى الله علیه و آله و سلم أنه قال: [إن بیت المقدس بنته الأنبیاء، وعمرته الأنبیاء، وما فیه موضع شبر إلا وقد صلى فیه نبی وقام علیه ملک[. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 666 تنزیل PDF: 285 |
||||