الشیخ خالد الملا رئیس اتحاد علماء اهل السنة فی العراق

کان هم الامام الخمینی ^(رض) هو انقاذ المسلمین من الذل والهوان والخنوع لقوى الهیمنة

1- دور الإمام الخمینی والثورة الإسلامیة الإیرانیة فی إیقاظ الدول الإسلامیة فی المنطقة ؟

لقد  عمل على اظهار الاسلام الحقیقی الناصع الذی حاول اعداء الامة طمس معالمه واخفاء ملامحه عبر سلسلة من الممارسات القهریة فجاء الامام لیبذل نفسه ووقته وجهده وفلذة کبده من اجل ازاحة غبار البدع الغربیة التی حاولت صرف انظار الامة عن حقیقة هواجسها وافکارها وتطلعاتها الکبرى . لقد اتسمت شخصیة الامام الراحل قدس سره بالشفافیة والحکمة الکبرى بالاضافة الى الایمان العالی بالقضیة ماجعله ناجحا فی التصدی على مختلف الصعد لجمیع اشکال التحدیات واشکالیاتها دفاعا عن الاسلام المحمدی الاصیل .ثورة الامام الخمینی کما عبر عنها محمد حسین هیکل هی ثورة مدویة انطلقت من قلب القرن الاول الهجری وانطلقت فی قلب القرن العشرین لتوقظ الامة من سباتها وتعید الیها رشدها باقتدار وعزة واباء .لقد تصدى الامام لمقولة الفصل بین الدین والسیاسیة، ومقولة القبول بالخضوع لقوى الهیمنة شرقیة کانت ام غربیة. ما انتج هذا النجاح المدوی لثورته التی نقلت ایران الى مصاف العالمیة وارتقت بالامة الاسلامیة الى مصاف الامم الحیة الواعیة الثوریة.

2-  ما هی أهم اهداف الإمام الخمینی برأیکم؟

لم یحمل الامام هما شخصیا ولم تکن لدیه اهدافا خاصة لا فئویة ولا جهویة ولا قومیة بل اهدافا اسلامیا املاها علیه الایمان الکامل بحق المسلمین فی ان یکون لهم شانهم وان یستعیدوا حقوقهم السلیبة بعیدا عن هیمنة الغرب الاستکباری وحبائله ومکائده الشریرة .کان هم الامام الخمینی (رض) هو انقاذ المسلمین من الذل والهوان والخنوع لقوى الهیمنة ودحض الافکار المادیة والعلمانیة والاسلام المتحجر الذی کانت تطرحه بعض الفرق والدول.

فکان الامام قائدا جماهیریا وفکریا وشعبیا نجح فی استقطاب قلوب وعقول محبیه من الشعوب الاسلامیة عبر الاهتمام  بامور المسلمین والمحرومین والمظلومین وکان حساسا بشکل کبیر بشأن القضیة الفلسطینیة والوقوف بوجه الصهیونیة وداعمیها  بالاضافة الى هموم المسلمین عامة فی کل مکان فی العالم . بل لقد تجاوز بثورته البعد الاممی لیکون البعد الانسانی حاضرا فنجده وقف لیساند کل الشعوب الطلیعیة المکافحة فی استرداد حقوقها والدفاع عن مقدراتها بوجه الطاغوت الغربی والاستکبار العالمی والصهیونیة العنصریة .

3- تعتبر الثورة الإسلامیة الإیرانیة من أنجح الثورات فی العالم فی إیقاظ العالم فی العصر الحالی ، برأیک ما هی أسباب نجاح الإمام الخمینی فی هذا الانتصار؟

لقد نجحت الثورة عبر ثنائیة العقل والمنطق مضافا لها الجهد الواقعی وحضور روح التضحیة ، فمن النادر او تتوافر هذه العناصر مجتمعة فی ثورة ما بل لم یشهد العالم بعد الحرب العالمیة الاولى ثورة جماهیریة کبرى مثل الثورة الاسلامیة التی اعادت بلورة الوعی الجماهیری للامة واستقطبت الشباب والثائرین من جمیع اصقاع الارض الیها لیتغنی بها الکتاب ویؤیدها المفکرون ویحیها الساسة والحکماء.

اساس الانتصار فی الثورة الاسلامیة هی دیومتها وقدرتها على الاستیلاد من جدید لدوافعها وشعاراتها ومبادءها الکبرى التی لم تخبو او تموت فی ای یوم رغم کثرة التحدیات التی واجهتها والعقبات التی وقفت فی طریقها واعترضت سبیلها .ثورة الامام کانت تجدیدا واقعیا للمبادىء والقیم ونجحت فی شحذ منظومة الافکار والمبادىء وجعلها تنبثق من الواقع ولا تقفز على المسلمات العامة فکانت ثورة التطبیق والتنظیر فی ان واحد .

4-  کیف تقیم مبادئ الأخلاق الروحانیة فی فکر العملی الإمام الخمینی؟ کیف یمکن وصف العلاقة بین الأخلاقیات الروحانیة وآثارها الاجتماعیة فی تعزیز التفاعلات والتعاون الإنسانی فی فکر الإمام الخمینی والحیاة العملیة؟

لقد تمیز الامام الخمینی بحضور جوانب روحیة فریدة من نوعها لم تتوافر عند سواه من القادة حول العالم . فقد کانت جامعة بین التعقل والحکمة والعاطفة والامور المعنویة. لقد مزج الاسلام المحمدی الاصیل مع الاقتدار والعزة. کان صاحب غیرة وهمة على الاسلام وکان لا یحتمل ای تحرک ضد هذا الدین الحنیف. کان الاقرب الى الجماهیر والابعد عن الانزواء وراء الافکار بعیدا عن الناس . محبته لجمیع اثار فی النفوس حبا جما له وادراکه لحقیقة ان الاسلام دین السلام والمؤاخاة وضعه فی طلیعة من یترجم مبادیء الدین الحنیف الى صورة مشرقة من صور التلاقح والتلاحم بین الشعوب الاسلامیة ومجتمعاتها لتنتج افکارا خصبة قادرة على الحیاة وقابلة للنمو والتطور .

5-  یدعو الإمام الخمینی جمیع الشباب إلى الحفاظ على القیم الإنسانیة والاهتمام بالمفاهیم السامیة مثل الاستقلال والحریة والوعی والوقایة من الانحرافات ، خاصة فی المراکز الجامعیة التی تشکل مراکز لصناعة الانسان و إلانسانیة ، ما رأیک فی هذه النصیحة الاجتماعیة للإمام الخمینی؟

لقد حرص الامام على ان یعرف الشباب مدرسة الاسلام، التی تبث روح الحیاة فی الابدان، والابتعاد عن المبادئ الهدامة المنحرفة، التی اوجدها الانسان... فکان کثیرا ما یحث الشباب المسلم على الانتباه للعراقیل التی وضعت فی طریقهم من قبل الاعداء  وهم یسعون للحیلولة دون ظهور الوجه المضی‏ء للاسلام من خلال نشر الأفکار السامة وتشویش أذهان الشباب وافکارهم، وحرف شبابنا عبر العناوین الخداعة، والمذاهب المختلفة.

دعوته المتکررة الى استحضار الاصالة الاسلامیة فی المجالات السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة وغیرها، وان تکون الخصوصیات التی تمیز الاسلام عن جمیع الادیان الاخرى حاضرة . وکان الامام کثیرا ما یحذر من الخلط  بین القرآن المقدس ونهجه المتمثل فی الاسلام، وبین المذاهب المغلوطة والمضلة التی ترشحت من فکر الاسلام.

فالامة الاسلامیة سوف لا تنعم بالامن والحریة مادامت متشبثة بهذه المذاهب الاستعماریة، ومادامت تقارن التشریعات الالهیة معها، وتضعها الى جنب بعضها البعض. فهذه المذاهب التی تعرض على الأمة الاسلامیة من الیسار والیمین هدفها الوحید إضلال المسلمین وحرفهم، فهم یریدون ان یبقوا المسلمین فی حالة الذل والتخلف والعبودیة دائماً، ویبعدوهم عن تعالیم القرآن الکریم التحرریة.

6-  هل بنظرکم هناک انعکاسات للجوانب العرفانیة والفلسفیة لشخصیة الامام الخمینی قدس فی الثورات العالمیة للمطالبة بإعادة الحقوق المنهوبة من ید الغاصبین وهل بنظرکم  قد فهمت الرسالة عند الامة الاسلامیة وهل لها اثارها الایجابیة ؟

لم یکن خلود الثورة الاسلامیة التی جاء بها الامام الا لانها شدیدة الحرص على الدفاع عن الحقوق السلیبة للناس فی وجه الطاغوت والظلم والاستعباد .فلم یکن ینظر إلى التطورات العالمیة بنظرة ضیقة علاوة إلى أنه کان یعید النظر فی أفکاره ویجددها وفقاً للتعالیم الدینیة.ففی فترة النضال مع النظام البهلوی نجد سماحته شخصیة عصریة ذات اتجاهات دینیة ومذهبیة بعبارة أخرى کان الإمام (قدس سره) ناشطاً فی مجال حقوق الإنسان ومدافعاً عن حریة التعبیر، والحریة فی الصحف، ومعارضاً للفساد الاقتصادی والأخلاقی، ورافضاً للإتکالیة على الأجانب.   وکان الإمام الخمینی (قدس سره) یؤکد دوماً على فقدان أهلیة الشاه للحکم على الشعب الإیرانی وتخلیه عنه وضرورة بناء نظام یعتمد على آراء الشعب والقوانین الإسلامیة.   على سبیل المثال قال فی کلمة له: «الشعب الإیرانی شعب مسلم یرید الإسلام الذی یؤکد تحقیق الحریة، والاستقلال، وقطع أیدی الأجانب والمجرمین والعملاء وهدم قواعد الظلم والفساد... وعلى الشعب الإیرانی خاصة العلماء والمفکرین والجامعیین أن ینطقوا بالحقائق لتسمعها الأوساط الدولیة والمجتمعات جمعاء و یجب أن یتخلص الجیش الإیرانی من قبضة الأجانب وینقذ الوطن من السقوط والثبور. کان یجمع بین شعار الحریة الدینیة وشعار الدعم للمستضعفین ومکافحة التمییز والانقسام الطبقی وشعار عدم تدخل الأجانب فی شؤون البلد والمحافظة على الهویة الدینیة والوطنیة؛ الشعارات کانت تلتزم کل فئة بواحدة منها.