معالم الصحوة الإسلامیة عند الإمام الخمینی قدسسره | |||||||||||
PDF (1096 K) | |||||||||||
معالم الصحوة الإسلامیة عند الإمام الخمینی قدس سره
بقلم : الدکتور فؤاد کاظم المقدادی
أمام هده التحدیات الکبرى جاءت الصحوة الإسلامیة بقیادة الإمام الخمینی الکبیر قدس سره ، لتضع لنا فی هذه المرحلة الحساسة من مسیرتنا الرائدة معالم الحرکة الرسالیة لاحتواء هذه التحدیات ، وطرح الإسلام العظیم بکل قوة و اقتدار على أساس فکری مبین ، وعزم وإرادة راسخة ؛ لیکون له فی کل مسألة جواب تام ، ولکل شبهة ردّ حاسم ، وأمام کل ظلم وباطل موقف عدل وحق ، ویحق قول الله تعالى فی محکم قرآنه الکریم فی قیمومة الإسلام :
(فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْهَا لَا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لَا یَعْلَمُونَ) (سورة الروم :30) وفی هیمنته على الدین کله : (وَأَنزَلْنَا إِلَیْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْکِتَابِ وَمُهَیْمِنًا عَلَیْهِ) (المائدة : 48) وأبرز هذه المعالم التی رسمتها لنا الصحوة الإسلامیة وقیادتها الرشیدة هی :
أولاً- تجسید الرؤیة العقائدیة بدور الغیب المطلق ، والقدرة الإلهیة فی رسم سنن التغییر الاجتماعی و مسار حرکة الاُمم و الشعوب:
إن العقیدة بالغیب و قدرة الله المطلقة فی سیر الحیاة الإنسانیة ، لا سیما فی الجانب الاجتماعی ، هی جوهر الإسلام و الإیمان ، وهی المبدأ المطلق فی استمداد النصر و إقامة حکومة العدل الإلهی فی الأرض .
إن الکشف عن هذا المبدأ على المستوى العالمی للاُمم و الشعوب ، والإیمان به ، و السیر على نهجه ، تحقق من خلال عاملین أساسیین متعانقین : أحدهما سلبی و الآخر إیجابی ، أما السلبی فهو مجموعة التحولات التی تفرزهــــــا عملیة الصــــراع بین الحـــــق و الباطل و العـدل و الظلــم فی الواقع البــشری ، والتی من خلالهــــا تنتبه البشریة إلى بطلان العقائد الجاهلیة السائدة ، وخَطل النظریات الحاکمة ، وفساد القوى والممارسات التی تنبثق عنها، والآخر إیجابی یتمثل بتطلع هذه الشعوب والاُمم نحو الاُطروحة البدیلة فی بعدیها العقائدی و التشریعی ، والتی تأمل فیها إقامة الحق و إزهاق الباطل و تحقیق العدل و دفع الظلم .
إن عملیة الکشف عن المبدأ و التحول العالمی نحوه هما أول إشعاع انبثق من اُفق الثورة الإسلامیة وقیادتها الربانیة ، فأیقظ الاُمم و الشعوب من سباتها ، وحول ظلمتها إلى صبح مُنیر ، أشرقت معه النفوس ، وتطلعت بانبهار إلى حقائق کبرى لم تکن قد أدرکتها من قبل ، أو خُیّل إلیها أنها نوع من خرافات المتخلفین وبقایا جهل الإنسان القدیم ، وهذه هی أهم مفردات نهج الصحوة الإسلامیة و قیادتها الرسالیة فی مواجهة التحدیات المعاصرة ، و إحداث التغییر الأساسی فی طریقة التفکیر المادیة ، و المنهجیة العلمانیة فی تناول الحقائق و القضایا .
فعن سرّ انتصار الثورة الإسلامیة یقول الإمام الخُمینی قدس سره : ((لنعلم أن ألطاف الإمداد الغیبی الإلهی هی التی أوصلت هذه الثورة للنصر )) (1) . ولم تکن هذه المقولة المبدئیة مجرد عقیدة ، تحمّل على الأحداث و الوقائع لتَسِمها بطابعها الخاص ، بل إنها حقیقة ، ثبت وجودها المطلق من خلال إستقراء الواقع موضوعیاً للوقوف على فواعل حرکته و قوانین صیرورته ، فعندما یقرر الإمام قدس سره أن الثورة الإسلامیة تمتاز عن کل الثورات : (( بالانطلاقة وفی أسالیب المقارعة وفی أهداف انتفاضتها )) (2) ، یصیب تلک الحقیقة إصابة موضوعیة ، وذلک عندما ننظر إلى طبیعة الثورة فی انطلاقتها ، وفی سیاق حرکتها و أهدافها و المخاطر المحدقة بها ، والقوى التی تناهضها ، مع إمکاناتها المتواضعة إذا ما قیست مع إمکانات أعدائها ، یثبت أن النصر الذی حققته و المبارزة التی أشعلت فتیلها و أدامتها بوجه القوى الکبرى ، لم یکونا من إبداعاتها المحضة و إمکاناتها المادیة المتواضعة فحسب ، وإلاّ فالمعادلة وفقاً للموازین المادیة لکلا الطرفین قد تکون راجحة لصالح قوى الأعداء الکبرى ، لذا یؤکد الإمام قدس سره : (( لولا ید القدرة الإلهیة لم یکن ممکناً أن ینجز شیئأ شعب الستة و الثلاثین ملیوناً فی ظل الدعایة المعادیة للإسلام ... وما کان هذا الشعب لولا قدرة الید الإلهیة لیحقق شیئاً فی ظل إقامة کل تلک المراکز المخصصة للفساد و البغاء و القمار و الخمر و المخدرات )) (3) .
کما أن ید القدرة الإلهیة وألطاف الإمداد الغیبی هما اللتان کانتا وراء وحدة الشعب و انتفاضاته ، ولولاهما لکان محالاً أن یتوحد الشعب کافة لهدف واحد ، وهذا ما یثبته الإمام الخُمینی قدس سره فیما جاء فی وصیته : (( فی ظل کل ذلک کان محالاً أن ینتفض هذا الشعب کافة فی أرجاء البلد ، ولهدف موحد لیدحر کل القوى المضادة محلیة و أجنبیة ، وینتزع منها مقدرات بلده )) (4) .
إن العقیدة بالغیب ودورها المطلق فی استقامة و انتصار حرکة الاُمة المتجهة صوب تحقیق الأهداف الإلهیة ، هی عقیدة إسلامیة خالصة ؛ ذلک لأن عوامل النصر فی الإسلام تنطلق أولاً من ذات الإنسان و محتواه الداخلی لتنتهی إلى الله تبارک و تعالى ، والله تعالى هو الذی یحقق النصر إذا ما حقق الإنسان العبودیة له لقوله تعالى : (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ یَنصُرْکُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدَامَکُمْ) (محمد : 7) ، بل فی تحقیق وحدتها الحقیقیة الشاملة لقوله تعالى:( وَإِن یُرِیدُواْ أَن یَخْدَعُوکَ فَإِنَّ حَسْبَکَ اللَّهُ هُوَ الَّذِیَ أَیَّدَکَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِینَ * وَأَلَّفَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِی الأَرْضِ جَمِیعًا مَّا أَلَّفْتْ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَکِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَیْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِیزٌ حَکِیم ) (الانفال : 62-63 )
فمن ضروریات ومعالم الإنتصار والتکامل فی حرکة الاُمة و الإنسان المسلم وهو التأکید على هذه الحقیقة ، وتربیة و إعداد النفوس للإذعان والإقرار بها ، وتمکینها من الاستعداد الفعلی ، واستیعابها شعوریاً و سلوکیاً ، والتعامل الدائم على أساسها وحساب النتائج ، على ان الله تبارک وتعالى هو المهیمن على کل ذلک وبیده عاقبه الاُمور . إنّ تخطّی هذه الحقیقة أو تجاهلها لا یثمر إلاّ الفشل و الخسران والتخبط فی هوس الاضطراب وخطل الممارسة , هذه هی الحقیقة الأساسیة الاُولى التی اتسمت بها الثورة الإسلامیة ، و رسمت معالم نهجها التغییری فی العالم قیادتها الإسلامیة الرشیدة ؛ لإعادة البشریة إلى عمقها الفطری و وجدانها الأولی ، و الانعتاق من أسر المادیة المقیت إلى رحاب الله تعالى ، حیث الحریة الحقیقة فی الفکر و العدالة فی الحکم و الاستقامة فی العمل و السلوک .
ثانیاً – الاُمة المؤمنة بالله قوة حقیقیة فی صنع التغییر :
إن ثانی التحدیات المعاصرة الذی وقفت الثورة الإسلامیة بکل عظمة وإقتدار لمواجهتها ، هو العقل الجمعی الذی تخلقه وسائل الإعلام المضللة ، و تُحکِم القوى الکبرى و الحکومات الفاسدة سیطرتها على الاُمم و الشعوب من خلاله .
إن أبرز ما تفرزه هیمنة العقل الجمعی المختلق المبطّن بالإعلام المضلل ، هو سلب الأنسان و المجتمع أدراکه السلیم ، و إرادته الحرة فی الاختیار ، و إملاء أفکار ومناهج وهمیة علیه ، ووضعه فی إطار خیارات قسریة محددة لا یملک بدیلاً خارج حدودها . وهذا بخلاف الدعوة الإسلامیة ، فإن من أبرز أهدافها هو توجیه العقل الإنسانی نحو الحقائق الواقعیة ، لتکوین الفکرة السلیمة و العقیدة الصحیحة ، وتربیة إرادته على الاختیار الحر النزیه القائم على الوعی و الإدراک المتکامل ، وهو المعْلَم الثانی الذی رسمته لنا الثورة الإسلامیة وقیادتها الرسالیة فی نهجها التغییری ، فهی أولاً تعلن أن الاُمة هی القوة الحقیقیة التی لا یمکن إغفالها و تجاوزها أو التنکر لقضایاها و مصالحها العامة ، وهی ثانیاً تعمل لتطبیق هذا الشعار من خلال تعبئة الاُمة المؤمنة بالله وتوجیهها قوةً حقیقیة ، تتکامل مع حقیقة الواقع الإلهی و الإمداد الغیبی ، لأجل صنع النصر و تحقیق التغییر و إقامة حکومتها العادلة ودیمومتها ، وهما عاملان لا ینفک أحدهما عن الآخر فی تحقیق الهدف المنشود ، ویکشف الإمام الخمینی قدس سره عن هذه الحقیقة فی قوله : (( یقین أن سر دیمومة الثورة الإسلامیة هو نفس سر انتصارها ، والاُمة تعلم ماهیة هذا السر وأین یکمن ؟ والأجیال الآتیة ستقرأ فی التاریخ أن دعامتی هذا السر تکمنان فی الدافع الإلهی ، والغایة السامیة للحکومة الإسلامیة ، والتفاف الشعب فی أرجاء البلد بکلمة واحدة حول هذا الدافع وتلک الغایة )) (5) .
وعلیه فإذا کانت الثورة الإلهیة و التغییر الإسلامی هما من صنع الاُمة المؤمنة بالله والإمداد الإلهی لها، وأن بقاءها و دیمومتها متوقفان على ذلک ، فإن دور الحکومة بکافة مؤسساتها دور خدمی ، وطبیعته حمایة مصالح الاُمة و أهدافها ، وتحقیق غایاتها و رغباتها ، بعیداً عن التحمیل و التسلط الاستکباری وخلق أجواء الهیمنة الشکلیة ، وعلى هذا الأساس یصف الإمام قدس سره وظیفة الحکومة – وزراء و مسؤولین – بأنهم مجرد (( خدمة للشعب و المستضعفین خاصة ))(6) ، ولا مجال بعدئذ للاستعلاء على الاُمة أو سحقها أو هضم حقوقها ، سواء کان ذلک عن طریق الإرهاب و القوة ، أو عن طریق أسرها فی قیود العقل الجمعی الباطل الذی یخلقه الإعلام المضلل ، کما هو حادث الیوم فی سائر الأنظمة الاُخرى فی العالم . وفی نهج الثورة الإسلامیة تأخذ الاُمة دورها الشامل و مسؤولیتها الکاملة ، فتؤثر مباشرة فی صمیم الأحداث دون عازل ، فالمؤامرات المضادة للثورة یضطلع الشعب بکشفها و إسقاطها . یقول الإمام قدس سره : (( یلزم على شعب إیران الیقظ الواعی أن ینطلق من رؤیة إسلامیة لإحباط تلک المؤامرات )) (7) بل یجعل من الشعب رقیباً وناظراً على المسیرة السیاسیة . فیقول: (( وأوصی الشعب العزیز انطلاقاً من الحرص علیه و الرغبة فی الخدمة ، أن علیکم بالیقظة و الحذر و مراقبة محترفی السیاسة المرتبطین بالشرق أو بالغرب ؛ کی لا یسوقوکم بوساوسهم الشیطانیة إلى تبیعة هؤلاء السرّاق الدولیین ))(8) ، وکذا فی حمایة وحفظ الثقافة الإسلامیة الأصیلة من التحریف ، حیث یقول قدس سره : (( إذا ما وجد بین الأساتذة من یسعى إلى الانحراف فلینصحوه ، وإن لم یرعوی فلینبذوه و لیطردوه من قاعات التدریس )) (9)وهکذا فالسلطة تُقوَّم بالاُمة المؤمنة بالله فی نهج الثورة الإسلامیة . وتؤکد الثورة على لسان قائدها هذا النهج قائلاً : (( ولیعلموا أنه لن تحدث ثغرة فی قلعة الشعب الفولاذیة بسبب ذهاب خادم (حاکم) ، فهناک خدمة أسمى و أرفع مشغولون بالخدمة ، والله حافظ هذا الشعب و مظلومی العالم )) (10) .
ثالثاً- رفض الهیمنة الاستکباریة ومبدأ اکتشاف الذات :
وهو السمة الأساسیة الثالثة لنهج الثورة الإسلامیة ، وقیادتها الرشیدة فی مواجهة التحدی المعاصر ؛ فلو استقرأنا الثورات المعاصرة فی عالمنا ؛ لما وجدنا ثورة شعبیة الهیة خالصة ، غیر منحازة بشکل أو آخر لأحد قطبی العالم الشرق أو الغرب ، فضلاً عن أن تکون متمردة علیهما أو مناهضة لهما حقاً . وقد تبدأ الثورات و القیادات ثوریة مستقلة ، ثم لا تلبث أن تقع فی أحضان إحدى القوى الکبرى مختارة لرفع العزلة التی تُفرض علیها ، أو مکرهة بتهدید الزوال المحدق بها من قبل قوى الاستکبار فی العالم . ویعدّ أمراً جدیداً وفریداً أن تنبثق ثورة فی هذا العصر ، تقوم بالأساس على رفض الهیمنة الاستکباریة ، ومناهضة القوى الکبرى و معاداتها ، وتطرح مبادئ تدعو الشعوب للتخلص من سلطة وهیمنة الأجانب ، ولاسیما القوى الکبرى وتدفعها للثقة بالنفس ، واکتشاف الذات ، والعودة إلى الأصالة ، وعمل کل ما من شأنه أن یؤدی إلى الاستقلال والاکتفاء الذاتی ، وهذا ما یکشفه الإمام قدس سره فی بیانه لنهج الثورة الإسلامیة عندما یقول : ((واعلموا أن العنصر الآری و العربی لیس بأقل من عنصر شعوب اُوربا و أمیرکا وروسیا ، وإذا إکتشف هویته ونفض الیأس عن نفسه ولم یعقد الأمل على الآخرین ، فإنه قادر على المدى البعید أن یعمل کل شیء ویصنع کل شیء )) (11) ، ویشخّص الإمام قدس سره أن من آثار المخطط الاستعماری للقوى الکبرى هو زعزعة ثقة الشعوب المستضعفة بنفسها وبقدراتها ، بل فی ثقافتها وأخلاقها ، فیقول : (( إن مخطط نزع البلدان المستعمَرة عن هویتها ، و تغریبها وتشریقها ، هو من المخططات التی کان لها مع الأسف الشدید تأثیر بالغ على البلدان ، وعلى بلدنا العزیز ، وقد بقیت نسبة کبیرة من آثارها حتى عادت هذه البلدان لاترى نفسها ولا ثقافتها وقوتها شیئاً ، وترى فی القطبین القوتین الغرب و الشرق العنصر الأفضل )) (12) ، وانتهى الأمر لدا شعوبنا المستضعفة أن (( أصبح التغریب الکامل فی العلاقات الاجتماعیة والمعاشرة وجمیع شؤون الحیاة ، سبباً للتفاخر و التعالی ، ودلیلاً على التمدن والتقدم ، والالتزام بثقافتنا وتقالیدنا هو تحجر وتخلّف )) (13) ، فضلاً عن التبعیة الکاملة اقتصادیاً وسیاسیاً وعسکریاً لهذه القوى المستکبرة . وتبقى المسألة الأهم هی خلاص الاُمة من هیمنة قوى الطاغوت الکبرى ، التی وقعت تحت تأثیراتها وفی شباکها ، سواء کانت ذات قطبین کما فی المرحلة الاُولى ، أو قطب واحد ، کالذی یُسعى إلى تکوّنه فی المرحلة الثانیة ، إن الطریق إلى هذا الخلاص فی نهج الثورة الإسلامیة فی النفوس التی إذا ما تمسکت بمبادئها بإصرار و إخلاص وثقة ؛ فإن الانعتاق من تلک الهیمنة المقیتة واقع لا محال ، ویعلن عن هذا النهج قائد الثورة قدس سره فی وصیته قائلاً : (( أوصی الشعوب الشریفة المظلومة والشعب الإیرانی العزیز ، أن یستقیموا باستحکام وصمود والتزام ومقاومة على هذا الطریق الإلهی المستقیم ، الذی منّ الله به على البشریة والمتحرر من الارتباط بالشرق الملحد والغرب الظالم الکافر ))(14) . ویُقدم الإمام قدس سره نموذجاً حیاً لذلک ، وهو تجربة الثورة الإسلامیة فی معاداتها ومناهضتها للقوى الکبرى ، وما نتج عن ذلک من فوائد ومعطیات کانت مَعْلماً و رائداً للشعوب المظلومة فی سبیل أن تحثّ الخطى فی قطع دابر التبعیات وبناء الذات ، فیقول:(( ترون کیف یواصل الانقطاع عن الشرق و الغرب منح ثماره المبارکة؛ إذ تفتحت العقول و الطاقات المفکرة المحلیة وهی تسیر حثیثاً باتجاه الاکتفاء الذاتی )) (15) .
ویتوّج الإمام نهجه الإسلامی فی رفض و معاداة قوى الهیمنة الکبرى بصلابة مدهشة ، لیس معها أدنى رجعة أو میل لها فیقول : (( أیها الاُخوة المؤمنون ، إن استئصالنا من قبل الأیدی المجرمة ویتوّج الإمام نهجه الإسلامی فی رفض ومعاداة قوى الهیمنة الکبرى بصلابة مدهشة ، لیس معها أدنى رجعة أو میل لها فیقول قدس سره: (( أیا الاُخوة المؤمنون ، إن استئصالنا من قبل الأیدی المجرمة الأمیرکیة و الروسیة ، ولقاءنا الله مخضبین بدم الکرامة ، هما خیر من أن نعیش مترفین فی ظل الجیش الشرقی الأحمر أو الغربی الأسود )) (16) . وهکذا جسدت الثورة الإسلامیة العملاقة وقیادتها الربانیة من خلال نهجنا الإلهی؛ قدرة رسالتنا الإسلامیة على مواجهة التحدیات الأرضیة مهما کانت ومن أیٍّ کانت ، وصدق فیها قوله تعالى: (هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ ) (الصف : 9) .
| |||||||||||
المراجع | |||||||||||
| |||||||||||
الإحصائيات مشاهدة: 648 تنزیل PDF: 281 |
|||||||||||