ایة الله التسخیری أخرج العلم من حیز الکتب والنظریة إلى الحیاة والواقع العملی | ||||
PDF (417 K) | ||||
السید علی السید قاسم رئیس مرکز حوار الأدیان والثقافات فی لبنان أن نتحدث عن سماحة الشیخ الفقید من زاویة معینة ومحددة بعد رحیله یمکن لنا أن نقدّمه کأسوة ونموذج وقدوة نحتاجه الیوم وفی کل حین فی لغة الحوار والانفتاح على الآخر .. نحن نحتاج إلى هذا النموذج الذی عایشناه عن قرب وشهدناه فی مؤتمرات وندوات فی لبنان وسوریة وإیران .. وقد شاهدنا بحق سیرته وحیاته وسلوکه ، ونشهد له بذلک بعد رحیله ، ونقدمه نموذجاً لنا، وأسوة فی الفکر والوعی والبصیرة ، وأدعو کل صاحب فکر وحوار أن یتّخذه مثالاً وقدوة فی حرکته الرسالیة ومشروعه الدعووی . نحن لا نتحدث عن العناوین،أو الأسماء، أو الصفات. نتحدث عن الشخص المجسّد للعناوین وللصفات والأسماء، کان القدوة لنا کعالم طلب العلم طویلًا حتى آخر لحظات حیاته کان طالبًا للعلم من منابعه الأصیلة وباحثًا عن الحقیقة من مصادرها ومحققًا ودارسًا لها . من میزات آیة الله تسخیری أنه کان یدرس ویعلّم ویحقّق ویکتب وینشر هذا العلم بقالب وحدوی وتقریبی بین المذاهب ، فقد أخرج العلم من حیز الکتب والنظریة إلى الحیاة والواقع العملی ولهذا کان ممن طلب العلم لله، وعلّم لله عز وجل وعمل لله عز وجل . وکما قال السید المسیح علیه السلام “من تعلّم لله وعلّم لله وعمل لله نودی فی ملکوت السماوات عظیماً” لقد تمیز سماحته أنه خرج إلى الحیاة وتحرک فی کافة میادینها ولم یعتزل حیاة الناس، لم یذهب بعیداً، فی الحوزة العلمیة کان عالمًا عاملًا، وعندما جال فی أصقاع العالم بمؤتمراته وخطاباته کان طالبًا للحقیقة ومحققًا بمِللها ونِحلها ومؤکدًا على لملمة الصف وتوحید الجهود من أجل تثبیت معالم القیم الالهیة فی أرجاء المعمورة . وبنظری أنه ذهب فی مشروعه الوحدوی إلى تکریس منظومة التقریب بین المذاهب کمقدمة لتحقیق الوحدة الاسلامیة ودعا إلى عقد مؤتمرات التقریب انطلاقًا من مکة المکرمة فی موسم الحج السنوی لما یرتبط ذلک بخصوصیة المکان والزمان والذی تختتم أعماله بمسیرة البراءة من شیاطین الأنس والجن لترتسم معالم الوحدة انطلاقًا من هذا الهدف المنشود لقوله تعالى: “إن هذه أمتکم أمة واحدة وأنا ربکم فأعبدون” نحن أمام شخصیة العامِل الجاد، العالم الدؤوب، الدوار بطبه الوحدوی صاحب الهمّة العالیة، الذی لا یعرف الکلل ولا یقعده لا تعب ولا مرض.. وفی الأشهر الأخیرة قبل رحلیه التقیناه فی الجمهوریة الإسلامیة الایرانیة فی مؤتمر الوحدة الاسلامیة وبالرغم من اشتداد مرضه وحتى اللحظات الأخیرة التی کان جسده یعینه، وکنت أستغرب من هذه الهمة العالیة وما لفتنی فی وصایاه الخالدة من خلال کلمته التی أدلى بها فی أعمال المؤتمر والتی شعرت بنفسی أنها الوداعیة وهو یؤکد على تکریس الوحدة الاسلامیة وقبول الآخر على قاعدة تثبیت المتفق علیه ومحاورة المختلفات بشکل موضوعی ونقدٍ بنّاء والالتفات الى القضایا والهموم الکبرى التی یعیشها العالم فی ظل سیاسات الحرب الناعمة التی تتجرأ على مقدساتنا وتعمل على تکریس العدو الاسرائیلی من خلال التطبیع معه والإرهاب التکفیری لیکون صورة مشوهة للإسلام المحمدی الأصیل ودعا إلى العمل الدؤوب على نبذ الخلافات الطائفیة والمذهبیة وإلى ضرورة تکریس الخطاب الاسلامی الذی ینطلق من لغة الحب والانفتاح على الآخر وممن یمتلکون مفاتیح المعرفة ورد الشبهات بلغة العقل والمنطق والفکر القویم لنکون الأمة التی تستعد للقاء الامام المنتظر الذی سیحاور العالم بأسره ولیحاکی أهل التوراة بتوراتهم وأهل الانجیل بإنجیلهم وأهل القرآن بقرآنهم . إن نموذج آیة الله التسخیری هو ما نحتاج إلیه نحن من نعمل فی لغة الحوار والتواصل مع الطوائف والمذاهب والملل والنحل حیث نتعب وتحیط بنا أحیاناً الهموم والمشکلات والتحدیات.. نحن الذین نتحاور فی قضایا الدین والفکر والحیاة لنرتقی إلى مستوى المسؤولیة فی الکلمة والموقف . کم نحن بحاجة إلى القدوة بالعزم والإرادة، فی الهمة العالیة، فی الجدیة، فی الفعالیة وسماحته خیر مجسد لهذه الصفات.. نم قریر العین أیها العالم العَلَم مع النبیین والصدقیین والأولیاء والصالحین وحسُن اولئک رفیقًا. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 310 تنزیل PDF: 173 |
||||