لم یحمل آیة الله التسخیری على ظهره هماً غیر هم الإسلام | ||||
PDF (803 K) | ||||
الشّیخ أدیب حیدر / عضو المجلس المرکزی لحزب الله لبنان آیة الله الشیخ محمد علی التّسخیری شخصیّة متمیّزة برزت فی عصر طغى علیه صفة المقاومة بکل أشکالها وتنوّعاتها الفکریّة والإجتماعیّة والسّیاسیّة وکانت نقطة الإنطلاق له فی تکوین شخصیّة النّجف الأشرف فی العراق ثمّ أکمل مساره فی إیران بظل قیام النّهضة الإسلامیّة على ید قائد الثّورة الإسلامیّة الإمام الخمینی (قدس) ولذلک الحدیث عن أیة الله محمد علی التّسخیری ینقسم إلى قسمین. القسم الأول عنه فی مرحلة التّکوین والبحث عن الأسس التی ساهمت فی بناء مرتکزاته العلمیّة. القسم الثّانی بعد ترحیله من العراق إلى إیران حیث بعد مرور ما یقارب التّسع من السنوات ومع انبلاج فجر الثّورة الإسلامیّة وفی صبحها المنیر وسمائها النّقیّة التی لمع فیها کوکبا مشعّا کان نجمه بارزا وواضحا حتّى غاب نجمه وبقی شعاعه وإثارة شاخصه لکل ناظر. ولد الشّیخ محمد علی فی النّجف الأشرف وهی المدینة الّتی رقد فیها العلم وأصبحت حوزتها العلمیّة المتخصّص فی کل جوانب المعرفة والأدب وکانت فترة ولادته مترافقة مع ولادة نهضة علمیّة واسعة حیث دخلت على مسار المرجعیّة شخصیّات واسعة الطّموح فی إخراج النّجف الأشرف من کونها مخزن کتب وعقول جبّارة إلى أن تکون النّجف قائدة فی التّغییر وقیادة المجتمع باتجاه الإسلام الحرکیّ الفاعل ومع تعاظم قبضه الحکام على إدارة البلاد والمجتمعات الإسلامیّة بمصالح قوى الإستکبار العالمی التی رسخ استعماره لکل جوانب الحیاة فی البلاد الإسلامیّة والعربیّة ولذلک کان العالم یرزح تحت سلطة الغرب أو تقحّم الشّرق وحکم العالم بمعادلة الرأس مالیّة والإشتراکیّة وهنا کان فی النّجف الأشرف من شرع للمواجهة الفکریّة والمیدانیّة وعلى رأس هؤلاء الکبار آیة الله الشّهید محمّد باقر الصّدر والذی تسلم عنوان المواجهة من خلال کتبه التی لم یکن من سبق إلیها فی دائرة الحوزة ومن ثمّ أخذ یجمع الشّباب المتطلّع إلى الحیاه الحرة والکریمة وأصبح الشّهید الصّدر المرجع لکل خطوط المواجهة التی لم تنحصر فی السّاحة العراقیّة بل توسّعت إلى الجامعات والسّاحات الفکریّة فی الشّرق العربیّ والإسلامیّ ومن الشباب المتطلع إلى المستقبل الحر والفاعل کان الشّیخ محمد علی التّسخیری الذی بدأ بصناعة نفسه وانخرط فی الحوزة التّقلیدیّة ومناهجها المقرّرة فدرس المقدمات الحوزویّة من أوّل السّطوح حتّى دراسة الدّروس العالیة ولم یکتفی بل دخل المناهج العلمیّة الأخرى وتخرّج من کلیّة الفقه فکانت کلیّة الفقه ملتقى معظم الشّخصیات التی ساهمت فی تحریک الطاقات النائمة وحولتها إلى طاقات فاعلة وهنا التقى الجّهدان دائرة الشّهید الصّدر والقوى المتنوّرة وکان لطلاب الشّهید الصدر الحضور البارز فی هذه الإندفاعة ولذلک الشّیخ التّسخیری بما زود نفسه من أسس علمیّة حوزویّة وأسس علمیّة جامعیّة أصبح مؤهلا لیکون من الکوادر المنتجة وانخرط فی حزب الدعوه الإسلامیّة الذی بدأ فی تلک الفترة وبتوجیه الشّهید الصّدر یبرز فی مقدمة المقاومین لطغیان الحاکم وحزبه أیضا کان من الذین ساهموا فی هندسة اداریّة منتجة لمدارس متخصصة بتأهیل المبلغین والرّواد من الذین توجّهوا لسدّ الفراغ التبلیغی فی معظم المدن والأریاف العراقیّة وهنا کان مدیرا ومعلما إلى جانب الشّهید آیة الله السّید محمد الباقر الحکیم (قدس) والظاهرة التی تشکّلت من أعلام وعلماء قادوا تلک الفترة کان الشّیخ التّسخیری واحدا منهم وقد جمع بین النّهضة الحوزویّة والنهضة فی ساحة المجتمع المهمل والمکبّل والمظلوم ومن هنا کان له شخصیّة حاضرة وفاعلة ومنسجمة فی دائرة الحوزة والبحث الحوزویّ وفق المناهج التّقلیدیّة فی الحوزة وکان له حضور واحترام دون أن یشعرک بأنه صاحب رتبه علمیّة عالیة وفی دوائر التّبلیغ والحوارات مع النّخب الفکریّة والمشارکة مع من دفعتهم روح الثورة والتّغییر فی مواجهة السّلطات التی أرادت تجمید الشّعائر الحسینیّة وإلغائها وهذا مما جعله رقما بارزا وشخصیّة تشکل خطرا على السّلطات الحاکمة ولذا تطلّعت أعین جواسیس السلطة علیه وتم اعتقاله لأکثر من مرة وتعرض لأقسى أنواع التنکیل والتّعذیب فی غرف سجون الطواغیط وعندما تجبرت السلطة طمعا وتعسفا واعتقالا وتسفیرا لعلماء الحوزة والکوادر الإسلامیّة المجاهدة وأصبحت المواجهة مع السلطة الظالمة لا تؤدّی إلى نتیجة إلا القتل وبعد قرار التسفیر والإبعاد فی أوائل السبعینیّات انتقل مجبرا إلى إیران وکان فی تمام الإکتمال العلمی الحوزوی والخبرة القیادیّة وعمق الثّقافة وتنوّعها ولذلک عمل فی تلک الفترة على صرف رأس ماله العلمی فی الحوزة العلمیّة فی قم المقدّسه وکان ذلک قبل انتصار الثّورة الإسلامیّة ما یقارب التسع من السنوات وعندما أشرقت شمس الثورة الإسلامیّة على ید الإمام المجدد السّید الامام الخمینی (قدس) والذی عاصره الشّیخ التسخیری قبل نفیه من النّجف وبدأت الثورة فی تأسیس عهد جدید وبدأت مرحلة التّرکیز علی معالم الإدارة وبسط العمل الإختصاصی ورسم هیکلیّة الدّولة التی ترید أن تکون قادرة على تطویر نفسها وحمایتها من المتربّصین والأعداء المراهنین على فشلها وسقوطها بدأ آیه الله الشّیخ محمد علی التّسخیری بما یمتلک من شخصیّة مثابرة ومتابعة بحماس وإیمان ولم یکن فی البدایة یحمل ملفا او مسؤولیّة بل کنت تراه فی کل مجموعة وتشکیل واحدا منهم وفاعلا ومنتجا ومستشارا ولذلک ترسخت القناعة أن الشیخ له قدرة النجاح فی أی میدان وضعته فیه وفی أیة مهمّة یکلف بها وهو الرجل المتفاتی والمخلض الثابت الواثق من أسسه التی یبنی علیها وهو الذی یعمل ویخطط وینفّذ وکان النجاح الباهر النّتیجة لجهده لذلک تمیّز بأنّه کان یصنع الموقع ویعطیه العنوان المناسب ولیس الموقع هو الذی یصنعه ولذلک کانت الدوائر والمواقع هی التی تحتاجه ولذا نرى أنّة لم یقتصر بحضوره فی الموقع وینتهی دوره مع انتهاء تکلیفه وبالبرغم من وجوده فی أکثر من موقع قیادی تراه حاضرا فی کل المواقع صاحب رأی ومشورة ....هذه الشخصیّة المتواضعة والقریبة من النّاس ومن خلال حضورها الفاعل فی إدارة المؤتمرات الکبیرة أکسبته علاقات واسعة مع معظم النّخب الإسلامیّة والعلمیّة على اختلاف مذاهبهم وبلدانهم مما جعله اسما ووجها معروفا ومحبوبا فی کل المنتدیات ولذلک کان طائرا متنقلا فی أرجاء المعمورة قل أن یغیب عن أیّة ندوة أو مؤتمر عالمی إسلامی أو علمی وهذا یعود لشخصیّته التی عمل على بنائها وعلى أساس أول مدامیکها هی الثقة بالنفس وأن لا شیء نحکم علیه بالإستحالة والثقه بالنفس على حلها وفق الأسس العلمیّة التی بنى علیها منطلقاته وأرائه وکان مرنا فی حواره یتغلب على التعنت بالحکمة والعقل والإبتعاد عن روح التّعصب والجدل الفارغ یشعرک بالمحبّة والمودّة مهما کنت مخالفا له ومما أتذکره فی فترة وجوده فی النجف وقد کان لی شرف التعرف علیه والعلاقة الأخویّة التی أثّرت فی نفسی وتعلمت منه معنى المثابرة والتواضع والإخلاص لله فی العمل وکنت أسمع أستاذنا الِشّهید آیة الله محمد باقر الصدر یقول لنا ولطلّابه عندما نغادر النجف أثناء العطلة الدّراسیّة لنقوم بمهام التّبلیغ وکنّا نقول لأستاذنا أوصنا یا مولانا فکان الجواب اوصیکم ان تجعلوا الإسلام هما على ظهورکم نعم لم یحمل آیة الله التسخیری على ظهره هما غیر هم الإسلام ولذلک کان همه التقریب بین المذاهب الإسلامیّة والمجامیع العلمیّة کان همه أن یثبّت القواعد الفکریّة لأهل البیت علیهم السلام من خلال مجمع أهل البیت کان همه صیانة الثورة من أجل رفعة الإسلام وتثبیت قواعدها وکان أحد الخبراء الممیزین بالعطاء کان همه أن یکون فی خدمة الفقیه الولی فلذلک عمل لخدمته دون أن یعمل حساب لصحّته بعد التوعّک کان همّه الدول الفقیرة والمجموعات الفقیرة کانت هذه الوصیّة کل جهوده وجهاده التی قدّم حیاته وصحّته من أجل رفعة الإسلام غابت شمسک فی محرم شهر الثورة والحیاة رحلت جسدا وبقیت فی کل ناد صورة القدوة.
هذه الشخصیّة المتواضعة والقریبة من النّاس ومن خلال حضورها الفاعل فی إدارة المؤتمرات الکبیرة أکسبته علاقات واسعة مع معظم النّخب الإسلامیّة والعلمیّة على اختلاف مذاهبهم وبلدانهم مما جعله اسما ووجها معروفا ومحبوبا فی کل المنتدیات ولذلک کان طائرا متنقلا فی أرجاء المعمورة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 331 تنزیل PDF: 188 |
||||