الحکومة الإسلامیة فی اجتهاد الإمام الخمینی .. الأدلة والشواهد | ||||
PDF (3999 K) | ||||
الشیخ جاسم المحمد علی الإمام الخمینی فی تشییده الفکری للأدلة المثبتة للضرورة الدینیة للحکومة الإسلامیة من اجل تحقیق الفلسفة الوجودیة للإنسان والمجتمع، بلّور هذه الحقیقة الإلهیة على المستوى العلمی بالکثیر من البراهین المتنوعة، رغم قناعته الواعیة والراسخة على بداهتها الفکریة التی لا تحتاج إلى أکثر من التصور والتعقل لحقیقتها ودورها، لکنه مع ذلک استطرق الکثیر من الأدلة والشواهد؛ لإثارتها وتظهیرها من الکمون الفکری إلى عالم الحضور الدینی والإسلامی، ومن أبرز هذه الأدلة: ١-النظرة الهدفیة إلى التشریعات الدینیة التی یمکنها أن تؤمّن فرصة العدالة الاجتماعیة فی الإطار الإسلامی، من خلال التطبیق الواعی والرشید للقوانین والأحکام والقیم فی إطار المجتمع من قِبل قیادة إلهیة تُجری الدین فی الواقع الخارجی. ٢-النظرة الکلیة الفاحصة للأحکام الشرعیة التی تفضی إلى ضرورة وجود الحکومة الدینیة، لاحتیاج اللون السیاسی منها إلى ذلک، ولارتباط الإصلاح المجتمعی من جهة أخرى بعملیة التنفیذ والاجراء للأحکام دون أن یکتفی بالتبلیغ والإیصال، وکذلک لحفظ مصالح الناس ونظامها وحقوقها وثغورها. ٣- النصوص القرآنیة والحدیثیة الکثیرة والمتعددة فی هذا السیاق. ٤- التحدی السیاسی والمجتمعی للفقه الدینی ودور الزمان والمکان فی منظومة الإمام الاجتهادیة. من أبرز التحدیات التی کان یواجهها الفقه الدینی، هی عدم توفره على قوالب تقعیدیة جاهزة تستجیب للحراک السیاسی والتطور الاجتماعی، وذلک بفعل هیمنة التفکیر الفردی على مزاجه الاجتهادی ومعالجاته الفکریة ومساحاته الاستنباطیة، على أن العقل الدینی السائد – کما أسلفنا العرض – یؤمن على المستوى النظری أن الدین لیس مختصرًا بالحیاة الروحیة والفردیة فقط، یل هو ینفذ فی کل مساحة من نشاط الإنسان وفعله. المشکلة الأساسیة کانت أن الفقه تطوّر على المستوى العمودی(١)، لکنه لازال یشتغل على نفس المساحة الفردیة، من دون أن یتمدد إلى المساحات الاجتماعیة والسیاسیة أفقیا، لیرصد أسئلتها ومشکلاتها ومستجداتها، ویمارس فیها التنظیر والبناء والتقنین، ویشکّل لها صیغ فقهیة وفکریة واضحة وجلیة تتناسب معها. هذا یرجع فی جذوره إلى غیبوبة المؤسسة الدینیة عن المشهد الاجتماعی وانعزالها عن الواقع السیاسی، والأمر الذی یعنی فقر الدراسات الفقهیة الممولة للإطار الاجتماعی والسیاسی. بعد المنعطف التحولی الکبیر الذی أحدثه الإمام الخمینی بتکوین النظام الإسلامی فی إیران وما رافقه من حاجات متنوعة تتصل بأسلمة المؤسسات الاجتماعیة والسیاسیة والفکریة، وآلیات تداول السلطة، ونمط العلاقات الدولیة، دفع بالفقه الاجتهادی فی إیران إلى الحاجة الماسة إلى تقدیم صیغ وتنظیرات ورؤى تجتمع فی إطار الاستجابة للحاجة السیاسیة والاجتماعیة(٢). والمستجدات بطبیعتها تتفتق بحرکة المجتمعات الدینیة وتطوراتها وتحولاتها السیالة، والشریعة یمکن أن توفر لها الصیغ والتقنینات؛ لأنها تنطوی فی ذاتها وهویتها على روح حیة قادرة على التجاوب والتفاعل، وذلک بحکم إیماننا بشمولیتها واستیعابها لکل أبعاد الحیاة الإنسانیة، لکن تحتاج قدرتها وطاقتها هذه إلى تثویر وتظهیر، عبر اشتغال العلماء والفقهاء والمفکرین على استنطاقها وتفعیلها وتسییلها فی واقع الاجتماع والسیاسة. وفی السیاق نفسه، من الواضح أن من خصائص الفقه الشیعی هو انفتاح العملیة الاجتهادیة وتواصل تحدیثها وتطویر أدواتها فی الفعل الاستنباطی، غیر أن عملیة التحدیث والتطویر والمواکبة من جهة الاجتهاد الدینی قد تتباطأ أحیانا، وتتعطل أخرى لعوامل متعددة، یرتبط جزءٌ منها بالجمود أمام مقولات الاجماع ، والشهرة ، والوقوف على رؤى الفقهاء الکبار، خصوصا حین تسود تصوراتهم الفقهیة وتترسخ فی الوسط العلمی، الأمر الذی أوقعنا فی بعض المراحل الفقهیة على التحرک فی مدارات واحدة ومحددة، على الرغم من تطورات الواقع وتغیراته المستمرة. لکن المشکلة برزت بوضوح حینما أرادت الدولة الإسلامیة بعد ثورة الإمام الخمینی استنزال المورث الفقهی إلى أرض الواقع على مستوى المجتمع والدولة، حیث أخضعت هذا المورث للتطبیق بمدیاته الواسعة، فوجد المعنیون بعملیة التطبیق أن هذا المورث الفقهی غیر قادر على الوفاء بالمتطلبات الاجتماعیة فی ظل قواعده المتاحة فعلیا، الأمر الذی دعا الإمام الخمینی إلى إطلاق نظریته التی اقترنت به بصورة أکیدة، وهی نظریة دور الزمان والمکان فی تغیر الفتوى الدینیة، حیث قال ((إنّ الزمان والمکان عنصران أساسیان فی عملیّة الاجتهاد، فالواقعة الـّتی کان لها حکم فیما سبق، بحسب الظاهر قد یکون لها حکم جدید بلحاظ العلاقات الحاکمة علی السیاسة والاجتماع والاقتصاد فی أحد الأنظمة. بمعنی أنّ نفس الموضوع الاوّل والذی لیس له بحسب الظاهر فارق مع ما سبقه، یصبح موضوعاً جدیداً بعدما لوحظ فی العلاقات الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیّة الحاکمة بصورة دقیقة. الأمر الذى یتطلب قهراً من المجتهد المحیط بمسائل زمانه أن یقدّم له حکماً جدیدًا))٣ وقد کان لهذ الدعوة الواعیة الحیة دور ملموس فی التنبّه لهذه المقولة ووعی عناصرها الزمکانیة فی فهم النصوص الدینیة واستنطاق مدالیلها الاجتماعیة ومرونة الفتاوى الفقهیة وتبدلها. ٥- الدین والإنسان والأمة … أضلاع ثلاثة متماسکة فی فلسفة الإمام السیاسیة من یستقرئ أفکار الإمام وتصوراته العرفانیة والفکریة والاجتماعیة، لیرسم منها معالم الفلسفة السیاسیة فی تجربته الإسلامیة، یجد أن ثمة ثلاثة أضلاع یمکن أن تقوم بتشکیل هذه الفلسفة والقیام بالدور الأساسی فیها، هذه الأضلاع هی : – الإنسان: الإنسان ومعرفة قیمته، هو العنصر الذی یمکن أن یبرز بصورة واضحة ترابط الأضلاع الثلاثة. ففی منظومة الإمام الخمینی یأخذ الإنسان وصیاغته وبناء مسیرته التکاملیة، موقع الاستهداف والغایة، بوصفه الخلیفة الإلهی للوجود الإلهی وأجلى مظاهره؛ لأنه فی حقیقته نفخة رحمانیة، تعبّر عن امتداد للروح الإلهیة. فالإنسان فی الرؤیة الخمینیة هذه، المرتکزة على العرفان، یمثل خلاصة الوجود ومحور عالمه الإمکانی(٥)، وجاءت النبوات والرسالات لتحریک قابلیاته وتفجیر طاقاته الضخمة الکامنة فی ضمن مسارها التکاملی الصحیح. هذا الإنسان لتفوقه بین الموجودات والکائنات بعنصر الإرادة والاختیار، یملک قدرة لا متناهیة فی عالم الحرکة والتجوهر والتبلور على المستوى الصعودی والنزولی. فمن الطبیعی أن هذه التصورات الفکریة لخصوصیات الإنسان الروحیة تجعله محورًا فی المشروع الإحیائی للإمام. -المجتمع والأمة: المجتمع والأمة احتلت موقعا متمیزًا فی النصوص الخمینیة، فکان حضورها فی تصورات الإمام وخطاباته کثیفا جدًا، بدءً من حقیقتها وهویتها، وانتهاءً بدورها والوظائف المنوطة بها فی القیامة الثوریة، وبناء الحکومة والدولة، وتکوین ظاهرة الأمة الواحدة. والإمام فی سیاق ترسیمه لمعالم المجتمع الإسلامی وإبراز خصوصیاته الدینیة، کان یبرز الفروقات الجوهریة بین الفکر الغربی والفکر الإسلامی فی تعاملهما مع الظاهرة الاجتماعیة، فالفکر الغربی یتعامل مع المجتمع الإنسانی بوصفه آلة میکانیکیة تجردّه من بعده الروحی والمعنوی، وتتعاطى معه على أنه وجود مادی بحت، وهنا تتمیز النظریة الإسلامیة التی تقرأ المجتمع قراءة فلسفیة متکاملة، فهی تؤکد أن الحرکة الاجتماعیة لا یکفی فیها إدارتها وتطویرها المقررات والقوانین المنطلقة من نظم الحقوق والحریات فقط، بل تحتاج إلى العنایة بأبعادها الروحیة والعرفانیة، والاهتمام بإنسانها وتربیته على أساس التوحید والتسلیم. فالإمام یؤکد أن أزمة أزمات الإنسان والمجتمع هو الانفصال بین واقعه الخارجی بتعقیداته المادیة التی ترمی بالإنسان إلى الأرض، وبین هویته الروحیة والمعنویة التی تهفو إلى السماء والغیب(٦). والإمام فی تناوله لحقیقة المجتمع وتأثیره، یبرز بصورة دائمة ثقته الکبیرة بدور المجتمع فی النهوض والحرکة والبناء، ویکون حینها له الثقل الأکبر حینما ینطلق استجابةً للنداء الإلهی فی تحقیق منطق خلافة الإنسان الإلهیة فی معمورة هذا الوجود، ویتحرر هذا المجتمع من سطوة أبعاده المادیة الباعثة على الدعة والراحة والأنانیة، لیبدأ فی تشکیل الدولة الربانیة، التی تحقق له کل القیم الإنسانیة من العدالة، والعزة، والکرامة، والاستقلال .. کما إن الإمام فی سیاق تناوله لظاهرة المجتمع، لم یرد أن یحصر مشروعه الإحیائی والنهضوی فی حدود إیران الجغرافیة، بل هو أراد تشکیل الأمة الواحدة، والأمة الشهیدة، والأمة المحمدیة، لیکون موقع الجمهوریة الإسلامیة فی إیران فی ظل هذه النظرة لهذا المشروع، تشکّل مرکز حرکته؛ حتى یکوّن منها نموذجًا خلیقًا بتولید نظائره وأمثاله، فلذلک کانت الأمة ونصرة مستضعفیها حاضرة فی أفق الدولة ومهامها الرسالیة، حتى أنه أطلق على مشروعه “إسلام الحفاة” و “إسلام الفقراء” و ” إسلام المستضعفین” و ” الإسلام المحمدی”، لإیمانه أن الإسلام یتسع للعالم کله. على هذا الصعید یتجلى المعنى الفکری والرسالی لتصدیر الثورة، فکما یقول الإمام: أن تصدیر الثورة لیس هو تصدیر الحروب والمعارک، بل تصدیر القیم الکبرى والمبادئ السامیة التی توقظ المجتمع وتستنهضه وتصنع منه الموّحِد والمؤمن والمتأله لیکون تجلیًا للبناء القرآنی للإنسان والحیاة(٧). – الدین: الخطاب الفکری والثوری للإمام الخمینی احتوى على مفاهیم تأسیسیة ذات صلة بدور الدین فی نهوض الأمة وتحریرها من الظلم والجهل والتبعیة، هذه المفاهیم کان تتماوج فیها الروح الحرکیة والتوحیدیة والنهضویة، وکان یؤکد الإمام فیها، أن هذه المفاهیم هی من العمق القرآنی والنبوی والرسالی التی جاءت بمشروع الإصلاح والهدایة والتغییر للأمة. ویعمل الإمام فی بناء هذه المفاهیم على بلورتها قرآنیا ودینیا وعرفانیا، کما أنه یستشهد علیها من وحی مسیرة الأنبیاء والأولیاء، وفی الوقت ذاته کان یسجّل بعمق ووعی وقوة نقوداته الفکریة والسیاسیة على مقولات سکونیة مخملیة صنعتها الید الاستعماریة والاستکباریة للدین؛ تقصد بها تخدیر الأمة والسیطرة علیها، والعمل على إخراجها من مواقع التأثیر الحضاری والمعرفی والنهضوی، فکانت نشاطات الإمام التصحیحة لمفهوم الدین وموقعه ودوره فی الحیاة، هی الأخرى معرکة تغییریة لکن ذات طابع فکری یخدم الإطار الثوری. کما أنه عرّج نظره على ما أطلق علیه فی الوسط الدینی ” بطبقة المتحجرین” الذی یتوافقون فی النتیجة مع المشروع العلمانی فی فصل الدین عن السیاسة، وتأطیره فی الدائرة الفردیة والروحیة، وإن اختلفا فی المنطلقات والأهداف، فالمتدین المتحجر یتحرک من وازع الخوف اللاواعی على تشویه الدین بإقحامه فی الدوامة السیاسیة الملتبسة والمتغیرة، والعلمانی ینبعث من واقع النظرة الضیقة للمنظومة الدینیة وطبیعة مساحاتها، المتأثرة من هجمات الغزو الثقافی وقصفه الفکری والسیاسی .. یتمیز الإمام الخمینی فی تشییده لمقولة الدین ودوره الإحیائی، بفرزه الواضح بین تیارین، الأول منهما هو التیار التغریبی الذی ینتمی إلى مرجعیات فکریة منفصلة عن التراث الإسلامی ومنابعه الأصیلة، والثانی هو التیار الإسلامی الذی یتوفر على معرفة شاملة عمیقة بالدین وعلومه المتنوعة ومساحاته المتعددة(٨) ٦- القراءة النهضویة للتاریخ: واحدة من المکونات الرئیسة فی بناء المشروع الاحیائی للإمام الخمینی، هو فهمه الإسلامی لمسیرة أهل البیت(ع) وتاریخهم السیاسی، فالکثیر من العلماء والمفکرین بذلوا جهودًا متظافرة فی قراءة التاریخ لأهل البیت(ع) واستنطاق سیرتهم المعصومة؛ من أجل تأصیل المفاهیم الدینیة والعقائدیة والإیمانیة، وتحریکها فی الحیاة الإسلامیة العامة؛ بوصفهم علیهم السلام امتدادًا للنبوة على المستوى المعرفی والحرکی والروحی. لکن الکثیر من هذه القراءات الفکریة للتاریخ والسیرة، غاب فیها البعد النهضوی والحرکی، وضاع فی غمرة البعد المعنوی والعلمی لشخصیاتهم المقدسة(ع)، لدواعٍ متعددة(٩)، من أبرزها: تعاقب تیارات فکریة متعددة، کثفت تناولها لأهل البیت(ع) فی الإطار المعنوی والعلمی ولم ترکّز نظرها على البعد السیاسی والاصلاحی، لأسباب متنوعة، منها، أنها کانت تحت الظلم السیاسی الذی أبعدها عن الالتصاق بإدارة المؤسسات والأجهزة، فلم تکن بحاجة آنذاک إلى المفاهیم النهضویة التی تمولها فی إدارة التجربة، فتراکم هذه الحالة واستمرارها أدى إلى تکوین نمطٍ فکری خاصٍ فی قراءة التاریخ، شکّل هذا النمط خلفیة راسخة فی فهم المسیرة السیاسیة لأهل البیت وتصویرها بطابعها المعنوی والعلمی فقط. فی هذا الإطار لم یقبل الإمام الخمینی أن تختصر القراءة الفکریة للتاریخ فی إطار الفضائل الروحیة والمناقب العلمیة، بل قام بتکوین رابطة وثیقة بین بعد البشری لشخصیتهم والإلهی هذا من جهة، ومن جهة أخرى سعى إلى اکتشاف مقاصدهم وحلولهم للقضایا المجتمعیة والسیاسیة، فی ضمن منهج یهدف إلى استلهام القیم والمبادئ الصالحة لتغییر الواقع وبنائه بناءً إسلامیا رصینا فی کل آفاقه ومجالاته فی ضوء أهداف القرآن الکریم. واحدة من منتجات قراءة الإمام النهضویة للتاریخ، هی فهمه لرسالة الرسول(ص)، وحقانیة الأمیر(ع) وعدالته، وصلح الإمام الحسین وشهادة الإمام الحسین(ع)، والحرکة العلمیة للإمام الباقر والصادق، من منطلق نهضوی اجتماعی سیاسی، حیث یرى فی مسیرتهم الحرکیة ثورة على الظلم، وتقویما للانحراف السیاسی، ورفضا للخضوع للظالم، واهتمامًا بارزًا بقضایا المسلمین، وتحقیقا للعدالة الاجتماعیة، فحیاتهم الجهادیة(ع) فی نظر الإمام تضج بکل هذه المعانی الثوریة والحرکیة فی نظر الإمام الخمینی. وفی السیاق نفسه یرفض الروایات التی تحث على موادعة الظالم ومسایرته، بما یعنی الانسحاب من ساحة النضال والکفاح، ورفض المقاومة والمواجهة؛ لأن هذه الروایات تتضارب مع المنطق القرآنی الذی کرر بشکل متعدد ومتنوع تجربة الصراع بین الحرکة الموسویة والنظام الفرعونی؛ لفلسفة مدروسة تهدف إلى تکریس ثقافة الثورة ضد الجور والطغیان وعبودیاتها البشریة والصنمیة؛ لینعتق منها یعیش فی رحاب العبودیة المطلقة الکاملة لله، ویجسد روح التوحید القرآنی القائم على اختصاص الخضوع لله والاستسلام لإرادته، إلى جانب وضع المدامیک الأساسیة لمواجهة المستضعفین لمشروع الاستکبار والطاغون(١٠) ، کما إنها تتعارض مع الروایات الکثیرة المناهضة للظلم وأعوانه(١١). والتقیة فی کل الأحوال لا یمکن أن تکون فی الرؤیة الشیعیة الحیة تجمیدًا للمشروع والحرکة والصیرورة، بل هی تحویل العمل من دائرة الضوء إلى دائرة غائمة بالنسبة للعدو، حتى تتحرک القضیة الإسلامیة فی مسارها الطبیعی، وتتحد المقدمات بالنتائج، وتصل إلى الأهداف الإسلامیة الکبرى من حاکمة التوحید والدین فی فضاءات الحیاة المختلفة(١٢). ٧- القرآن والحرکة: الإحیائیة نتیجة تجذّر الفکر العرفانی فی الأبعاد الوجودیة لشخصیة الإمام الخمینی، کانت قراءته للقرآن الکریم واستلهامه من قیمه ومعانیه تعبّر عن إحدى تجلیاته ومظاهره الروحیة، حتى قال الإمام الخمینی: أن أعظم معاجز القرآن، هی المعارف العرفانیة العمیقة التی احتضنها بین دفتیه(١٣). ودخل تفسیره لحقیقة القرآن الإلهیة فی ضمن رؤیته للوجود وعوالمه وتنزلاته، فللقرآن – فی تصورات الإمام العرفانیة- وجود عقلانی ملکوتی بسیط، تنزّل إلى الوجود البرزخی المثالی، ثم تنزّل بواسطة جبرائیل إلى قوالبه اللفظیة ذات الطابع الوحیانی. فما هو فی العالم الإلهی الأعلى هو الحقیقة السامیة(( وکتاب مسطور)) الذی تقصر أیدینا عن الوصول إلیه، لکنه تنزّل بعد ذلک إلى الوجود البرزخی، وصولا إلى المرحلة الحسیة والمادیة(١٤). لکن هذه النزعة العرفانیة الفاقعة اللون لدى الإمام، لم تجعله یحکر النور القرآنی فی الإطار الروحی والتأملی للفرد، بل أدخله فی ضمن معادلاته الثنائیة الحیویة الثابته القائمة على العلاقة الجدلیة المتبادلة بین عالم الغیب والحس، حیث وظّف الإمام مفاهیم القرآن ومعارفه فی التجسیر بینها وبین الواقع المتحرک للإنسان، لیکون القرآن حاضرًا فی ثورة المجتمع وبناء الأمة؛ یبدی لهما الحلول الإسلامیة الحیة لتحدیات الواقع ومشکلاته. لقد شکّل القرآن الکریم مادة خصبة لخطابات الإمام الخمینی الثوریة والسیاسیة بوصفه المرجع الأساس للمنظومة الإسلامیة، فکان یرسم منه مسار الحرکة وسننها وقوانینها وآلیات اتصال بغیبها وملکوتها، لتستمد منه القوة المعنویة الخلاقة والفاعلة. وما یجدر الالتفات إلیه، أن الإمام الخمینی تجاوز فی تعاملاته الروحیة والمعرفیة مع القرآن طریقة التفکیر المدرسی والتقلیدی الذی یعتمد على الأسالیب البلاغیة والبیانیة، عبورًا به إلى مقاصده وأهدافه التی تتمحور حول إحیاء التوحید الروحی الخالص، وإقامة العدالة الاجتماعیة، وتنفیذ الأحکام الإلهیة(١٥). ٨- القیامة الإحیائیة ومنطق الحرکة بین النظریة التوحیدیة وموازین المادة … مطالعة فی نظریة التکلیف الإلهی وفق المفهوم الخمینی: تختلف الاتجاهات التحرریة والتغییریة فی منطق تحدید المواقف، ونوع الإمکانات، وطبیعة القدرات اللازمة التی تحتاجها للدخول فی التجربة النهضویة وتحدیاتها المتنوعة والمعقدة، تبعا لاختلافها فی الانتماء الأیدیولوجی والفکری، الذی عادة تبرز فیه الفوارق بین المدرسة الإلهیة والعقل المادی من حیث الدوافع، والمدیات، والأهداف. الإمام الخمینی کانت واحدة من إبداعاته العرفانیة والقرآنیة فی تحدید المنطلقات الدینیة للنهوض والإحیاء، والتی کان لها الدور البارز فی توفیر المناخات الإیجابیة لمحرکات الثورة وقیامتها الإسلامیة، هی أن یکون العمل الإسلامی فی أبعاده الثوریة والسیاسیة والاجتماعیة لیس منطلقا من حسابات المادة وتوازنات القوى، بل یکون خاضعا لمستدعیات التکلیف الإلهی. والإمام کشف عن هذه النظریة ودورها المحوری فی عمل الأنبیاء والأئمة من وحی القرآن، والحدیث، والتاریخ، کما أنه عمل على تکوین معالمها واقتطاف آثارها ولوازمها فی الحرکة الثوریة والإصلاحیة والبنائیة. من أبعاد هذه النظریة الإسلامیة، هو أن یقوم الإنسان الرسالی المؤمن على تشکیل عمله وحرکته وفق متطلبات الحکم الإلهی فی ساحات الصراع بین قوى الحق والباطل، من دون أن یراعی النتائج من الهزائم والخسائر والأرباح والانتصارات؛ لأنها لیست داخلة فی ضمن تحدید التکلیف وتشخیص أطره فی مواجهة التحدیات والمخاطر التی تحیط بالإسلام والأمة والمجتمع. والإمام فی خطاباته الاجتماعیة وتنظیراته الفقهیة للمسألة الإسلامیة، کان یکتفی بتوافر احتمال بسیط للأغراض العقلائیة لتحقق المحرکات الدینامیة للتکلیف الإلهی فیما یتصل بالعمل الحرکی والسیاسی، بل یذهب إلى ضرورة تشکیل الفرص بالحرکة والنهوض والقیام، وهذه لها نظائرها الکثیرة فی منجزات الإمام الفقهیة والحرکیة، فهو یذهب إلى وجوب تهیئة الممهدات اللازمة والفرص الکافیة لإقامة الحکومة الإسلامیة، من دون الانتظار السکونی الجامد لتوفرها لوحدها، فهذه المقدمات اللازمة هی أقرب إلى نسق الطهارة التی یجب تحصیلها للصلاة، وأبعد عن نمط الاستطاعة التی لا یقع علة عاتق الإنسان الملتزم بالشریعة شیئا تجاهها لوجوب الحج علیه، مالم تتوفر هی بشکل تلقائی لوحدها. کما أنه یؤکد فی فقه الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر على وجوب أن یقوم علماء الدین بمناهضة الظالم الجائر المستبد، عندما یکون سکوتهم موجبا لتقویته وهیمنته وتجذره، حتى لو لم یکن فعلهم السیاسی والثوری هذا مؤثرًا فی تعطیل ظلمه وتجمید طغیانه. فالإمام بهذه التصورات والتنظیرات یسعى إلى بناء روح الاقدام والمبادرة لدى أبناء الإسلام المحمدی الأصیل فی تشکیل النشاطات التعبویة للإطار الإسلامی على مستوى المشروع والموقف والدور، ویبحث عن العوامل الناقلة لهم من موقع الجمود والانفعال والتلقی، إلى موقع الفعل والحرکة والتأثیر. کما أنه لا یقبل بأن تکتفی محددات التکلیف الإلهی برصد معطیات الحالة الفعلیة الراهنة، بل على الحرکات الثوریة والنشاطات الإسلامیة أن تذهب إلى ناحیة استشراف المستقبلیات القادمة، وتقوم بتحدید التکلیف الإلهی فیها وفق المصلحة الإسلامیة العامة من الآن. ولذلک کان یقول (( المستعمرین قبل ثلاثة قرون بدأوا من الصفر وانطلقوا، إلى أن قالوا ما أرادوا، فنحن علینا أن نبدأ من الآن حتى نقول ما نرید)). وعلى الصعید نفسه، یؤکد الإمام فی بعض خطاباته ومواقفه إلى أن الأصل الإسلامی القویم، هو مقارعة الظلم ومقاومته، ولا یمکن للإنسان المنتمی إلى الشریعة أن یجمدها تحت طائلة العناوین الثانویة مادام لم یصل إلى الحالة القطعیة الجازمة بفقدان الثمرات الإسلامیة المرجوة ولو فی الفترات المستقبلیة القادمة، بل فی المخاطر الحساسة والخطیرة التی تعرّض الإسلام للانمحاء والزوال، لا یعتنى بالهزیمة حتى لو کانت ناجزة واضحة، مستلهما لهذا التصور الإسلامی من وحی الموقف الحسینی الذی کان یجزم علیه السلام بوقوع الخسائر والشهداء والضحایا على المستوى العسکری، لکن کانت فی نهضته وثورته إحیاءً الدین فی الضمیر الإسلامی العام. ویستشهد لهذه النظریة بالعدید من الآیات، مثل : ((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَیْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّکُمْ وَآخَرِینَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ یَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَیْءٍ فِی سَبِیلِ اللَّهِ یُوَفَّ إِلَیْکُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُون))، ((قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَیَیْنِ))، ((حَرِّضِ الْمُؤْمِنِینَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن یَکُفَّ بَأْسَ الَّذِینَ کَفَرُوا ۚ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنکِیلًا))، ((إِن تَنصُرُوا اللَّهَ یَنصُرْکُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدَامَکُمْ))،(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُکُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ). وفی ظلال المنطق القرآنی، یذهب الإمام الخمینی إلى أن التکلیف الإلهی بالثورة ضد الصنمیات المادیة والبشریة، والنهوض لصالح تکریس العبودیة الإلهیة لیس مرتبطًا موضوعه بالتحقق الجماعی، بل إن التکلیف یأخذ طوره الانحلالی على عدد الأشخاص بشکل حیادی، ویکون متحققا فی عهدة کل فرد فرد، فالنبی إبراهیم(ع) حطّم الأصنام لوحده؛ مستعینا بالإرادة الإلهیة المقدسة، والنبی موسى جاءته الأوامر الإلهیة بالقیامة الثوریة ضد النظام الفرعونی للوهلة الأولی لوحده . هذه النظریة الإلهیة الحیة لعبت دورها المؤثر فی تجارب المقاومة الإسلامیة، التی صنعت الملاحم والبطولات والتضحیات، کما أنها رفعت الکثیر من الحمولات النفسیة الضاغطة على القوى الثوریة الحیة، بفعل تکاثف الهواجس على الإنسان عندما یرى جبهته مفتقر للإمکانات المادیة والأرضیة، وبسبب تفاقم المخاوف فی الإنسان عندما یجد موقفه فاقدًا للدعم السیاسی والبشری، لتأتی هذه النظریة الإلهی وتزیل روح الهزیمة والاحباط، وتحیی فی نفس المقاوم الإلهی روح الإرادة الصلبة والعزیمة الراسخة، وفی الوقت ذاته تخرجه من أزمة فقدان التکافؤ المادی فی الدخول فی عملیة الصراع بین الحق والباطل، الصراع الوجودی الدائم . فالقوة والنصر والغلبة فی فلسفة التکلیف الإلهی بمبادئها التوحیدیة لیست فی العدد ولا العدة ولا الوصول إلى الأهداف السیاسیة الملموسة، بل النصر الحقیقی بحسب الرسم القرآنی ونظرته لساحة الصراع الوجودی بین الحق والباطل، هو أن تنهض القوى الإیمانیة الحیة مستجیبة للنداء الإلهی، مستندة إلى المدد الغیبی، مستعدة لتقدیم أروع أشکال الفداء والإیثار فی سبیل القیام الربانی((قُلْ إِنَّمَا أَعِظُکُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ))، وتکون نتیجة العطاء السماوی هو الثبات والرسوخ فی میدان المعرکة((وَیُثَبِّتْ أَقْدَامَکُمْ)). بل المحنة والابتلاء التی یمر بها الإنسان المؤمن فی مخاضات الصراع العسیرة، لمناصرة جبهة الحق ومساندة ساحة التوحید، هی فی حسابات البشریة طریقٌ إلى النصر العسکری والدنیوی، لکنها فی حسابات المنطق القرآنی غائة قائمة بذاتها، فی تکامل المؤمنین العاملین. فهذه المحن قد تمتد وتطول وتشتد، لیفرز الله منها الصادقین الموحدین المخلصین الذی صبروا تحت ضغط الحنة وتعقیدات الصراع. فهذه المحن طریق للتکامل والتعالی والعروج، فالمؤمن لا یتکامل فی حالة الرخاء والرفاهیة والیسر، إنما یتکامل فی حالة العسرة والفتنة والمحنة. والدفاع عن الدین، والکفاح فی سبیل المستضعفین، هو تجارة توحیدیة مع الله ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ یُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَیَقْتُلُونَ وَیُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَیْهِ حَقًّا فِی التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِیلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَیْعِکُمُ الَّذِی بَایَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ))، ولا سبیل للهزیمة والخسارة فی معادلات الفیض الإلهی، بل کما یشیر الإمام الخمینی: أن الإنسان فی حرکته النهوضیة الصادقة للدین، یعیش من بدایاته فی ظلال الرعایة الإلهیة، والعنایة الربانیة التی تُحدث فی النفس الطمأنینة المعنویة، والسکینة الروحیة؛ لأنه اندفع فی المعرکة بضمیر إلهی یملا ذاته، وانطلق فی صراعه مع الباطل متصلا بالقدرة الأبدیة اللامتناهیة(١٦). والهزیمة والخسارة هی لمن ملأت ذخائر الدنیا وحبها قلوبَهم، وتجذرت علاقتهم المادیة بها، بل الإنسان قد یکتض عمقه الوجدانی حب الراحة والاسترخاء، لکن لا یشعر به بصورة واعیة مرکزة، ویقوم ببلورته دینیا من خلال الجنوح إلى الصلاة والصیام والعبادة، لیکون هذا الجنوح تهدئةً لضمیره الدینی ونفسه اللوامة، لکنه فی حقیقته هروبٌ من ساحات الجهاد والثورة. فالعقیدة التوحیدیة النابضة بالإیمان والحیویة، تشکل طاقة حرکیة وثوریة لا تعرف النفاد ولا التراجع ولا الانهزام فی سبیل الله، وتموّل الإنسان بالقدرة الروحیة والمعنویة على الدیمومة والاستمرار فی عالم الصراع؛ انتصارًا لمبادئ السماء وقیم الفضیلة. وطبیعی أن الإنسان مادام یطمع فی معادلات الأرض، ویغفل عن إمدادات السماء، سینظر إلى الأسباب المادیة بوصفها ذات سلطة على العطاء الإلهی، ولیست القدرة الإلهیة هی التی تذلل الأسباب لتکون أداة طیعة فی ید المشیئة الإلهیة المطلقة.. فالتکلیف هو تشخیص الحکم الإلهی بشکل صادق، بعید عن الأبعاد الذاتیة والشخصیة، ومن حکم الله علینا أن لا نکون أذلاء ولا مهانین. کما أن التکلیف هو بذل أقصى الجهود فی الإطار المادی، لیأتی بعد ذلک دور التوکل الإلهی العمیق فی تفعیل أدواره الغیبیة فی ترمیم حالة النقص والضعف والفقر، فضعف الإمکانات المادیة لیس سببًا مؤثرا فی الدخول فی ساحات الصراع بین الخیر والشر، لأن هناک المدد الإلهی الأکید الذی سیسعف المؤمنین بالعطاء المعنوی والسماوی ویلعب دوره الأکبر فی حفظ جبهة الخیر والحق، وذلک عندما یفرغ المؤمنین وسعهم وبذلهم لکل إمکاناتهم المتاحة لدیهم((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)). وهذا المعنى لم یبقَ الإمام الخمینی منظّرًا فیه فقط، بل صاغ ثورته وحرکته من وحیها العرفانی، فالإمام الخمینی فی نهضته کان المعسکر الشرقی مهیمنا بکل قدراته على المنطقة، والمعسکر الغربی مسیطرًا بکل إمکاناته على العالم، والإمام ینطلق فی ثورته المبارکة، وهو یرفع شعار (لا شرقیة لا غربیة)، وشاءت القدرة الإلهیة أن تکون معیتها لصالح المؤمنین الصادقین، وأراد العطاء الإلهی أن یکافئ المضحین الذین نهضوا لأداء تکلیفهم الشرعی بالنصر. الإمام الخمینی من العلماء والعرفاء الذین لم یکتفوا فی تطلعاتهم الدینیة وهمومهم الإسلامیة بالمساحات الجزئیة المحدودة لحاکمیة الدین، ولم یشأ فی قرارة نفسه وإیمانه ومبادئه أن یکون الإسلام الذی هو صانع الإنسان، لم یشأ أن یکون ذلک الدین رقمًا مهملا، بحیث تمر المخاضات الصعبة والتحدیات العسیرة، ویکون دوره هامشیا فی حسابات الوجود وحرکة الحیاة. فکان الإمام الخمینی من رجالات الله الذین ساهموا فی تغییر مجرى التاریخ وإعادة الإسلام إلى واجهة الحیاة والحضارة، لیکون طریقا للإنسان إلى معدن الجمال والکمال. والیوم نجد أن مشروع وخطابات وأهداف الإمام الخمینی لیست ظاهرة مرحلیة منتهیة، بل هی روح یقظة لا زالت تجری فی جسم الأمة، تمدها التجدد والحیاة والفاعلیة، حتى یتمکن من الصمود أمام منعطفات الواقع المتنوعة، ویدخل فی صنّاع التأثیر والفعل والبناء، فهو رضوان الله علیه باقٍ ببقاء الإسلام حیًا، ناهضًا، مؤثرًا. الهوامش
| ||||
الإحصائيات مشاهدة: 354 تنزیل PDF: 213 |
||||