قراءة فی بیانات الإمام الخمینی(رض) النضالیة حول دعم فلسطین | ||||
PDF (867 K) | ||||
عند دراسة الأفکار السیاسیة لسماحة الإمام، نلاحظ انه لو کان موضوع تأسیس الحکومة الإسلامیة هو الأولویة القصوى لسماحته فی إیران، ففی خارج البلاد کان تحریر بیت المقدس والأراضی الفلسطینیة، یشکل أهم هاجسه الفکری وعمله السیاسی، ونلاحظ انه من أهم أسباب الخلافات الجوهریة بین الإمام والنظام البهلوی هو نفوذ الصهیونیة فی إیران اذ کان سماحته یعارض ذلک بشدة فیما کان یؤکد على ضرورة دعم الشعب الفلسطینی الأعزل، ویمکن اعتبار تحریر الشعب الإیرانی والفلسطینی فی أفکار الإمام الثوریة والتحرریة، ضرورة ملموسة وجوهریة وخیر دلیل على ذلک هو کتابات سماحته وکلماته وخطاباته التی القاها طیلة ایام وسنوات عمره الشریف، ولهذا کان دائما یدعو الشعب الإیرانی والمسلمین والاحرار فی العالم لدعم الشعب الفلسطینی. من جهة اخرى تؤکد الوثائق التاریخیة بان بدایة نهضة الإمام الخمینی قد تزامنت مع توجیهه النقد للشاه بسبب تقربه من إسرائیل، اذ فضح ما کان یجری بین هذین النظامین خلف الکوالیس وماهی الحرکات الخفیة التی تجری هنا هناک من اجل تعزیز التقارب بینهما، و فی الحقیقة انه منذ عام ١٩٦٢ وفی بیان شهیر بمناسبة عید نوروز أشار سماحة الإمام إلى المجازر التی ارتکبتها الحکومة بحق المسلمین وعلماء الدین، ومامدى الجهود التی تبذلها من اجل الحفاظ على مصالح أمریکا وإسرائیل. وبعد ذلک تطرق الإمام بجدیة تامة الى هذا الامر فی مختلف المناسبات داخل إیران وخارجها.
ان دراسة أفکار الإمام الخمینی حول القضیة الفلسطینیة تبین بان أول موقف رسمی للإمام تزامن مع بدء النضال السیاسی للإمام مع النظام البهلوی حول عدم موافقة النظام على العقوبات النفطیة المفروضة على إسرائیل وعدم قطع علاقاته الدبلوماسیة مع إسرائیل کما فعلت الدول العربیة والإسلامیة، إذ قال سماحته فی إحدى المقابلات حول هذا الأمر: (من القضایا التی تجعلنا نقف بوجه الشاه، هو مساعدته لإسرائیل، إننی قلت مراراً بان الشاه تعاون مع إسرائیل منذ الأول وعندما بلغت الحرب بینه وبین المسلمین إلى ذروتها، قام الشاه بالسیطرة على نفط المسلمین، ومنحه لإسرائیل وهذا الأمر یعد من أسباب معارضتی للشاه). فضلاً عن هذا انتقد الإمام فی بیان له بعام ١٩٦٢م سیطرة الصهاینة على المنشآت والمصادر الإیرانیة تحت غطاء البهائیة واعتبر تطویر العلاقات الاقتصادیة مع إسرائیل خطراً کبیراً على الإسلام واستقلال البلاد. ودعا الجمیع إلى إبداء الاحتجاج على تحالف الشاه مع إسرائیل. ومن أکثر المواقف السیاسیة للإمام حدة تجاه الشاه وإسرائیل هو کلمته التی القاها فی المسجد الأعظم فی مدینة قم بعد إطلاق سراحه، إذ حذر الإمام من تطویر العلاقات الاقتصادیة والعسکریة مع إسرائیل، واعتبره مضراً بالبلاد، کما وجه اللوم لحکومة إیران وترکیا بسبب الابتعاد عن البلدان الإسلامیة. کما تحدث الإمام عن خطر إسرائیل للمسلمین فی إطار إصدار حکم شرعی، وأوصى الوعاظ بان یحذروا من خطر إسرائیل وعملائه واعتبر ان الصمت تجاه هذا الأمر هو مساعدة الظالم وأعداء الإسلام، من هنا أصبح موضوع مقارعة إسرائیل وأعداء الإسلام والمسلمین فی مقدمة العمل الجهادی لسماحة الإمام. وبعد ارتکاب المجزرة فی مدرسة (الفیضیة)، هدد الإمام الشاه وأوصاه بأخذ العبرة من أبیه، وذلک فی محاضرة تاریخیة ألقاها فی المدرسة وجعل محاربة إسرائیل محوراً لنضاله وقال:(والله لا یأتی من إسرائیل إلا الضرر قالوا لی بان الأمن اخذ البعض وقالوا لهم لا تتحدثوا عن الشاه ولا عن إسرائیل ولا تقولوا بان الدین معرض للخطر، فلو لم نتحدث عن هذه القضایا فعن أی شیء نتحدث، فکل ما نعانی منه یأتی من هذه القضایا الثلاثة، وکل مشاکلنا منها، ما العلاقة بین الشاه وإسرائیل، فهل ان الشاه إسرائیلی). کما خاطب قادة الدول الإسلامیة والدول العربیة وغیر العربیة وزعماء الدین والشعب الإیرانی والجیش الإیرانی فی بیان له أصدره بمناسبة مرور أربعین یوماً على المجزرة التی وقعت فی مدرسة (فیضیة)، وقال انه یعلن عن استعداده للشهادة على ید عملاء إسرائیل، کما طالب بوحدة المسلمین لمواجهة إسرائیل، فی بیان نشره فی شهر محرم عام ١٩٦٤م بمناسبة ذکرى حادثة الخامس من حزیران من عام ١٩٦٣م. بعد نفی الإمام وبالتزامن مع حرب الستة أیام ( حرب رمضان عام ١٩٧٣م)، أصدر بیاناً وذکر البلدان الإسلامیة باقتلاع مادة الفساد فی قلب العالم الإسلامی، وحرّم اقامة العلاقات السیاسیة والتجاریة مع إسرائیل، وطالب بتعاون الدول الإسلامیة معاً، کما حرم استعمال السلع الإسرائیلیة على المسلمین. کما أرسل رسالة إلى رئیس الوزراء( هویدا) وانتقده وانتقد حکومته بسبب إبرامها تحالفات مع إسرائیل وتجریح مشاعر المسلمین وتمهید الأرضیة لهیمنة إسرائیل على اقتصاد إیران وحذره من مغبة هذه الأعمال. وفی عام ١٩٦٨م ورداً على رسالة جمع من الفدائیین والشباب المناضلین الفلسطینیین أعلن وجوب محاربة إسرائیل، وأجاز الاستفادة من الزکاة لمساعدة المناضلین فی مواحهتهم للخطر الإسرائیلی، کما أکد على هذا الأمر فی حوار له مع مندوب حرکة (فتح) وشدد على أهمیة هذه القضیة. من جهة أخرى وفی جزء من خطابه بمناسبة الاحتفالات التی اقیمت فی ایران بمناسبة مرور ٢٥٠٠ سنة، على الحکم الملکی فی ایران تساءل الامام عن سبب وجود خبراء إسرائیلیین فی الاحتفال،، ومن جهة أخرى قد نقلت ناقلة نفط إیرانیة الطاقة للإسرائیلیین الذین کانوا یحاربون المسلمین، ثم أشار فی جزء من بیانه إلى مؤامرات الصهاینة لتوجیه الضربة للأحکام الإسلامیة وتشویه الإسلام وتحریف القرآن الکریم. وطوال الخمسینات وحتى تطورات الثورة الإسلامیة، اصدر الإمام مختلف البیانات رداً على رسائل الشعب والطلاب والعلماء، وأعلن وجوب الجهاد على المسلمین لتحریر فلسطین ودعم التیارات المناضلة الفلسطینیة، وبهذا قد أحیى هذه القضیة عند المسلمین، وخاصة فی حرب رمضان ١٩٧٣،عندما اصدر قائد الثورة الإسلامیة بیانات للدول والشعوب الإسلامیة داعیاً الجمیع إلى الجهاد الشامل ضد إسرائیل، وحذرهم من بیع النفط لإسرائیل، وبالتزامن مع هذا البیان اصدر الإمام بیاناً حماسیاً للشعب الإیرانی، وأشار إلى احتفال ٢٥٠٠ سنة وتزامنه مع نضال الشعوب المسلمة والفلسطینیة مع إسرائیل وانتقد ممارسات الشاه الداعمة لإسرائیل وبیع النفط الإیرانی له، وأمر الشعب الإیرانی بالنضال لمنع تحقیق مصالح أمریکا وإسرائیل فی إیران. کما أمر علماء الدین والوعاظ بالحدیث عن جرائم إسرائیل فی المساجد والأوساط الدینیة للشعب. وفی مطلع شهر شباط من عام ١٩٧٩م ألقى سماحة الإمام خطاباً فی مطارمهر آباد(طهران ) وفی مقبرة (جنة الزهراء) أشار فیهما إلى تبعیة الشاه لإسرائیل وعبر عن أسفه لنفوذ أمریکا وإسرائیل فی إیران. وبعد انتصار الثورة الإسلامیة أصدر سماحة الإمام بیاناً اعتبر السلام بین مصر وإسرائیل خیانة للإسلام والمسلمین والإخوة العرب، کما اشتد دعمه لفلسطین ولبنان فی مختلف المناسبات سواء فی اللقاء بالشعب والسفراء والمناضلین من فلسطین بعد الثورة الإسلامیة، وقد تجلت ذروة مناهضة الصهیونیة عند الإمام ودعمه للشعب الفلسطینی فی تسمیة یوم القدس یوماً عالمیاً لمحاربة المستکبرین والظالمین والصهیونیة، وفی مبادرة رمزیة إطلق على آخر جمعة من شهر رمضان یوم القدس وجاء فی رسالته: (یوم القدس هو یوم عالمی ولیس یوم یختص بالقدس، یوم مواجهة المستضعفین مع المستکبرین یوم دعم الشعوب حتى تثور کل الشعوب وترمی هذه الجرثومة المسببة للفساد فی سلة المهملات انه یوم علینا ان نبذل فیه مساعینا لإنقاذ القدس، ان یوم القدس هو یوم الإسلام إذ یجب إحیاء الإسلام لتطبیق قوانین الإسلام فی البلدان الإسلامیة، ان یوم القدس لیس یوم فلسطین فقط، انه یوم الإسلام ویوم الحکومة الإسلامیة). وبعد بدء الحرب المفروضة علی ایران دافع الإمام عن فلسطین ولبنان فی مواجهة إسرائیل، وأکد على انه بعد القضاء على صدام سیسرع إلى تحریر القدس، کما أرسل رسالة بمناسبة الحج وأکد على القضیة الفلسطینیة وضرورة دعمها فی مواجهة إسرائیل، وعدم الاعتراف بالکیان الصهیونی. وفی یوم القدس العالمی بعام١٩٨٢ م ندد سماحة الإمام بالهجوم الإسرائیلی على لبنان وذلک فی بیان له، کما ندد ببعض الدول العربیة وخاصة الأردن والسعودیة والمغرب الذین لم یعارضوا إسرائیل، ودعا إلى محاربته بالسلاح حتى الموت، ومن مبادرات الإمام طرح القضیة الفلسطینیة فی رسالة الحج والبراءة من المشرکین وحتى وفاته کان یؤکد على هذه القضیة. وأخیراً تحدث سماحة الإمام فی وصیته عن فلسطین وأبدى مواقفه حول هذه القضیة على غرار أول أیام نضاله بوجه حکومة الشاه، واعتبر أمریکا والصهیونیة الإرهابیین، وسمى فکرة إسرائیل الکبرى بالتوهم الغبی، وصرح بان الحل الوحید للقضیة الفلسطینیة هو تدمیر إسرائیل وتحریر فلسطین عبر الجهاد والنضال، ولم یتراجع عن هذه القضیة طیلة نضاله قبل الثورة وبعد انتصارها. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 388 تنزیل PDF: 210 |
||||