الإمام الخمینی والطریق الصحیح لتحریر فلسطین | ||||
PDF (774 K) | ||||
إلهام هاشم حین انتصرت الثورة الإسلامیة فی إیران، اتخذت خطوات حاسمة على طریق تحریر فلسطین المحتلة، منها قطع النفط قطعاً تاماً عن إسرائیل، وسلّمت مبنى السفارة الإسرائیلیة فی طهران إلى القوى الفلسطینیة المناضلة، وأعلن الإمام الخمینی الراحل آخر جمعة من شهر رمضان المبارک، یوماً للتعبئة العامة من أجل القدس، وقدّمت إیران ما بوسعها لمناصرة کل العاملین الحقیقیین على تحریر فلسطین من براثن الصهیونیة الحاقدة. وأکثر من ذلک کلّه فإن الثورة الإسلامیة - على لسان قائدها الإمام الراحل – شخّصت الداء فی القضیة الفلسطینیة، وحدّدت لها الدواء، حیث نصح الإمام القوى الفلسطینیة قائلاً: المسلمون یجب أن یکونوا یداً واحدة ضد جمیع الظالمین، متمنیاً أن تزول متاعب جمیع المسلمین بفضل هذه الوحدة القائمة بینهم فی جمیع الدول الإسلامیة. وإزاء الخطر الذی بدأ یهدد اسرائیل بشکل جاد وحاسم، وأمام الروح الإسلامیة التی سرت فی جسم العالم الإسلامی، حشّدت قوى الاستکبار العالمی کل طاقاتها لإنقاذ الموقف، وتخلیص إسرائیل من الخطر الذی بدأ یواجهها فعلیاً. ومن هذا المنطلق، کانت قرارات التعبئة العامة لتحریر القدس، وإعلان آخر جمعة من أیام شهر رمضان المبارک من کل عام، یوماً للقدس. ولمواجهة هذا القرار الحاسم الذی اتخذه الإمام الراحل، تم إعلان مؤتمر (کامب دیفید) وسائر المؤتمرات التی أرادت أمریکا وإسرائیل أن تفرضها تحت إسم ((السلام)) و((حسن الجوار)) لتغطیة اعتداءاتها وانتهاکاتها، وإدانة کل مؤتمر أو حوار تدیره الجمهوریة الإسلامیة فی إیران. فالاحتلال الصهیونی لفلسطین هو جزء من احتلال عام مُنی به العالم الإسلامی بعد سقوطه فی براثن الغزو الأوروبی والأمریکی الوقح. غیر أنه احتلال صارخ یمثّل قمة استهانة قوى الکفر بوجود المسلمین وبمقدساتهم وبأبسط حقوقهم، هذا الاحتلال یجسّد جزءاً من مشکلة المسلمین الکبرى، کما أشار إلى ذلک الإمام الخمینی القائد، وموقف الثورة الإسلامیة من هذا الاحتلال الغاشم، هو أیضاً جزء من موقفها العام تجاه نکبة المسلمین أمام أعدائهم، هذاالموقف یتلخّص فیما یلی: ١- إسلامیة القضیة: وهو أهم عناصر موقف الجمهوریة الإسلامیة من القضیة الفلسطینیة، وهذا العنصر یشکّل أعظم خطر على إسرائیل، ومن هنا فإن الصهاینة وعملاءهم یحاربون بشدة، توسیع القضیة الفلسطینیة لتشمل کل الأمّة الإسلامیة، ویحاولون بشتى الأسالیب الشرسة، حصر القضیة على الصعید الفلسطینی فحسب، أو على المستوى العربی، أی الحکومات العربیة فقط. أما الإمام الخمینی فکان یرتأی بأن المشکلة الفلسطینیة، هی مشکلة کل المسلمین الذین یجب أن یکونوا یداً واحدة ضد جمیع الظالمین. ٢- شعبیة القضیة: الثورة الإسلامیة تؤمن أن الشعوب وحدها القادرة على حل مشاکلها، ولا تستطیع الأنظمة المعزولة عن شعوبها أن تنهض بمسؤولیة تحریر فلسطین، بل إن الأمّة الإسلامیة بملایینها الغفیرة هی القادرة على إنقاذ القدس وجمیع الأراضی السلیبة من قبضة الاحتلال الصهیونی. ویقول الإمام الخمینی فی هذا الصدد: إننی أخجل عندما أتذکر أن ٨٠٠ ملیون مسلم و١٠٠ ملیون عربی، یقفون عاجزین أمام قلّة یهودیة، ویصف (یوم القدس) قائلاً: ((إنه الیوم الذی یجب أن تعلن فیه الشعوب المستضعفة عن وجودها أمام المستکبرین)). ٣- إلغاء معادلات التبعیة: من الأمور الجادة المثارة على القضیة الفلسطینیة، هی فکرة تبعیتها إلى قوة من القوى الکبرى، وهذه الفکرة المغلوطة تنطلق من هزیمة داخلیة، ومن عدم التقییم الصحیح لطاقات الشعوب، إن لم تکن منطلقة من عمالة مطلقة. على العموم، إن الثورة الإسلامیة حطّمت هذه الفکرة وألغت معادلات التبعیة السائدة فی الأذهان، وأثبتت قدرة الأمّة على تحطیم عروش الظالمین، وإسقاط طواغیت الأرض دون الاعتماد على قوة کبرى، هذه الاستراجیة انتهجتها الثورة الإسلامیة فی جمیع میادین نضالها للإستکبار العالمی، وتدعو الأمّة الإسلامیة لإنتهاجها أیضاً، وتؤکد على ضرورة الاعتماد على الله وعلى النفس، وعلى ضرورة التخلص من روح التقاعس والتواکل وانتظار الإنقاذ الخارجی. یقول الإمام الراحل فی هذا السیاق: ((أیها المسلمون .. أیها المستضعفون فی جمیع أنحاء العالم .. إنهضوا وامسکوا بزمام مقدراتکم، إلى متى تجلسون لتقرر مصیرکم، واشنطن وموسکو؟!. إلى متى تبقى أرض القدس وفلسطین، ویبقى المظلومون تحت وطأة ظلم المجرمین؟! إلى متى تبقون متفرّجین؟! إلى متى یظل حکامکم الخونة مساهمین فی هذه الجرائم؟ّ إلى متى یبقى ما یقارب من ملیار مسلم فی العالم، وما یقارب من مائة ملیون عربی یشهدون غزو الطامعین، الشرقیین والغربیین، ویشهدون ما یرتکبه هؤلاء الغزاة وعملاؤهم من ظلم ومجازر وحشیة مع کل ما یملکه المسلمون من أراضٍ واسعة وثروات جمّة؟! إلى متى نبقى نشهد التخاذل عن الوقوف بوجه أعداء الإسلام والتهاون فی اللجوء إلى القدرة العسکریة والإلهیة، ونرى بدل ذلک، إتلاف الوقت فی التحرکات السیاسیة، واتخاذ المواقف المداهنة تجاه القوى المستکبرة، وإرخاء الحبل لإسرائیل کی تتمادى فی ارتکاب جرائمها ومجازرها الوحشیة؟! ألم یرَ الحکام إن المحادثات السیاسیة مع أساطین السیاسة وکبار المجرمین لا تستطیع إنقاذ القدس وفلسطین؟! ألم یروا أن المظالم والجرائم تزداد یوماً بعد یوم؟! فمن أجل تحریر القدس، لابد من اللجوء إلى المدافع المُسندة إلى الإیمان، والاتکاء على قدرة الإسلام، والابتعاد عن الألاعیب السیاسیة التی یُشمّ منها رائحة المهادنة ومدانة المستکبرین. وعموماً، بتأیید من قائد الثورة الإسلامیة المظفرة، اعترضت الأمّة الإسلامیة على المؤامرة الصهیونیة الأثیمة، واستمدت المقاومة روح الصمود من خطابات الإمام الراحل المتعاقبة، متیقنة إن ما حدث من اتفاقیات مع الصهاینة إنما هو تسلیم القوی للضعیف، وتسلیم المغلوب أمام الغالب، الذی یمثّل رکون إلى الظالمین. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 366 تنزیل PDF: 192 |
||||