الافتتاحیة | ||||
PDF (713 K) | ||||
![]() | ||||
احتفلت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بالذکرى الأربعین لانتصارها العظیم ودخلت العقد الخامس من عمرها المجید وهی فی ذروة قدرتها وفی قمة شموخها بعدما تجاوزت کل المؤامرات والفتن والمحن وکافة التحدیات. وبعد ان اقتحمت کل میادین العلم والتقنیة واصبحت فی مصاف القوی العظمی التی یحسب لها الف حساب. ورغم کل ذلک نلاحظ أن أعداءها المستکبرین والمتغطرسین کانوا ولایزالون یحملون افکار واوهاما خاطئة اتجاه هذه الثورة، فیما کان أصدقاء الثورة فی جمیع أنحاء العالم ینظرون الیها بأمل مفعم بالطمأنینة بأنها ستواجه کل التحدیات وتتجاوز کل العقبات وستحقق التقدم المدهش فی جمیع المجالات، من هنا کانوا یفخرون دائمًا بهذه الثورة وبالجمهوریة الاسلامیة. وفی أدبنا الدینی، یشیر الرقم(٤٠) إلى معانی باطنیة معینة، ومنها انه یدل علی بلوغ مرحلة (التکامل والنضوج). ومن هذا المنطلق، لا بد من القول إن الثورة الإسلامیة فی الواقع قد بلغت هی أیضًا خلال هذه الفتزة مرحلة البلوغ والتکامل، وذلک لأنها تجاوزت -خلال الأربعین عاما من عمرها- الکثیر من المحن والتحدیات، ومرت بمراحل مختلفة، حتی وصلت إلى مرحلة الکمال و القوة التی یمکن التعبیر عنها بالبنیان المرصوص.. وفی مثل هذا المنعطف، ومن أجل مواصلة هذا المسار الواضح، أصدر القائد الحکیم للثورة الإسلامیة فی تلک المناسبة بیانا تحت عنوان “بیان الخطوة الثانیة للثورة” تطرق فیه الی الإنجازات العظیمة التی تحققت فی العقود الأربعة الماضیة وقدم توصیات أساسیة من اجل بذل المساعی والجهود ومواصلة الجهاد العظیم لبناء المستقبل المنشود. فسماحته من خلال افاق رؤیته الواعیة والحکیمة للعقود الاربعة الماضیة ومسیر التطورات الإقلیمیة والدولیة، قد بیِّن استراتیجیاته ومواقفه فی اطار هذا البیان لتبیان آفاق المستقبل ورسم نموذجا عملیا یمکن تطبیقه فی مختلف مجالات الحیاة الاجتماعیة. إن بیان “الخطوة الثانیة للثورة”، وإن کان فی طلیعته یمثل میثاق موجه إلى الشعب الإیرانی وخاصة الشباب الذین یهیئون أنفسهم لقطع مسیر “المرحلة الثانیة من بناء الذات والاهتمام الاجتماعی وبناء الحضارة”. وتحقیق (الفصل الجدید للثورة الإسلامیة). بید انه یکمن فی النظام الفکری للقائد المعظم للثورة، آمال وتطلعات کبیرة لا تضمن فقط الرفاه المادی والسعادة الروحیة والمعنویة للإیرانیین والمسلمین فی جمیع أنحاء العالم، وانما ستشمل برکاته بالتأکید المحرومین والمظلومین والمستضعفین فی بقیة البلدان أیضًا. إن جمیع توجیهات القائد المعظم للثورة الإسلامیة فی الواقع هی امتداد لمشروع أکبر بکثیر من هذا الامر شأنها أن تقود الأمة فی نهایة المطاف إلى عملیة تحقیق المجتمع الإسلامی وبناء الحضارة إلاسلامیة العظیمة وتحقیق هدفها الإنسانی النبیل المتمثل فی إقامة العدل وتقدم الانسان وتعالیه فی جمیع أنحاء العالم. ویصرح ولی امر المسلمین (مدظله العالی) فی بیان الخطوة الثانیة للثورة، بإن المصاعب التی ستواجهنا سوف لن تکون أکثر من صعوبات الماضی.ومن الآن فصاعدًا، یمکن -قدر الإمکان- تحلیل المستقبل فی سیاق الماضی، وتعلم الدروس واخذ العبر منها، واجتناب تکرار الأخطاء والأشتباهات والانحرافات. فالحدیث لم یعد یدور حول تأرجح الثورة بین “الوجود” و “عدم الوجود” و “الاستمراریة” و “الانهیار”. بل إنها وصلت إلى مستوى من “القوة “ و “الصلابة” بحیث یجب على العدو ان یمحی فکرة “الإطاحة بالنظام السیاسی وتغییره” من عقله، وان لایعتبر هذا الامر فی تعاملاته وحساباته امرا محتوما. و إذا کانت الثورة ذات یوم شجیرة ضعیفة یمکن هزها بسهولة والضغط علیها وتعریضها للمخاطر الا ان هذه الشجرة الفتیة اصبحت الیوم شجرة کبیرة ضخمة متجذرة یمکنها تحمل اشد العواصف الرهیبة. ان بیان الخطوة الثانیة للثورة هو خارطة شاملة لتقدم البلاد وتطورقدراته، حیث تحدد وترسم آفاقنا المستقبلیة داخل البلد. إضافة إلى أنها ترسم صورة عالمیة للثورة الإسلامیة علی صعید الحضارة وتعبر عن حرکة الثورة الإسلامیة فی اطارها الحضاری الذی ینطلق من قاعدة بناء وتربیة الإنسان والتوجیه الصحیح للمجتمع حتی یصل إلى بناء الحضارة. وبمعنى آحری،ان هذا البیان هو وثیقة إستراتیجیة واسعة النطاق یجب اعتبارها بمثابة خارطة طریق للعقود القادمة، خریطة توضح من جهة صورة الماضی للثورة وتقدم من جهة اخری الوصفات الضروریة للمستقبل. وعلینا استغلال هذا الأمر للتخطیط لبرامج طویلة الأمد للمستقبل البعید. بشکل عام، تعتبر الاستراتیجیات المقترحة فی بیان قائد الثورة الإسلامیة بمثابة وعاء لمفاهیم ینبغی علی جمیع البرامج التی یتم تدوینها من الان فصاعدا ان تکون قادرة على الانسجام مع هذه الاستراتیجیات،بعبارة أخرى، علی جمیع البرامج أن تراعی بأی شکل من الأشکال استراتیجیات الخطوة الثانیة للثورة وان تجعلها نصب اعینها وان توفر لها الظروف المناسبة لتنفیذها علی ارض الواقع، حتی لا تبقى هذه الاستراتیجیات حبر علی ورق، وانما تتبدل الی مشاریع وبرنامج یمکن تنفیذها بسهولة. حجة الاسلام والمسلمین | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 373 تنزیل PDF: 216 |
||||