مقومات البناء الحضاری فی رسالة الخطوة الثانیة للثورة الأسرة ونمط الحیاة الإسلامی | ||||
PDF (2125 K) | ||||
![]() | ||||
الدکتورة مهوش کهریزی فاطمة الزهراء مرادی یمثل نمط الحیاة انعکاساً لتوجهات وقیم الفرد أو المجتمع. تشکل مجموعة التوجهات العامة ازاء الحیاة والرؤى السائدة، أنماط الحیاة بالنسبة للفرد والمجتمع. و تعد الأسرة، باعتبارها اصغر وحدة اجتماعیة، أحد اکثر المقومات أصالة بالنسبة لجزئیات نمط الحیاة وتفاصیله. وبالالتفات الى أن بوسع کل مجتمع تجسید فحوى رؤیته الکونیة للأخرین من خلال تشّکل نمط حیاته بما یتناسب مع تصوراته و مبادئه وقیمه(شریفی،٢٠١٣). والخوض بإصلاح نمط الحیاة الإسلامی، الذی تقترن فیه الدنیا والآخرة و یعتبر احدهما بمثابة الجسر لبلوغ الآخر، یحظى بمکانة خاصة من خلال الأسرة. ولا یخفى ان الانبهار بنمط الحیاة الغربیة اهتماماته السکولاریة والبهرجة التی یروج لها الغرب، وهیمنته على المجتمعات الاسلامیة لاسیما فی بلدنا، وتأثیر ذلک على غیاب الهویة الإیرانیة والإسلامیة فی البلاد؛ خلق موانع کثیرة تعیق الخوض فی بحث ودراسة دور الأسرة فی إشاعة وترسیخ نمط الحیاة الإسلامی. ونظراً لأهمیة الموضوع، حاول سماحة القائد الامام الخامنئی تسلیط الضوء على نمط الحیاة المنشود باعتباره احد مقومات مشروع الخطوة الثانیة للثورة الذی تناولته وثیقة “آفاق الأربعین سنة الثانیة من عمر الثورة”. یحاول هذا البحث، الذی تم تدوینه بأسلوب توصیف – تحلیلی، تسلیط الضوء على آراء وتصریحات سماحة القائد فیما یتعلق بالأسرة ونمط الحیاة، ونقاط الضعف الماثلة والسبل الکفیلة بتحقیق الأهداف المنشودة، وذلک من خلال ثلاثه محاور: یهتم المحور الأول بتناول موضوع الزواج واهمیته، ومعالجة التصورات الخاطئة التی تتحکم به بما فی ذلک: المشکلات الاقتصادیة، التباهی والتفاخر والتکبر وغیر ذلک. فیما تتناول المحور الثانی العلاقات داخل الأسرة وأهمیة دور الأم والزوج، والسبل المتاحة للتعاطی مع طبیعة العلاقة بین افرادها وفقاً لرؤیه سماحة القائد. أما المحور الثالث فسوف یکرس لتناول موضوع الانجاب وزیادة السکان و التصورات الخاطئة السائدة فی هذا المجال بما فی ذلک: المشکلات الاقتصادیة، المشکلات التربویة، عمل الأمهات، والوقوف على آراء سماحة القائد فی هذا المجال. تؤکد ان النتائج التی تم التوصل الیها بأن أنماط الزواج والعلاقات الاجتماعیة داخل الأسرة وموضوع الانجاب، شهدت صدمات عدیدة ولا بد من اتخاذ إجراءات اصلاحیة جادة فی آفاق مشروع الخطوة الثانیة للثورة. وفی هذا الصدد یعد تعرف الشباب على الأسرة والقدرات التربویة أمثال المعصومین(ع) والوقوف على متطلبات الزواج والعلاقات داخل الأسرة، ودور النخب فی الهدایة والإرشاد؛ یعد عاملاً مؤثراً الى حد کبیر فی ارتقاء کیفیة الأسرة ونمط الحیاة الإسلامی. محاور نمط الحیاة الاسریة کما یراها سماحة القائد یؤکد القران الکریم عل مبدأ التزاوج فی الخلقة وتشکیل الاسرة. کما یلفت المعصومین(ع) فی روایات عدیده، الى اهمیة تشکیل الأسرة. وفی هذا الصدد یؤکد سماحة القائد على المقومات التالیه: أولا- تشکیل الأسرة الزواج هو حجر الزاویة بالنسبة لتشکیل الأسرة على المجتمع. ولهذا فان حجم التفکر والتدبر الذی تتحلى به الأسرة، ینعکس فی مقدار تطور المجتمع او انحطاطه. ولا یخفى ان للزواج اثاراً کثیرة منها: الاستقرار، المودة والرحمة، العفة والطهارة، اشباع الغریزة الجنسیة، الانجاب الى غیر ذلک. وکون الزواج عاملاً للنجاة من الرجس، یساعد فی التخلص من الوحدة ومدعاة لحفظ النسل وبقاءه. ذلک عن العزوف عن الزواج یشکل على الدوام عاملاً فی الاضطراب و عدم التعادل، واللاملائمات السلوکیة، و یؤدی أحیاناً إلى تدنی الشخصیة و ربما ظهور مرض عضوی (معاونیة البحوث فی قسم الاعلام لتبلیغ حدیث الهدایة،٢٠١٦). ولهذا عدّ الإسلام- مربی الانسان- الزواج وتشکیل الأسرة امراً مقدساً ولا یکف عن التأکید علیه. یقول رسول الله صلى الله علیه واله وسلم: من تزوج فقد أحرز نصف دینه، فلیتق الله فی النصف الباقی (الشعیری،١٩٨٤). ومن جهته یرى سماحة القائد، أن الزواج وتشکیل الأسرة بمثابة ثقافة. ویشیر سماحته الى تأثیر ذلک على کیفیة وطریقة الحیاة موضحاً: ان تشکیل الأسرة والزواج هو بمثابة ثقافة.. و تعداد ألاطفال ثقافة.. فاذا کانت نظرة الناس والتوجهات سلیمة ستکون الحیاة فی المجتمع بنحو ما. واذا کانت خاطئة -لا سمح الله- فسوف تکون بشکل آخر، ونبتلی -لا قدر الله- بذات الابتلاء الذی تعانی منه الیوم البلدان التی شتت الأسرة وحطمت بنیانها، وروّجت للغرائز والشهوات (واتبعوا الشهوات فسوف یلقون غیّا) (من کلام سماحة القائد؛ ٢١/٠٣/٢٠١٤) سن الزواج تغییر البنیة التقلیدیة للسکان وتقدم سنّ الزواج و الزیجات المتأخرة؛ تعد من ابرز المخاطر التی تحد من الاقدام على الزواج، خاصة بالنسبة للنساء بلحاظ سنّ الیأس وعدم الحمل. ذلک ان تقدم سنّ الزواج یشکّل معضلة بارزة امام تشکیل الأسرة والحد من نمو السکان. واستناداً الى الاحصاء الرسمی لمدیریة الأحوال المدنیة، ان معدل سنّ الزواج فی عقد السبعینات کان ١/٢٤ بالنسبة للرجال ٧/١٩ للنساء. بینما معدل سن الزواج أواخر عام ٢٠١٥ بلغ ١/٢٨ بالنسبة للرجال و ٥/٢٣ بالنسبة للنساء (معاونیة الابحاث-حدیث الهدایة). و فی هذا السیاق یقول سماحة القائد: ان سنین الزواج ینبغی أن لاتکون بالنحو المتطرف الذی کان لدى أولئک حیث کان البعض یرى ضرورة الاقدام على الزواج فی سنّ مبکره تماماً. ولا بهذه الصورة من التغافل والاهمال التی یتعاطی بها الغربیون حیث یقدمون على الزواج فی سن متأخرة، فی سن الثلاثین أو الأربعین. (من خطاب سماحة القائد لدی لقاء الشباب، ٧/٢٤/١٩٩٨) تسهیل الزواج تسهیل امر الزواج یعد من العوامل الهامة والمؤثرة فی ترغیب الاسر والشباب الاعزب علی الزواج وتشکیل أسرة. یقول الامام علی(ع): “ان الله تبارک وتعالی شرع الاسلام وسهل شرائعه لمن وَرَده” (الهلالی، ١٩٩٤). وفی هذا السیاق یوضح سماحة القائد، ضمن التأکید على موضوع تسهیل الزواج: یجب تسهیل امر الأقدام على الزواج.. یجب أن یکون الزواج سهلاً متاحاً، لاصعباً و مکلفاً وغیر متعارف. (من خطاب سماحة القائد لدی لقاء الشباب، ٧/٢٤/١٩٩٨) تعقید موضوع الزواج (التصورات الخاطئة) یری سماحة القائد ان تعقید امر الزواج والمبالغة فی تکلفته، یشکل معضلة حقیقیة خطیرة، ولهذا ینبغی للجمیع المساهمة فی التصدی الحقیقی لذلک، حیث یقول: من الأمور التی تعانی منها الکثیر من الأسر فی مجتمعنا، آفة التکلفة الخطیرة التی تکتنف قضیة الزواج الهامة و المصیریة. إذ أننا و بحجة التمسک بالعادات و التقالید، و مراعاة المکانة الاجتماعیة، و الحفاظ علی حیثیة کل من الفتاة والشاب، وأمور أخرى کثیرة، بحجة کل ذلک حولنا اسعد حدث فی حیاه الشباب الى کابوس مرعب. وفی الحقیقة ینبغی للجمیع الاضطلاع بدوره والمساهمة بالتغلب على هذه المعضلة المدمرة، وإنقاذ السنة الإلهیة والسماویة من قیود وأسر الجاهلیة، و تعبید الطریق امام سعادة الشباب (شرح حدیث القائد؛ ٧/١١/٢٠٠٧). و فی موضوع آخر، واثناء لقاء سماحته الطلبة الجامعیین على مائدة الافطار عام ٢٠١٤، وفی الوقت الذی أعرب فیه عن عتابه وعدم رضاه ازاء النظرة اللاإبالیة فی التعاطی مع موضوع زواج الشباب وما یترتب علیها من تداعیات، أوضح سماحته: ثمة تصورات وتقالید خاطئة تعیق مسألة الزواج وتحد من زواج الشباب. فلا بد من التخلص من هذه التقالید بشکل عملی. (تصریحات سماحة القائد لدی لقاء الطلبة الجامعیین، ٢٥شهر رمضان المبارک). تواجه مسألة الزواج تصورات . معتقدات خاطئة شأنها شأن الکثیر من المسائل فی المجالات الاجتماعیة، وتتجلى أثارها المدمرة فی العزوف عن الزواج و تأخیر الاقدام علیه، و ذلک امر واضح ومشهود تماماً. وبشکل عام یمکن الاشارة الى أبرز هذه التصورات: الف- المشکلات الاقتصادیة و القلق من عدم القدرة المالیة فی توفیر متطلبات الحیاة الزوجیة فیما بعد، تعتبر من الأمور التی تجعل العوائل والاسر تتشدد فی موضوع تزویج الشباب. بید أن القرآن الکریم یلفت الأنظار بالنسبة لموضوع القلق ازاء الارزاق موضحاً: “وانکحوا الایامى منکم والصالحین من عبادکم وامائکم ان یکونوا فقراء یغنهم الله من فضله والله واسع علیم. (سورة النور:٣٢) ب- التباهی والتفا،خر یشکل عاملاً آخر للتشدد ازاء الزواج. ذلک ان المقارنة بین وضعنا الخاص واوضاع الأقارب والمعارف والأصدقاء والجیران، من حیث مستوى المعیشة والدخل والقدرات المالیة ومحاولة التشبه بهم فی موضوع الزواج و شؤون الحیاة الأخرى؛ یترتب علیها عواقب وخیمة تصادر الأمن والاستقرار من الحیاة الزوجیة. وحول هذه الرذیلة الاخلاقیة یقول النبی الاکرم(ص): “مَن اتبع بصره ما فی أیدی الناس، طال همه ولم یشف غیظه” (القمی؛ ١٩٨٤) ج- التکبر، الذی یعد من العوامل البارزة فی تعقید الرؤیة تجاه الزواج. ذلک ان بعض العوائل والأسر ونتیجة للتکبر والغرور، الذی یعد من الذنوب الکبیرة یخلقون مشاکل کثیرة تنعکس فی أیذاء وعذاب أصحاب الشأن والمحیطین بهم. وحول التکبر یقول الامام علی علیه السلام: “ایاک والکبر، فانه اعظم الذنوب و آلم العیوب و هو حلیة ابلیس” (نوری الطبرسی، ١٩٩٠). وحول بعض التقالید الجاهلیة و العادات والتقالید الخاطئة التی تواجه موضوع الزواج، وأهمیة التصدی لذلک ومحاولة الحد منه واعتماد المسار الدینی و الإلهی، یرى سماحة القائد: اذا ما عملنا على تهذیب مراسیم عقودنا وزواجنا وتخلیصها من الأمور التی حاربها الإسلام، و الحرص علی تجمیلها و تزینها بالسنن التی جاء بها الإسلام، عندها ستکون عقودنا و زواجاتنا اسلامیة، ویکون عقد الزواج بما یرضی نبی الإسلام(ص) و أسوة البشریة العظیم. (احدی خطب العقد،١١/٠٤/١٩٩٥). کذلک یلفت سماحته إلى أهمیة القدوة فی هذا الصدد وضرورة اقتداء الشباب بها، موضحاً کانت السیدة الزهراء التی هی سیده نساء العالمین، والامام امیر المؤمنین علی علیه السلام الذی هو خیر الفتیان وأفضل العرسان.. کانا یتحلیان بالمقامات المعنویة و الإلهیة و کانا عظماء عصرهما، انظروا کیف کان زواجهما. ففی الوقت الذی کان هناک متمسکون فی الجاهلیة وکان صداق بناتهم مرتفع جداً مثلاً ألف بعیر فهل. کانت هذه الفتیات أفضل من بنت رسول الله(ص) .حاولوا الاقتداء ببنت رسول الله(ص) (خطبة عقد لسماحته، ٠٧/٠٣/١٩٩٧ ) وحول معاییر الزواج المیمون، یقول سماحة یتصور البعض ان الإجراءات الأرستقراطیة و أقامة مراسیم الزواج فی قاعة فاخره وممیزة وانفاق أموال کثیرة، سوف یزید الفتاة والفتی عزاً وشرفاً ورفعة. کلا. ان عزة و شرف و رفعة العریسین بانسانیتهما وطهارتهما وسمو رؤیتهما(خطبة عقد، ٨/١٢/١٩٩٦). و عن ضرورة نبذ الإجراءات المضرة وتخلیص مسار زواج الشباب منها، یقول سماحته: عندما نسأل البعض لماذا کل هذا الافراط بالشراء والاستحواذ على کل شیء من اجل اثنین یریدان أن یبدا حیاتهما المشترکة؟ یقولون: نحن لدینا القدرة المالیة فلماذا لانفعل ذلک! هل هذا الاستدلال مقنع؟ لا شک أنه استدلال خاطئ. ففی مجتمع تعیش فیه فئات من مختلف المستویاتف ینبغی التصرف بنحو اذا ما رغبت فتاة بالزواج یکون بمقدورها فعل ذلک وإن کانت ظروفها لا تسمح بفعل کل ذلک. (خطبة عقد، ٥/١٢/١٩٩٦). ثانیاً- العلاقات الأسریة تعتبر أسرة اصغر وحدة اجتماعیة فی المجتمع. و فی الفلسفة الإسلامیة یجزأ العلم الی علم نظری وآخر عملی. و یقسم العلم العملی الى ثلاث: الاخلاقیات، سیاسة المدن، وتدبیر المنزل (العلم الخاص بالأسرة). ومما یذکر ان علم تدبیر المنزل فقد فاعلیته بصفته علماً مستقلاً، وبات یدرج ضمن مجموعة الاخلاقیات أو علم النفس. و فی حقیقة الامر أن احیاء علم تدبیر المنزل لبلوغ نمط الحیاة اسلامیة، و استقرا الاسرة، و سیادة قوانین الدین علی العلاقة بین الزوجین و الحقوق المتبادلة بین الأبوین و الابناء؛ کل ذلک یعتبراً أمراً ضروریاً وئ من أهم الواجبات. و فی هذا الصدد یقول سماحة القائد: فی البلدان التی یتهدد الاسر الضیاع، تعانی أسس مدنیتها فی الحقیقة من الاضطراب و التزلزل، و فی طریقها الی الانهیار فی نهایة المطاف. (خطبة عقد، ٢٩/٠١/١٩٩٨). لا شک ان انسجام الأسرة یعد احد أبرز المقومات الحیویة للحفاظ علیها. وفی هذا الصدد یعد الادراک المتبادل و التعرف علی السمات والقدرات الذاتیة والطبیعیة لکل من الزوجین، ووعی التباین الروحی والنفسی بین کل من المرأة والرجل؛ بوسع کل ذلک أن یجعل الارتباط العاطفی فی ما بینهما اکثر استحکاماً ویزید فی انسجام الأسرة واستقرارها. و مما یذکر ان الاسلام یعتبر المرأة والرجل نفساً واحدة، و ان التباین بینهما داخل الأسرة إنما هو ولید تباین ادوارهما داخل هذا الکیان المقدس. وفی ذلک یقول سماحة القائد: دیننا یعتبر الرجل قوّام “الرجال قوّامون على النساء”(سورة النساء، ٣٤) والمرأة ریحانة (ابن بابویه،١٤١٣هـ). ومثل هذا لا یعتبر تعدیاً على المرأة ولا على الرجل. لیس تجاهلاً لحق المرأة، ولا هو تجاهل لحق الرجل. والصحیح هو وضع متطلبات الحیاة فی کفة وتدبیر المرأة وادارتها وموضع ثقتها واتکائها فی الکفة الأخرى من المیزان، وبالتالی تتساوی الکفتان. فلا هذه ترجح على تلک، ولا هذا یحظى بالأولویة على حساب ذاک (خطبة عقد، ١٢/٠٣/٢٠٠٠). وبالنسبة للتباین البدنی والروحی بین المرأة والرجل وتفاوت ادوارهما، یقول سماحة القائد: الله تعالى خلق طبیعة المرأة بنحو تتسم باللطافة والرقة. فالبعض یمتلک یداً ضخمة وخشنة مناسبة جداً لاقتلاع صخرة من الارض. ولکن هذه الید اذا ارادت الإمساک بجواهر دقیقة وناعمة ربما یصعب علیها الإمساک بها. على العکس من الانامل الرقیقة و الناعمة التی قدتعجز عن رفع تلک الصرخة، ولکنها قادرة على التقاط تلک الجواهر من الأرض.. المرأة والرجل هما بهذا النحو، حیث لکل منهما فی ذلک مسؤولیة حتی فی ذلک القول ان مسؤولیة احدهما أکبر من مسؤولیة الاخر. کلاهما مسؤولیته جسیمة وکلتا المسؤولیتین ضروریة (خطبة العقد، ٢٨/٨/٢٠٠٢). ترسیخ موقعیة المرأة ودور الأم من الواضح أن ادارة شؤون الأسرة العاطفیة تقع علی عاتق المرأة، وفی الحقیقة الأم بالذات. یقول الرسول الاکرم(ص) کل نفس من بنی آدم سید، فالرجل سید أهله والمرأة سید بیتها (باینده،١٩٤٥). وهذا یعنی أن دور المرأة کزوجهة وأم یأتی فی الدرجة الاولى، فیما تعتبر من المشاغل الاجتماعیة بالنسبة لها بمثابه دور ثانوی. ولا یخفى أن دورها الحقیقی ینسجم تماماً مع ترکیبه المرأة وعواطفها. فالأم هی مرکز الإبقاء على العاطفة وتقویتها داخل کیان الأسرة. وان ادائها للادوار الثانویة یجب ان لا یضعف من دورها الأول والرئیس المتمثل فی کونها زوجة وأم. ان دورها کأم وزوجة لا یتعارض مع نشاط المرأة الهام والقیم فی المجتمع. ولکن اذا ماتلکأ دورها کأمّ نتیجة عملها خارج المنزل، فان ذلک سوف یلحق خسارة فادحة بها و بالزوج والاطفال والمجتمع. یقول سماحته القائد بشأن الحفاظ علی الاسرة و الحیلولة دون انهیارها: ان عزمکنّ الراسخ یجب أن یکرس حقاً لتذلیل الصعاب التی تکتنف عملها، التی تمثل ابرز المعضلات داخل الاسرة (تصریحات سماحة القائد فی لقاء أعضاء المجلس الثقافی الخاص بالمرأة، ٢٥/١٢/١٩٩١). و یؤکد سماحته علی ضرورة النظر الی قضیة الاسرة بمثابة احدی قضایا البلاد الهامة (المصدر السابق). و یلفت سماحته الی اهمیة الاعتناء بکیفیة اضطلاع النساء بدورهن داخل الاسرة، و ینصح النساء بعدم التفریط بالأسرة و التضحیة بکیانها من أجل العمل خارج المنزل (المصدر السابق). و لأجل ایجاد الحلول لمعاناة المرأة عموماً، یری سماحته ثمة خطوتین ضروریتین: الاولی تتمثل فی الفهم السلیم لموقعیة المرأة فی المجتمع، و الثانیة تتمحور حول الفهم السلیم لموقعیة المرأة فی المجتمع. و الثانیة تتمحور حول الفهم السلیم لمکانة الاسرة (تصریحات سماحة القائد فی لقائه النخب النسویة، ٢٣/٣/٢٠١١) . و مما یجدر ذکره أن رؤیة الاسلام الی منزل المرأة اخل الاسرة تتجلی فی قول “المرأة سیدة بیتها” (متقی الهندی، ١٤١٩هـ). وتتضح موقعیة المرأة داخل الاسرة أکثر فی ضوء ما أشار الیه أئمة أهل البیت (ع) فی احادیثهم: “المرأة ریحانة و لیست بقهرمانة” (نهج البلاغة، الرسالة٣١). و القهرمان یقال للذی یباشر الامور، الخادم، المتولی المحترم لأمور المنزل. غیر أن المرأة لیست قهرمانة، بل المرأة ریحانة. هذه هی نظرة الاسلام للمرأة. و ان تحقق مثل هذه النظرة داخل الاسرة بحاجة الی دعامة قانونیة و ضمان اجرائی، و لابد من تحقیق ذلک ( تصریحات سماحة القائد فی لقائه النخب النسویة، ٢٣/٣/٢٠١١) و فی معرض توضیح مفهوم “قهرمانة” فی رسالة الامام امیر المؤمنین(ع)، و ضمن التأکید علی الفهم السلیم لموقعیة المرأة و دورها داخل الاسرة، یقول سماحة القائد: القهرمانة فی لغة الیوم یعنی مدیرة أعمال.. غیر أن المرأة لیست مدیرة أعمال بالنسبة لک حتی تلقی علی کاهلها کل أعباء حیاتکما ثم تؤاخذها بعد ذلک. کلا. المرأة وردة فی یدیک. حتی لوکانت عالمة أو سیاسیة، فهی المعاشرة الاسریة وردة. (خطبة عقد،١٨/٩/٢٠٠٠) ثالثاً- الانجاب (زیادة السکان) من المعلوم أن حجم السکان و زیادة النسل او تحدیده ، یترک تأثیر الکبیر علی کل من الأمن، الاقتصاد، التقدم العلمی، الی غیرذلک من الموضوعات و القضایا الهامة، و کان موضع اهتمام مختلف الشعوب علی مر التاریخ. ذلک أن تقییم قوة شعب ما سواء علی الصعید العسکری و السیاسی و القوی العاملة؛ مرهون بالتعداد العام لنفوس ذلک الشعب. و فی العصر الحاضر ثمة حقیقة ماثلة لایمکن انکارها و هی، أن الدول التی تمتلک تعداد سکانی کبیر، تتمتع بقوة أکبر و دائرة نفوذها أعظم تأثیراً فی مواجهة تهدیدات القوی الاخری التی تعتبر نفسها الأب الروحی للعالم، و أنها أکثر حرصاً علی حیاة الشعوب من الشعوب نفسها(الجیل السادس،٢٠١٤). و نظراً لأهمیة هذا الموضوع، أعلن سماحة القائد بصریح العبارة بأننا أخطأنا فی اعتماد سیاسة تحدید النسل فی الفترة ما بعد عام ٢٠١٢. و لهذا کثیراً ما کان یوصی فی خطاباته المسؤولین و ابناء الشعب باصلاح هذه السیاسة و التعویض عما فات.(المصدر السابق). و مما یذکر أن تناقض الایدی العاملة و تدفق الایدی العاملة المهاجرة من الدول الاخری، و ما یترتب علی ذلک من انتقال الثقافة الاجنبیة، و زیادة تعداد المتقاعدین و المسنین، کل ذلک نتج عن سیاسة تحدید النسل و شیخوخة السکان. و قد رأینا کیف أن البلدان الاوروبیة شهدت أکبر تعداد من حالات الوفیات خلال انتشار کوفید-١٩ ، بسبب ارتفاع تعداد المسنین المهیأون للاصابة أکثر من غیرهم. و فی السنوات الاخیرة تنبهت هذه البلدان الی الاضرار الناجمة عن ارتفاع نسبة الشیخوخة بین نفوسها، فأقدمت علی اتخاذ سیاسات تشجع بشکل خاص علی اطلاق النسل و زیادة السکان. و فی مرحلة الدفاع المقدس، و خلال سنوات الحرب الثمانی، استطاعت البلاد بفضل امتلاکها للثروة السکانیة الشبابیة ان تلحق بالعدو المعتدی هزیمة نکراء. عدّ الإسلام- مربی الانسان- الزواج وتشکیل الأسرة امراً مقدساً ولا یکف عن التأکید علیه. یقول رسول الله صلى الله علیه واله وسلم: من تزوج فقد أحرز نصف دینه، فلیتق الله فی النصف الباقی. تسهیل امر الزواج یعد من العوامل الهامة والمؤثرة فی ترغیب الاسر والشباب الاعزب علی الزواج وتشکیل أسرة. یقول الامام علی(ع): “ان الله تبارک وتعالی شرع الاسلام وسهل شرائعه لمن وَرَده”.
یری سماحة القائد ان تعقید امر الزواج والمبالغة فی تکلفته، یشکل معضلة حقیقیة خطیرة، ولهذا ینبغی للجمیع المساهمة فی التصدی الحقیقی لذلک، حیث یقول: من الأمور التی تعانی منها الکثیر من الأسر فی مجتمعنا، آفة التکلفة الخطیرة التی تکتنف قضیة الزواج الهامة و المصیریة. یرى سماحة القائد، أن الزواج وتشکیل الأسرة بمثابة ثقافة. ویشیر سماحته الى تأثیر ذلک على کیفیة وطریقة الحیاة موضحاً: ان تشکیل الأسرة والزواج هو بمثابة ثقافة.. و تعداد ألاطفال ثقافة.. فاذا کانت نظرة الناس والتوجهات سلیمة ستکون الحیاة فی المجتمع بنحو ما. واذا کانت خاطئة -لا سمح الله- فسوف تکون بشکل آخر، ونبتلی -لا قدر الله- بذات الابتلاء الذی تعانی منه الیوم البلدان التی شتت الأسرة وحطمت بنیانها، وروّجت للغرائز والشهوات. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 365 تنزیل PDF: 238 |
||||