قیم الدفاع المقدس | ||||
PDF (629 K) | ||||
محمد اسدی موحد / المدیر المســؤول “ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَیَیْنِ، وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِکُمْ أَنْ یُصیبَکُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَیْدینا، فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَکُمْ مُتَرَبِّصُونَ “ [ سورة التوبة، الآیة ٥٢ ]. فی ایة مؤسسة، تتلخص احدى وظائف المدیر الرئیسة فی اتخاذ القرارات. فالمدیر یواجه على الدوام ظرفاً یتحتم علیه اتخاذ القرار. لأن اتخاذ القرار یشکل احد المحاور الرئیسة للادارة، أما الشؤون الاداریة العملیة الأخرى فهی تترتب على ذلک. و یرى کبار المنظرین فی علم الادارة امثال سایمون، ان اتخاذ القرار إنما هو مرادف لفن الادارة. و لا یخفى ان الموضع الذی یضطلع فیه اتخاذ القرار بدور بارز ومصیری، هو ساحة الحرب. و مع الاخذ بالاعتبار الخصائص الفردیة و المبادىء الفکریة لأصحاب القرار، فیما یتعلق بالتخطیط المبدئی و الحسم النهائی لاتخاذ القرارات، و المناخ السائد و اسلوب تنفیذها، و تهیئة متطلبات القوات التی تحت أمرتهم، خلال السنوات الثمانی لمرحلة الدفاع المقدس، فی الذود عن عزة و کرامة هذه الارض، یمکن القول ان جبهات القتال للدفاع عن الجمهوریة الاسلامیة ضد الماکینة الحربیة للنظام البعثی الصدامی المدججة بالسلاح، کانت تتمحور حول المبادىء و القیم، و لم تکن مجرد دفاع عن الارض و النظام الفتی . و من الواضح ان کلمة القیم مشتقة من القیمة التی تفید معنى الغالی والثمین. و فی المصطلح، القیم مؤشر دقیق على النضج و فهم الحیاة. و للقیم معانیها الخاصة بها بما یتناسب مع مواضع استخداماتها سواء فی الاجتماع، والاقتصاد، والثقافة، والدین، والحقوق، و الاخلاق ... الخ. و القیم الاسلامیة فی مفهومها العام و الواسع، هی کل ما هو حسن و نافع من منظار الشریعة الاسلامیة المقدسة. و لکن احیاناً یراد من القیم الاسلامیة معنى و مفهوماً خاصاً، أی القیم التی اعترف بها الاسلام و اعتبرها محبذة و نافعة من الناحیة الاخلاقیة. ولهذا المراد من القیم الاسلامیة باعتبارها احد العناصر المعنویة و الثقافیة بالنسبة للدفاع المقدس، القیم الاخلاقیة التی کان یتحلى بها جند الاسلام فی مرحلة الدفاع المقدس، و تتحدث عن الروح المعنویة للمقاتلین الایرانیین، و تمسکهم بالجانب الاخلاقی و المعنوی المتمحور حول التوحید فی القول و الفعل، و اطاعتهم للولایة، و ایمانهم بالمعاد، و ثقتهم بالنفس، والتزامهم بالتکلیف، فی توجه و شغف عرفانی، و توسل بالمعصومین الاربعة عشر ( علیهم السلام )، و الحرص على وحدة الصف للمضی قدماً تحقیقاً لأهداف الدفاع المقدس، و التحلی بروح الجهاد و التضحیة، و اطاعة القائد، و التأسی بثقافة عاشوراء و التمسک بالتکاتف والتعاضد و الوحدة. ان سنوات الدفاع المقدس الثمانی، تحکی عن مرحلة ذهبیة مفعمة بالعزة و الفخر بالنسبة لأمة آمنت بالصبر، والثبات، و الوحدة و التعاضد و التکاتف، و حققت الامن والنصر والرفعة لأبناء هذه الارض، وانجزت مکاسب کبرى کثیرة. و ان احد ابرز هذه المکاسب، المکاسب السیاسیة. ذلک أن التعبئة الشاملة للشعب الایرانی المسلم الشجاع، جنباً الى جنب مع الحماسة البطولیة للقوات المسلحة، جسدت قبل کل شیء، الوحدة الوطنیة، و الالتزام الجماعی بالحفاظ على الموارد و الثروات، و الحرص على سیادة البلد و صیانة ثرواته الوطنیة والعقائدیة. و بالتالی لقنت کل الذین کانوا یطمعون بثروات البلاد، درساً بلیغاً بأن أبناء هذه الارض الذین آمنوا بالشهادة، لن یخضعوا أو یرکعوا مهما تمادى الاعداء فی أسالیب الاغراء و الظلم و التزویر . ففی هذه الحرب هبّ الشعب الایرانی، بمعزل عن انتماءاته الدینیة و المذهبیة، للتصدی للعدوان الغاشم. و ان شهداء الحرب المفروضة، من الشیعة و السنة و الاقلیات الدینیة، الذین کانوا یتقاطرون على جبهات القتال بروح بطولیة لمواجهة المعتدی الهمجی الغاشم، خیر دلیل على مشاعر حب الوطن التی یتحلى بها الشعب الایرانی المسلم. لاشک أن اندفاع الایرانیین البطولی فی مواجهة العدوان، و التصدی بکل قوة و شهامة لهجوم أعداء ایران و الاسلام، دفاعاً عن السیادة الوطنیة والقیم الاسلامیة ـ الانسانیة، سوف یسجله التاریخ بکل فخر و اعتزاز، لیضیء الطریق امام دعاة الحق و الحقیقة، من الشعوب المتحضرة و صانعة للتاریخ. ان ثبات ایران الاسلامیة، الذی کان نابعاً من روح الایمان و وحدة الصف، تبلور فی ظل توجیهات مفجر الثورة الاسلامیة و قائد نهضتها الامام الخمینی الراحل ( قده)، وکان ذلک مدعاة الى احیاء نهج ملهم للنضال و انطلاق الصحوة الاسلامیة على الصعید العالمی. لقد استطاع دفاعنا المقدس ان یربک و یزلزل الموازنات الدولیة غیر العادلة فی مختلف المجالات السیاسیة و العسکریة و الاجتماعیة و الثقافیة ... الخ، وان یبرهن على هشاشة التحلیلات المادیة لعبید الدنیا و فشلها. و مما لا شک فیه ان هذا الحدث العظیم یبقى خالداً فی ذاکرة الشعب الایرانی، و سوف یورّث العنفوان و العزة و الکرامة، و الملاحم البطولیة، للاجیال القادمة، بمثابة تراث فرید مدعاة للفخر و الاعتزاز. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 969 تنزیل PDF: 188 |
||||