قاسم سلیمانی الانسان،العارف، القائد | ||||
PDF (787 K) | ||||
![]() | ||||
الدکتور محمد مهدی اسماعیلی وزیر الثقافة و الارشاد الاسلامی لا شک ان میدان الحرب ساحة همّ وحزن وألم وعذاب، غیر أن هذا المیدان حافل بالمعنویات و المبادىء الانسانیة القیمة ایضاً. فمن أجل صون الکرامة و العزة و مقارعة الظلم و الاستبداد، لا مفر من خوض النضال و الحرب. و فی هذا المیدان کذلک تتبلور الروح الانسانیة ویقترب الانسان من طبیعته الملکوتیة أکثر فأکثر. فمن المؤکد ان احتلال موقع الإسوة والقدوة إنما هو رهن الظروف و السمات الخاصة به، إذ ینبغی للانسان التمتع فی اوساط شعبه، لسنوات طویلة و فی مجالات متعددة، بدورمحوری یؤهله للاضطلاع بدور فاعل و مؤثر، سواء فی توحید الصف، و اسداء خدمات خالدة، و الاستحواذ على محبوبیة مضرب المثل، والتحلی بشخصیة نافذة، و خوض اصعب الاختبارات و أشدها تعقیداً والخروج منها مرفوع الرأس منتصراً، والاستحواذ على اهتمام الآخرین بصفته إنساناً مرموقاً، و شخصیة تستحق التکریم، وانموذجاً یقتدى به. الشهید الحاج قاسم سلیمانی، و بوحی مما کان یتحلى به من صفات قیّمة و خصال طیبة، أهلته لأن یحتل موقعه فی زمرة الشخصیات النادرة التی اضحت الیوم انموذجاً یقتدى به بالنسبة للشعوب الأخرى . الجنرال سلیمانی هو احد اکثر حرس الثورة الاسلامیة اعتقاداً و تدیّناً، حیث نذر نفسه من أجل سیادة الموازین الدینیة، و الدفاع عن قیم الاسلام السامیة قبل انتصار الثورة الاسلامیة وبعدها . کان للجنرال الشهید الحاج قاسم سلیمانی، حضور فاعل و مؤثر فی میادین القتال و الدفاع المقدس، و على الرغم من ایمانه القلبی بالتشیع و الدین الاسلامی الحنیف، کان ینظر باحترام لما یؤمن به الآخرون من معتقدات الدینیة و مذهبیة، ومثلما کان یخطط ویضحی ویسعى لتحریر المناطق الشیعیة، کان یفعل الشیء نفسه بالنسبة للمناطق التی یقطنها السنة و الایزدیین و المسیحیین. کان الحاج قاسم یقول بصریح العبارة و بکل صدق : “ مجتمعنا، هو عائلتنا “. وکان یعتبر التباین أمراً طبیعیاً ویقبله بکل بساطة. و فی ضوء هذه الرؤیة استطاع ان یستحوذ على اهتمام الملایین و ینال احترامهم، ویجعله منه محبوب الامة بأسرها. الخبرات القیمة التی اکتسبها الجنرال سلیمانی من خلال تنقلاته بین الخنادق و البلدان، و تقلده مناصب و مسؤولیات متعددة ،علّمته بأن التحدی الاکبر الذی تعانی منه ایران والمجتمع الاسلامی، یکمن فی التفرقة. و لهذا کان الحاج قاسم یبحث عن العلاج فی ظل الانسجام و التعاضد و الاتحاد والوحدة. الاتحاد و الوحدة الذی کان یتطلع الیه، یشمل کل الشرائح و الادیان و المذاهب والتکتلات السیاسیة. وأنه لفخر کبیر و دلیل صارخ لسلوک قائد فذّ، الذی لم تصدر عنه عبارة أو کلمة واحدة مدعاة لإثارة الاختلاف والتشتت داخل المجتمع الایرانی ولدى البلدان الاسلامیة الأخرى. نهج الحاج قاسم هو نهج مقارعة الاستکبار. و ان التأمل فی السیرة العملیة للجنرال الذی استحوذ على القلوب، یدلنا على أن مقارعة الاستکبار لن تتسنى دون توافر السلاح الفعال و النافذ المتمثل فی التعاضد والتکاتف والانسجام الوطنی. أن لکل فعل ثمن، و ثمن سنوات الایثار والتواجد فی جبهات القتال بکل شوق وأمل للقاء المحبوب، و التضحیة بالنفس، و التنقل بین السواتر و الخنادق، و التحلیق فی مدارج التهجد و تمنی الوصال و بلوغ المحبوب ولقاء الله ؛ لیس سوى الشهادة التی هی مهارة رجال الله، ذلک أنه لا یمکن تصور ثمناً و مکافئة لهکذا مجاهد فذ غیر ذلک . و بالنسبة للحاج قاسم سلیمانی و امثاله، لا یلیق بهم الموت سوى الشهادة، ذلک ان القامة السامقة لمثل هذا العبد الصالح یلیق بها أن یزینها لباس الشهادة الساحر، فکان استشهاده هو الحیاة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 979 تنزیل PDF: 137 |
||||