أسس ومقومات مدرسة الشهید قاسم سلیمانی | ||||
PDF (1733 K) | ||||
الدکتور محمد مهدیایمانی بور رئیس رابطة الثقافة و العلاقات الاسلامیة مقدمة ان الأبطال الذین حملوا خلال حیاتهم تطلعات القیم السامیة مثل الشرف والشجاعة والوطنیة والنزاهة کعلم ورایة رفعوها على قمة التضحیة والأیثار وحراسة اراضی البلد وحدوده بمثابة علامة ورموز للهویة الشاملة للشعوب هم عدة قلیلة نادرة ، وکمثال على ذلک، قلما نجد فی تاریخ إیران، شخصیات مثل ستار خان وباقر خان ومیرزا کوجک خان والزعیم علی دلواری ومیرزا محمد تقیخان فراهانی المعروف بالأمیر کبیر الذین قاتلوا بشجاعة لطرد الغزاة المعتدین علی أرض بلدهم وکرامة أبناء وطنهم، ولم یتوانوا لحظة عن الجهاد والنضال من أجل صیانة کرامة الشعب والوطن وتحقیق العزة والشرف والاستقلال للبلد. من ناحیة أخرى یشهد تاریخ البشریة منذ بدایة ظهور الإسلام وحتى السنوات الأخیرة على وجود شهداء عظماء - مثل شهداء الحروب المفروضة-، الذین کان استشهادهم مصدرا لأعادة الحیاة من جدید للأمة وکانت دمائهم تسقی العروق و الشرائین الباردة للجسد المیت للشعوب لتخرج الى الحیاة مرة اخرى وتنهض بحماس وبسالة لتدافع عن نفسها امام العدو الغازی الغاشم .من هنا فإن الشهداء کانوا هم المضحین الذین أثمرت تضحیاتهم بعد الموت الی تحقیق الکثیر من الخیر والنعم والبرکات، ومنها إحیاء الارادة والعزیمة الجادة لکل واحد من ابناء الشعب، وکذلک توعیتهم بحقوقهم الإلهیة والإنسانیة البدیهیة والطبیعیة التی لاجدل فیها . تأسیسا علی ذلک، یمکننا بلا شک اعتبار الشهید اللواء قاسم سلیمانی إنسانًا کان خلال حیاته الطیبة وما بعدها مصدرًا للکثیر من الخیر والنعم التی لا یمکن الاستغناء عنها. واذا القینا نظرة فاحصة على تاریخ البلد الایرانی قلما نجد رجل مثله أدى خلال حیاته فی هذه الدنیا و بعد وفاته، إلى ظهور حرکات فکریة وطنیة جدیدة تبحث عن الحقیقة والمثالیة. ویکون مصداقا للآیة الشریفة (مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِیلًا ﴿سورة الاحزاب –الآیة ۲۳﴾. ١-مدرسة الشهید سلیمانی حرکة ذات منهج متکامل من الواضح أن نتیجة کل عمل، سواء کان مادیًا او معنویًا، هی بلا شک حصیلة تطور وتکامل الاتجاهات والمسیرة العملیة العامة لذلک العمل. وإذا قبلنا أن الاتجاهات أو التیارات الفکریة أو الأیدیولوجیة، تخضع منذ بدایة انطلاقها حتى مراحل نهایتها، لمسار محدد و اتجاهات معینة ومحددة لا یمکن تحقیق النتیجة منها الا بعد ان یتم قطع هذا المسار والمرور بجمیع مراحله، یمکننا الاستنتاج بأن المدرسة الفکریة والعملیة للواء الشهید قاسم سلیمانی هی تیار منهجی متطور ومتکامل. و(الجهاد) فی معناه القرآنی – حسب ما یتم استنباطه من الأحادیث والتفاسیر القرآنیة المختلفة- هو العمل فی سبیل الله، وسلوک طریق الحق بکل اخلاص، یعتبر من الخصائص الفریدة التی کان یتمتع بها الشهید سلیمانی. ٢- التلاحم بین مفهومی “الجهاد “ و “المقاومة” إن بدایة انطلاق المدرسة التی یعتبر الشهید سلیمانی من أبرز نماذحها هو ان تضع خطاها فی الطریق الصحیح الذی یقودها نحو التقرب الی الله(عزوجل )، والتقرب الی الله سبحانه وتعالی الذی یتیسر من خلال العبادة المرفقة بالاخلاص لایمکن ان یتحقق الا من خلال بذل الجهود والاستمرار على هذا النهج. من هنا فإن الجهاد یعتبر تیارا وحرکة ذات مسار محدد وتتطلب الصبر المقاومة والصمود والمواصلة. وفی الواقع ان الجهاد فی الأساس هو نموذج صریح وکامل للمقاومة، وهذا الامر یعتبر من الخصائص والممیزات البارزة لمدرسة الشهید سلیمانی التی یمکن إنکارها. فقد قضى الشهید سلیمانی سنوات عدیدة من حیاته الشریفة وهو یکافح فی ساحات القتال ضد المخادعین والمتآمرین السیاسیین والدینیین والعقائدیین فی العالم الإسلامی من جهة ومخادعیهم غیر العقلانیین من جهة أخرى، دون ان یشعر بالیأس ولم یستسلم أبدًا. ولن یتراجع حتی خطوة واحدة عن مبادئه.اذ کان من خلال تسلحه بالإیمان الراسخ والاتکال على الله القادر المتعال یتجه دائما الى الامام بنظرة استشرافیة بعیدة المدى، وإلى جانب ذلک کان یبذل کل الجهود ویجاهد فی سبیل الله حق جهاده، وهذه الامور هی التی وفرت له ولبقیة اخوته المقاتلین عوامل النصر والتفوق فی الحروب الوحشیة الغادرة التی شنها الداعشیون والعالم الغربی ضد المظلومین والمضطهدین -الذین ینتمون الی مختلف الأدیان والمذاهب- فی البلدان الإسلامیة. ٣- مدرسة الشهید سلیمانی مدرسة دینامیکیة حیة شرط بقاء المدارس الفکریة - العملیة أن ای تیار فکری وعملی جدید یرید البقاء والاستمرار لابد ان یواکب الزمن ویستجیب لمتطلبات الحیاة وان لایتوقف عن الحرکة ابدا حتی لایتعرض لقضایا سلبیة مثل ضعف المبادیء او التخلی عنها ونسیانها والأمور الاخری التی لها صلة مباشرة بعنصر الوقت والزمن. فالتأریخ المتغیر والمتقلب للتطورات والثورات والحرکات الأیدیولوجیة- السلوکیة الجدیدة فی کل عصر یشیر الی أن هناک العدید من المدارس الفکریة والفلسفیة فی العالم مثل “الشیوعیة” و “الاشتراکیة” و “المارکسیة” وبقیة المدارس الأخری قد ظهرت الی الوجود ،وقد کان لکل منها بدایات صاخبة ملیئة بالحماس والدینامیکیة لکنها سرعان مافقدت بریقها بمرور الزمن واتحهت نجو الافول ، وذلک لأنها کانت تفتقد مقومات البقاء کما انها کانت تفتقد للأسس والأطر العقلانیة الخلاقة التی تجعلها تتطور وتتمکن من مواصلة مسیرها وتواکب التطورات الزمنیة الجدیدة ،من هنا لاحظنا ان کل واحدة من هذه المدارس توقفت عن الحرکة بعد حیاة قصیرة ،وذلک لانه تبین للجمیع بعد حین من الزمن انها مدارس فارغة خاویة لاجدوى منها وفیها وحتی ان انصار هذه المدارس ایضا، قد تخلوا عنها تدریجیاً. اما المدرسة، التی کان ربان سفینتها منذ بدایة الإسلام الشهداء الکرام العظماء، الذین تمکن کل منهم والواحد تلو الآخر من هدایتها بشکل صحیح حتى زمن سطوع اللواء الشهید قاسم سلیمانی، فهی تمتلک أسس فکریة کاملة، ومنها یمکن الاشارة الی قضایا مثل اقامة العدل والمساواة، وتعزیز القیم الأخلاقیة والإنسانیة مثل الأخوة والمساواة بین الناس وتمتع جمیع الناس بالحقوق المتساویة فی الحیاة، ورفض استغلال المظلومین والمحرومین ،ومواجهة الانحرافات العقائدیة والدینیة التی تزرع العنف و الکراهیة فی المجتمعات، ومحاربة الخرافات والأوهام وجمیع أنواع التخلف والانحرافات الفکریة و...غیرها. والواقع ان المدرسة التی أعاد الشهید سلیمانی قراءتها بعد ما یقارب من ١٤٠٠ عام تتمتع بأسس وقواعد ومقومات وقیم حسیة وفکریة قویة للغایة، ومثل هذه المدرسة بطبیعة الامر تکون بعیدة عن الرکود والخمول ولایمکن ان تتعرض للانهیار وذلک لان المفاهیم التی تعتبر الأسس النظریة لهذه المدرسة تشکل عناصر الحیاة الغریزیة والفطریة للإنسان، والتی على أساسها تکتسب “الروح” قوة التحرر والسمو، ویزدهر “الفکر” فی تعزیز وتعمیق أسسها ،وبما ان هذه المبادئ والأسس خصبة وحیة تجری دائمًا فی عروق الانسان وتتکاثر علی مر الدهر، فهی باقیة لا تعانی من النسیان ولاتتعرض للأفول والانهیار . ٤- مدرسة الشهید سلیمانی: أصالة النظریة والثبات على الهدف والمبدأ لو القینا نظرة علی التاریخ نلاحظ ان المدارس الفکریة والعملیة التی کانت قائمة على نظریات وفرضیات اصیلة وحقیقیة استجابت على الأقل للأسالیب الوضعیة مع ذلک بمجرد انتهاء صلاحیتها فقدت مفعولها وانضمت إلى التاریخ وعالم النسیان. من هنا یتضح للجمیع أن ما یعمل کقوة دافعة فی جمیع المجالات الفلسفیة والأخلاقیة والاجتماعیة والنفسیة والسیاسیة والتربویة وغیرها هی القدرة على التقدم والقدرة علی الابداع والعقلانیة والنتاج الفکری المستمر، وان کل شیء یبتعد عن العقل السلیم والفطرة السلیمة محکوم لامحالة بالفشل. فالهدف النهائی والغائی فی مثل هذه الأنظمة هو ایصال الإنسان إلى الأمان والصحة والتکامل والتنمیة، وإذا کانت هناک ثغرات فی هذا الهدف واتجاهات منحرفة تتعارض مع “أصالة الهدف” بمعناه الحقیقی، فستکون النتیجة النهائیة هو تغیر الهیکل والاسس والوظائف الأصلیة والاساسیة لمکونات هذه الانظمة والمدارس ،وستؤدی بالتالی الی انهیارها وزوالها. لذلک، یمکن الاستنتاج أن المدرسة التی ادی فیها الشهداء وخاصة اللواء الشهید قاسم سلیمانی دورًا صحیحًا وصادقًا بمعنی الکلمة، تتابع هدفا کان ولایزال حیا لم یتغیر ولن یتغیر لیس فقط منذ ١٤٠٠ عام، وأنما أیضًا منذ بدایة خلق الأنسان وعلی مر تاریخ البشریة.وهذا الهدف هو الهدف الغائی الأسمى، ولأن روح وحیاة مدرسة الشهید الکبیرهی “صبغة الله”عزوجل(صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ ...سورة البقرة ،الآیة: ١٣٨) وقد اتخذت صِبْغَةَ ولون ورائحة الله وکلها مفعمة بأفضل واحسن الألوان یعنی لون التوحید والعبودیة الخالصة لله سبحانه وتعالی، فهی مدرسة ذات أصالة وجودیة، ولاتحتاج فی تأسیسها الی النظریات أو الفرضیات الوضعیة التی افرزها العقل البشری المتغیر.وذلک لان مثل هذه المدرسة قد تأسست منذ الأزل وصممت هدفها النهائی على أساس الفترة الزمنیة “من الأزل إلى الأبد”، فهی اذن ستبقی مستمرة وخالدة علی مدی التأریخ. والسلام التقاریر: مهدی حسینی یمکننا بلا شک اعتبار الشهید اللواء قاسم سلیمانی إنسانًا کان خلال حیاته الطیبة ومابعدها مصدرًا للکثیر من الخیر والنعم التی لا یمکن الاستغناء عنها. واذا القینا نظرة فاحصة على تاریخ البلد الایرانی قلما نجد رجل مثله أدى خلال حیاته فی هذه الدنیا و بعد وفاته، إلى ظهور حرکات فکریة وطنیة جدیدة تبحث عن الحقیقة والمثالیة. ویکون مصداقا للآیة الشریفة (مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِیلًا ﴿۲۳سورة الاحزاب – الآیة﴾. Al WAHDAH, 2021 قضى الشهید سلیمانی سنوات عدیدة من حیاته الشریفة وهو یکافح فی ساحات القتال ضد المخادعین والمتآمرین السیاسیین والدینیین والعقائدیین فی العالم الإسلامی من جهة ومخادعیهم غیر العقلانیین من جهة أخرى، دون ان یشعر بالیأس ولم یستسلم أبدًا. ولن یتراجع حتی خطوة واحدة عن مبادئه. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 710 تنزیل PDF: 155 |
||||