دور الجمهوریة الاسلامیة فی بناء الحضارة الاسلامیة | ||||
PDF (1634 K) | ||||
![]() | ||||
بقلم الشیخ توفیق حسن علویة کاتب وباحث من لبنان الحضارة بحسب مقابلاتها على عدة معان ، فهی تارة بمقابل التنقل تعنی الاستقرار ، وهی بمقابل البادیة والصحراء تعنی المدنیة ، وهی بمقابل التخلف تعنی الحداثة ، وهی بمقابل الخفاء تعنی الظهور ، وهی فی مقابل الرمال تعنی العمران ، وبالعموم الحضارة من حضر ای شهد وظهر ، فهی کل شیء شاهد على شعب من الشعوب او امة من الامم . وجاء فی بعض قوامیس اللغة : الحضر خلاف البدو ، والحضارة السکون بالحضر کالبداوة ثم جعل ذلک اسما لشهادة مکان أو إنسان أو غیره . وجاء فی تعریف اخر : الحضارة لغةً تعنی الحضر أی عکس معنى البداوة، وهی تدل على نوع خاص من الحیاة والرقی بالإضافة إلى الاستقرار . أما بالنسبة للحضارة اصطلاحاً فیقصد بها النظام الاجتماعیّ المتبع، والذی یعین الإنسان على زیادة الناتج الثقافی . ومن المعروف استقرائیا بالاستقراء الناقص أنّ الحضارة تقوم على أربعة عناصر أساسیّة هی: ١ - الموارد الاقتصادیة ٢ - النظم السیاسیة ٣ - العلوم والمعارف والفنون ٤ - الاخلاق والقیم ٥ - العمران والبناء وهذه العناصر الخمسة لا یمکن لها التکامل الا فی ظل مقولة الامن بقدر متیقن ، فما دام هناک خوف وحروب فلا تکامل للحضارات . ویظهر ان الحضارات عملیة تراکمیة ، فکل حضارة تتکامل مع من قبلها وترفد من بعدها . بناء على ما تقدم نفهم معنى التربیة الحضاریة فی القران ومفاهیم الاسلام ، اذ انها عبارة عن تنمیة القدرات والطاقات البشریة الجسدیة والعقلیة والخلقیة وتسییرها نحو الکمال الانسانی من خلال تسخیر الموارد الاقتصادیة والنظم السیاسیة العادلة والعلوم والمعارف والفنون لکی تعیش سمو القیم الدینیة والاخلاقیة ، وعلى هذا فإن المسلم فی ظل التربیة الحضاریة القرانیة یستطیع بناء حضارة مادیة ومعنویة عالیة الفعالیة ومتقدمة ومتطورة ، لا کما یحصل الان حیث یعیش المسلم شعار المعنویة بینما هو متکئ على حضارات الاخرین ، وانما یقوم بالجمع بین حضارته المادیة والمعنویة . من المعلوم ان بناء الحضارات کما اسلفنا هو امر تراکمی ، وقد ساهم الاسلام فی رفد الحضارات التی اتت بعدها کما انه احدث قفزة مهمة جدا فی اکتمال الحضارات التی قبلها ، وهذا هو اعتراف العلماء والمؤرخین من غیر المسلمین ، حیث یقول “ جان دیون پورث “ العالم الإنجلیزی المشهور کما ذکر صاحب کتاب تفسیر الامثل : “ لقد حول محمد العربی البسیط، القبائل المتفرقة والجائعة، الفقیرة فی بلدة إلى مجتمع متماسک منظم، امتازت، فیما بعد - بین جمیع شعوب الأرض بصفات وأخلاق عظیمة وجدیدة . ویکتب “ نهرو “ العالم والسیاسی الهندی الراحل فی هذا الصدد قائلا : ولقد کان محمد واثقا بنفسه ورسالته، وقد هیأ بهذه الثقة وهذا الإیمان لأمته أسباب القوة والعزة والمنعة “ . ان ادنى مقارنة بین اوروبا وقرطبة یعطیک انطباعا واصحا عن الفارق الشاسع بین الحضارة الاسلامیة انذاک وغیرها من الحضارات ، فقد کانت قرطبة ملیئة بالانوار واوروبا غارقة بالظلام ، ناهیک عن موضوع التنظیم المدنی واستقلال الانسان فی معیشته عن الحیوانات وهکذا . ان ایران قبل انتصار الثورة الاسلامیة المبارکة کانت تعیش الحضارة بتجلیات عدیدة ومتنوعة ، ومع انتصار الثورة الاسلامیة المبارکة والى الان مرت الجنهوریة الاسلامیة فی ایران بمرحلة هدارة وها هی الان تبتدا مرحلة ثانیة ، وقد اطلق الامام الخامنئی دام ظله على المرحلة الاولى مصطلح ( الخطوة الاولى) وعلى المرحلة الثانیة مصطلح ( الخطوة الثانیة ) . فی الخطوة الاولى کما یظهر من الحیاة الاسلامیة فی ایران کانت هناک حضارة اسلامیة تتأسس وتتکرس ، فالحضارة الاسلامیة عاشت طور التأسیس والتکریس فی الخطوة الاولى على سائر الصعد والجوانب الخمسة التی ذکرناها ای الموارد الاقتصادیة، النظم السیاسیة ، العلوم والمعارف والفنون ، والاخلاق والقیم ، والعمران والبناء . وقبل اظهار معالم الحضارة الاسلامیة فی الجمهوریة الاسلامیة فی ایران وما هی متطلبات الخطوة الثانیة ، ینبغی الالتفات الى امر مهم وهو ان الحضارة الاسلامیة لا تتنکر للحضارات الاخرى ولا تدعو الى إلغاء الحضارات ، وانما تقبل بجمیع الحضارات التی لا تتنافى مع الاسلام وبنفس الوقت تقدم نفسها للعالم بوصفها الحضارة المحتضنة لکل المنتجات البشریة اللامتعارضة مع الاسلام ، ومن هنا نفهم مغزى عدم هدم الاهرامات بالرغم من کونها فی مرحلة ما تحت سیطرة المسلمین ، وکذا فی المعالم الحضاریة الاخرى بالرغم من حاکمیة الاسلام . اننا اذا رجعنا الى دور الجمهوریة الاسلامیة فی تاسیس وتکریس الحضارة الاسلامیة بالخصوص ورفد الحضارة العالمیة بالعموم نجد ان الثورة الاسلامیة ومنذ انتصارها قامت باظهار الحضارة الاسلامیة المستبطنة حقیقة فی النسیج الاجتماعی الایرانی ، فمن ناحیة النظم السیاسیة حصل تحول سیاسی على النقیض من النظم السیاسیة التی کانت سائدة واهمها السیادة فی السیاسة ، فمن المعلوم ان ایران قبل انتصار الثورة الاسلامیة کانت نظمها السیاسیة مرتهنة للغربیین بینما اتت الثورة الاسلامیة لتجعل النظم السیاسیة عبارة عن نظم متحررة ، وهذا من شأنه اظهار الحضارة من الناحیة السیاسیة حیث ظهر للعالم ان اغلب الانظمة العالمیة تابعة والقلیل منها یعیش التحرر والاستقلالیة ومنها الجمهوریة الاسلامیة فی ایران ، کما اننا اذا دخلنا الى الاشعاعات الحضاریة الداخلیة للنظم السیاسیة نجد ان احد اهم معالمها هو ان النظم السیاسیة والاداریة مرتبطة بمفهوم الخدمة الالهیة ، ای ان المراکز والمناصب والوظائف انما هی فی سبیل الخدمة الالهیة ولیست لاجل ای هدف اخر ، وهذا من جهة ومن جهة اخرى فإن النظم السیاسیة داخل الجمهوریة الاسلامیة فی ایران لا تتخذ من تعریف ان السیاسة فن الممکن وانما السیاسة هی تلک السیاسة القائمة على المبادئ والمنهجیات وان الغایة السلیمة تبرر الوسیلة السلیمة ولا تبرر الوسیلة الدنیئة کما هو الشائع ان الغایة تبرر الوسیلة ، واهم دلیل على ذلک ان فلسطین من الناحیة السیاسیة ما زالت قضیة مبدئیة ، وان قضایا الشعوب والانحیاز للشعوب المستضعفة هی من اهم المبادئ وهکذا ، وانت خبیر ان مقیاس ومعیار نجاح النظم السیاسیة فی ای دولة فی العالم انما یتم من خلال مجموعة عوامل منها الحصار وعدم الحصار ، وتداول السلطة وعدم تداول السلطة ، ومعاداة الدول الکبرى او موالاتها ، والتایید الشعبی وعدم التأیید الشعبی ، وغیر ذلک ، والجمهوریة الاسلامیة فی ایران کانت ولا تزال محاصرة عالمیا واقلیمیا بل ومحاربة ومع ذلک اثبتت النظم السیاسیة فیها کل نجاح وحضاریة وهذا یختلف تماما مع ای دولة لا تخضع للحصار ولا للحرب ، وایضا الجمهوریة الاسلامیة فی ایران تعیش تداول السلطة منذ تاسیسها وحتى فی الحرب کانت تجری الانتخابات ، وبعض القنوات التلفزیونیة عندما زار رئیس جمهوریة ایرانی سابق بلدنا لبنان استخدمت هذه العبارة : رئیس سابق . عجیب . لان الرؤساء فی الشرق عادة کما یقال اما یموتون واما یقتلون ولا ثالث ، وایضا الجمهوریة الاسلامیة فی ایران تعیش الاستقلال عن الدول الکبرى وتتعاطى مع الدول الکبرى من باب الندیة لا من باب التبعیة وهذا احد التعابیر المهم عن الحضاریة ، فالانظمة الحضاریة معروف عنها انها مستقلة حتى لو تعرضت لسائر الاخطار وشتى صنوف الحصار ، فهذه الملکة زنوبیا على سبیل المثال یقول عنها ملک الروم اننی لم استطع هزیمة روح زنوبیا الاستقلالیة بالرغم من اعتقالها . ان الجمهوریة الاسلامیة فی ایران تعیش جو السیادة الشعبیة والتایید الشعبی ، وهذا من اهم النجاحات ، ای الالتصاق بالشعب وعدم البینونة عنه البتة . واما من ناحیة الحضارة تحت عنوان العلوم والفنون فتستطیع معرفة ذلک من خلال الکثیر من التقاریر التی تتحدث عن التطور العلمی والطبی والفنی فی ایران فی مجالات مختلفة مثل النانو والتکنولوجیا، وبحوث الخلایا الجذعیة، وعلوم الوراثة، والهندسة الکیمیائیة، وبحوث الفضاء، والهندسة الزراعیة، وأنظمة الاتصالات باللیزر، وعلوم الکمبیوتر والإلکترونیات، وغیرها، وهو ما یسمى علمیاً الاستثمار الداخلی الرابح خاصة اذا أدرکنا أن الشباب دون الثلاثین عاماً فی ایران نحو ٦٠٪ من نسبة السکان، وشریحة کبیرة منهم من حملة الشهادات الجامعیة العلیا ، کما اضحت ایران مقصدا للمرضى الذین یعانون من أنواع مختلفة من السرطان إلى مرکز الدم وزرع النخاع فی مستشفى الدکتور شریعتی الذی له بنک من مخزونات الخلایا الجذعیة الأکثر تقدما فی العالم ، بالاضافة الى توافد مئات مرضى الکبد من الشرق الاوسط الى مدینة شیراز (وسط البلاد) المرکز الأول لزراعة الکبد فی المنطقة. وفیما یتعلق بزراعة الأعضاء، فان ایران حققت تقدماً کبیراً فی هذا المجال، وتتوقع الأبحاث التی أعدت حول التطور العلمی فی ایران أن طهران ستصعد إلى الدرجة الأولى فی “مجالات الاقتصاد والعلوم والتکنولوجیا فی منطقة جنوب غرب آسیا (التی تضم آسیا الوسطى، والمناطق القرغیزیة، والشرق الأوسط والبلدان المجاورة)”. وتشیر الزیادة فی الصادرات الإیرانیة غیر النفطیة فی الأعوام الأخیرة إلى السیر باتجاه تحقیق هذا الهدف . ونقل موقع الوقت انه : “ وفی مجال الأبحاث العملیة أیضا، دشنت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، مطلع العام الحالی أول سفینة ابحاث عابرة للمحیطات، اطلق علیها اسم “الخلیج الفارسی”، تابعة لوزارة “العلوم والابحاث والتقنیات” الإیرانیة، وتضم سفینة الأبحاث هذه ٥ مختبرات متطورة خاصة بأبحاث الفیزیاء البحریة، وعلم الأحیاء البحریة، والکیمیاء البحریة، ویمکن لهذه السفینة أن تبحر لـ٤٥ یوما بسرعة ١٥ عقدة بحریة ومن دون الحاجة الى الرسو فی الموانئ، کما یمکنها أخذ عینات من رسوبات قاع البحر على عمق ٣ آلاف متر “ ان التطور العلمی فی ایران أرخى بظلاله بشکل کبیر على المنجزات الدفاعیة فی البلاد، اذ کشفت طهران أوائل الشهر الحالی عن خمسة منجزات تسلیحیة جدیدة هی: صاروخ فجر ٥ الموجه، صواریخ منظومة میثاق ٣ المحمولة على الکتف، نظام اطلاق القنابل الیدویة بعیار ٤٠ ملم وعتاد متطور، سلاح مصاف الفردی بعیار ٤٥×٥.٥٦ بالإضافة الى مسدس جدید محلی الصنع وخطوط انتاج هذه الأسلحة. ولم یقتصر الاقتدار العلمی الایرانی على هذا الحد خاصة فی ظل التطور الکبیر الذی تحققه طهران فی مجال صناعة الصواریخ البالیستیة بعیدة المدى ضمن نظامها الدفاعی، مما دفع واشنطن للاعتراف بالتفوق الایرانی فی هذا المجال . اما من ناحیة الفنون فالتقاریر تتحدث عن نجاحات باهرة على الصعید الفنی والابداعی ، فمن ناحیة السینما والتلفزیون والمسرح استطاع ابناء الجمهوریة الاسلامیة نقل الفن من فن یحاکی العائلة والشکلیات والسفلیات والدونیات الى فن اصیل یلامس الحقاىق الکبرى ، ویکشف عن جواهر الامور ، وینقل رسائل الناس من خلال محاکاة کل اجهزة الاستقبال المعرفیة والعاطفیة والوجدانیة الموجودة عند الانسان ، کما انه فن ینتقد نفسه بلا ای حزازة ، ویصور المشاکل بقوالب متعددة ویضع الحلول لها ، کما انه فن استطاع نشر القیم بطریقة احترافیة شهد لها اکابر الاختصاص فی هذا الفن ، واللطیف اننا عندما نسمع بان المسلسل الایرانی او الفیلم الایرانی احتل المرتبة الفلانیة عالمیا ، وبان المخرج الفلانی الایرانی اخذ الجائزة الفلانیة کنا نستغرب کیف ان کل الاعمال الفنیة الهابطة لم تنل ما ناله العمل الفنی الایرانی القیمی الجوهری بالرغم من عدم وجود ضوضاء حوله کما هو موجود فی کثیر من الاعمال الفنیة الهابطة ! واما من ناحیة الفنون الاخرى کالرسم والنحت وغیرهما فنستطیع معرفة ذلک من خلال التقاریر التی تتحدث عن ذلک حیث ان النقوش والنحوت واارسوم الایرانیة فی غایة الشهرة ، ویکفینا نحن کمتشرعة ان نعلم ذلک من خلال النقوش الموجودة على المقامات الشریفة ، علاوة على ذلک فهذه المعارض واضحة حیث ترى ذلک امامک بالوجدان والعیان بلا حاجة الى برهان . اما العنوان الحصاری فی ظل الجمهوریة الاسلامیة من ناحیة العمران والبناء فیکفیک ما تراه من طراز العمارة الایرانیة ، وهو طراز معروف ومشهور بابداعه ، وکما تعلم فإنک اذا دخلت الى ای بلد فستعرف حضاریة هذا البلد من اول الامر من خلال عمرانه ، فاذا دخلت الى مصر فستجد الاهرامات الدالة على حضارة الفرعونیین ، واذا دخلت الى بعض الدول ووجدت الاثار الرومیة ستتعرف على الحضارة الرومیة ، والحضارة الفارسیة بهذا السباق معروفة من ناحیة العمران ، لکن هنا مسالة مهمة وهی : ان ای نظام یرید ان یصیر حضاریا فان علیه ان یترک بصمات حضاریة عدة فی ارضه تدل علیه ، ومن هذه البصمات العمران ، فالدولة الفاطمیة التی حکمت مصر ترکت بصماتها العمرانیة فی ذاک البلد من دون الغاء الحضارة الفرعونیة من خلال الحفاظ على اثارها ، لکنک مثلا اذا اتیت الى الدولة العثمانیة التی حکمت مئات السنین فی لبنان وسوریا مثلا ، فتبدوا کأنها لم تکن لانها لم تترک ای اثر عمرانی یدل على حضارتها من جهة ، ونظامها السیاسی وفکرها ذهب بذهابها ، وبقیت المعالم فی لبنان وسوریا عبارة عن معالم رومانیة من خلال الاثار العمرانیة الموجودة کما بقیت المعالم السیاسیة فرنسیة وما اشبه ، هنا فی الجمهوریة الاسلامیة فی ایران استطاعت الجمهوریة الاسلامیة تکریس الحضارة العمرانیة والسیاسیة والعلمیة فی ایران بحیث انک اذا اتى اجیال واجیال الى ایران بعد مئات السنین ستظل الجمهوریة الاسلامیة من بوابة الحضارة حاضرة وثابتة ، لان المدن الایرانیة صارت مجبولة بالثورة الاسلامیة ، والعمران شاهد علیها وکذا النظم السیاسیة والناحیة العلمیة والفنیة وغیرها . لاحظوا على سبیل المثال المساجد والمقامات . اما الجمهوریة الاسلامیة من ناحیة القیم والاخلاق فهی من اعظم الاشعاعات الحضاریة ویکفیک ما رایناه فی صلاة رئیس الجمهوریة کممثل للقیم والاخلاق فی قلب روسیا ، وتصفیق محلس الدوما الحار لمجرد وصوله الى مجلس الدوما قبل القاء کلمته . بقی الحدیث عن نقطتین : الاولى: الموارد الاقتصادیة : ففی الجمهوریة الاسلامیة فی ایران یتم استثمار الموارد الاقتصادیة الغنیة رغم کل الحصار والحروب التی یتم شنها على هذا البلد استثمارا تماما وبإشراک جمیع جهود الشعب وابداعاته ، بحیث یشعر کل ایرانی قیمة ما هو متوفر فی بلده من موارد اقتصادیة غنیة ، والموارد الاقتصادیة من ناحیة خامیتها تشکل عنصرا من عناصر الحضارة فی هذا البلد ، کما یشکل استثمارها وتسخیرها للشعب ولمصالح الجمهوریة الاسلامیة فی ایران عنصرا حضاریا اکبر . قارنوا بین ای بلد وبین ایران ، فما لا تنجزه دول غنیة غیر محاصرة بل ومدعومة من الغرب والقوى الکبرى تنتجه ایران بالرغم من الحصار والحروب علیها . الثانیة: وهذه النقطة نتحدث فیها عن عوامل انتصار الثورة الاسلامیة فی ایران التی کان لها الدور البارز فی رفد الحضارتین الاسلامیة والعالمیة ، وذلک فی الخطوة الاولى على حد تعبیر الامام الخامنئی دام ظله ، نعم فی ذاک التاریخ انطلق احد المولعین الذائبین بمحمد وال محمد علیهم السلام فی ثورته المظفرة من عش ال محمد علیهم الصلاة والسلام ، من قم المقدسة ، انه الامام الخمینی المقدس الذی اخذ من انوار محمد وال محمد قبسا من عشق فاشعل فیه قلوب الجماهیر عشقا وهیاما انتج انتصارا تاریخیا على الاستکبار العالمی من خلال قلع جذور الشاهنشاهیة وزرع بذور الانتصارات الکبرى التی اثمرت الى الان انتصارات فی لبنان وسوریة والیمن وفلسطین والاتی اعظم !! ولنجاح الثورة الاسلامیة فی ایران عدة اسباب ونقاط نذکر منها سبع نقاط عدا لا حصرا بشکل موجز : النقطة الاولى : انتماء الامام الخمینی قدس سره لمدرسة محمد وال محمد علیهم الصلاة والسلام : عقیدة وفکرا وفقها واخلاقا وادابا وروحانیة . وهو القائل : نحن نفخر باننا اتباع مذهب اخرج القران من المقابر !! ای لم یعد القران کتابا نقراه على الاموات وانما صار قائدا للحیاة العامة السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة وووو... النقطة الثانیة : ارتباط الامام الخمینی قدس سره بالله المتعال : وهذا الذی امده مددا عجیبا بحیث انه استغنى عن الشرق والغرب فاغناه الله المتعال من فضله !! بل صار الشرق والغرب بسبب هذه البصیرة العظیمة للقائد المرتبط بالله بحاجة لایران الاسلام دون العکس کما نشاهد ذلک عیانا الان ! النقطة الثالثة: ایمان الامام الخمینی قدس سره بالشعب والمراهنة علیه بعد الله : ولهذا کان یعمل دائما على ان یکون للشعب کلمته ووقوفه مع القیادة ؛ ولهذا لم یسمح للانتخابات ان لا تخاض !! وفی کل شی لا بد للشعب من کلمة یقولها !! وکان یصارح شعبه بالالام والامال ویدعوه لتحمل المسؤولیة !! ولهذا المغزى کان سر تسمیة النظام بالجمهوریة الاسلامیة !! ان ثقة القائد بالشعب انعکست ثقة للشعب بالقائد !! ولهذا اتاه الشعب قائلا بلسان الحال: لا نقول ماذا نرید من الثورة بل نقول ماذا ترید الثورة منا !! النقطة الرابعة: الاهتمام بالطاقات الشبابیة واعطائها رایة الثورة والتطور !! النقطة الخامسة : التوجه نحو الطاقات العلمیة الخلاقة والهدارة وتسلیمها مفاتیح الثورة لتوعیة الشباب والنهوض بالثورة نحو الغد الافضل !! وهذا سر نجاح الجمهوریة الاسلامیة فی العلم والتطور !! وهذا سر الانتصار النووی الذی اصبح ناجزا مؤخرا !! فاهتمام الامام الخمینی قدس سره والسید القائد الخامنئی بالطاقات العلمیة اثمر مثل هذا الانتصار النووی !!! النقطة السادسة: الاعتماد على الذات : وعدم الاعتماد على الشرق او الغرب . من مفاسد الثورات انها اذا کانت مستندة الى قوة غیرها فانها ترتهن للغیر فی حرکتها ووقوفها . ولهذا راینا ان الثورات فیما یسمى بالربیع العربی المزعوم تصل الى السلطة بصورة قیاسیة وسریعة بینما هی لا تتجذر ولا تکون متینة فی اعماقها بسبب ارتهانها للغیر ، وهی بعد فترة غیر طویلة تتلاشى وتغرق فی وحول الفوضى !! بینما لاحظنا ان الثورة الاسلامیة الایرانیة اخذت وقتها وواکبتها التضحیات والدماء وتجذرت فیها الاصول الثوریة والقواعد القیمیة وهذا هو سبب استمرارها !! فهی لانها لم تستند الى الغیر وانما الى تراثها الروحی والفکری الذاتی وامکانیاتها الذاتیة استمرت وستستمر !! النقطة السابعة: واخیرا : الوصیة : فقد اوصى هذا الامام العظیم بوصیة تعطی للثورة افاقا مستقبلیة مستحکمة لا تسمح للافکار الهجینة والالتقاطیة الالتفاف علیها ولا تأویلها بما یناسب رغباتهم !! فهی تعطی للولی الفقیه الساهر على الامة الحجة امام الخصوم فی حال قرروا الاحتجاج من جهة ؛ ولا تسمح للاعداء الالتفاف على الثورة باسم الثورة عبر ازلامهم ان توفر وجودهم فی الداخل !! وانا انصح بقراءة وصیة الامام قدس سره بتمعن !! هذا على صعید الخطوة الاولى ، اما على صعید الخطوة الثانیة فان المشهدیة الحضاریة فی الجمهوریة الاسلامیة فی ایران ستتراکم وتتراکب وتتضاعف بکل تاکید لعدة اسباب واسباب وعوامل وعوامل ، ومن اهمها اهتمام القیادة بالتطویر وباعطاء کل القفزات العلمیة والعمرانیة والسیاسیة والفنیة والقیمیة کل مدى یمکن ان اصل الیه ، ومنها ایضا ان المجتمع الایرانی مجتمع شاب یضج بالحیاة ولدیه ارادة قویة فی صناعة الحیاة ، ومنها ایضا ان الشعب الایرانی تأقلم مع اجواء الحصار وهذا دفعه للاعتقاد بانه شعب ریادی ینبغی ان یکون واحده بالف وازید ، وهذا بحد نفسه یشکل تیارا فی مواجهة الاعداء خارجیا وبناء الذات داخلیا ، ومنها ان الخطوة الاولى بکل جهودها وتجاربها وانجازاتها اسست الارضیة القویة لانطلاقة تصاعدیة تجعل من الجهود المضاعفة قبل جهودا مضاعفة اکثر لما هو بعد . | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 494 تنزیل PDF: 193 |
||||