{الشباب وتهیئة الأرضیة للسلوکیات الأخلاقیة والمعنویة} | ||||
PDF (641 K) | ||||
![]() | ||||
الدکتورة رولا الصیداوی أستاذة جامعیة فی سوریة یعیش عالمنا فی هذه الأیام معترکاً حاسماً یخوض جولاته العاملون الکادحون الذین یتطلعون إلى غد مشرق وکلما ازداد الجبروت وطغیان الطاغوت ازدادت الجماعة المؤمنة ثقة بربها وقضیتها وهی ترتقی سلالم الزمن صعوداً على هامة التاریخ واعتلاء للظروف القاهرة وفی هذا الخضم العسیر یأتی الفکر الوضاح والملهم للإمام الخمینی الراحل(قدس الله روحه) لیفتح آفاقاً رحبة أمام کل مفکرینا وعلمائنا وشبابنا لیحلوا ما یعتری طریق الأمة من مشاکل أیدیولوجیة وفکریة بالاعتماد على النفس أولاً واستثمار طاقات الشباب ثانیاً إضافة إلى العوامل الأخرى المؤثرة . ولیؤسسوا جیلا متکاملا یشع بنوره على العالم أجمع.ومن أجل أن یؤدی الشباب دورهم على أحسن وجه لابد من بنائهم منذ نعومة أظفارهم على القیم والمبادئ الإسلامیة و تهیئة الأرضیة المناسبة لاکتساب السلوکیات الجیدة والأخلاق الحمیدة و تدریبهم على أداء الأمانة . الأمانة فی الحفاظ على أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ضد طواغیت الحیاة والأمانة فی المبادرة إلى أعمالهم وتحمل مسؤولیاتهم والتعاون فیما بینهم. وإننا نعتقد جازمین بأن شبابنا بدؤوا مرحلة جدیدة بالاتکال على الله والاعتماد على عزم وإرادة المخلصین من کل أرجاء المعمورة. ولکی یصلوا فی مجتمعنا الإنسانی إلى مرحلة ،لم یکونوا جشعین ولاتوجد فیهم العصبیة المذهبیة لیعیشوا وبصورة أخویة بوحدة تامة یجب علینا تفهم فکرهم لأنه یعتبر من أهم المسائل لمستقبل الثورة الإسلامیة، وهو یعنی الاعتماد الکلی علیهم بأصالتهم وذلک بفسح المجال لهم فی مجالات العمل وإعطائهم الدور الاقتصادی والسیاسی لیسعوا أکثر ویحصنوا مستقبل الثورة بحصن متین کالبنیان المرصوص حتى کادوا أن یصلوا إلى مرحلة من التضامن إلى مقدار الأخوة التی عبر عنها الإمام موسى بن جعفر (علیهما السلام)؛سأل الإمام من رجل: بکم هو مقدار الأخوة الإسلامیة فیما بینکم ؟فأجاب الرجل :على أفضل ما یکون . فقال الإمام :هل وصل إلى درجة ،أن أحدکم یأتی إلى متجر أخیه ویأخذ من صندوقه ما یحتاج إلیه ،ویحس صاحب المال بالراحة ؟قال: لا. فقال الإمام فإذن کیف قلت :إنه على أفضل ما یکون، إن الأخوة تکون فی أعلى درجتها ،إذا کان جیب أحدکم لأخیه کجیبه الثانی لنفسه،وهکذا بالعکس(١) فیجب أن یکون الاشتراک فی الحیاة المادیة بین الأخوة ناشئاً عن الاشتراک الروحی ویجب أن تتحد الأرواح أولاً ثم الجیوب لا أن تکون الأرواح مشتتة ،وتوحید الجیوب غصباً، وبهذه الحالة نضمن دورهم فی الحفاظ على مستقبل الثورة الإسلامیة ونضمن وقوفهم ضد أی مستکبر کائناً من کان . ولا یخفى علینا أن شبابنا الیوم یعی ما یرید و یرفض بالإجماع کل الأطروحات التی تکبل فکره الحر النظیف ویحارب کل أشکال الانحراف والفساد بحماسه الثوری المتصاعد معتمداً على توفیق الله وعونه وعلى وعی القیادة الحکیمة للإمام القائد دام ظله الشریف وتشخیصها للمرض. ولایتم الثبات فی هذا الطریق إلا إن حافظت النفس على تهذیبها وارتقائها نحو الکمال عبر تعمیق الإیمان من خلال التوعیة الأخلاقیة والثقافیة فهی سنة إلهیة صرح بها القرآن الکریم فقال: (إن الله لا یغیر ما بقوم حتى یغیروا ما بأنفسهم)(٢) والتغییر النفسی إنما یتم إذا توافرت العناصر التربویة الضروریة وفی طلیعتها الأخلاق، الوعی، الإخلاص، والعمل وفق المعتقد.للحفاظ على الجیل الإسلامی الواعی المضحی من خلال التعلم الصحیح والقضاء على وسائل الانحراف . وإن أشرنا إلى الشاب المؤمن ندرک مدى تزکیته لنفسه وقیمة شخصیته کإنسان مؤثر فی المسیرة الاجتماعیة تمام التأثیر دون أن یتحول إلى ألعوبة بید الآخرین. فهو یتحمل على عاتقه أعباء دوام الثورة العظیمة التی کان لها الدور الأکبر فی دفع عملیة التربیة وتنقیة الأجواء والمساهمة فی الأعمال الکبرى ودعم الحکومة الإسلامیة وإطفاء نار المنافقین لیروا أن هذه الخصوصیات للثورة المبارکة تعبر عن قدرة إعجازیة إلهیة ولطف الله الخفی ورحمته بالأمة الإسلامیة جمیعاً. وهذا ما أکد علیه سماحة الإمام القائد الخامنئی (دام ظله الشریف) فی خطابه الموجه للشباب (الخطوة الثانیة للثورة الإسلامیة) فی تاریخ الثالث عشر من شهر شباط من عام ألفین وتسعة عشر : (إنّ السنوات والعقود المقبلة هی عقودکم، وأنتم من یجب أن تحموا ثورتکم بخبراتکم واندفاعکم وتُقرّبوها مهما أمکن من هدفها الکبیر ألا وهو إیجاد الحضارة الإسلامیة الحدیثة والاستعداد لبزوغ شمس الولیّ الأعظم (أرواحنا فداه). ولکی نخطو خطوات راسخة فی المستقبل، علینا معرفة الماضی بشکل صحیح واستلهام الدروس والعبر من التجارب.)(٣). لقد عُرفت الثورة الإسلامیة بأنها ثورة جماهیریة ،اشترک فی تفجیرها جمیع فئات الشعوب. لأنها ثورة إسلامیة ظافرة لم تختص بإیران فحسب ،بل کانت ثورة المسلمین والمستضعفین فی کل مکان تتعلق بالإنسانیة عموماً، لذا فإن الاحتفاء سنویاً بذکرى انتصارها ودراسة أبعادها وآثارها ، وأخذ العبر والدروس منها .والشعور بالمسؤولیة الکبیرة تجاهها والعمل فی سبیل الحفاظ علیها وصیانتها من الأخطار والدفاع عن مبادئها والسعی لتحقیق أهدافها لا یختص کذلک بالجمهوریة الإیرانیة وأبنائها بل لکل المسلمین، لأن حادثة انتصار الثورة المبارکة فی إیران فی الحادی عشر من شباط عام ١٩٧٩ جسدت عظمة الإسلام بأسمى صورها، حیث انتصر الإسلام على الکفر، والحق على الباطل، والمستضعفون على المستکبرین ، وأقیمت حکومة المستضعفین وهبت نسائم الإسلام المحمدی الأصیل ، ومنها فاح عطرها إلى أنحاء العالم، واستتبت حاکمیة القرآن والحکومة الإسلامیة فی عصر وصف زوراً بأنه عصر القوى العظمى والقوى الشیطانیة المستکبرة، وقرئ بیان الموت النهائی والفناء الأبدی للقوى العظمى على مآذن العالم الإسلامی . وهکذا فإن هذه الحرکة الإلهیة کانت موفقة للشعوب المسلمة کافة لأنها ذات خصوصیات تعبر عن قدرة إعجازیة إلهیة ولطف الله الخفی ورحمته بالأمة الإسلامیة جمعاء. وأخیراً ولیس آخراً لا نستطیع وصف شعورنا الممزوج بیقین وثقة أن الثورة الإسلامیة قد أعطت الکثیر بالرغم من عمرها القصیر فقد استطاعت أن توصل الإسلام والمبادئ الأخلاقیة والمعنویة فیه إلى کل مکان فی العالم وذلک من خلال التقدم فی مجالات متعددة فی العمل من خلال الروح الإسلامیة الجدیدة التی خلفتها فی نفوس جیل الشباب المسلم المعاصر ولازلنا بانتظار جدیدها کل یوم بفکر شبابنا حماة هذه الثورة المؤیدة بنصر من الله تعالى . وبکلمة... أنا على ثقة أن هناک الکثیر من الأدباء والمفکرین العظماء خطوا أجمل الکلمات لوصف عظمة هذه المناسبة وأعلم أننی لا أستطیع منافستهم بحروفی القلیلة ولکننی على یقین أننی کتبت کل کلمة بشوق ودمع ولهفة المشتاق لرؤیة قائدی وسیدی الإمام الخامنئی (دام ظله الشریف) ولمبارکته لی بقراءة کلماتی البسیطة هذه عسى أن تشفع لی یوم لا ینفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سلیم. وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین. ١-الکافی ج٢ ٢-الرعد ١١ ٣-مقتطف من خطاب القائد الخامنئی دام ظله الخطوة الثانیة للثورة الإسلامیة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 398 تنزیل PDF: 188 |
||||