الامام الخمینی الموسوی وعجل بنی اسرائیل | ||||
PDF (1169 K) | ||||
الدکتور حسان الزین باحث اسلامی من البرازیل لقد مرت على التاریخ البشری مئات الثورات والانقلابات والتغیرات الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة وتمکنت انظمة کثیرة من الحکم على مساحات تتضیق احیانا وتتسع حینا آخر فکانت الامبراطوریات الرومانیة والعثمانیة والاوروبیة والامریکیة وکان حکام الهند والصین وما بلاد النهرین وکانت امبراطوریة فارس وکانت الامبراطوریة الامویة والعباسیة وکان المغول والتتر وکان کسرى وقیصر وکان ما نعلم وما لاتعلمون فالشعوب عندما تنوء بالظلم ویتحکم فیها الطغاة ویستبیح أعراضها فراعنة الارض تخرج عن بکرة الیها مطالبة بحقوقها جادة لتحقیق اهدافها فالتاریخ ماضیه وحاضره ومستقبله حافل بالامثلة الواضحة على الثورات ولعل قصة نبی الله موسى خیر دلیل على الثورة الکبرى على فرعون حیث شغلت ثلث القرآن حسب بعض المصادر مع التاریخ الیهودی وسیرتهم التی فیها الکثیر من العجائب والغرائب والاحداث والعبر ……فعندما استحکم فرعون وهامان فی استعباد العباد واستحیاء النساء وقتل الاطفال وظلم العامة والخاصة ، بعث الله الیهم موسى ثائرا منتفضا على واقعه مصمما على تأدیة واجبه مستمرا لتحقیق اهدافه و فی سبیل دعوته ولعل اذا اردنا ان ندرس ظاهرة الثورة الاسلامیة فی ایران من منطلق القواعد العامة والاسس الواضحة التی اتبعها موسى علیه السلام فنجد ان هناک الکثیر من المتشابهات بینها والمنطلقات المشترکة مع اختلاف واضح بأن الشعب الایرانی کان ایجابیا متجاوبا مع قائده العظیم الامام الخمینی قدس سره کان هذا الشعب ملبیا لدعوة مؤسس الثورة مستمعا الیه مصغیا لتعالیمه متناغما مع فکره مضحیا بالقلیل والکثیر من اجل اهداف الثورة بینما نرى قوم لم یتجاوب معه الا القلیل وما قاله اذهب انت وربک فقاتلا ، فهذا الجحود حتى بالبربوبیة.ملفتا جدا فالکاف تدل على أنهم امتازوا عن الجبهة الالهیة بینما نلاحظ مئات الالاف فی ایران کانوا یتقدمون الى الجهاد والثورة رغم کل المخاطر العظیمة . ولعل ما قاله الشهید العظیم السید محمد باقر الصدر حول أن حلم الانبیاء تحقق على ایدی الامام رضوان الله علیه وما انجزتها الثورة على ایدی هذا الشعب یوضح لنا عمق الفهم الذی کان یحمله الشهید الثالث رضوان الله علیه مما یملکه من خلفیة ثقافیة وفکریة ابداعیة قل نظیرها فی التاریخ فالسنن التاریخیة تلقی باثقالها على القائد والشعب والاهداف لتتحقق الامال والطموحات …فالاخلاص هی الصفة التی یمکن ان تعطى للشعب والقیادة اثناء الثورة وقبلها وبعدها فلولا الاخلاص لما تحقق الکثیر ،یقول الإمام علی علیه السلام فی میزان الحکمة (عند تحقق الاخلاص تستنیر البصائر ) فبصیرة الشعب والقیادة الحکیمة کانت عالیة واضحة مستنیرة لثمرات الاخلاص فی العمل ولله تؤدی الى وعی جمعی ووعی فردی فاذا نظرنا الى مؤسس الثورة الامام الخمینی. قدس سره وما کان یمتلک من اخلاص لله ولشعبه لعلمت بأن هکذا قیادات لا یمکن هزیمتها واذا استکمل الاخلاص فی امة بکاملة واصبح توجها عاما ومسلکا یومیا ومن ضمن الحیاة الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة والثقافیة واتقن القائد والشعب مهارات الاخلاص فقد توافقت عناصر الانتصار والنجاحات والفلاح وتحققت الامال ویروی عن امام المتقین علیه السلام (فی اخلاص النیات نجاح الامور ) وعنه علیه السلام (من اخلص النیات بلغ الآمال ) فقد بلغت الامال موعده وعلت النجاحات اصواتها وتمکن الشعب والامام الخمینی رضوان الله بایصال السفینة الى مرساها المیمون . فراعنة الخلق والشاه ….. لقد کان الشاه محمد رضا بهلوی یمثل مصداقا واضحا لمعنى فرعون الخلق ….ففی دعاء الامام زین العابدین اشارة جمیلة بأن هناک فراعنة الخلق انهم مجموعة من البشر تتخذ فرعون مثلها الاعلى فتسعى بشتى الوسائل لإن تتطبق تعالیمه وتجتهد بأن لا تحید عن مسلکه فیصبح الحاکم یملک عقل فرعون ونفسه وجسده مهووسین بانجازاتهم معجبین بکل افعاله لیغدو فرعون الاصل صغیرا امام فجورهم وظلمهم بل أنهم جمعوا تجربة فرعون وزادوا علیها من الفنون ما یعجز العقل عن وصفه وما تنوء به الحبال والحملة من اولى القوة و قد امعن ظلما بالشعب والنخب الثقافیة وباع مقدرات البلاد والعباد بأبخس الاثمان الى الغرب المستعمر رهینة فجعل الاقتصاد فی ید الشرکات البریطانیة والامریکیة وارسل النفط الى الکیان العبری متحالفا معه فی کل صغیرة وکبیرة فهذه وثائق السافاک ووکر التجسس فی السفارة الامریکیة فی طهران ونقلا عن المسئول الثانی فی بعثة الکیان المحتل تورجمن إذ یقول: ان العلمیات الإسرائیلیة فی إیران سریة فی الأغلب، وبینما ترغب إسرائیل بتوسیع نطاق علاقاتها بإیران، فإنها تأخذ بعین الاعتبار مکانة إیران فی الاعتراف بإسرائیل وکذلک الکثیر من الدول العربیة، ولا تصر کثیراً على إقامة العلاقات معها). وتؤکد على هذه العلاقة الوطیدة بین الشاه الفرعونی والعجل الیهودی فبقدر ما کانت هذه الروابط تظهر فی الکثیر من زیارات المسؤولین الصهاینة السریة منها والعلنیة بشکل ضئیل فقد اشار الامام الخمینی الى هذه الظاهرة بقوله فی عدة امکان فی خطاب المدرسة الفیضیة فی قم فی الستینات وکذلک فی العدید من خطبه على سبیل المثال لا الحصر حیث یقول : (وانتم تعرفون جیدا ان شاه ایران السابق کان مدججاً بالعتاد والسلاح، حیث عملت امریکا على ملء ایران بالسلاح والعتاد الحربی لأنها ارادت جعل ایران قاعدة عسکریة لها، وکان شاه ایران یمتلک کل شیء، ویحظى بدعم کل القوى العظمى، لکن الشعب الایرانی لم یکن یملک شیئا، بدءا من مدرسة الفیضیة، وعندما شاهد الشعب عدم وجود اختلاف، وحدوا صفوفهم وتضامنوا مع بعضهم البعض وحققوا الانتصار بقوة الایمان. فالشعب الایرانی الذی لم یکن یمتلک السلاح، تمکن من تحقیق النصر بقبضات حدیدیة واطلاق الصرخات بوجه العدو. فقد راح هذا الشعب یصرخ حتى تمکن من دحر عدو مدجج بالسلاح. ) فهذا التوصیف من قائد الثورة یدل على حجم التحدیات ویسیر الى قوة الارادة الصلبة والتصمیم العازم والحازم فکان لا بد من عقل نبی الله موسى علیه السلام وتجربته وتقنیاته ومهاراته، فقد حان موعد ظهور رجال یؤمنون بعقلیة وروحیة وغضب موسى …فموسى وهارون کانا تجربة تاریخیة لم یستفد بنو اسرائیل منها بل حاربوه باسم الاوهام وتعالیم السامریة والجدل على الالوان والاوصاف فکان الاخلاص فی العموم لدیهم یقارب الصفر فردیا واجتماعیا. و کان نبی الله موسى مخلصا عظیما قادرا مثابرا مجتهدا یصل لیله بنهاره یتفرغ للتأمل والعبادة والمناجات والبحث فی خلاص امته فاذ بهم یعبدون عجلا خوارا ویرفضون هارون ممثله الشرعی والوحید وکادوا ان یقتلوه ویؤکد الامام الخمینی على المقارنة بین موسى وفرعون من جهة وبین الظالم صدام حسین من جهة اخرى حیث یقول:( أتمنى لکم التوفیق فی مساعیکم لتحریر العراق واستقلاله، وادعوکم لترکیز جهودکم على تحریر العراق من تسلط العتاة. واناشدکم الحذوحذوالنبی موسى علیه السلام الذی قام بوجه فرعون بهدف احقاق الحق دون التفکیر بتسلم السلطة او الحکم، وانتم کذلک ینبغی ان تضعوا فی حساباتکم ان یکون مجلسکم مجلسا الهیا، لانه اذا حصل خلاف داخل صفوف مجلسکم فانکم ستهلکون، لکن اذا وحدتم کلمتکم وتضامنتم ستنتصرون بأجمعکم. وبما انکم تریدون القضاء على هذا الظلم واجتثاث جذوره من اجل الله، فان التوفیق سیکون حلیفکم ان شاء الله، وهذا التوفیق لن تبلغوه إلّا إذا تخلصتم من الخوف والقلق). فالامام یدعو الى أمر ٍ تأثر به واستفاد منه هی تجربة نبی الله موسى علیه السلام ومن جانب آخر فی بعض المقارنة بین شعب رسول الله موسى وشعب الامام الخمینی رضوان الله علیه ،فعندما نفی الامام الخمینی الى بلاد الله الواسعة بقی الشعب الایرانی وفیا مثابرا منفذ تعالیم امامه فی السراء والضراء بینما ما غاب موسى اربعین لیلة حتى تغیرت معالم الامة وانقلبت على عقبیه . فالاخلاص فی الحضور والغیاب والوفاء فی الحضور والنفی سمة یتسم بها الشعب الایرانی فی ثورته حیث قطب الامام الخمینی وفریق عمله یحاول جاهدا لقلب الموازین الفرعونیة ،فی حدیث الامام الخمینی کذلک مع المعارضة العراقیة یؤکد على ان فکرة الاخلاص تؤثر على الانتصارات قائلا:(لانه اذا کان عملکم خالصا لله وحده فان ذلک سیؤثر على انتصارکم. ) وبعد رحیل الامام الاکبر السید الخمینی قدس سره تولى زمام القیادة قائد مخلص ووفی وحکیم عاقل حیث یصف الاخلاص کیف هی صفة لقائده وصفة لمریدیه وصفة لاتباعه یقول السید القائد آیة الله السید علی الخامنئی حفظه الله : (وأنْ لا یعمل الإنسان من أجل هوى النفس، ولتحصیل المال والثروة، ونیل المنصب والسمعة وحکم التاریخ والدوافع النفسیّة، وإشباع صفة الحسد والطمع والحرص والزیادة، بل أنْ یؤدّی واجبه لله ولأداء الواجب محضاً، هذا هو معنى الإخلاص)،بهذا التعریف الجمیل یعرف الاخلاص بانه لیس لاهداف الوجاهة ولا لاجل الطموحات الشخصیة ولا لاجل المناصب الدنیویة …….ویصف مستکملا قائلا (وهکذا یتقدّم العمل. إنّ مثل هذا العمل کالسیف البتّار یُزیل کلّ الموانع عن طریقه، والإمام الخمینی کان مجهّزاً بهذا السلاح، حیث قالها عدّة مرّات: إنّی لن أغضّ الطرف عن أقرب المقرّبین إلیّ إذا خطوا خطوة خلافاً للحقّ، وهکذا کان حقّاً، وقد أظهر فی المواقع الحسّاسة أنّ المهمّ بالنسبة إلیه هو أداء الواجب، لقد أظهر ذلک فی العلن وفی الوحدة، وفی الأعمال الکبیرة والصغیرة، وأضحى فعله ذاک درساً لمریدیه وأبنائه وتلامذته، ممّا جعلهم یسطّرون المعاجز فی جبهات الحرب بهذا السلاح نفسه” وقد اجمل الامام القائد حرکة الشعب الایرانی ما قبل الثورة واکد على ان الفشل الاعداء کان بسبب اخلاص الشعب وهذه نقطة جوهریة مهمة یقولها بوضوح فهو یتقن الفهم السیاسی والاجتماعی العمیق والتحلیل الواضح للاحداث ولمجریاتها حیث یقول :”بلطف الله وبسبب جهاد الجماهیر وإیمانهم وإخلاصهم فقد فشلت جمیع الحسابات الدولیّة. هذا هو فعل الله، وإلاّ فمن الّذی قام بذلک؟ أنتم؟ وهل هناک من یُمکنه أنْ یدّعی أنّه قام بذلک؟ کلّا، لا أحد یُمکنه ذلک. إنّ الحرکة المخلصة والجهادیّة للجمیع هی الّتی فعلت ذلک. کما أنّ انتصار الثورة الإسلامیّة لیس لأحدٍ ما أنْ ینسبه لنفسه. والإمام الخمینی بعظمته وبشخصیّته وقیادته الّتی لا تُجاریها أیّة قیادة معاصرة فی العالَم، وله کلُّ الحقّ فی أعناقنا، لکنّه لم ینسب النصر لنفسه أبداً. وإذا دقّقنا فی الأمر لوجدنا أنّ الأمر کذلک، لأنّه کان یُشکِّل فی الحقیقة وسیلة إلهیّة للناس. فحرکة الناس العظیمة والإخلاص والتضحیات أدّت إلى الانتصار هنا...) فهو یتکلم عن الحرکة المخلصة والجهادیة للجمیع فمفهوم ان یکون الاخلاص حرکة اجتماعیة وسیاسیة متقدمة ومتطورة هذا بحاجة الى الجمیع الى مجتمع وعناصر متعددة من جمیع المستویات وعلى جمیع الصعد لیتحقق الهدف الاساسی . استکمالا للمقارنة بین الحدثین المهمین الاول ما قام به نبی الله موسى وهارون من جهة وبین فرعون وهامان والشعب الیهودی من جهة أخرى . فالشعب الایرانی فی ثورته الان بعدما ابدع فی اخلاصه وعمله فهو المتقدم والمتألق فی مواجهة الکیان العبری .فلنترک کل احداث التاریخ والسبی الاول والثانی لبنی اسرائیل فدعونا نکرز على ثقافتین ثقافة وفکر محمدی موسوی ابراهیم حنیفا مسلما وما کان من المشرکین یحاول طرح العدالة الاجتماعیة والانسانیة یجتهد لیکون قیمة الانسان فی خدمة الانسان یخرج من جعبتها لألاء الافکار وجواهر الاخلاق وعظیم الرأفة والرحمة والتعاون وعدم الاعتداء والامن ،..ومن ناحیة أخرى کیان عبری قائم على الظلم والقهر والقتل والتشرید بین مجتمع یشوه سمعة الله العلیم وکیان یسیء الى الانبیاء وموسى وابراهیم ویعقوب والاسباط .وکأن ایات الله تصفهم وصفا دقیقا قالوا کونوا هودا او نصارى تهتدوا هم یدعون الى دیانة جدیدة دیانة الذات والهة الهوى یعلنون دبمقراطیاتهم القاتلة للشعوب الناهبة للثروات والمصادر الطبیعیة والمادیة والمعنویة … ان ما یطرحه الشعب الایرانی بقیادة السید علی الخامنیء وعلى لسانه بالتحدید فکرا وقولا وعملا على مستوى بناء حضارة وثقافة ومجتمع ودولة مؤمنة تعتمد خدمة الانسان والعدالة الاجتماعیة هدفا لها فهذا المشروع اکبر من دولة واعظم من جغرافیا فهو مشروع عالمی یقف امام مشروع اسرائیل الکبرى والامبراطوریة الابراهیمیة المزعومة. لذلک أن التحدی لکبیر والاهداف عظیمة والثقة بالله اکبر من کل شیء والامل به والرغبة عنده یحطم کل الصخور والمعوقات والمؤمرات بالوحدة والاخلاص ینتصر الانسان المؤمن وینتصر المجتمع المؤمن .. ان مشروع السید علی الخامنیء الحضاری یمثل طموح المفکرین والمثقفین والمؤمنین والمستضعفین فی خضم حضارات وثقافات خالیة من اهم عنصر الا وهو التقوى والاخلاص .فالتقوى هی عامل اساسی فی بناء ای فرد وای مجتمع وای دولة وای حضارة فحضارة التقوى وثقافة التقوى ودولة التقوى ومجتمع التقوى هم النموذج الامثل لبناء نظام عالمی آمن من الاخطار على جمیع المستویات. ان ما یطرحه الشعب الایرانی بقیادة السید علی الخامنیء وعلى لسانه بالتحدید فکرا وقولا وعملا على مستوى بناء حضارة وثقافة ومجتمع ودولة مؤمنة تعتمد خدمة الانسان والعدالة الاجتماعیة هدفا لها فهذا المشروع اکبر من دولة واعظم من جغرافیا فهو مشروع عالمی یقف امام مشروع اسرائیل الکبرى والامبراطوریة الابراهیمیة المزعومة. | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 540 تنزیل PDF: 144 |
||||