الإمام الخمینی ما زال - وسیبقى - حاضراً بقوَّة بجهاده وفکره ومنهجه وإنجازاته | ||||
PDF (967 K) | ||||
![]() | ||||
بمناسبة الذکرى السنویة الثالثة والثلاثین لرحیل الإمام الخمینی(رض) الإمام الخمینی ما زال - وسیبقى - حاضراً بقوَّة بجهاده وفکره ومنهجه وإنجازاته محمد اسدی موحد ( باحث و أستاذ جامعة ) تحل علینا هذه الأیام الذکرى السنویة الثالثة والثلاثین لرحیل زعیم الامة الاسلامیة الامام السید روح الله الموسوی الخمینی (رضوان الله تعالى علیه).. القائد الذی صنع معجزة العصر باقامة الحکومة الاسلامیة فی ایران فی ١١ شباط ١٩٧٩ فدخل بذلک التاریخ من اوسع ابوابه. فالأمام رضوان الله علیه یعتبر من الشخصیات المهمة التی برزت فی مسیرة البشریّة الممتدّة إلى حقب وقرون طویلة، والتی کان لها دور کبیر فی إحداث تحولات کبرى وصنع وقائع ساهمت فی تغییر مسار التاریخ عند مراحل ومحطات مفصلیة شاخصة. ولا شکّ فی أنّ مفجّر الثورة الإسلامیة فی إیران وقائدها الإمام الخمینی (قدس سره الشریف)، یعدّ واحداً من أبرز الشخصیات التی أسهمت فی إیجاد نهضة إنسانیة عالمیة فی التاریخ المعاصر، عبر حرکة جهادیة امتدّت إلى ما یقارب ٦ أو ٧ عقود من الزمن. وقد تمیَّزت شخصیة الإمام الخمینی بالقدرة على القیادة بحکمة، ضمن المنهج الإسلامی، دون فرض الإسلام، أو تحقیر غیر المسلم. کما أن سیاساته العملیة، وإنجازاته کافة، لم تقف عند حدود الزمن الذی عاش فیه . بل تعدَّت ذلک للعصور الحالیة واللاحقة. وهو الأمر الذی جعل فکره، یستمر مع الزمن. فیما شکلت شخصیته التی تمیزت بالصفات القیادیة الإسلامیة، نموذجاً للحکام والمسؤولین. کما أن إنجازاته ما تزال مستمرة تنبض حتى یومنا هذا؟ فلم یکن الإمام الراحل مجرَّد زعیم سیاسیّ هدفه الوصول إلى السّلطة والحکم، بقدر ما کان مصلحاً عالمیاً کبیراً، قاد مشروعاً شاملاً للتغییر والإصلاح. وما زال هذا المشروع متواصلاً، رغم مرور أکثر من ٣ عقود على رحیل قائده. وکان العنوان الأبرز والأوضح لمشروع الإمام الخمینی الإصلاحی هو الثورة الإسلامیة. إنَّ المتابع أو الباحث لا یمکنه أن یقف على حقائق الثورة الإیرانیة ویشخّصها بدقّة ما لم یتوقّف عند الخطاب المتعدّد الأبعاد والجوانب الَّذی تبنّاه الإمام الخمینی منذ الانطلاقة الحقیقیة لحرکته الشاملة باتجاه التغییر فی العام ١٩٦٣ وحتى وفاته فی العام ١٩٨٩؛ ذلک الخطاب الَّذی شکَّل ثوابت النظام السیاسی الإسلامی فی إیران ومبادئه، والإطار العام لمنهج محور أو جبهة المقاومة، وهو ما یعنی أنه لا یمکن بأیّ حال الفصل بین الثورة وظروف انتصارها والتحدیات التی واجهتها فی شتى مراحلها، وأن الإمام الخمینی کقائد ومرجع وصانع حدث تاریخی کبیر، لم یتوقَّف دوره وحضوره وتأثیره حتى بعد رحیله. وفی الواقع ان الإمام الراحل قد أرسى أسس النظام الإسلامی ودعائمه ومرتکزاته وفق رؤیة عمیقة وصائبة ودقیقة. لذا، من الطبیعی أن تکون ذکرى غیابه بمثابة فرصة ومناسبة للتشدید على ثوابت الثورة والنظام والدولة ومبادئها، وهو ما یبدو واضحاً وجلیاً إلى حدّ کبیر فی مختلف أحداث المشهد الإیرانی العام ووقائعه وتفاعلاته، ولا سیّما تلک المتعلّقة بترسیخ نظام الجمهوریّة الإسلامیّة وتکریسه. فقد کان دور الإمام الخمینی من خلال القیام بالثورة الإسلامیة، دوراً بارزاً فی تقدیم نموذج الإسلام الحقیقی، إدراکاً منه بأن الإسلام وتعالیمه الجامعة، یُشکل العقبة الأکبر فی طریق استمرار القوى الکبرى الاستکباریّة فی العالم، والهیمنة على مصالح الشعوب والأمم. وبالتالی فقد استطاع الإمام، إحیاء الإسلام الصحیح، وهو الأمر الذی شکل ضربة قویّة لمخطّطات الإستعمار والإستکبار. من هنا یعتبر موضوع بروز الأمة الإسلامیة من جدید على الساحة العالمیة، هو من أهم ما حققته سیاسات الإمام الخمینی. فالأمر لم یکتفِ فقط فی تحقیق انتصار الثورة الإسلامیة. بل تعدى ذلک لمسألة جعل الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، قوةً عالمیة یحسب لها الف حساب . بصورة عامة شکل الإمام نموذجاً للقائد القادر على ربط الماضی بالحاضر والمستقبل. وکان رجلا إستراتیجیا کما یصطلح الغرب. حیث أنه أسس لما لم یفهمه أحدٌ حینها، خصوصاً عندما انتصرت الثورة وأصبحت القدس هدف الأمة الإسلامیة.إلى جانب ذلک، إنَّ شمولیَّة شخصیّة الإمام الخمینی وعالمیّتها جعلته دائم التأثیر والحضور فی المشهد العالمی، بأبعاده السیاسیة والفکریة والثقافیة والإنسانیة، کما جعلته ملهماً للکثیرین، حتى أتباع الدیانات الأخرى غیر الإسلامیة وأصحاب الأفکار والنظریات والآراء البعیدة عن الفکر الإسلامی. أما الیوم، فإن العالم بأسره بدأ یُدرَّس فکر الإمام الخمینی کفکر إستراتیجیٍ یصلح لکل زمن. وهنا یمکننا وبموضوعیة القول، بأن إنجازات الإمام الخمینی من انتصار الثورة الى ترسیخ أهمیة الوحدة الإسلامیة فجعل القدس قبلة المسلمین، کلها تُعد أسباباً لإنجازات الشعوب المستضعفة فی العالم، أو ما تُسمیّه السیاسة الدولیة محور المقاومة والممانعة. لنصل الى حقیقةٍ مفادها، بأن الإمام الخمینی (قدسره) هو شخصیةٌ خالدة بإنجازاتها التی تتخطى حدود الزمن وتصلح لکل زمن. من هنا سیضل الإمام الخمینی شخصیة رائدة فی السیاسة والفکر والعرفان ، فی القیادة والتطبیق العملی للفکر ، فی النظریة وکیفیة التطبیق ، فلقد عاش مجاهدا طوال عمره من أجل الکلمة ، ومن أجل العدل وضد التکبر والظلم والاستعلاء والاستکبار ، فکانت حیاته سلسة مستمرة من العمل من أجل تطبیق أسس الثورة ضد الشاه وأعوانه من المستکبرین والصهیونیین ، وقد نجح فی ذلک کثیرا رغم کل الصعوبات والحروب التی شنها الأعداء علیه من القوى العالمیة والإقلیمیة ، فکانت ومازالت أفکاره صالحة حیة ینظر إلیها الأصدقاء بالزهو ، والأعداء بالحسد . ان عظمة الإمام الخمینی طبعا لم تتجلَّ فی أدواره ومواقفه السیاسیة والجهادیة فحسب، وإنما تجلَّت أیضاً من خلال مکانته الفکریة التی ترجمتها عشرات المؤلّفات القیمة فی مختلف الجوانب الدینیة والفکریة والثقافیة والسیاسیة، والتی جعلته دائم الحضور حتى بعد رحیله فی مختلف میادین العلم والمعرفة، إذ یضمّ أرشیف مؤسَّسة تنظیم ونشر تراث الإمام الخمینی فی الوقت الحاضر ١١٢٦ خطاباً للإمام، و٤٧٠ حکماً، و٣٦٧ رسالة موجّهة إلى شخصیات سیاسیة ودینیة أجنبیة، و٤٢٠ رسالة موجّهة إلى شخصیات إیرانیة، و٣٥٠ بیاناً. کما أنَّ المجموعة المؤلّفة من ٢٢ جزءاً تحت عنوان “صحیفة النور”، یُضافُ إلیها کتاب “مفتاح الصحیفة” - وهو فهرس لأجزائها الاثنین والعشرین – هی المجموعة الشاملة التی صدرت حتى الآن، والتی تضمّ أحادیث الإمام الخمینی وبیاناته وأحکامه ورسائله. بعد ٣٣ عاماً على الرحیل، یستشعر المرء أنَّ الإمام الخمینی ما زال - وسیبقى - حاضراً بقوَّة بجهاده وفکره ومنهجه وبساطته وحجم الإنجازات التی تحقَّقت على یدیه، وهو ما یؤکّده الواقع. کما أنّ قوة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة والنهضة الإسلامیة العالمیة ومکانتها من أبرز المصادیق على الحضور الدائم والتأثیر المتواصل للإمام الراحل.
بقلم رئیس التحریر محمد اسدی موحد | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 396 تنزیل PDF: 100 |
||||