روح الله.. وعودة الأمة إلى روح الإسلام | ||||
PDF (801 K) | ||||
![]() | ||||
علی الازیرجاوی * ( قراءة فی الذکرى الثالثة والثلاثین لرحیل مفجّر الثورة الإسلامیة روح الله الخمینی “ رضوان الله علیه “ ) رزحت الشعوب المسلمة تحت نیر الدکتاتوریات الظالمة العمیلة للمستعمر الذی شکلها وفق قانون الغاب، الغالب والمغلوب ناهبی العالم، والهیمنة على المناطق بحسب ثرواتها. فی المقابل وتبعاً للظروف المحیطة کنتیجة طبیعیة حتمیة کانت هناک حرکات تحرریة متنوعة تبع أیدیولوجیاتها المختلفة، لکنها جمیعاً تمثل أفکاراً وضعیة مبنیة على خلجات نفسیة أو ردات فعل سیاسیة کانت أم إقتصادیة أو إجتماعیة تستقی أفکارها من تجارب عالمیة معروفة؛ ومن بین تلک الحرکات الاجتماعیة برزت الحرکة الإسلامیة المعاصرة التی تبلورت تحت ظل القیادة الدینیة النابعة من أصالة الإسلام وحرکیته ومحوریته، مستندة على التشریعات السماویة فی القرآن الکریم وسیرة سید المرسلین وأهل بیته الطاهرین “ صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین “. ومن أهم الحرکات التی حققت أهدافها وشغلت حیزاً مهماً فی الوسط الإسلامی والإنسانی بشکل عام هی الثورة الإسلامیة فی إیران وقائدها الفذ السید الإمام روح الله الخمینی الذی تمر علینا الیوم الذکرى السنویة لرحیله “ قدس سره الشریف “، وهی فرصة نتوقف عندها لننهل من هذا السفر العظیم ما یغذی مسیرتنا ودیمومة الحرکة فی هذه الظروف الاستثنائیة: أولاً. الدافع الذی تحرک به السید الإمام الخمینی “ رض “ لبدء کفاحه ضد النظام البهلوی ینقسم إلى بعدین متلازمین رئسیین هما: البعد الإنسانی والبعد الإسلامی. البعد الإنسانی یمثل مظلومیة الإنسان ورفع شعار نصرة وتمکین المستضعفین فی الأرض من منطلق الآیة الکریمة ﴿وَنُریدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذینَ استُضعِفوا فِی الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثینَ﴾ [القصص: ٥] إن تحریک الشارع من قبل الفقیه الجامع لشرائط القیادة وتفجیر ثورة قوامها الشعب بکل فئاته وبالخصوص المظلومین منهم والمستضعفین، کان لها الدافع الکبیر للثبات والصبر وتحقیق الانتصار على الدکتاتوریة ورفع الظلم عن الناس. أما البعد الإسلامی للثورة، فانه یؤطر الحرکة الشعبیة بأطر أخلاقیة فاضلة؛ فلا یمکن القیام بثورة إصلاحیة شاملة دون مبادئ سامیة، مهما کانت شعاراتها رنانة، ولا یوجد أسمى وأرقى من المبادئ الإسلامیة التی تحفظ کرامة الإنسان وتحقیق العدالة الاجتماعیة من خلال إعتمادها على القوانین الإلهیة فی الشریعة السمحاء التی هدفها إسعاد الناس جمیعاً دون استثناء. ثانیاً. استنادًا للبعدین أعلاه کانت الثورة الإسلامیة منذ إنطلاقها فی ستینیات القرن الماضی تولی القضیة الفلسطینیة الحیز المهم والموقع المتقدم فی خطابات قائدها الملهم السید الخمینی “ رضوان الله علیه “ وذلک نابع من التلازم مابین نهضة الأمة ضد الطغیان وتفاعلها مع مظلومیة الشعوب ومنها الشعب الفلسطینی ونضاله المستمر لتحریر أرضه، التی کانت تمثل محوریة الصراع بین الخیر والشر، بین مظلومیة الشعوب وغطرسة المحتل وتوابعه من الأنظمة الشطرنجیة الجاثمة على صدر الأمة ومن هذه الأنظمة هو نظام الشاه الذی کان موالیاً للغرب والکیان الصهیونی على حساب الشعب الایرانی المظلوم؛ فترکزت خطابات السید الإمام فی مجابهة الطغاة ونصرة المظلومین فی کل مکان ومنها فلسطین حیث قال فی إحدى خطبه ( نحن مع المظلوم، أینما کان، والفلسطینیون مظلومون، ظلمهم الإسرائیلیون، لذا نحن نؤیدهم )(١). وهذا الوقوف والموقف من القضیة الفلسطینیة لم یتأثر برحیل القائد ولم یتقهقر بإختلاف الظروف ومیل أغلب الدول مع الکیان الغاصب وعقد الصفقات المهینة والتطبیع المذل، بل زاد الجمهوریة ثبوتاً وعزماً فی مواصلة المسیر وتطویر وسائل المواجهة وتدعیم خط المقاومة الفلسطینیة فی الدفاع ومواصلة الکفاح، وذلک بفضل حنکة القائد السید الخامنئی فی مواصلة الدرب حینما حدد المنهج الحکومی فی مواصلة خط الإمام الراحل نستل منها ( مسألة الصراع مع الصهاینة من الأصول التی لا یجوز غض النظر عنها من قبل الشعوب الإسلامیة بأی وجه، وذلک لأن الإمام العظیم قد شخّص بدقة الدور المخرِّب والهدّام لهذا الکیان المفروض لسنوات قبل الثورة ) ثالثاً. یعتبر السید الإمام الخمینی “ رضوان الله علیه “ من أکثر الشخصیات تاثیراً فی العالم المعاصر وذلک لأنه أسس لمنطلق جدید بنکهة إسلامیة فی هذه البقعة من العالم استطاع أن یکسر محاور الشرق والغرب التی کانت تتبنى الهیمنة الاستعماریة واستعباد الشعوب بالقوة والاقتصاد والنفوذ السیاسی من دون أن یعبأ (بالغرب المحتال والشرق المعتدی )، فقد استطاعت الثورة الإسلامیة أن تؤسس محوراً خاصاً یمتلک مبادئ وأسس تختلف عن براغماتیة المحاور الاستعماریة التی تتصارع على نهب خیرات الشعوب؛ لذلک کان تأثیر الثورة الإسلامیة بقیادة السید روح الله الخمینی واضحة الأثر على الشعوب والحکومات والمحاور، ورسمت لها خطاً مؤثراً إلى الیوم، فإننا نرى أغلب الحرکات التحرریة التی تأسست فیما بعد هی متأثرة بهذا الفکر الوقاد ومعارضة للمعسکرات الظالمة. رابعاً. تعرّض الإسلام العزیز إلى طعنات کثیرة خارجیة وداخلیة، وذلک بتدخل الدول الاستعماریة فکریاً وثقافیاً بل حتى عقائدیاً وسیطرتها على بعض الشخصیات المؤثرة فی العالم الإسلامی، وهیمنة الغرب على الحکومات الإسلامیة وتوجیهها وفق مخططاتها الرامیة لحرف طریق الإسلام الأصیل عن جادته، ومحاولة تأسیس أطر جدیدة داخل الکیان الإسلامی تتماشى مع السیاسة الغربیة والامریکیة على وجه الخصوص، وهذا ما أسماه السید الخمینی بالإسلام الامریکی، الذی أنتج المتحجرین والتکفیریین الارهابیین من أمثال القاعدة وداعش، والمتطرفین المنتشرین داخل المذاهب الإسلامیة، غایتهم حرف الدین وتشویه صورته الناصعة من حیث یعلمون أو لا یعلمون؛ لذلک دعى السید الإمام إلى عودة الأمة إلى روح الإسلام المحمدی الأصیل بتعالیمه السمحاء وقیادته الدینیة الحقیقیة؛ وهذا عین ما تحتاجه الأمة الإسلامیة الیوم للنهوض من واقعها المؤلم، وهو ما یعمل على تجسیده السید الخامنئی قائد الثورة الإسلامیة عملیاً، وما یتبناه المرجع الیعقوبی لتجاوز الأزمات فی العراق وباقی البلدان، بالعودة إلى الله تعالى وتعالیم دینه الحنیف من خلال تشخیص القیادة الحقیقیة وتمکین السلطان العادل وهم ( الفقهاء الجامعین لشرائط ولایة أمر الأمة المشمولین بأدلة النیابة العامة فی زمان الغیبة )(٤)، وهذا هو جوهر الحل الذی یحتاجه العراق الذی یعانی من تشرذم وتفرق وتصدی غیر المؤهلین؛ لذلک تمثل تجربة السید روح الله التی عمّت برکاتها إیران وغیرها حافزاً لتصدر الشریعة الإسلامیة السمحاء جمیع القوانین الوضعیة تحت قیادة مرجعیة رسالیة حرکیة تنهض بالأمة وتحقق دولة الإنسان الکریمة. ( یَرفَعِ اللَّهُ الَّذینَ آمَنوا مِنکُم وَالَّذینَ أوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ خَبیرٌ) [المجادلة: ١١] والحمد لله رب العالمین. (١) الإمام الخمینی الأصالة والتجدید للشیخ نعیم قاسم، ص٣٤٦ نقلاً عن ( القضیة الفلسطینیة فی أحادیث الإمام الخمینی ص١٤٢. * کاتب عراقی یعتبر السید الإمام الخمینی “ رضوان الله علیه “ من أکثر الشخصیات تاثیراً فی العالم المعاصر وذلک لأنه أسس لمنطلق جدید بنکهة إسلامیة فی هذه البقعة من العالم استطاع أن یکسر محاور الشرق والغرب التی کانت تتبنى الهیمنة الاستعماریة واستعباد الشعوب بالقوة والاقتصاد والنفوذ السیاسی من دون أن یعبأ (بالغرب المحتال والشرق المعتدی )، من أهم الحرکات التی حققت أهدافها وشغلت حیزاً مهماً فی الوسط الإسلامی والإنسانی بشکل عام هی الثورة الإسلامیة فی إیران وقائدها الفذ السید الإمام روح الله الخمینی الذی تمر علینا الیوم الذکرى السنویة لرحیله “ قدس سره الشریف “، | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 278 تنزیل PDF: 97 |
||||