منهجیة التفکیر القیادیة عند الامام الخمینی قدس سره فی بدایة الحرب المقدسة | ||||
PDF (919 K) | ||||
![]() | ||||
بقلم الدکتور حسا ن الزین-البرزیل دخلت ایران التاریخ الحدیث من بابه الواسع فأصبح القرن متلازم لتغییرات دولیة وسمة تلاحق المؤرخین والاستراتیجیین بسؤال اساسی ماذا بعد ثورة الامام الخمینی …؟ ان نجاح ای ثورة عبر التاریخ تستلزم عناصر قوة ودوافع لتحقق اهدافها السامیة واهم مافی عملیة الفلاح والنصر هی منهجیة تفکیر القیادة لماذا وکیف تفکر وعلى ماذا تعتمد والى این تفکر ومن أین تستسقی تفکیرها وموقفها ؟ من الصعوبة بمکان الاحاطة التامة والکاملة بمنهجیة تفکیر الامام الخمینی رضوان الله علیه ولکن المحاولة لفهم الخطوط العریضة لشخصیة عظیمة وممیزة ومبدعة من الامکان وهذا الکلمات هی محاولة لسبر غور منهجیة تفکیر مفجر الثورة فی الایام الاولى للحرب المقدسة . قبل البدء لا بد من توطئة ومقدمة الامام الخمینی والحکومة الاسلامیة القى الامام الخمینی محاضراته النجفیة حول الحکومة الاسلامیة وکان اول مرجع دینی اسلامی شیعی یطرح هکذا نظریات فی الحوزة العلمیة بشکل واضح وبیّن . لم یکن هکذا طرحا عبثیا بل کان مبنی على حرکة شعبیة وتحرکات نضالیة وعملانیة فی ایران . ان تلاقی نضالات الشعب الایرانی وجهاده وعذاباته والامه مع منهجیة التفکیر الخمینیة بانشاء حکومة اسلامیة یعد اولا استجابة لصوت الشعب وتوجیه لتضحیاته فما بین الارادة الشعبیة والحکمة الخمینیة نهضت دولة إیران الاسلام وبدأت الجمهوریة تشق طریقها نحو الحریة والاستقلال . نظریة الصدمة والایام الاولى للحرب . بعدما أغرت الولایات المتحدة حزب البعث العراقی برئاسة صدام حسین بأن الحرب على الشعب الایرانی لن تدوم الا ایام وسیحقق المعتدون انتصارا سریعا وخاطفا ولا یتطلب ذلک الا ایام وتنتهی المعرکة فقد استخدم اعداء الامة نظریة الصدمة والمباغتة وهی نطریة ما زالت تستخدم فی الحروب العسکریة والنظامیة ولها باع طویل فی الحروب الاجتماعیة والثورات الملونة فکان لابد من القیادة الایرانیة وعلى رأسها الامام الخمینی امتصاص هذه الصدمة بحکمة وجراءة ورؤیة وقد عبر عن ذلک منذ الیوم الاول بقوله “لاوجود لعامل یبعث على الاضطراب .. نحن اقویاء و... سنتغلب علیهم”. فکلامه لا وجود لعامل یبعث على الاضطراب کان بمثابة فهم عمیق لاستراتیجیات الاعداء وهو عامل ثقة بالنفس الجماعیة بقوله نحن اقویاء سنتغلب علیهم. انتصرت الثورة الشعبیة الایرانیة بقیادة آیة الله السید روح الله الخمینی الموسوی فی فبرایر من عام ١٩٧٩ بعد تراکم عذابات المجتمع وتلاحم قوى الارادة الشعبیة وتماسک روحیة النضال والجهاد خلال عشرات السنین فقد شارکت کل شرائح المجتمع الایرانی بالعمل الدؤوب والمضنی لتحیق آمال الناس . لقد اسفرت التضحیات الجسام والصبر الشعبی والدماء التی غذت شرایین الثورة عن نجاح نداء الانبیاء والمشروع الالهی واحلام المستضعفین فکان النهوض الاستثنائی لثورة استثنائیة بارادة شعب استثنائی تحت قیادة ممیزة ومبدعة واستثنائیة . کان لهذا الزلازل السیاسی تأثیره على منطقة الشرق الاوسط والعالم الذی یعیش بین قطبین بین محور شرقی شیوعی بقیادة الاتحاد السوفیاتی ومحور غربی لیبرالی بإشراف الولایات المتحدة الامریکیة. هذا التغییر الجیواستراتیجی لم یکن حدثا دون تداعیات جوهریة فی عالم التقاسمات للنفوذ بین عمالقة العالم والمحاصصات الدولیة والمناطقیة . فدخول إیران الاسلام على الخریطة السیاسیة العالمیة کنظام حکم یعتمد المبادیء الاسلامیة فی محوریة تفکیرها وادائها الانسانی منطلقة من التجربة المحمدیة للرسول محمد صلى الله وآله ومستفیدة من حکومة علی علیه السلام کفکر وعمل واضعة ثورة الحسین فی جزئها وکلها فکل ما لدینا من عاشوراء هکذا کان یردد الامام الخمینی رضوان الله علیه حیث کان یستند الى آل محمد صلوات الله علیهم فی کل شاردة وواردة فی مواقفه. إن إعادة بناء الدولة الایرانیة على اساس منهجیة تفکیر أمیر المؤمنین علیه السلام وضع تحدیات کبرى أمام قیادة الثورةالمبارکة وامام الشعب من جهة وأمام المنظمات الدولیة والانظمة العربیة والشرقیة من ناحیة أخرى . لعل ما تمیز به السید الخمینی قدس سره بأن عقلا استقلالیا على جمیع المستویات ظهر الى العلن وبدأ یتحرک الى المیدان الاجتماعی والسیاسی ومن بطون الکتب والصفحات المطویة عبر التاریخ الى واقع التنفیذ العملی والاداری والسیاسی . احتلال افغانستان من قبل السوفیات …؟ لقد تقاطعت مصالح الدول الکبرى والمعسکرین الاشتراکی والغربی على تقویض التجربة الاسلامیة فی ایران ومحاولة ضربها قبل ان یشتد عضدها فمصطلح لا شرقیة ولا غربیة جمهوریة اسلامیة هو العامود الفقری لمنهجیة التفکیر الخمینیة وبالتالی ستجتمع علیه الاعداء والخصوم من کل حدب وصوب وکان آیة الله روح الله یردد کلمات أمیر المؤمنین حین عرضت علیه الخلافة بأنه سیسیر بسنة القران وبسنة رسول الله واجتهاده . ان اعظم ما تخافه منه الدول الکبرى والشرکات الکبرى العابرة للقارات هی الارادة السیاسیة المستقلة والعقلیة المستقلة الوازنة والمتوازنة لذلک من الملاحظ أن احتلال افغانستان من قبل السوفیات فی العام ١٩٧٩ جاء بعد اشهر من انتصار الثروة الاسلامیة حیث یعبر بریجنسکی عن حاجة امریکا لاستعادة هذه الجغرافیا لاهمیتها الحیویة وتقاطعاتها بالقرب من الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة بعدما خسرت الادارة الامریکیة عمیلها الشاه ومنفذ مؤامراتها ضد الشعب الایرانی و فی المنطقة . بعدما تحرک الاتحاد السوفیاتی الى جبال افغانستان اوزعت واشنطن الى صدام حسین بأن الانقضاض على الثورة هی حاجة استراتیجیة له ولدول الخلیج والانتصارعلى ارادة الشعب الایرانی قریب وحتمی. فبدأ حزب البعث العراقی الخروج من اتفاقیة الجزائر والمعاهدات والتفاهمات السابقة معتدیا على الحدود والبلاد مخربا الدور والجبال والودیان . عقلیة المرجع الحکیم والاخلاقی والتفکیر الانسانی .. کیف تعامل الامام قائد الثورة ومؤسسها مع بدایات الحرب العراقیة الایرانیة ….؟ ما إن بدأ حزب البعث بقیادة صدام حسین شن الغارات على القرى والمدن الایرانیة وما قبل حتى توجه الامام الخمینی بنداءات وخطابات عاجلة ومهمة یمکن الوقوف على بعضها لمعرفة منهجیة التفکیر الخمینیة منذ الاعتداءات الاولى على الجمهوریة الاسلامیة فی ایران: ١- تعامل آیة الله مع المشکلة بین البلدین بروحیة المرجع الدینی العام الذی یحکم بالحق ویحاول منع الفتنة بمعنى أنه إعتبر أن الحرب على إیران هی لیست حربا ومعرکة بین ایران والعراق بل اعتبرها بین حزب البعث المعتدی وبین ایران المعتدى علیها. ٢- تمیزت نداءاته الاولى الموجهة الى الشعبین الشعب العراقی والجیش العراقی والى الشعب الایرانی والجیش الایرانی والقوات الثوریة بحکمة عالیة ووعی لادارة المعرکة من جمیع الجوانب واحاطة واسعة باهداف العدو وبامکانات الشعب الایرانی وثقته بالله اللامتناهیة . فی کلماته عبر التلفزیون والاذاعة الى الجیش العراقی بصیغة ایها الجیش العراقی المسلم وعلى صیغ تساؤلات واسئلة ایمانا منه بان شرح الاهداف وکشف عناصر المؤامرات یمکن ان تجنب الدولتین والشعبین هدر الدماء وتضییع الامکانات والخیارات الکبرى لقوله للجیش العراقی من تحالف ومن ترید ان تحارب ومن تناصر ….؟ فهذه المنهجیة العلویة فی التفکیر بسحب الذرائع وافهام وتفهیم الفئة المغلوب على امرها وکشف الحقائق لتجنب المخاطر اسست لمرحلة مقبلة من تاریخ المنطقة فقد استفاد الامام من منهجیة التفکیر فی نهج البلاغة بقدرة ابداعیة فریدة فکان یمثل علیًا خیر تمثیل وهو الذی یفتخر بانتمائه الى الامام جعفر الصادق علیه السلام. ٣- توجیهاته الى الشعب الایرانی بالهدوء والثبات وانتظار اللحظات المناسبة او کما یقول بجدیة لیثبت هذا الشعب المعطاء لصدام حسین واذناب امریکا حیث یعتبر الامام ان المعرکة هی معرکة مع امریکا وهذا یدل على وعی استراتیجی عمیق لما تقوم به امریکا منذ اللحظات الاولى لانتصار نداء الانبیاء وحرکة المستضعفین التی ستؤسس لانتصارات على مستوى العالم. ٤- الایمان بالله والثقة بالله فقد اکد مرارا وتکرارا على ان المعرکة هی بین الکفر والایمان فحزب البعث العراقی یمثل الکفر وایران الاسلام تمثل الایمان لذلک عندما سرت شائعات بأن السید الخمینی توفی او قتل قال فی نداءاته الاولى قائلا: وسمعنا أنهم الیوم یبثون شائعة أخرى، مفادها أن فلان قد مات وعبروا عن فرحهم وسرورهم بموته. إنهم مخطأون، کان علیهم أن یتمنوا موت الله، لا نبأ وفاتی أنا، الله موجود فمن أنا وما خطری وتأثیری. إنّ أمتنا لها رب”. نحن نحارب فی سبیل الله، لماذا یقاتل جیش العراق؟ انتهى الاقتباس من الخطاب فهذا الانخراط الکلی والذوبان فی الله معتبرا أن الله معنا وإن معی ربی سیهدینی کانت کفیلة بتمکین الثقة الشعبیة فاذ به یدعو شعبه الى الصمود والتحدی فاذ به یقول:”وبعون الله وتأییده، وبهمة الجماهیر المسلمة، ستُجتَث جذور الفساد وسینتشر الإسلام فی کل مکان. وما إعتمادنا إلّا على الله ولن نخشى أحداً سواه. فعلیک أیها الشعب العزیز بالتوحد، والإصرار، والعزم، ولا تسمح للخوف أن یتسرب إلى أعماقک، فلیس هناک ما یخیف” انتهى الاقتباس. ٤- ان ایمان الامام بالنصر فی هذه المعرکة کان لافتا منذ اللحظات الاولى والایام الاولى وقد اشار الى ذلک فی خطاباته الاولى معللا أن من کانت دوافعه الهیة فمن المؤکد له النصر فی هکذا حرب حیث قال : “إننا سنجاهد ونناضل دفاعاً عن وطننا الغالی ما دام الدم یجری فی عروقنا ولن نلقی بأسلحتنا على الأرض حتى یتحقق النصر المؤکد انتهى الاقتباس. ان دراسة الجوانب القیادیة الحکیمة لمؤسس الثورة الاسلامیة فی ایران الإمام الخمینی تتطلب دراسة لکل قول وفعل ببالغ الدقة لإن اولیاء الله ینطلقون من القرآن وافعالهم تسدد من تجارب الانبیاء والصالحین وسیبقى الامام الاکبر والامام العظیم قائدا وملهما لکل احرار العالمر وصدق الشاعر حین قال مادحا: نعم لثورتک الکبرى نمجدها …یا من بفوزک فاز العرب والعجم . ان نجاح ای ثورة عبر التاریخ تستلزم عناصر قوة ودوافع لتحقق اهدافها السامیة واهم مافی عملیة الفلاح والنصر هی منهجیة تفکیر القیادة لماذا وکیف تفکر وعلى ماذا تعتمد والى این تفکر ومن أین تستسقی تفکیرها وموقفها ؟ لقد اسفرت التضحیات الجسام والصبر الشعبی والدماء التی غذت شرایین الثورة عن نجاح نداء الانبیاء والمشروع الالهی واحلام المستضعفین فکان النهوض الاستثنائی لثورة استثنائیة بارادة شعب استثنائی تحت قیادة ممیزة ومبدعة واستثنائیة . | ||||
الإحصائيات مشاهدة: 588 تنزیل PDF: 178 |
||||